
02-05-2024, 07:34 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,490
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (252)
صــــــــــ 107 الى صـــــــــــ 112
باب دعوى الدم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعي على رجل أنه قتل رجلا وحده أو قتله هو وغيره عمدا فقد قيل: لا يبرأ إلا بخمسين يمينا. وقيل: يبرأ بحصته من الأيمان وهي خمسة وعشرون يمينا إذا
حلف مع المدعى عليه. وإذا ادعي عليه جرح أو جراح دون النفس فقد قيل يلزمه من الأيمان على قدر الدية فلو ادعيت عليه يد حلف خمسا وعشرين يمينا ولو ادعيت عليه موضحة حلف ثلاثة أيمان. .
باب كيف اليمين على الدم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو ادعي على رجل أنه قتل رجلا عمدا حلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ما قتل فلانا ولا أعان على قتله ولا ناله من فعله ولا بسبب فعله شيء جرحه ولا وصل إليه شيء من بدنه ولا من فعله، وإنما زدت هذا في اليمين عليه احتياطا؛ لأنه قد يرمي ولا يريده فتصيبه الرمية أو يرمي الشيء فيصيب رميه شيئا فيطير الذي أصابته رميته عليه فيقتله وقد يجرحه فيرى أن مثل ذلك الجرح لا يقتله وكذلك يضربه بالشيء فلا يجرحه ولا يرى أن مثل ذلك يقتله فأحلفه لينكل فيلزمه ما أقر به أو يمضي عليه اليمين فيبرئه (قال الشافعي): وإذا ادعى خطأ حلف هكذا وزاد ولا أحدث شيئا عطب به فلان، وإنما أدخلت هذا في يمينه أنه يحدث البئر فيموت فيها الرجل ويحدث الحجر في الطريق فيعطب بها الرجل. وإنما منعني عن اليمينين معا أن أحلفه ما كان سببا لقتله مطلقا أنه قد يحدث غيره في المقتول الشيء فيأتنف هو المحدث فيقتله فيكون سببا لقتله وعليه العقل ولا قود عليه. .
يمين المدعي على القتل
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا وجبت لرجل قسامة حلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لقد قتل فلان فلانا منفردا بقتله ما شركه في قتله غيره. وإن ادعى على غيره معه حلف لقتل فلان وفلان فلانا منفردين بقتله ما شركهما فيه غيرهما، وإن لم يعرف الحالف الذي قتله معه حلف لقتل فلان فلانا وآخر معه لم يشركهما في قتله غيرهما، فإذا أثبت الآخر أعاد عليه اليمين ولم تجزئه اليمين الأولى. وإن كان الحالف على القسامة يحلف على رجل جرح، ثم عاش مدة بعد الجرح، ثم مات حلف كما وصفت لقتل فلان فلانا منفردا بقتله لم يشركه فيه غيره، وإن ادعى الجاني أنه برأ من الجراحة أو مات من شيء غير جراحته التي جرحه إياها حلف ما برأ منها حتى توفي منها. .
يمين المدعى عليه من إقراره
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقر الرجل أنه قتل رجلا هو وآخر معه خطأ حلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ما قتلت فلانا وحدي ولقد ضربه معي فلان فكان موته بعد ضربنا معا، وإنما منعني من أن أحلفه لمات من ضربكما معا أنه قد يموت من ضرب أحدهما دون الآخر والحكم أنهما إذا ضرباه فمات فمن ضربهما مات، وإذا ادعى ولي القتيل أن فلانا ضربه وهذا ذبحه أو فعل به فعلا لا يعيش بعده إلا كحياة الذبيح أحلفته على ما ادعى ولي القتيل. .
يمين مدعي الدم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الجاني على ولي الدم أن أباه مات من غير ضربه أحلفته على دعواه فإن قال أحلفه ما زال أبوه ضمنا من ضرب فلان لازما للفراش حتى مات من ضربه أحلفته وإنما أحلفته لمات من ضرب فلان أنه قد يلزم الفراش حتى يموت من غير مرض ويلزم حتى يموت بحدث يحدث عليه آخر أو جناية يحدثها على نفسه (قال الشافعي): وتسعه اليمين على ما أحلفته عليه على الظاهر من أنه مات من ضربه (قال الشافعي): ولو حلف لمات من ضربه، ثم قال قد كان بعد ضربه برأ لم أقض له بعقل ولا قود؛ لأن الظاهر أن هذا يحدث عليه موت من غير ضربه إذا أقبل أو أدبر. ولو لم يزده السلطان على أن لا يحلف إلا بالله أجزأه ذلك؛ لأن كل ما وصفت من صفة الله عز وجل واليمين باسمه تبارك وتعالى كافية، وإنما جعل الله على المتلاعنين الأيمان بالله عز وجل في اللعان. .
التحفظ في اليمين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وليتحفظ الذي يحلف فيقول للحالف: " والله لقد كان كذا وكذا أو ما كان كذا " فإن قال الحالف بالله كان كقوله والله؛ لأن ظاهرهما معا يمين. ولو لحن الحالف فقال والله بالرفع والنصب أحببت أن يعيد القول حتى يضجع ولو مضى على اليمين بغير إضجاع لم يكن عليه إعادة. وإن قال يالله بالياء لكان كذا لم يقبل منه وأعاد عليه حتى يدخل الواو أو الباء أو التاء.
وإذا نسق اليمين ثم وقف لغير عي ولا نفس قبل أن يكملها ابتدأها الحاكم عليه، وإن وقف لنفس أو لعي لم يعد عليه ما مضى منها فإن حلف فأدخل الاستثناء في شيء من يمينه، ثم نسق اليمين بعد الاستثناء أعاد عليه اليمين من أولها حتى ينسقها كلها بلا استثناء. .
عتق أمهات الأولاد والجناية عليهن
أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي إذا وطئ الرجل أمته بالملك فولدت له فهي مملوكة بحالها لا ترث ولا تورث ولا تجوز شهادتها وجنايتها والجناية عليها جناية مملوك، وكذلك حدودها ولا حج عليها فإن حجت، ثم عتقت فعليها حجة الإسلام ولا تخالف المملوك في شيء إلا أنه لا يجوز لسيدها بيعها وإذا لم يجز له بيعها لم يحل له إخراجها من ملكه بشيء غير العتق، وأنها حرة إذا مات من رأس المال وكما لا يجوز بيعها فكذلك لا يجوز لغرمائه أن يبيعوها عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والولد الذي تكون به أم ولد كل ما بان له خلق من سقط من خلق الآدميين عين أو ظفر أو إصبع أو غير ذلك، فإن أسقطت شيئا مجتمعا لا يبين أن يكون له خلق سألنا عدولا من النساء فإن زعمن أن هذا لا يكون إلا من خلق الآدميين كانت به أم ولد وإن شككن لم تكن به أم ولد ولا تكون أم ولد بهذا الحكم بأن ينكحها وهي في ملك غيره فتلد، ثم يملكها وولدها، ولا بحبل وهي مملوكة لغيره، ثم تلد في ملكه؛ لأن الرق قد جرى على ولدها لغيره، وقد قال بعض الناس إذا نكحها مملوكة فولدت له فمتى ملكها فلها
هذا الحكم؛ لأنها مملوكة وقد ولدت منه، ولو ملك ابنها عتق بالنسب فإن كان إنما أعتقها بأن ابنها يعتق عليه متى ملكه فقد عتق عليه ابنها وهي مملوكة لغيره، وقد جرى عليها الرق لغيره ولا يجوز إلا ما قلنا فيها، وهو تقليد لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفيه أن المولود لم يجر عليه رق وهذا القول الذي حكيناه هو مخالف للأثر والقياس فأما أن يقول قائل: قولنا إذا ولدت منه في ملك غيره، ثم اشتراها، ثم يقول: لو حبلت منه في ملك غيره، ثم اشتراها فولدت بعد شرائه بيوم أو يومين. فهذا لا على اسم أنها قد ولدت له وملكها كما قال من حكيت قوله ولا على معنى أن الولد الذي تكون به أم ولد لها به هذا الحكم كان حمله في ملك سيدها الواطئ لها ويزوجها من شاء ويؤاجرها غرماؤه إن كانت لها صنعة.
فأما إن لم تكن لها صنعة فلا، وليس للمكاتب أن يتسرى. ولو فعل منع؛ لأنه ليس بتام الملك ولو ولدت له لم تكن أم ولد بهذا الولد حتى يعتق، ثم يحدث لها وطئا تلد منه بعد الملك (قال الشافعي): وللمكاتب أن يبيع أم ولده وللسيد أن ينزع أم ولد مدبره وعبده؛ لأنه ليس لهما أن يتسريا وليس للمملوك مال إنما المال للسيد ولسيده أن يأخذه من كل مملوك له أم ولد أو مدبر أو غيرهما ما خلا المكاتب فإنه محول دون رقبته وماله. وما كان للسيد أن يأخذه فلغرمائه أن يأخذوه ويأخذه السيد مريضا وصحيحا، ولو مات قبل أن يأخذه كان مالا من ماله موروثا عنه، إذا عقلنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبإجماع المسلمين أن له أن يأخذ أموالهم أحياء فقد عقلنا عنه، ثم عنهم أنه لا يأخذ إلا ما كان مالكا وما كان مالكا فهو موروث عنه (قال الشافعي): ووصية الرجل لأم ولده جائزة أنها إنما تملكها بعدما تعتق، وكذلك وصيته لمدبره إن خرج المدبر من الثلث وإن لم يخرج المدبر كله من الثلث فالوصية باطلة؛ لأنه مملوك لورثته.
الجناية على أم الولد
(قال الشافعي): وإذا جنى على أم الولد فالجناية عليها جناية على أمة تقوم أمة مملوكة، ثم يكون سيدها ولي الجناية عليها دونها يعفوها إن شاء أو يستقيد إن كان فيها قود أو يأخذ الأرش وإذا كانت هي الجانية ضمن الأقل من قيمتها أو الجناية للمجني عليه فإن عادت فجنت أخرى وقد أخرج قيمتها كلها ففيها قولان. أحدهما: إسلامه بدنها فيرجع المجني عليه الثاني بأرش جنايته على المجني عليه الأول فيشتركان فيها بقدر جنايتهما، ثم هكذا إن جنت جناية أخرى رجع المجني عليه الثالث على الأولين فكانوا شركاء في قيمتها بقدر الجناية عليهم وهذا قول يتوجه ويدخل من قبل أنه لو كان أسلم بدنها إلى الأول أخرجها من يدي الأول إلى الثاني ولم يجعلهما شريكين فإذا قام قيمتها مقام بدنها فكان يلزمه أن يخرج جميع قيمتها إلى المجني عليه الثاني إذا كان ذلك أرش جنايتها، ثم يصنع ذلك بها كلما جنت.
والقول الثاني أن يدفع الأقل من قيمتها أو الجناية فإذا عادت فجنت وقد دفع جميع قيمتها لم يرجع الآخر على الأول بشيء ورجع الآخر على سيدها فأخذ منه الأقل من قيمتها والجناية.
وهكذا كلما جنت وهذا قول
يدخل من قبل أنه إن كان إنما ذهب إلى العبد يجني فيعتقه سيده أن يضمن الأقل من قيمته أو الجناية فهذه لم يعتقها سيدها وذلك إذا عاد عقلت عنه العاقلة ولم يعقل هو عنه وهو يجعله يعقل عن هذه (قال الربيع) (قال الشافعي): والقول الثاني أحب إلينا.
(قال الشافعي): وإذا جنى عليها جناية فلم يحكم بها الحاكم حتى مات سيدها فهي لورثة سيدها من قبل أن سيدها قد ملكها بالجناية (قال الشافعي): وولد أم الولد بمنزلتها يعتقون بعتقها إذا عتقت كان من حلال أو حرام ولو ماتت أم الولد قبل سيدها كان أولادها في يد سيدها فإذا مات عتقوا بموته كما كانت أمهم تعتق بموته.
وإذا أسلمت أم ولد النصراني حيل بينه وبينها وأخذ بالنفقة عليها وأن تعمل له ما يعمل مثلها لمثله فمتى أسلم خلي بينه وبينها، وإن مات قبل أن يسلم فهي حرة بموته وقال بعضهم: إذا أسلمت أم ولد النصراني فهي حرة وعليها أن تسعى في قيمتها وروي عن الأوزاعي مثل قوله إلا أنه قال تسعى في نصف قيمتها وقال غيرهما هي حرة ولا تسعى في شيء.
(قال الشافعي): فإن كان إنما ذهب إلى أنه لم يكن له منها إلا أن يصيبها فحرمت عليه الإصابة بإسلامها فهو يجعل للرجل من أم ولده أن يأخذ مالها بأي وجه ملكته وهب لها أو تصدق به عليها أو وجدت كنزا أو اكتسبته ويجعل له خدمتها وبعض هذا أكثر من رقبتها فكيف أخرجها من ملكه وهذا لا يحل له وهو لا يبيع أم الولد، وإذا لم يبع مدبر النصراني يسلم فكيف باع أم ولده؟.
(قال الشافعي): وسواء في الحكم أم ولد النصراني أو المسلم يرتد (قال الربيع لا تباع) أم ولد النصراني كما لا تباع أم ولد المسلم.
(قال الشافعي): وليس للنصراني أن يبيع أم ولده النصرانية إذا حكمنا أنه محول دونها لم يخل وبيعها كما لا يخلى بينه وبين بيع ابنه ولا بين بيع مكاتبه، وإذا توفي الرجل عن أم ولده أو أعتقها فلا عدة عليها وتستبرأ بحيضة فإن كانت لا تحيض من صغر أو كبر فثلاثة أشهر أحب إلينا قياسا؛ لأن الحيضة إذا كانت براءة في الظاهر فالحمل يبين في التي لا تحيض في أقل من ثلاثة أشهر. والقول الثاني أن عليها شهرا بدلا من الحيضة؛ لأن الله عز وجل أقام ثلاثة أشهر مقام ثلاث حيض (قال الربيع) وبه يقول الشافعي (قال الربيع) وإذا كانت للرجل أم ولد فخصي أو انقطع عنه الجماع فليس لها خيار؛ لأنها ليست كالزوجة في حال. .
مسألة الجنين
(أخبرنا الربيع) قال (حدثنا الشافعي) إملاء قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ميراثها لبنيها وزوجها والعقل على عصبتها» (قال الشافعي): فبين في قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قضى على امرأة أصابت جنينا بغرة وقضى على عصبتها بأن عليهم ما أصابت وأن ميراثها لولدها وزوجها أن العقل على العاقلة وإن لم يرثوا وأن الميراث لمن جعله الله عز وجل له وبين إذ قضى على عصبتها بعقل الجنين وإنما فيه غرة لا اختلاف بين أحد أن قيمتها خمس من الإبل
وفي قول غيرنا على أهل الذهب خمسون دينارا وعلى أهل الورق ستمائة درهم أن العاقلة في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - تعقل نصف عشر الدية وذلك أن خمسا من الإبل نصف عشر دية الرجل وقد روى هذا إبراهيم النخعي عن عبيد بن نضلة عن المغيرة بن شعبة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة وقضى به على عاقلة الجانية التي أصابته» (قال الشافعي) وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه يزعمون أن العاقلة تعقل نصف العشر فصاعدا ولا تعقل ما دونه. وقول غيرهم تعقل العاقلة كل ما كان له أرش وإذا قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن العاقلة تعقل خطأ الحر في الأكثر قضينا به في الأقل والله تعالى أعلم.
وإنما ذهب أبو حنيفة إلى أن يقضي به فيما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة ولا يجعل شيئا قياسا عليه وهذا يلزمه في غير موضع قد بين في موضعه (قال الشافعي): وقال غير أبي حنيفة تعقل العاقلة الثلث فصاعدا ولا تعقل ما دونه. ولا يجوز أن يكون في هذا إلا ما قلنا من أن جناية الحر إذا كانت خطأ فجعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النفس على العاقلة وجعلها في الجنين وهو نصف عشر النفس على العاقلة وفرق بين حكمها وحكم العمد وفرق المسلمون فجعلوا عمد الحر في النفس وما دونها وفيما استهلك من مال في مال نفسه دون عاقلته وحكم ما أصاب من حر خطأ في نفس على عاقلته إلا أن يكون ما أصاب من حر من شيء له أرش على عاقلته كما حملت الأكثر حملت الأقل إذا كان من وجه واحد وما ذهب إليه أبو حنيفة من أنه يقضي على العاقلة بما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يقضي عليها بغيره. فأما أنها تعقل الثلث فصاعدا فلم نعلم عند من قاله فيه خبرا يثبت إلا رأي الرجال الذين لا يكون رأيهم حجة فيما لا خبر فيه أو خبر لا يثبت مثله عندنا ولا عندهم فيما لا يريدون أن يقولوا به والسنة الثابتة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه قضى بنصف عشر الدية على العاقلة» فمن زعم أنه لا يقضى بها على العاقلة فلينظر من خالف.
فإن قال فقد أثبت المنقطع كما قد أثبت الثابت فقد روى ابن أبي ذئب عن الزهري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة» وهو يعرف فضل الزهري في الحفظ على من روي هذا عنه. وأخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر «أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن لي مالا وعيالا وإن لأبي مالا وعيالا وهو يريد أن يأخذ مالي فيطعمه عياله فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت ومالك لأبيك» وهو يخالف هذين الحديثين مما لعله لو جمع لكان كثيرا من المنقطع فإن كان أحد أخطأ بترك تثبيت المنقطع فقد شركه في الخطإ وتفرد دونه برد المتصل إنه ليروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - متصلا كثيرا عن الثقات، ثم يدعه فكيف يجوز أن يكون المتصل مردودا ويكون المنقطع مردودا حيث أراد ثابتا حيث أراد العلم أدى في هذا إلى الذي يزعم هذا إلا في الحديث. .
الجناية على العبد
(قال الشافعي) أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه قال عقل العبد في
ثمنه وأخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال عقل العبد في ثمنه كجراح الحر في ديته وقال ابن شهاب وكان رجال سواه يقولون يقوم سلعة (قال الشافعي): وخالف قول الزهري من الناس الذين قالوا هو سلعة وخالف قول سعيد بن المسيب، والزهري لم يحك فيه بالمدينة إلا هذين القولين ولم أعلم أحدا قط قال غير هذين القولين قبله فزعم في موضحة العبد ومنقلته ومأمومته وجائفته أنها في ثمنه مثل جراح الحر في ديته وزعم فيما بقي من جراحه أنها مثل جراح البعير فيه ما نقصه فلا بقول سعيد ولا بقول الناس الذين حكى عنهم الزهري (قال الشافعي): وهو يريد أن يجعل ابن شهاب ومثله حجة على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يجعل قول ابن شهاب ولا قول القاسم ولا قول عامة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة على رأي نفسه مع ما لو جمع من الحديث موصولا كان كثيرا فإذا جاز أن يكون هذا مردودا بأن الوهم قد يمكن على عدد كثير يروون أحاديث كلهم يحيلها على الثقة حتى يبلغ بها إلى من سمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف جاز لأحد أن يعيب من رد الحديث المنقطع؛ لأنه لا يدري عمن رواه صاحبه وقد خبر من كثير منهم أنهم قد يقبلون الأحاديث ممن أحسنوا الظن به ويقبلونها ممن لعلهم لا يكونون خابرين به ويقبلونها من الثقة ولا يدرون عمن قبلها من قبلها عنه وما زال أهل الحديث في القديم والحديث يثبتون فلا يقبلون الرواية التي يحتجون بها ويحلون بها ويحرمون بها إلا عمن أمنوا وأن يحدثوا بها هكذا ذكروا أنهم لم يسمعوها من ثبت. كان عطاء بن أبي رباح يسأل عن الشيء فيرويه عمن قبله ويقول سمعته وما سمعته من ثبت (قال الشافعي) أخبرنا بذلك مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عنه هذا في غير قول وكان طاوس إذا حدثه رجل حديثا قال إن كان الذي حدثك مليا وإلا فدعه يعني حافظا ثقة (قال الشافعي) أخبرنا عمي محمد بن علي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال إني لأسمع الحديث أستحسنه فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدي به أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدثه عمن أثق به وأسمعه من الرجل أثق به حدثه عمن لا أثق به وقال سعيد بن إبراهيم لا يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الثقات (قال الشافعي) أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد قال سألت ابنا لعبد الله بن عمر عن مسألة فلم يقل فيها شيئا فقيل له إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمام هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم؟، فقال أعظم والله من ذلك عند الله وعند من عرف الله وعند من عقل عن الله أن أقول ما ليس لي به علم أو أخبر عن غير ثقة وكان ابن سيرين والنخعي وغير واحد من التابعين يذهب هذا المذهب في أن لا يقبل إلا عمن عرف وما لقيت ولا علمت أحدا من أهل العلم بالحديث يخالف هذا المذهب، والله أعلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|