عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 31-03-2024, 10:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,306
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري

شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري(40)

بيان شيء من عظمة الله عز وجل وصفاته

اعداد: الفرقان




الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، [ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
سورة يس
باب في قوله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} (يس: 38)
2160. عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قَالَ: «مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ».
الشرح: سورة «يس» أورد فيها حديث أبي ذر ]، وقد رواه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، في باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان.
وأبو ذر هو جندب بن جنادة الغفاري الصحابي المشهور، مات سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان ].
قوله: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} قال: مستقرها تحت العرش» وهذا الحديث سبق لنا شرحه عند قوله تبارك وتعالى من سورة الأنعام: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً}(الأنعام: 158)، وتكلمنا عن مستقر الشمس الذي ذكره الله تبارك وتعالى، وأن له معنيين:
الأول: أن معنى مستقرها، أي: تحت العرش، فإنها إذا غربت كل يوم استقرت تحت العرش، فهذا المستقر المكاني.
الثاني: أن معنى مستقرها هو المستقر الزماني: فهي تستأذن في الخروج كل يوم، فيقال لها: اطلعي كما كنت تطلعين، فتصبح طالعة من المشرق، حتى يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، في اليوم الذي حدّده الله سبحانه وتعالى لها، ويغلق عندها باب التوبة، فمعناه أنها تجري إلى وقت لها وأجل لا تتعداه وهذا التفسير الثاني لقوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا}، فالتفسير الأول يتكلم عن المستقر المكاني، أن مكان الشمس كل ليلة يكون تحت العرش، أما التفسير الثاني فهو أن المستقر هو يوم القيامة فالشمس تظل تجري كل يوم تشرق وتغرب، حتى يأتي يوم القيامة الذي هو الأجل الذي ينتهي فيه سير الشمس وذلك عند قرب انقضاء الدنيا.
وأيضا فالشمس لها منازل تنتهي إلى آخرها كل عام، فالشمس لها في كل يوم منزل تطلع منه ومنزل تغرب فيه، وهي منازل متعددة خلال العام وتسمى بالبروج، وهناك اثنى عشر برجا في كل شهر تنتقل السماء إلى برج منها.
سورة الزمر
باب في قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}
2161. عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النَّبِيِّ [ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ - أَوْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ - إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الْحَبْرُ، تَصْدِيقًا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
الشرح: سورة الزمر وأورد فيها حديث ابن مسعود ] المتعلق بهذه الآية من سورة الزمر، والذي أخرجه الإمام مسلم في صفة القيامة والجنة والنار.
يقول عبدالله بن مسعود: «جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم » والحبر بفتح الحاء وكسرها، والفتح أفصح، هو العالم من اليهود وغيرهم.
فقال: «يا محمد، أو قال يا أبا القاسم» ولم يقل: يا نبي الله أو يا رسول الله، وهذا إما من استكبارهم عن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والتصديق برسالته، ومن العناد والمكابرة التي كان عليها أهل الكتاب في زمنه صلى الله عليه وسلم ، وإلا فهم يعلمون أنه رسول الله، كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (البقرة: 146) يكتمون الحق وهو الشهادة له بالنبوة وبالرسالة، وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنه رسول الله، وأنه نبي الله المبعوث آخر الزمان، فهو لم يسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم النبوة أو باسم الرسالة، وإنما قال: يا محمد، وهذا مما نهيت عنه الأمة المسلمة، فالله تبارك وتعالى نهى هذه الأمة عن مناداة الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه، كما في قوله سبحانه: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً} (النور: 63) يعني لا تجعلوا مناداة الرسول فيما بينكم كمناداة بعضكم لبعض؛ لأن مقام النبوة مقام عظيم وشريف، فينبغي أن يحترم وأن يوقر ويكرم؛ لأن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره واحترامه من شعائر الله، وهو دال على الإيمان، كما قال سبحانه: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}(الفتح: 9)، والتعزير معناه: النصرة لدينه، ولهديه ولسنته، وتوقروه والتوقير هو الاحترام والتبجيل، فهذا من واجب المؤمنين والمؤمنات تجاه نبيهم.
قوله: «إن الله يمسك السموات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع» وهذا فيه أن السموات سبع، والأرضون سبع أيضا، كما قال الله تبارك وتعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ}(الطلاق: 12)، وأما كيفية هذه الأرضين السبع؟ فقال بعضهم: هي سبع طبقات للأرض، كل طبقة تحتها طبقة، وهكذا إلى سبع طبقات. وقال بعض أهل العلم: الأرضون السبع هي القارات السبع، فيكون هذا من علامات النبوة، وإلا فما الذي عرف النبي صلى الله عليه وسلم وهو من العرب أن هناك سبع قارات؟! وهذا ربما لم يعلم إلا بعد ألف سنة، وهذا من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله: «والجبال والشجر على إصبع» أي إن الله عز وجل يحمل كل جبال الأرض وشجرها، هذه الجبال الرواسي الصم العظيمة الشامخة، مع الشجر الذي في الأرض في الغابات وغيرها كلها يحمله على إصبع.
وقوله: «والماء والثرى على إصبع» الماء الذي في الأرض كله، والأرض أكثرها ماء، بل ثلاثة أرباع الأرض ماء، ويحمل الثرى الذي هو التراب، تراب الأرض كله والماء يحمله سبحانه وتعالى على إصبع من أصابعه.
قوله: «وسائر الخلق على إصبع» وسائر الخلق من الناس ومن الجن والحيوان والطير وغيرها كله يحمل على إصبع، وهذا من عظمة الله سبحانه وتعالى، ومن تمام قدرته وقوته، وهو سبحانه وتعالى كما وصف نفسه، قوي عزيز، واسع عليم، كبير متعال، وغيرها من الأسماء التي تدل على السعة والعظمة والكبرياء، الذي لا يحيط به الإنسان علما.
وإذا أمسك هذه الخمسة على أصابعه سبحانه وتعالى: «يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الملك» وهذا دليل السلطان والسيادة العليا المطلقة، التي لا تساوي أي سلطة أو سيادة، فهذه المخلوقات كلها يمسكها الله عز وجل يوم القيامة، السموات السبع والأرضين السبع والجبال والشجر والماء والثرى وسائر الخلق من الإنس والجن وغيرهم من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، يمسكها الله كلها على أصابعه، ثم يقول عز وجل: أنا الملك أنا الملك، أي: أنا الملك وبيدي الأمر كله، وإلي يرجع الأمر كله، فالتدبير لي والأمر والنهي لي، والملك والخلق والإيجاد لي، فالله سبحانه وتعالى هو الملك حقا، وكل ملك وكل مُلك فهو زائل لا محالة، أما الملك الباقي فهو ملك الله سبحانه وتعالى، وأما أملاك الناس فكلها ستزول.
وهذا الحديث من أحاديث الصفات، ومذهب أهل السنة والجماعة تصديقها والإيمان بها، وعدم التعرض لها ولا ردها، وإجراؤها على ظاهرها لا يتأولون شيئا منها ولا يفسرونه بغير ظاهره، ولا يشبهون الله تعالى بشيء من مخلوقاته.
قال الإمام النووي: « هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيه مذهبان: التأويل، والإمساك عنه مع الإيمان بها، مع اعتقاد أن الظاهر منها غير مراد؟! فعلى قول المتأولين يتأولون الأصابع فيها على الاقتدار؟! أي: خلقها مع عظمها بلا تعب ولا ملل، والناس يذكرون الأصابع في مثل هذا للمبالغة والاحتقار، يقول أحدهم: بإصبعي أقتل زيدا، أي: لا كلفة علي في قتله. وقيل: يحتمل أن المراد أصابع بعض مخلوقاته؟ وهذا غير ممتنع والمقصود أن يد الجارحة مستحيلة؟!».
هذا كلام النووي، ولا شك أنه غلط يخالف مذهب أهل السنة والجماعة، أما مذهب التأويل فهو مذهب المتكلمين وهو مذهب مردود، لم يأذن الله سبحانه وتعالى فيه، وفيه نوع من تكذيب الكتاب والسنة الصريحة، التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وقد قال أهل العلم: إن المتأول لآيات الصفات أو أحاديث الصفات يقع في محظورين اثنين:
المحظور الأول: تعطيل الصفات، فالمؤول يعطل الصفة ويقول: ليس المراد من الأصابع هو كذا، ولا شك أن هذا تعطيل للصفة.
المحظور الثاني: أنه جاء بتفسير من عنده للصفة الربانية.
فيكون ارتكب خطأين اثنين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم إننا نقول: أين أقوال الصحابة في هذه التأويلات؟ هل ورد عن الصحابة أنهم قالوا: إن الأصابع هي القدرة، أو إن الأصابع هي أصابع بعض مخلوقاته؟ أو إن اليد هي القدرة؟ وإن الوجه هو الذات؟ وهكذا إلى غير ذلك من التأويلات الفاسدة التي فيها تعطيل لصفات المولى جل جلاله، وقدست أسماؤه، وليس فيها التنزيه، بل فيها التعطيل.
أما تنزيه أهل السنة والجماعة فهو مبني على عدم التمثيل للصفات، فنقول: إن لله سبحانه وتعالى الصفات العلا دون تمثيل، كما قال الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} فليس كمثله شيء، نفي للمماثلة، وقوله: {وهو السميع البصير}، إثبات للصفات، أما هؤلاء الذين عطلوا صفات الله تبارك وتعالى وأخروها عن الكمال والجلال والجمال، فعطلوا ربنا عز وجل أن يوصف بصفات الجمال وصفات القوة والعظمة، وصفات الكمال، فيأتي إنسان مخلوق جاهل بربه فيعطل هذه الصفة أو تلك، فإذا عطل هذه الصفة يكون قد أخلى الله عن صفات كماله التي وصف بها نفسه في كتابه الكريم أو على لسان رسوله الأمين، وهذه جرأة عظيمة على الله تعالى!
كما أن مذهب الإمساك عن إثبات الصفات أيضا مذهب باطل، فالذي يقول أنا أقرأ الحديث والآية، دون أن أتعرض لبيانها وتفسيرها وفهمها وأفوض علم معناها إلى الله! فليس هذا المذهب موافقا لمذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ لأننا لو سألنا الصحابي عن معنى قول الله تعالى: {يد الله}، فإنه لا يقول: لا أدري ما اليد؟! وإذا قلنا للصحابي: ما معنى «إن الله يمسك السموات على إصبع» ما الإصبع؟ فإنه لا يقول: لا أدري؟ فالصحابي لا يمكن أن يقول هذا الكلام، بل الصحابي يعرف معنى الإصبع ويعرف معنى الوجه واليد، ويعرف معنى صفات الرحمة والسمع والبصر والكلام؛ لأن هذه كلها لها معان واضحة في لغتهم العربية التي خاطبهم الله سبحانه وتعالى بها في الكتاب والسنة.
كذلك إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للحبر كما في قول الصحابي عبدالله بن مسعود وهو الإمام الحبر من الصحابة قال: «فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال الحبر تصديقا له» فهذا يدل على الموافقة لا المخالفة؟ فلم يخالف صلى الله عليه وسلم الحبر، ولم يقل له: كلامك باطل! أو كلامك فيه تجسيم أو هذا سوء أدب مع الله، أبدا ما قال ذلك صلى الله عليه وسلم ذلك، بل النبي صلى الله عليه وسلم تعجب وضحك؛ لأن هذا يوافق القرآن الكريم، والدليل أنه عليه الصلاة والسلام قرأ تصديقا لقول الحبر قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (الزمر: 67)، فهذه الآية توافق كلام الحبر؟ وقول الصحابي هنا: تصديقا له، لا يقال كما قال بعض المتكلمين: هو من كلام الراوي، أو من فهم الراوي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ضحك ردا لقوله وتعجبا من جرأته على الله؟! فهذا في الحقيقة إعراض عن الرواية وليٌّ لعنقها بغير دليل ولا برهان، فكلام الحديث واضح وكلام الصحابي واضح وفعل النبي صلى الله عليه وسلم واضح، ولا يفهم من كلام الله تعالى التجسيم، ولا يفهم من كلام رسوله صلى الله عليه وسلم التمثيل؟! بل ربنا سبحانه وتعالى منزه ومقدس عن التمثيل وعن التشبيه، ولا يجوز للإنسان أن يتأول الصفات بتأويلات بعيده ويحملها على محامل بعيدة أو يأتي باحتمالات فاسدة؛ لأن هذا كما قلنا تكذيب لله تعالى، وجحد لأسمائه وصفاته.
وقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} خطاب للمشركين الذين لم يعظموا الله حق التعظيم، ولم يعطوه حقه من التبجيل والتقديس والتنزيه؛ إذ جعلوا معه آلهة أخرى لا تخلق ولا ترزق، ولا تقدر على الحياة ولا على الموت ولا على النشور، بل لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا.
وقوله: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} ورد في الصحيحين: في حديث أبي هريرة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله ليقبض الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟!».
ملوك الأرض في الدنيا نازعوا الله في ملكه، وحصل منهم تجاوز وطغيان وعدوان على خلق الله، واستكبار واستعلاء، فالله سبحانه وتعالى يخصهم بالذكر يوم القيامة ويناديهم في هذا الموقف الرهيب المهيب، فيقول: أين ملوك الأرض؟ فلا يجيبه أحد، ولا يجرؤ على الكلام بين يديه ملك منهم، فهؤلاء الذين تكبروا على عباد الله وفعلوا الأفاعيل وطغوا وبغوا، إذا ناداهم الله سبحانه وتعالى صمتوا وخرسوا، نعوذ بالله من الظلم والطغيان.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]