الموضوع: ذنوب القلوب
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-05-2024, 09:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,861
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ذنوب القلوب

ذنوب القلوب – الطيرة

- سمعت حديثا في المذياع، وأظنني لم أسمعه كاملاً، أو ربما كان هناك خلل في الإرسال. هكذا بدأ صاحبي حديثة بعد أن انتهينا من العشاء، وكنا في طريق العودة إلى منازلنا.. - وما الحديث؟ - كان عن الطيرة، أو التشاؤم؛ لأن المحاورة كانت حول هذا الموضوع، فذكر الضيف: «أن الطيرة شرك». أنقله بالمعنى. ثم قال: « وما منا إلا... ولكن الله يذهبه بالتوكل». - نعم الحديث صحيح أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن والإمام أحمد، ونصه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا.. ولكن الله يذهبه بالتوكل». و(الطيرة) أصلها من الطير، وذلك أنهم في الجاهلية كانوا إذا أرادوا أمراً أطلقوا الطير، فإن اتجهت يميناً استبشروا وأقدموا، وإن انطلقت شمالا تشاءموا وأحجموا ! ثم توسعوا في الأمر، بأنهم إذا عزموا على أمر، فسمعوا كلمة (..ثم.. أفلح.. خير...) أقدموا على الأمر وإذا سمعوا (خاب.. انقطع.. عجز...) تشاءموا وأحجموا ! والتشاؤم ليس في دين الله، ووصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه (شرك)؛ لأنه من أعمال الجاهلية المتعارف عليها، وهو سوء ظن بالله -عز وجل-، أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وما منا إلا..» أي كل أحد يعتريه شيء من التشاؤم أو (فكر سلبي)، وهذا يذهبه الله بالتوكل عليه، أما من تصرف وفق ما يعتريه من تشاؤم، فقد وقع في باب من أبواب الشرك. - وما الآيات التي ذكر الله فيها الطيرة؟ - وصف الله موقف الأمم الكافرة من رسلها بقوله -سبحانه-: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} (يس:18-19). ويقول -عز وجل عن قوم فرعون-: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (الأعراف:131). وعن قوم صالح يقول الله -تعالى-: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} (النمل:47). وعن معاوية بن الحكم العلمي - رضي الله عنه - قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ عطس رجل؛ فقلت: يرحمك الله، فعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا ينبغي الكلام في الصلاة، فقال: إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالاً يأتون الكهان، قال - صلى الله عليه وسلم - فلا تأتهم، قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يعيدنهم» (صحيح مسلم). دعني، أخبرك بما فهمت: لا ينبغي التوقف عن عمل شيء لأجل التشاؤم؛ بسبب رؤية طائر أو حيوان أو سماع كلمة، بل يجب التوكل على الله، وعدم الالتفات إلى هذه الأمور، وربما ينتاب المرء شعور سيئ، فلا ينبغي النظر إليه؛ لأن الله يذهبه بالتوكل عليه -سبحانه. - نعم هذا هو الأمر باختصار. - وماذا عن الحديث الذي يذكر أن التشاؤم في المرأة والمركبة؟ نص الحديث: عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى، ولا طيرة والشؤم في ثلاث: في المرأة والدار، والدابة» (متفق عليه)، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن كان الشؤم في شيء ففي المرأة والدابة والسكن» (صحيح الجامع). ومعنى هذا الحديث: إن فرض وجود الشؤم، فيكون في هذه الثلاثة، والمقصود منه نفي صحة الشؤم ووجوده على وجه المبالغة فهو من قبيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين»، فلا ينافيه حينئذ عموم نفي الطيرة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عدوى ولا طيرة»، قال الخطابي هو استثناء من غير الجنس، ومعناه إبطال مذهب الجاهلية في التطير؛ فكأنه قال: إن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره سيره فليفارقه، ومنها أنه ليس المراد بالشؤم في قوله: «الشؤم في ثلاثة»، معناه الحقيقي بل المراد من شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، ومن شؤم المرأة ألا تلد وأن تحمل لسانها عليك، ومن شؤم الفرس ألا يغزى عليه، وقيل حرانها (عدم انقيادها لصاحبها) وغلاء ثمنها. وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع: «يا راشد» «يا نجيح» صحيح الترمذي. وجاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»: إن اعتقد المكلف أن الذي شاهده من حال الطير موجب لما ظنه، مؤثر فيه، فقد كفر؛ لما في ذلك من التشريك في تدبير الأمور. أما إذا علم أن الله -سبحانه وتعالى- هو المتصرف والمدبر وحده، ولكنه في نفسه يجد شيئا من الخوف من الشر؛ لأن التجارب عنده قضت أن صوتا من أصوات الطير، أو حالا من حالاته يرادفه مكروه، فإن وطن نفسه على ذلك فقد أساء، وإن استعاذ بالله من الشر، وسأله الخير، ومضى متوكلا على الله، فلا يضره ما وجد في نفسه من ذلك، وإلا فيؤاخذ؛ لحديث معاوية بن حكيم. وقال عكرمة: كنت عند ابن عباس - رضي الله عنه - فمر طائر يصيح؛ فقال رجل من القوم خيرا خيرا. فقال ابن عباس ما عند هذا لا خير ولا شر. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا طيرة وخيرها الفأل». قالوا: وما الفأل؟ قال: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم» متفق عليه. عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك». تعليق شعيب الأرنؤوط : حسن


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]