عرض مشاركة واحدة
  #93  
قديم 02-04-2024, 06:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,077
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (95)
مثنى محمد هبيان



(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة: 114]
السؤال الأول:
ما نوع الاستفهام فى الآية؟
الجواب:
يوجد في هذه الآية استفهام بـ (وَمَنْ) وليس الغرض منه الاستفهام الحقيقي وانتظار جواب، وإنما هو استفهام إنكاري خرج إلى النفي، ومعناه : أي لا أحد أظلمُ ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه.
وللعلم فإنّ إعراب ( من ) اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ومعناه النفي .
السؤال الثاني:
ما المساجد المقصودة في الآية حتى جُمِعت؟
الجواب:
نزلت الآية في أهل مكة؛ لأنهم منعوا المسلمين دخول المسجد الحرام , ومع ذلك نرى أنّ الآية قد جُمِع فيها المسجد (مَسَاجِدَ) للتعظيم من شأن المسجد، وهذا واضح كما يقول الفرد في معرض الفخر والتعظيم لنفسه: (نحن نقول) وكذلك كلمة (المساجد) أتت جمعاً ليكون الوعيد شاملاً لكل مخرِّب لمسجد أو مانع العبادة فيه.
السؤال الثالث:
ما الفرق بين استعمال كلمتي (عقاب وعذاب) كما وردتا في القرآن الكريم؟
الجواب:
هذه الكلمات هي من لهجات مختلفة فليس بينها فروق، ويستدلون بكلمة السكين والمُدية.
وأمّا عن كلمتي (العقاب والعذاب ) في القرآن الكريم فهو أنّ :
1ـ كلمة العقاب ومشتقاتها وردت في القرآن في ـ 64ـ موضعاً.
2ـ كلمة العذاب ومشتقاتها وردت في القرآن في ـ370ـ موضعاً.
3ـ الفعل الثلاثي لكلٍ من الكلمتين (عذب) و(عقب)، والحرفان الأول والثالث مشتركان بينما الخلاف في الحرف الثاني.
وحرف الذال من أحرف الرخاوة وفيه امتداد، بينما حرف القاف من أحرف الشدة وفيه سرعة، ويسمى في الدراسات الحديثة حرفاً انفجارياً، وأمّا حرف الذال ففيه طول ورخاوة؛ ولذلك فإن امتداد الذال يكون للدنيا والآخرة.
لذلك نستنتج أنّ كلمة (العقاب) تكون للشيء السريع، والشيء السريع يكون في الدنيا، ومن هنا نجد أنّ الآيات التي تحدثت عن عقوبات الأمم السابقة في الدنيا جاء معها كلمة (العقوبة).
4ـ أي أنّ العقاب فيه شدة وسرعة واستعملها القرآن في الدنيا، بينما استعمل (العذاب) في الدنيا والآخرة.
5ـ ليس في القرآن (سريع العذاب) وإنما (سريع العقاب) كما في قوله تعالى: ( إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام:165] والآية وصفٌ لله سبحانه وتعالى, لكنه جلّت قدرته لم يصف نفسه بأنه سريع العذاب.
6ـ العذاب: الفعل (عذّب) والعذاب قد يكون في الدنيا نحو قوله تعالى: (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ) [البقرة:114]، وقد يكون في الآخرة (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة:114]، وجاء بها بمعنى العقاب (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2] فهذه عقوبة سمّاها عذاباً، ما يدل على أنّ العذاب أوسع من العقاب؛ لأنه يستعمل دنيا وآخرة ويستعمل بمكان العقاب.
شواهد قرآنية على العقاب :
(إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ) [الأنعام:165].
(ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) [الحج:60].
(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [آل عمران:137] .
شواهد قرآنية على العذاب :
(لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة:114] عذاب في الدنيا والآخرة.
(وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ) [الحشر:3].
السؤال الرابع:
ما أهم دلالات هذه الآية؟
الجواب:
1ـ هذه الآية ليست مجرد شرط وجزاء , بل المُراد أنّ منْ الكفار من منع عمارة المساجد وسعى في خرابها , وبيّن الله تعالى جزاء من يعمل مثل ذلك .
2ـ قوله تعالى : (وَسَعَى) أي اجتهد وبذل جهده .
3 ـ قوله تعالى : (وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) يشمل الخراب الحسي ( الهدم والتخريب ) والخراب المعنوي ( منع الذكرين لاسم الله فيها ومنع المصلين والمتعبدين ) وهذا عام لجميع من اتصف بهذه الصفة قديماً وحديثاً .
4 ـ قوله تعالى : (خِزْيٌ) هو الذل والهوان والإذلال والفضيحة .
( مساجد ) جمع مسجِد , وهو اسم لمكان السجود , وكان من حقه أن يأتي على وزن (مفعَل) بفتح العين , لأنّ عين مضارعه مضمومة , ولكنه سُمع بالكسر شذوذاً , ومثل ذلك أيضاً : المطلِع والمشرِق والمغرِب , وفي هذه الحالة السماع أفصح , مع أنه يجوز الفتح . وللمساجد أحكام كثيرة خاصة فيها .
6 ـ هذه الآية رقم ( 114 ) ذكرت المخالفة الخامسة والعشرين (25 ) لليهود التي ذكرها الله تعالى في سورة البقرة من أصل (32 ) مخالفة , وهي تحمل مضمون : تخريب اليهود وغيرهم مساجد الله.والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]