عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 19-03-2024, 12:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,483
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(9)

فصل : ومن أصبح بين أسنانه طعام لم يخل من حالين : أحدهما أن يكون يسيرا لا يمكنه لفظه فازدرده فإنه لا يفطر به لأنه لا يمكن التحرز منه فأشبه الريق قال ابن المنذر : أجمع على ذلك أهل العلم : الثاني أن يكون كثيرا يمكن لفظه فإن لفظه فلا شيء عليه وإن ازدرده عامدا فسد صومه في قول أكثر أهل العلم وقال حنيفة : لا يفطر لأنه لا بد أن يبقى بين أسنانه شيء مما يأكله فلا يمكن التحرز منه فأشبه ما يجري به الريق
ولنا أنه بلغ طعاما يمكنه لفظه باختياره ذاكرا لصومه فأمطر به كما لو ابتدأ الأكل ويخالف ما يجري به الريق فإنه لا يمكن لفظه فإن قيل يمكنه قلنا لا يخرج جميع الريق ببصاقه وإن منع من ابتلاع ريقه كله لم يمكنه


فصل : فإن قطر في احليله دهنا لم يفطر به سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي : يفطر لأنه أوصل الدهن إلى جوف في جسده فأفطر كما لو داوى الجائفة ولأن المني يخرج من الذكر فيفطره ومن أفطر بالخارج منه جاز أن يفطر بالداخل منه كالفم
ولنا أنه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ وإنما يخرج البول رشحا فالذي يتر
كه فيه لا يصل إلى الجوف فلا يفطره كالذي يتركه في فيه ولم يبتلعه
الفصل الرابع : إذا قيل فأمني أو أمذي ولا يخلو القبل من ثلاثة أحوال : أحدها أن لا ينزل فلا يفسد صومه بذلك لا نعلم فيه خلافا لما [ روت عائشة : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لأربه ] رواه البخاري و مسلم ويروي بتحريك الراء وسكونها قال الخطابي : معناها واحد وهو حاجة النفس ووطرها وقيل بالتسكين العضو وبالفتح الحاجة وروي [ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله : صنعت اليوم أمرا عظيما قبلت وأنا صائم فقال : أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم قلت : لا بأس به قال فمه ] رواه أبو داود شبه كان بالمضمضة من حيث أنها من مقدمات الشه
وة وإن المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر وإن كان معها نزوله أفطر إلا أن أحمد ضعف هذا الحديث وقال هذا ريح ليس من هذا شيء


الحال الثاني : أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين ولأنه إنزال بمباشرة فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج
الحال الثالث : أن يمذي فيفطر عند إمامنا مالك وقال أبو حنيفة والشافعي لا يفطر وروي ذلك عن الحسن و الشعبي و الأوزاعي لأنه خارج لا يوجب الغسل أشبه البول
ولنا أنه خارج تخلله الشهوة خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني وفارق البول بهذا واللمس لشهوة كالقبلة في هذا : إذا ثبت هذا فإن المقبل إذ كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزل لم تحل له القبلة لأنها مفسدة لصومه فحرمت كالأكل وإن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كره له التقبيل لأنه يعرضه صومه
للفطر ولا يأمن عليه الفساد وقد روي عن عمر أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فأعرض عني فقلت له مالي ؟ فقالت : إنك تقبل وأنت صائم ولأن العبادة إذا منعت في الوطء منعت القبلة كالإحرام ولا تحرم القبلة في هذه الحال لما [ روي أن رجلا قبل وهو صائم فأرسل امرأته فسألت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرها النبي صلى الله عليه و سلم أنه يقبل وهو صائم فقال الرجل إن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس مثلنا قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فغضب النبي صلى الله عليه و سلم وقال : إني لأخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي ]

رواه مسلم بمعناه ولأن افضاءه إلى إفساد الصوم مشكوك فيه ولا يثبت التحريم بالشك فأما إن كان ممن لا تحرك القبلة شهوته كالشيخ الهرم ففيه روايتان : إحداهما لا يكره له ذلك وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقبل وهو صائم لما كان مالكا لأربه وغير ذي الشهوة في معناه
وقد روي أبو هريرة [ أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن المباشرة للصائم فرخص له فأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذي نهاه شاب ] أخرجه أبو داود ولأنها مباشرة لغير شهوة فأشبهت لمس اليد لحاجة
والثانية : يكره لأنه لا يأمن حدوث الشهوة ولأن الصوم عبادة تمنع الوطء فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته وغيره كالإحرام فأما اللمس لغير شهوة كلمس يدها ليعرف مرضها فليس بمكروه بحال لأن ذلك لا يكره في الإحرام فلا يكره في الصيام كلمس ثوبها
فصل : ولو استمنى بيده فقد فعل محرما ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل فإن
أنزل فسد صومه لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة فأما إن انزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض فلا شيء عليه لم يفسد صومه لأنه عن غير اختيار منه فأشبه ما لو دخل حلقه شيء وهو نائم ولو جامع في الليل فأنزل بعدما أصبح لم يفطر لأنه لم يتسبب إليه في النهار فأشبه ما لو أكل شيئا في الليل فذرعه القيء في النهار
الفصل الخامس : إذا كرر النظر فأنزل ولتكرار النظر أيضا ثلاثة أحوال أحدها أن لا يقترن به إنزال فال يفسد الصوم بغير اختلاف


الثاني : أن يقترن به إنزال المني فيفسد الصوم في قول إمامنا وعطاء والحسن البصري ومالك والحسن بن صالح وقال جابر بن زيد والثوري وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر لا يفسد لأنه إنزال عن غيره مباشرة أشبه الإنزال بالفكر ولنا أنه إنزال بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز منه فأفسد الصوم كالإنزال باللمس والفكر لا يمكن التحرز منه بخلاف تكرار النظر الثالث مذي بتكرار النظر فظاهر كلام أحمد أه لا يفطر به لأنه لا نص في الفطر به ولا يمكن قياسه على إنزال المني لمخالفته إياه في الإحكام فيبقى على الأصل فأما إن نظر فصرف بصره لم يفسد صومه
سواء أنزل وقال مالك إن أنزل فسد صومه لأنه أنزل بالنظر أشبه ما لو كرره
ولنا أن النظرة الأولى لا يمكن التحرز منها فلا يفسد الصوم ما أفضت إليه كالفكرة وعليه يخرج التكرار فإذا ثبت هذا فإن تكرار النظر مكروه لمن يحرك شهوته غير مكروه لمن لا يحرك شهوته كالقبلة ويحتمل أن لا يكره بحال لأن قضاءه إلى الإنزال المفطر بعيد جدا بخلاف القبلة فإن حصول المذي لها ليس ببعيد


فصل : فإن فكر فأنزل لم يفسد صومه وحكي عن أبي حفص البرمكي أنه يفسد واختاره ابن عقيل لأن الفكرة تستحضر فتدخل تحت الاختيار بدليل تأثيم صاحبها في مساكنها في بدعة وكفر ومدح الله سبحانه الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض ونهى النبي صلى الله عليه و سلم عن التفكر في ذات الله وأمر بالتفكر في الآية ولو كانت غير مقدور عليها لم يتعلق ذلك بها كالاحتلام فأما أن خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل لم يفسد صومه لأن الخاطر لا يمكن دفعه
ولنا قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ] ولأنه لا نص في الفطر به ولا إجماع ولا يمكن قياسه على المباشرة ولا تكرار النظر لأنه دونها في استدعاء الشهوة وإفضائه إلى الإنزال ويخالفهما في التحريم إذا تعلق ذلك بأجنبية أو الكراهة إن كان في زوجة فيبقى على الأصل
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]