
20-03-2024, 12:58 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,490
الدولة :
|
|
فقه الصيام واجب
فقه الصيام واجب (2)
د. شريف فوزي سلطان
ركن الصوم:
الإمساك عن المفَطِّرات من أكل وشربٍ وجماع، ونحوها، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس؛ قال تعالى: ﴿ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذِّن حتى تطلع الفجر"[1].
شروط الصوم:
1ـ الإسلام:
يشترط الإسلام في وجوب الصوم، وصحته؛ فلا يجب الصوم على الكافر، ولا يصح منه إن أتى به؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54 ].
فإذا كانت النفقات لا تُقبل منهم لكفرهم، مع أن نفعها متعدٍّ، فالعبادات الخاصة، كالصوم، أولى ألا تقبل منهم، وإذا لم تقبل منهم، فإنها لا تصح[2].
2ـ البلوغ:
وهو شرط وجوب، فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"[3].
فائدة: صوم الصبي:
إذا كان الصبي يُطيق الصوم دون وقوع ضررٍ عليه، فعلى وليه أن يأمره بالصوم؛ ليتمرن عليه ويتعوَّده، فعن الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ رضي الله عنها، قالت: "أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداةَ عاشوراء إلى قُرى الأنصار: من أصبح مفطرًا، فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد، ونُصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهن"[4]؛ [العهن: الصوف الملون]، وفي لفظ: "ونصنع لهم اللعبة من العهن، فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام، أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يُتموا صومهم"[5].
3ـ العقل:
ويشترط العقل في وجوب الصوم وصحته، للحديث المتقدم وفيه: "وعن المجنون حتى يعقل".
مسألة:إن أفاق المجنون أثناء نهار رمضان، لزِمه أن يمسك بقية اليوم، وهو قول الحنفية، ورواية أحمد، واختاره ابن تيمية، وابن عثيمين.
مسألة: المجنون إذا أفاق لا يلزمه قضاء ما فاته زمن الجنون، سواء قل ما فاته أو كثُر، وسواء أفاق بعد رمضان أو في أثنائه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وهو اختيار ابن المنذر، وابن حزم، وابن باز، وابن عثيمين.
مسألة: من نوى الصوم، وأغمي عليه واستوعب الإغماء جميع نهاره، فإنه لا يصح صومه، وعليه قضاء هذا اليوم، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية والحنابلة، وحَكى ابن قدامة الإجماع على ذلك.
4ـ الإقامة:
وهو شرط وجوب؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184].
5ـ الطهارة من الحيض والنفاس:
وهو شرطٌ في صحة الصوم بإجماع أهل العلم، وعليه فيحرُم الصوم فرضه ونفله على الحائض والنفساء، ولا يَصح صومهما وعليهما القضاء.
مسألة: حكم تناول المرأة حبوب منع الحيض من أجل أن تصوم الشهر دون انقطاع:
إذا ثبت أن لحبوب منع الحمل أو الحيض أضرارًا على المرأة، فإن عليها اجتنابَ تناولها، ومع ذلك إذا تناولت مثل هذه الحبوب وانقطع حيضها صحَّ صومها.
6ـ القدرة على الصوم:
فلا يجب الصوم إلا على القادر؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[البقرة: 286].
7ـ النية في الصوم:
وهي شرط صحة اتفاقًا في سائر الطاعات، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى"[6].
مسألة: يشترط تبييت النية من الليل قبل طلوع الفجر، وهو قول جمهور أهل العلم، ففي حديث حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن لم يُبيت الصوم قبل الفجر، فلا صيام له"[7].
مسألة:وهل يشترط ذلك كل ليلة؟ اشترطه الجمهور لعموم الحديث، وقياسًا على الصلوات الخمس، وقيل: إن ما يشترط فيه التتابع، تكفي النية في أوله، فإذا انقطع التتابع لعذر يُبيحه، ثم عاد إلى الصوم، فإن عليه أن يجدِّد النية، وهو مذهب المالكية واختاره ابن عثيمين، كما أن النية إذا لم تقع في كل ليلة حقيقة، فهي واقعةٌ حكمًا؛ لأن الأصل عدم قطع النية.
مسألة: حكم تبييت النية من الليل في صيام التطوع:
لا يشترط في صيام التطوع تبييتُ النية من الليل، عند جمهور الفقهاء؛ لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: "دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذًا صائم"[8]، ويُشترط لذلك ألا يكون قد تناول شيئًا من المفطرات بعد الفجر.
سنن الصوم وآدابه:
1ـ تعجيل الفطر:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"[9].
2ـ يستحب الإفطار على رطب، فإن لم يوجد فعلى تمر، فإن لم يوجد فعلى ماء:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رُطَبات، فإن لم تكن رطبات فتُميرات، فإن لم تكن تُميرات، حسا حسوات من ماء"[10].
3ـ ويستحب أن يقول عند الإفطار:
ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله"[11].
فائدة: وليس معنى تعجيل الفطر أن يجلس الرجل على الطعام ونُضيع صلاة المغرب، فإن فعل فقد فرَّط في واجب ووقع في المحظور.
4ـ السحور:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحَّروا فإن في السحور بركة"[12].
فهو:
• معونة على العبادة.
• فيه مخالفة لأهل الكتاب.
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر"[13].
5ـ يُسن للصائم تأخير السحور ما لم يَخشَ طلوع الفجر:
عن أنس رضي الله عنه أن زيد بن ثابت رضي الله عنه حدَّثه أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين آية"[14].
فائدة: ويحصل السحور بكل مطعوم أو مشروب ولو كان قليلًا؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السحور أكله بركة، فلا تدَعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء"[15].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نعم سحور المؤمن التمر" [16].
مسألة: ماذا لو أذَّن المؤذن وطعام المتسحر أو شرابه في فمه، أو في يده؟
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعْه حتى يقضي حاجتَه منه"[17].
6ـ وينبغي على الصائم اجتناب المعاصي، فإنها تَجرح الصوم، وتنقص الأجر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"[18].
كما أنه حريٌّ بالصائم الذي امتنع عن المباحات من المفطرات، وابتعد عن جميع المحرمات - أن يكون ديدنه الاشتغال بالطاعات؛ كقراءة القرآن الكريم، وكثرة الذكر، والدعاء، والإحسان إلى الآخرين، وغير ذلك، كما ينبغي على الصائم إن سابَّه أحدًا أو قاتله، أن يقول جهرًا: إني صائم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإنه سابه أحدًا أو قاتله، فليقل: إني امرؤٌ صائم"[19].
[1] رواه البخاري، ومسلم.
[2] الشرح الممتع لابن عثيمين.
[3] رواه البخاري معلقًا، وأحمد وأبو داود، والترمذي وغيرهم.
[4] رواه البخاري.
[5] رواه مسلم.
[6] رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم.
[7] رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي واللفظ له.
[8] رواه مسلم.
[9] رواه البخاري، ومسلم.
[10] رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي واللفظ له.
[11] رواه أبو داود، والنسائي والحاكم.
[12] رواه البخاري، ومسلم.
[13] رواه البخاري، ومسلم.
[14] رواه البخاري ومسلم.
[15] رواه أحمد.
[16] رواه أبو داود، وابن حبان، والبيهقي في السنن الكبرى.
[17] رواه أبو داود وأحمد والحاكم وصححه الألباني.
[18] رواه البخاري.
[19] رواه البخاري ومسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|