عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-03-2024, 06:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (6)

- الإسلام دين ودنيا



مَن يدعي أن الإسلام يهتم بالدين فقط ويترك أمور الدنيا بما فيها من معاملات البشر مع بعضهم, فالله منه براء؛ إنما الإسلام دين يهتم بالدنيا وما فيها من أمور تساعد العبد المؤمن على الوصول إلى النهاية السعيدة في الآخرة ألا وهي جنات تجري من تحتها الأنهار؛ ولذلك فإننا لسنا منهيين عن إصلاح دنيانا، فالإسلام ليس دين رهبانية, بل دين حق, ودين عدل, يعطي النفوس ما تستحق، ويعطي الخالق ما يجب, فنحن مأمورون بإصلاح دنيانا كما أنت مأمورون بإصلاح ديننا.
سأل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه - رضي الله عنهن - عن عمله في السر، فكأنهم تقالّوها فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم, وقال بعضهم: لا أنام على فراش, ثم لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلم بما قالوا، حمد الله وأثنى عليه, ثم قال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». متفق عليه.
وهذا خير دليل على أن الدين الإسلامي دين يحث على التمتع بما أحله الله لنا من متاع الدنيا ومباهجها، فما شادّ أحد الدين إلا غلبه، وبالتالي فإن ولاة الأمور عليهم مساعدة الرعية على تمام دينهم ودنياهم، ولا ننسى أن إصلاح الدين يعتمد على إصلاح الدنيا في المقام الأول، أما الوالي الذي يهدف في ولايته إلى إصلاح الدنيا فقط ناسياً دينه, وانصرف إلى الترف واللهو, وما أشبه ذلك, فهذا والله ولايته ناقصة, فالولاية الحقة هي التي يريد الوالي فيها أن يستقيم الناس على دين الله.
فمثلاً: إذا قدرنا صاحب البيت في بيته لا يهمه إلا أن يأتي إلى أولاده بالفاكهة الطازجة و«الفرش» اللينة والماء البارد وما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة, وكل ما يريح أولاده من مترفات الحياة وملذاتها, أما الدين - للأسف - فهو في غفلة عنه وكما أوضحنا في المقالات السابقة أن الأب ولي على أهل بيته مسؤول عنهم مسؤولية كاملة وسوف يُسأل عنهم يوم الدين؛ ولذلك فإنه بذلك تكون ولايته قاصرة ورعايته أيضاً قاصرة, ومن كان همه هو إصلاح أهله إصلاحاً دينياً، فإنه بالطبع يُجازي على هذا الفعل، ويوضع له في ميزان حسناته - إن شاء الله - ويبتغي أن تكون وسائل الدنيا القصد منها إصلاح الدين، ولتكن المكافآت والمنح والسيارات الجديدة لمن كان أكثر طاعة وحرصاً على دينه من أولاده... وهلم جراً، فإن فعل العبد ذلك ابتغاء وجه الله تعالى وفى سبيل إعانة أهل بيته على طاعة الله عز وجل أعانه الله عليه, أما من ليس له نية صادقة أو قصد حسن ويفعل ما يفعل بقصد إتراف أهله باللباس والطعام والملذات وصناعة المنازل ؛ فإن هذا في الحقيقة عنده قصور عظيم واضح في ولايته.
ومن هذا المنطلق فإن الحياة الدنيا ما هي إلا وسيلة توصلنا إلى الغاية المنشودة ألا وهي رضا الله، فعلى كل راع أن يتقي الله فيما يملك ويبتعد عن الإسراف والترف الزائد عن الحد في حياته الدنيا الزائلة, وأن تكون نيته فيما ينفق خالصةً لوجه الله تعالى.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.40 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.92%)]