عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 15-03-2024, 12:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,483
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ26 الى صــ32
(5)


صحبة نية التطوع في كل وقت بالنهار
مسألة : قال : ومن نوى صيام التطوع من النهار ولم يكن طعم أجزأه
وجملة ذلك أن صوم التطوع يجوز بنية من النهار عند إمامنا أبي حنيفة والشافعي وروي ذلك عن أبي الدرداء و أبي مسعود و حذيفة و سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير و النخعي وأصحاب الرأي وقال مالك و داود : لا يجوز إلا بنية من الليل لقوله عليه السلام : [ لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ] ولأن الصلاة يتفق وقت النية لفرضها ونفلها وكذلك الصوم
ولنا ما روت [ عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلام ذات يوم فقال : هل عندكم من شيء ؟ قلنا : لا قال : فإني إذا صائم ] أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي ويدل عليه أيضا حديث عاشوراء لأن الصلاة يخفف نفلها عن فرضها بدليل أنه يشترط القيام لنفلها ويجوز في السفر على الراحلة إلى غير القبلة فكذا الصيام وحديثهم نخصه بحديثنا أصح من حديثهم فإنه من رواية ابن لهيعة
ويحيى بن أيوب قال الميموني : سألت أحمد عنه فقال :

أخبرك ما له عندي ذلك الإسناد إلا أنه ابن عمر و حفصة اسنادان جيدان والصلاة يتفق وقت النية لنفلها وفرضها لأن اشتراط النية في أول الصلاة لا يفضي إلى تقليلها بخلاف الصوم فإنه يعين له الصوم من النهار فعفى عنه كما لو جوزنا التنفل قاعدا وعلى الراحلة لهذه العلة
فصل : وأي وقت من النهار نوى أجزأه سواء في ذلك ما قبل الزوال وبعده هذا الظاهر كلام أحمد والخرقي وهو ظاهر ابن مسعود فإنه قال أحدكم بأخير النظرين ما لم يأكل أو يشرب وقال رجل لسعيد بن المسيب : إني لم آكل إلى الظهر أو إلى العصر أفأصوم بقية يومي ؟ قال : نعم واختار القاضي في المحرر أنه لا تجزئه النية بعد الزوال وهذا مذهب أبي حنيفة والمشهور من قولي الشافعي لأن معظم النهار مضى من غير نية بخلاف الناوي قبل الزوال فإنه قد أدرك معظم العبادة ولهذا تأثير في الأصول بدليل أن من أدرك الإمام قبل الرفع من الركوع أدرك الركعة لإدراكه معظمها ولو أدركه بعد الرفع لم يكن مدركا لها ولو أدرك مع الإمام من الجمعة ركعة كان مدركا لها لأنها تزيد بالتشهد ولو أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركا لها


ولنا أنه نوى في جزء من النهار فأشبه ما لو نوى في أوله ولأن جميع الليل وقت لنية الفرض فكذا جميع النهار وقت النية النفل إذا ثبت هذا فإنه يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية في المنصوص عن أحمد فإنه قال : من نوى في التطوع من النهار كتب له بقية يومه وإذا أجمع من الليل كان له يومه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي وقال أبو الخطاب في الهداية : يحكم له بذلك من أول النهار وهو قول بعض أصحاب الشافعي لأن الصوم لا يتبعض في اليوم بدليل ما لو أكل في بعضه لم يجز له صيام باقية فإذا وجد في بعض اليوم دل على أنه صائم من أوله ولا يمنع الحكم بالصوم من غير نية حقيقية كما لو نسي الصوم بعد نيته أو غفل عنه لأنه لو أدرك بعض الركعة أو بعض الجماعة كان مدركا لجميعها

ولنا أن ما قبل النية لم ينو صيامه فلا يكون صائما فيه لقوله عليه السلام : [ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ] ولأن الصوم عبادة محضة فلا توجد بغير نية كسائر العبادات المحضة ودعوى أن الصوم لا يتبعض دعوى محل النزاع وإنما يشترط لصوم البعض أن لا توجد المفطرات في شيء من اليوم ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في حديث عاشوراء : [ فيصم بقية يومه ] وأما إذا نسي النية بعد وجودها فإنه يكون مستصحبا لحكمها بخلاف ما قبلها فإنها لم توجد حكما و
لا حقيقة ولهذا لو نوى الفرض من الليل ونسيه في النهار صح صومه ولو لم ينو من الليل لم يصح صومه وأما إدراك الركعة والجماعة فإنما معناه أنه لا يحتاج إلى قضاء ركعة وينوي أنه مأموم وليس هذا مستحيلا أما أن يكون ما صلى الإمام قبله من الركعات محسوبا له بحيث يجزئه عن فعله فكلا ولأن مدرك الركوع مدرك لجميع أركان الركعة لأن القيام وجد حين كبر وفعل سائر الأركان مع الإمام وأما الصوم فإن النية شرط له أو ركن فيه فلا يتصور وجوده بدون شرطه وركنه إذا ثبت هذا فإن من شرطه أن لا يكون طعم قبل النية ولا فعل ما يفطره فإن فعل شيئا من ذلك يجزئه الصيام بغير خلاف نعلمه

صيام المغمى عليه
مسألة : قال : ومن نوى من الليل فأغمي عليه قبل طلوع الفجر فلم يفق حتى غربت الشمس لم يجزه صيام ذلك اليوم
وجملة ذلك أنه متى أغمي عليه جميع النهار فلم يفق في شيء منه لم يصح صومه في قول إمامنا و الشافعي وقال أبو حنيفة : يصح لأن النية قد صحت وزوال
الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم
ولنا أن الصوم هو الإمساك مع النية [ قال النبي صلى الله عليه و سلم : يقول الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي ] متفق عليه فأضاف ترك الطعام والشراب إليه فإذا كان مغمى عليه فلا يضاف الإمساك إليه فلم يجزئه ولأن النية أحد ركني الصوم فلا تجزئ وحدها كالإمساك وحده أما النوم عادة ولا يزيل الإحساس بالكلية ومتى نبه انتبه والإغماء عارض يزيل العقل فأشبه الجنون إذا ثبت هذا فزوال العقل يحصل بثلاثة أشياء : أحدهما الإغماء وقد ذكرناه ومتى فسد الصوم به فعلى المغمى عليه القضاء بغير خلاف علمناه لأن مدته لا تتطاول غالبا ولا تثبت الولاية على صاحبه فلم يزل التكليف به وقضاء العبادات كالنوم ومتى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار صح صومه سواء كان في أوله في آخره وقال الشافعي في أحد قوليه : تعتبر الأفاقة في أول النهار ليحصل حكم النية في أوله


ولنا أن الإفاقة حصلت في جزء من النهار فأجزأ كما لو وجدت في أوله وما ذكروه لا يصح فإن النية قد حصلت من الليل فيستغني عن ذكرها في النهار كما لو نام أو غفل عن الصوم ولو كانت النية إنما تحصل بالإفاقة في النهار لما صح منه صوم الفرض بالإفاقة لأنه لا يجزئ بنية من النهار
الثاني : النوم فلا يؤثر في الصوم سواء وجد في بعض النهار أو جميعه
الثالث : الجنون فحكمه حكم الإغماء إلا أنه إذا وجد في جميع النهار لم يجب قضاؤه وقال أبو حنيفة : متى أفاق المجنون في جزء من رمضان لزمه قضاء ما مضى منه لأنه أدرك جزءا من رمضان وهو عاقل فلزمه صيامه كما لو أفاق في جزء من اليوم وقال الشافعي :

إذا وجد الجنون في جزء من النهار أفسد الصوم لأنه معنى يمنع وجوب الصوم فأفسده وجوده في بعضه كالحيض
ولنا أنه معنى يمنع الوجوب إذا وجد في جميع الشهر فمنع إذا وجد في جميع النهار كالصبأ والكفر وأما إن أفاق في بعض اليوم فلنا منع من وجوبه وإن سلمناه فإنه قد أدرك بعض وقت العبادة فلزمه كالصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم في بعض الن
هار وكما لو أدرك بعض وقت الصلاة
ولنا على الشافعي أنه زوال عقل في بعض النهار فلم يمنع صحة الصوم كالإغماء والنوم ويفارق الحيض فإن الحيض لا يمنع الوجوب وإنما تأخير الصوم ويحرم فعله ويوجب الغسل ويحرم الصلاة والقراءة واللبث في المسجد والوطء فلا يصح قياس الجنون عليه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]