عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 19-03-2024, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان


فقه الصيام
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ33 الى صــ58
(10)

الفصل السادس : أن المفسد للصوم من هذا كله ما كان عن عمد وقصد فأما ما حصل منه عن غير قصد كالغبار الذي يدخل حلقه من الطريق ونخل الدقيق والذبابة التي تدخل حلقه أو يرش عليه الماء فيدخل مسامعه أو أنفه أو حلقه أو يلقي في ماء فيصل إلى جوفه أو يسبق إلى حلقه من ماء المضمضة أو يصب في حلقه أو أنفه شيء كرها أو تداوى مأمومته أو جائفته بغي اختياره أو يحجم كرها أو تقبله امرأة بغير اختياره فينزل أو ما أشبه هذا فلا يفسد صومه لا نعلم فيه خلافا لأنه لا فعل له فلا يفطر كالاحتلام وأما إن اكره على شيء من ذلك بالوعيد ففعله فقال ابن عقيل : قال أصحابنا لا يفطر به أيضا لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] ويحتمل عند أن يفطر لأنه فعل المفطر لدفع الضرر عن نفسه فأشبه المريض إليه لدفع المرض ومن يشرب لدفع العطش ويفارق الملجأ لأنه خرج بذلك عن حيز الفعل ولذلك لا يضاف إليه ولذلك افترقا فيما لو أكره على قتل آدمي والقي عليه


الفصل السابع : أنه متى أفطر بشيء من ذلك فعليه القضاء لا نعلم في ذلك خلافا لأن الصوم كان ثابتا في الذمة فلا تبرأ منه إلا بأدائه ولم يؤده فبقي على ما كان عليه ولا كفارة في شيء مما ذكرناه في ظاهر المذهب وهو قول سعيد بن جبير و النخعي و ابن سيرين و حماد و الشافعي وعن أحمد أن الكفارة تجب على من أنزل بلمس أو قبله أو تكرار نظر لأنه إنزال عن مباشرة أشبه الإنزال بالجماع وعنه في المحتجم إن كان عالما بالنهي فعليه الكفارة وقال عطاء في المحتجم عليه الكفارة وقال مالك تجب الكفارة بكل ما كان هتكا للصوم إلا الردة لأنه إفطار في رمضان أشبه الجماع وحكي عن عطاء و الحسن و الزهري و الثوري و الأوزاعي و إسحاق أن الفطر بالأكل والشرب يوجب ما يوجبه الجماع وبه قال أبو حنيفة : إلا أنه اعتبر ما يتغذى به أو يتداوى به فلو ابتلع حصاة أو نواة أو فستقة بقشرها فلا كفارة عليه واحتجوا بأنه أفطر بأعلى ما في الباب من جنسه فوجب عليه الكفارة كالجامع


ولنا أنه أفطر بغير جماع فلت توجب الكفارة كبلع الحصاة أو التراب أو كالردة عند مالك ولأنه لا نص في إيجاب الكفارة بهذا ولا إجماع ولا يصح قياسه على الجماع لأن الحاجة إلى الزجر عنه أمس والحكم في التعدي به آكد ولهذا يجب به الحد إذا كان محرما ويختص بإفساد الحج دون سائر محظوراته ووجوب البدنة ولأنه في الغالب يفسد صومه اثنين بخلاف غيره
فصل : والواجب في القضاء عن كل يوم يوم في قول عامة الفقهاء وقال أحمد : قال إبراهيم و وكيع بصوم ثلاثة آلاف يوم وعجب أحمد من قولهما وقال سعيد بن المسيب : من أفطر يوما متعمدا يصوم شهرا وحكي عن ربيعة أنه قال : يحل مكان كل يوم اثنا عشر يوما لأن رمضان يجزئ عن جميع السنة هي اثنا عشر شهرا
ولنا قول الله تعالى : { فعدة من أيام أخر } و [ قال النبي صلى
الله عليه و سلم في قصة المجامع صم يوما مكانه ] رواه د أبو داود ولأن القضاء يكون على حسب الأداء بدليل سائر العبادات ولأن القضاء لا يختلف بالعذر وعدمه بدليل الصلاة والحج وما ذكروه تحكم لا دليل عليه والتقدير لا يصار إليه إلا بنص أو إجماع وليس معهم واحد منهما وقول ربيعة يبطل بالمعذور وذكر لأحمد حديث أبي هريرة من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقضه ولو صام الدهر فقال ليس يصح هذا الحديث
مسألة : قال : وإن فعل ذلك ناسيا فهو على صومه ولا قضاء عليه



وجملته أن جميع ما ذكره الخرقي في هذه المسألة لا يفطر الصائم بفعله ناسيا وروي عن علي رضي الله عنه لا شيء على من أكل ناسيا وهو قول أبي هريرة وابن عمر و عطاء و طاوس وابن أبي ذئب و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و أبي حنيفة و إسحق وقال ربيعة و مالك : يفطر لأن ما لا يصح الصوم مع شيء من جنسه عمدا لا يجوز مع سهوه كالجماع وترك النية
ولنا ما روى أبو هريرة قال : [ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ] متفق عليه وفي لفظ [ من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله ] ولأنها عبادات ذات تحليل وتحريم فكان في محظوراتها ما يختلف عمده وسهوه كالصلاة والحج وأما النية فليس تركها فعلا ولأنها شرط والشروط لا تسقط بالسهو بخلاف المبطلات والجماع حكمه أغلظ
ويمكن التحرز عنه
فصل : فإن فعل شيئا من ذلك وهو نائم لم يفسد صومه لأنه لا قصد له ولا علم بالصوم فهو أعذر من الناسي وذكر أبو الخطاب أن من فعل من هذا شيئا جاهلا بتحريمه لم يفطر ولم أره عن غيره


وقول النبي صلى الله عليه و سلم [ أفطر الحاجم والمحجوم ] في حق الرجلين اللذين رآهما يحك أحدهما صاحبه مع جهلهما بتحريمه يدل على أن الجهل لا يعذر به ولأنه نوع جهل فلم يمنع الفطر كالجهل بالوقت في حق من يأكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طلع
مسألة : قال : ومن استقاء فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه
معنى تقيأ مستدعيا للقيء خروج من غير اختيار منه فمن استقاء فعليه القضاء لأن صومه يفسد به ومن ذرعه فلا شيء عليه وهذا قول عامة أهل العل
م قال الخطابي : لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على إبطال صوم من استقاء عامدا وحكي عن ابن مسعود وابن عباس أن القيء لا يفطر وروي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ثلاث لا يفطرن الصائم : الحجامة والقيء والاحتلام ] ولأن الفطر بما يدخل لا بما يخرج
ولنا ما روى أبو هريرة [ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عامدا فليقض ] قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ورواه أبو داود وحديثهم غير محفوظ يرويه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف في الحديث قال الترمذي والمعنى الذي ذكر لهم يبطل بالحيض والمني

فصل : وقليل القيء وكثيره سواء في ظاهر قول الخرقي وهو إحدى الروايات عن أحمد



والرواية الثانية لا يفطر إلا بملء الفم لأنه روى [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ولكن دسعة تملأ الفم ] ولأن اليسير لا ينقض الوضوء فلا يفطر كالبلغم والثالثة نصف الفم لأنه ينقض الوضوء فأفطر به كالكثير والأولى أولى لظاهر الحديث الذي رويناه ولأن سائر المفطرات لا فرق بين قليلها وكثيرها وحديث الرواية الثانية لا نعرف له أصلا ولا فرق بين كون القيء طعاما أو مرارا أو بلغما أو دما أو غيره لأن الجميع داخل تحت عموم الحديث والمعنى والله تعالى أعلم بالصواب
مسألة : قال : ومن ارتد عن الإسلام فقد أفطر
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم أنه يفسد صومه وعليه قضاء ذلك اليوم إذا عاد الإسلام سواء أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه وسواء كانت ردته باعتقاد ما يكفر به أو شكه فيما يكفر بالشك فيه
أو بالنطق بكلمة الكفر مستهزئا أو غير مستهزئ قال الله تعالى { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية فأبطها الردة كالصلاة والحج ولأنه عبادة محضة فنافاها الكفر كالصلاة


مسألة : قال : ومن نوى الإفطار فقد أفطر
هذا الظاهر من المذهب وهو قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي إلا أن أصحاب الرأي قالوا : إن عاد فنوى قبل أن ينتصف النهار أجزأه بناء على أصلهم أن
الصوم يجزئ بينه من النهار وحكي عن ابن حامد أن الصوم لا يفسد بذلك لأنها عبادة يلزم المضي في فاسدها فلم تفسد بنية الخروج منه كالحج
ولنا أنها عبادة من شرطها النية ففسدت بنية الخروج منها كالصلاة ولأن الأصل اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة ولكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتبر بقاء حكمها وهو أن لا ينوي قطعها فإذا نواه زالت حقيقة وحكما ففسد الصوم لزوال شرطه وما ذكره ابن حامد لا يطرد في غير رمضان ولا يصح القياس على الحج فإنه يصح بالنية المطلقة والمبهمة وبالنية عن غيره إذا لم يكن حج عن نفسه فافترقا
فصل : فأما صوم النافلة فإن نوى الفطر ثم لو ينو الصوم بعد ذلك لم يصح صومه لأن النية انقطعت ولم توجد نية غيرها فأشبه من لم ينو أصلا وإن عاد فنوى الصوم صح صومه كما لو أصبح غير ناو للصوم لأن نية الفطر إنما أبطلت الفرض لما فيه من قطع النية المشترطة في جميع النهار حكما وخلو بعض
أجزاء النهار عنها والنفل مخالف للفرض في ذلك فلم تمنع صحته نية الفطر في زمن لا يشترط وجود نية الصوم فيه ولأن نية الفطر لا تزيد على عدم النية في ذلك الوقت وعدمها لا يمنع صحة الصوم إذا نوى بعد ذلك فكذلك إذا نوى الفطر ثم نوى الصوم بعده بخلاف الواجب فإنه لا يصح بنية من النهار وقد روي عن أحمد أنه قال إذا أصبح صائما ثم عزم على الفطر فلم يفطر حتى بدا له ثم قال :

لا بل أثم صومي من الواجب لم يجزئه حتى يكون عازما على الصوم يومه كله ولو كان تطوعا كان أسهل وظاهر هذا موافق لما ذكرناه وقد دل على صحته [ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسأل أهله : هل من غداء ؟ فإن قالوا : لا قال : إني إذا صائم ]
فصل : وإن نوى أنه سيفطر ساعة أخرى فقال ابن عقيل : هو كنية الفطر في وقته وإن تردد في الفطر فعلى وجهين كما ذكرنا في الصلاة وإن نوى أنني إن وجدت طعاما أفطرت وإن لم أجد أتممت صومي خرج فيه وجها : أحدهما يفطر لأنه لم يبق جازما بنية الصوم وكذلك لا يصح ابتداء النية بمثل هذا : والثاني لا يفطر لأنه لم ينو الفطر بنية صحيحة فإن النية لا يصح تعليقها على شرط ولذلك لا ينعقد الصوم بمثل هذا النية



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]