عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 21-04-2024, 02:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري

شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (13) باب: قراءة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على الجن

اعداد: الفرقان



الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. والحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. والحمد لله الذي جعل كتابه موعظة وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة ونورا للمؤمنين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
2118. عَنْ عَامِرٍ (هو الشعبي) قَالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ: هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوْ اغْتِيلَ، قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَقَالَ: «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ»، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ».
الشرح:
الحديث أخرجه الإمام مسلم أيضا في الكتاب السابق، وبوب عليه الإمام النووي: باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن.
وعامر هو ابن شراحيل الشعبي، الإمام الثقة الفقيه المشهور، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المئة، وله نحو ثمانين سنة، روى له الستة.
قال: سألت علقمة وهو ابن قيس النخعي، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثقة ثبت فقيه عابد، أحد تلامذة ابن مسعود المختصين به، روى له الستة.
قال له: «هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟» يعني: هل ذهب معه أحد ليلة الجن؟ «قال: لا» فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب معه أحد من الصحابة ليلة أن لقي الجن، وخاطبهم وقرأ عليهم القرآن.
وهذا كما ذكرنا ليس هو اللقاء الذي ذكره الله تعالى في السورة التي نزلت بمكة، في قوله تعالى {وإذْ صَرفْنا إليك نفراً من الجن يَستمعونَ القرآن فلما حَضروه قالوا أَنصتُوا فلما قُضيَ ولّوا إلى قومهم مُنذرين} (الأحقاف: 29).
لأن سماعهم للقرآن هناك كان بغير علمه بهم، وقد روى البخاري في التفسير (4921) ومسلم: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشّهب، قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها، ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنخلة وهو عامدٌ إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: {يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا}، وأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم : {قلْ أُوحي إلي أنه استمع نفرٌ من الجن}.
قال الحسن البصري: إنه صلى الله عليه وسلم ما شعر بأمرهم، حتى أنزل الله تعالى عليه بخبرهم (تفسير ابن كثير 4/170).
وقال البيهقي: وهذا الذي حكاه ابن عباس رضي الله عنهما، إنما هو أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمت حاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم أتاه بعد ذلك داعي الجن فقرأ عليه القرآن ودعاهم إلى الله عز وجل كما رواه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه .
فليست هذه القصة تلك كما مر معنا، فتلك قصة متقدمة، وهذه متأخرة، وروى أبو بكر بن أبي شيبة: عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، قال: صه، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة، فأنزل الله عز وجل: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين} إلى {ضلال مبين}.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه : «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة» وهذا في مكة قبل الهجرة، والدليل على هذا أنه قال: «جاءنا من قبل حراء» فالقصة وقعت إذناً في مكة قبل الهجرة.
قوله: «فقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب» يعني كانوا معه صلى الله عليه وسلم في سفر ففقدوه صلى الله عليه وسلم فجأة، فلم يجدوه!
قوله: «فقلنا استطير» يعني طارت به الأعداء، أو طارت به الشياطين. «أو اغتيل» من الغيلة، الذي هو القتل خفية، قال: «فبتنا في شر ليلة بات بها قوم» وهذا من شدة حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وخوفهم عليه.
قوله: «فلما أصبحنا فإذا هو جاء من قبل حراء، فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قومٌ، فقال: أتاني داعي الجن، فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن».
وجاء في حديث ابن مسعود: أنه انطلق بهم صلى الله عليه وسلم فأراهم نيرانهم: «يعني أشعلوا نارا في الليل، إما لصنع الطعام، أو للاستدفاء».
قوله: «وسألوه الزاد» أي: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم الطعام، فقال لهم: «لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه» وهذا للمؤمنين منهم، أما غير المؤمنين من الكفار منهم، فجاء فيهم الحديث الآخر أن طعامهم: «كل ما لم يذكر عليه اسم الله» فكل طعام أو مذبوح لم يذكر عليه اسم الله تعالى، فهو طعام للشياطين، وأما المؤمنون منهم فإنهم لا يأكلون إلا ما ذكر اسم الله عليه من الذبائح والأطعمة.
قوله: «لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما» أي: هذا العظم بعد أن تأكل ما عليه من اللحم، وتلقيه ليس عليه شيء، فإنه إذا وقع في أيديهم يعود عليه اللحم أوفر ما كان، بقدرة الله تعالى، وهذا من الأمور الغيبية العجيبة، فيأكلون منه، ويتزودون به.
أما البعر، سواء بعر الغنم أم بعر الإبل أم غيرهما، فإنه يكون علفا لدوابهم التي يركبونها، فسبحان الله العظيم؛ ولهذا قال: «فلا تستنجوا بهما» أي بالعظم وبالروث، فلا يجوز الاستجمار لا بالعظام ولا بالروث وتنجيسهما.
وفي هذا الحديث: قراءة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على الجن، ودعوتهم إلى الله عز وجل، لتقوم عليهم الحجة، وتتم عليهم النعمة، وليكونوا إلى قومهم منذرين.
وفيه: أنهم مخاطبون بالقرآن وأوامره ونواهيه، وأنهم مكلفون بالإسلام.
الجن منهم المسلمون، بل منهم الصحابة ومنهم التابعون وهكذا، ومنهم دون ذلك من الكفار وأهل الكتاب والمشركين، كما قال الله سبحانه على لسانهم: {وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطُون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رَشدا وأما القَاسطونَ فكانوا لجهنمَ حَطبا} (الجن: 14 – 15).
والقاسطون: هم الجائرون.
وقوله تعالى: {وأنا منّا الصّالحون ومنا دُون ذلك كُنا طرائق قددا} (الجن: 11). قددا: أي فرقا متنوعة، وأهواء متفرقة.
وفيه: حرص الصحابة على مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره ومهماته، والحرص على مجالسه والسماع منه، والتأسف على ما فاتهم من ذلك.
باب فيه
2119. عَنْ مَعْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا: مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - أَنَّهُ آذَنَتْهُ بِهِمْ شَجَرَةٌ.
الشرح:
قال المنذري: باب فيه، أي إنه في الباب المتقدم.
عن معن هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي، ثقة، قال يعقوب بن سفيان: كان قاضيا على الكوفة ثقة، روى له البخاري ومسلم.
قال: سمعت أبي، وأبوه عبد الرحمن ثقة قليل الحديث، وهو ابن عبد الله بن مسعود الصحابي المشهور، وقد اختلف في سماعه من أبيه، فأثبته ابن المديني وابن معين وأبوحاتم وسفيان وشريك، ونقل العجلي والحاكم وغيرهما أنه لم يسمع، روى له الستة.
قال: سالت مسروقا، ومسروق هو ابن الأجدع، هو أيضا خاصة أصحاب ابن مسعود، مضت ترجمته.
سأل عبدالرحمن مسروقا: «من آذن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة استمعوا القرآن؟» من أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بهم وبقدومهم إليه؟
فقال: «حدثني أبوك (يعني ابن مسعود) أنه آذنته بهم شجرةٌ كانت هناك» أي إن شجرة أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بقدومهم، وهذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوته، والله سبحانه وتعالى قد ينطق النباتات والجمادات ويسمع الناس ذلك إذا شاء، كما قال ربنا سبحانه وتعالى {وإنْ من شيء إلا يُسبّح بحمده ولكنْ لا تَفقهونَ تَسبيحهم} (الإسراء: 44). لا تفقهون يعني لا تفهمون ذلك لأنه على غير لغتكم، فكل شيء يسبح بحمد الله حتى الجمادات، إما بلسان الحال، وإما بلسان المقال.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إني لأعرفُ حجراً بمكة كان يسلم علي» رواه البخاري.
وروى الإمام مسلم أيضا، حديث حنين الجذع، وذلك لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بقربه، ثم انتقل عنه للخطابة على المنبر فحنّ للذِّكْر، وكذا سماع الصحابة تسبيح الطعام وهو يؤكل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفرار الحجر بثوب موسى عليه الصلاة والسلام لما وضعه عليه ليغتسل، واهتزاز جبل أحد بصعود الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم عليه، وغيرها من الحوادث الكثيرة التي فيها حركة هذه الجمادات وإدراكها.
فالحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعرته شجرة بقدومهم له، فبلغهم رسالة الله، وقرأ عليهم كتاب الله.
وهذا فيه كما ذكرنا سابقا أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للإنس والجن.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد وآله وصحبه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]