عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26-02-2024, 11:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,435
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير {هذا صراط علي مستقيم} في ضوء كلام العرب

وقال أبو حية النميري:
لا تَقِفْها على السبيلِ ودَعْها
يَهْدِها شَوقُ مَنْ عليها السَّبيلا[18]




وقال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النحل: 9].

وعندما نعيد النظر فيها نجد أنَّ وصف "قصد"[19] سبق لفظ "السبيل"؛ فهذا يعني أنَّ صلة "على" هنا يمكن أنْ تكون للسبيل أو للقصد إلا أنَّ دخولها على "القصد" أعمُّ وأشيعُ.

وأما الصلة "على" في قوله تعالى: ﴿ صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [الحجر: 41]، فاختلط الأمر على المفسِّرين لمجرد وصف "مُسْتَقِيمٌ" فلو جاء "قصد" أو "سبيل" لما اختلط، وهذا عندي ينوب "قصدًا" الذي يعني "مستقيمًا وسبيلًا" أو "مستقيمًا" مضمَّنًا "قصدًا" فمعنى قوله تعالى: ﴿ صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾؛ أي: هذا صراط مستقيم قصد عليَّ[20].

وعلى هذا قال ثعلبة بن كعب الأوسي:
مضوا قصدَ السبيل وخلَّفوني
فطال عليَّ بعدهم الثواء[21]




و"قصد السبيل" هو سبيل الموت الذي لا يجور عنه أحد ويبلغه مستقيمًا.

وهو الذي أراده كثير عزة في قوله التالي:
الحقُّ أبلجُ لا تزيغُ سبيلُه
والحق يعرفُه ذوو الألباب[22]




ومن حسن الحظ أنَّ الاستقامة أيضًا تأتي وصفًا للصراط كما قال رؤبة بن العجاج:
أركب ما دون الفجور البحت
فآل أولي واستقام سمتي[23]




وقال تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6].

وقال أيضًا: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

فإذا مال أحد إلى اليمين أو الشمال فلا يمشي على الصراط المستقيم؛ كما قال تعالى: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17]، وقال: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22].

ومن هنا أخذ العباس بن الأحنف فقال:
لكلِّ جَفنٍ على خدِّي على حدةٍ
طريقةٌ دمعُها مستوكِفٌ ساري[24]




فكلُّ جفنٍ يصبُّ الدمع لا يجري إلا على خدِّي مباشرة.

وهو خلاف الجور والاعوجاج كما قال الأعشى الكبير:
يثيرانِ الجنادلَ كابياتٍ
إذا جارا معًا وإذا استقاما[25]




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.92 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.39%)]