كيف يضع ركبتيه قبل يديه
شرح حديث (رأيت النبي إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه. حدثنا الحسن بن علي و حسين بن عيسى قالا: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه) ] . أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه] وعقد الترجمة لوضع الركبتين قبل اليدين، وصدر ذلك بقوله: [كيف] وأورد تحت هذه الترجمة حديثاً عن وائل بن حجر فيه تقديم الركبتين على اليدين، وأورد حديثاً عن أبي هريرة في تقديم اليدين على الركبتين، وقد اختلف العلماء في ذلك: فمن العلماء من قوى حديث وائل بن حجر فقال بتقديم الركبتين على اليدين، ومنهم من قوى حديث أبي هريرة رضي الله عنه -الذي سيأتي- فقال بتقديم اليدين على الركبتين، وكلا القولين مبني على تصحيح الحديث، فالذين قالوا بتقديم الركبتين على اليدين صححوا حديث وائل بن حجر، والذين قالوا بتقديم اليدين على الركبتين صححوا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكلا الحديثين فيه كلام، فمن العلماء من قدح في هذا، ومنهم من قدح في هذا، ولكن ذكر بعض أهل العلم -كشيخ الإسلام ابن تيمية- أن الصلاة بكليهما جائزة باتفاق العلماء، وإنما اختلفوا في الأفضل. إذاً: فالاختلاف إنما هو في الأفضل، ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاواه: والأمر في ذلك واسع، فله أن يقدم اليدين على الركبتين، وله أن يقدم الركبتين على اليدين. وهو يرجح القول بتقديم الركبتين على اليدين، وقال: إنه أصح قولي العلماء في ذلك، وعلى هذا فمن صح عنده حديث أبي هريرة، وأخذ بموجبه فقد أخذ بدليل، ومن صح عنده حديث وائل بن حجر فأخذ به فقد أخذ بدليل، وإن لم يترجح للإنسان ذلك وأخذ بأي واحد منهما فإن الكل جائز باتفاق العلماء كما حكى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكما ذكر ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه. ثم إن الترجمة التي أوردها أبو داود -وهي قوله: كيف يضع ركبتيه قبل يديه- قد يكون فيها إشارة إلى اختياره تقديم الركبتين على اليدين، فقد ذكر الحديث الذي فيه تقديم الركبتين على اليدين، والحديث الذي فيه تقديم اليدين على الركبتين، لكنه ترجم بتقديم الركبتين على اليدين وقال: [باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟] فيفهم منه أنه يقول بذلك، ثم هذا الاستفهام في الترجمة -وهو قوله: كيف يضع- لعله متجه إلى الهيئة التي يكون عليها تقديم الركبتين على اليدين، فتقديم الركبتين على اليدين قد يكون كما ينبغي، وذلك بأن يضع الركبتين قبل اليدين بهدوء ويسر وسهولة، وقد يكون فيه محذور، وذلك لو قدم الركبتين وهوى وضرب بهما على الأرض فإنه يصدر لهما صوت مثل الصوت الذي يصدر من البعير إذا نزل بركبتيه على الأرض، فإذا كان النزول بهذه الهيئة التي تشبه فعل البعير فإنه يكون ممنوعاً، وأما إذا كان النزول بيسر وسهولة بحيث تصل الركبتان إلى الأرض دون أن يصدر لهما صوت فهو جائز. ثم ذكر حديث وائل بن حجر قال: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد)] أي: إذا أراد أن يسجد [وضع ركبتيه قبل يديه] أي: تصل الركبتان إلى الأرض أولاً، ثم تصل اليدان، ثم يصل الوجه، وإذا قام رفع رأسه، ثم يديه، ثم ركبتيه، فيكون ذلك على عكس ما حصل في الأول، فهذا هو مقتضى حديث وائل بن حجر، وقد صححه جماعة من أهل العلم، وقال بمقتضاه أكثر أهل العلم، أي أن جمهور العلماء على تقديم الركبتين على اليدين.
تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه...)
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي. [ و حسين بن عيسى ]. حسين بن عيسى صدوق، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي. [ حدثنا يزيد بن هارون ]. هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وقد تغير حفظه لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن الأربعة. [ عن عاصم بن كليب ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن الأربعة. [ عن أبيه ]. أبوه هو كليب بن شهاب، وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري في (جزء رفع اليدين) وأصحاب السنن الأربعة. [ عن وائل بن حجر ]. هو وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في (جزء القراءة) و مسلم وأصحاب السنن الأربعة. وقد تكلم بعضهم في حديث وائل بن حجر من أجل شريك بن عبد الله النخعي الكوفي، فهو صدوق يخطئ كثيراً، وقد تغير لما ولي القضاء، إلا أن يزيد بن هارون الواسطي الذي روى عنه هنا إنما روى عنه قديماً قبل أن يلي القضاء، فإذا كان الأمر كذلك فإن هذا التعليل يزول، ويقوى ما قاله بعض أهل العلم من تصحيح الحديث، والاعتماد على رواية شريك، على أنه قد جاء له بعض المتابعات والشواهد، وسيأتي عند أبي داود رحمه الله ذكر إسنادٍ آخر إلى وائل بن حجر ، وفيه انقطاع بين ابنه عبد الجبار وبينه، ولكنه يقوي تلك الطريق التي فيها شريك بن عبد الله النخعي الكوفي.
شرح حديث (... فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن معمر حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر حديث الصلاة، قال: (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه). قال همام: وحدثني شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما -وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة -: (وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه) ]. أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها. وقوله: [(فلما سجد وقعتا ركبتاه)] فيه جمع بين الضمير والاسم الظاهر، وهذه اللغة تسمى: ( لغة أكلوني البراغيث )، وقد جاءت في القرآن وفي السنة، فمما جاء في القرآن قول الله عز وجل: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3]، ففيه الجمع بين الاسم الظاهر والضمير. وفي الحديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة)، فجمع بين الضمير والاسم الظاهر. واللغة المشهورة هي عدم الجمع بين الضمير والاسم الظاهر، فيقال: وقعت ركبتاه. قوله: [ حدثنا محمد بن معمر ]. محمد بن معمر هو البحراني، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا حجاج بن منهال ]. حجاج بن منهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. هو همام بن يحيى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جحادة ]. محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الجبار بن وائل ]. عبد الجبار بن وائل ثقة، أرسل عن أبيه، أي أنه لم يسمع من أبيه، فروايته عنه مرسلة. و وائل بن حجر مر ذكره. وهذا الإسناد ليس فيه إلا إرسال عبد الجبار عن أبيه، ولكن هذه الطريق التي فيها الإرسال تقوي تلك الطريقة السابقة التي فيها شريك بن عبد الله النخعي الكوفي. قوله: [ قال همام: وحدثني شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا ]. ذكر أبو داود هنا طريقاً أخرى ولكنها مرسلة، أي: ليس فيها ذكر وائل بن حجر، وإنما يرويها همام عن شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل؛ لأن كليب بن شهاب -وهو والد عاصم - من التابعين وليس من الصحابة. قوله: [ قال همام ]. همام مر ذكره. [ وحدثني شقيق ]. شقيق هو أبو الليث، وهو مجهول، أخرج له أبو داود وحده. [ عن عاصم بن كليب عن أبيه ]. عاصم بن كليب وأبوه مر ذكرهما. قوله: [ وفي حديث أحدهما -وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة (وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه) ] أي: رفع يديه قبل ركبتيه، فيكون مطابقاً لحديث وائل بن حجر المتقدم من طريق شريك، ففيه أنه يرفع اليدين قبل الركبتين، وهنا قال: [(نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه)] أي أنه رفع يديه قبل ركبتيه، ثم اعتمد على ركبتيه بعد أن رفع يديه. يقول أبو داود: إنه في أحد الطريقين: إما الطريق المرسلة، وإما الطريق التي فيها انقطاع بين عبد الجبار وأبيه، وأغلب ظني أنه في الطريقين الأولى التي فيها محمد بن حجادة.
تراجم رجال إسناد حديث (... فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)
قوله: [ حدثنا محمد بن معمر ]. محمد بن معمر هو البحراني وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا حجاج بن منهال ]. حجاج بن منهال ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. همام بن يحيى وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جحادة ]. محمد بن جحادة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الجبار بن وائل ]. عبد الجبار بن وائل وهو ثقة، أرسل عن أبيه، أي: أنه لم يسمع من أبيه، فروايته عنه مرسلة. و وائل بن حجر مر ذكره. وهذا الإسناد ليس فيه إلا إرسال عبد الجبار عن أبيه، ولكن هذه الطريق التي فيها الإرسال تقوي تلك الطريقة السابقة التي فيها شريك بن عبد الله النخعي الكوفي. [ قال همام: وحدثني شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا ]. ثم ذكر أبو داود طريقاً أخرى ولكنها مرسلة، أي: ليس فيها ذكر وائل بن حجر، وإنما يرويها همام عن شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مرسل؛ لأن كليب بن شهاب -وهو والد عاصم - من التابعين وليس من الصحابة. قوله: [ قال همام ]. همام مر ذكره. [ وحدثني شقيق ]. شقيق هو أبو الليث وهو مجهول أخرج له أبو داود وحده. [ عن عاصم بن كليب عن أبيه ]. عاصم بن كليب وأبوه مر ذكرهما. [ وفي حديث أحدهما، وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة: (وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه) ] أي: رفع يديه قبل ركبتيه، فيكون مطابقاً لحديث وائل بن حجر المتقدم من طريق شريك، ففيه: أنه يرفع اليدين قبل الركبتين، وهنا قال: (نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه) أي: أنه رفع يديه قبل ركبتيه، ثم اعتمد على ركبتيه بعد أن رفع يديه. يقول أبو داود: إن في أحد الطريقين: إما الطريق المرسلة، أو الطريق التي فيها انقطاع بين عبد الجبار وأبيه، وأغلب ظني أنه في الطريقة الأولى التي فيها محمد بن حجادة.
شرح حديث (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثني محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو يعارض حديث وائل بن حجر المتقدم، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)]، وهذا الحديث اعتمد عليه بعض أهل العلم في قولهم بتقديم اليدين على الركبتين. وقوله: [(فلا يبرك كما يبرك البعير)] فيه نهي عن مشابهة الحيوانات، فلا يبرك الإنسان كما يبرك البعير، وهنا سؤال، وهو: كيف يبرك البعير؟ في هذا الحديث أنه قال: [(وليضع يديه قبل ركبتيه)]، وجاء في بعض الأحاديث النهي عن البروك كما يبرك البعير، وليس فيها ذكر: (وليضع بيديه قبل ركبتيه)، فمن العلماء من قال: إن هذه الجملة الأخيرة فيها انقلاب، وبذلك يطابق حديث وائل بن حجر؛ لأنه لا يبرك كما يبرك البعير، فإذا قدم ركبتيه فإنه يتصور أن يبرك كما يبرك البعير، وذلك بالهيئة التي أشرت إليها آنفاً بأنه ينزل بقوة ويظهر صوت لركبتيه أثناء نزوله على الأرض، حيث ينزل بجسمه كله عليهما، فهذا فيه مشابهة حتى ولو قدم الركبتين، فالإنسان إذا فعل ذلك وأنزل ركبتيه بقوة وكان لهما صوت فإنه يصير مشابهاً للبعير، فقالوا: إن الحديث فيه انقلاب، ومعناه: وليضع ركبتيه قبل يديه، وبذلك يكون موافقاً لحديث وائل بن حجر. وقال بعض أهل العلم: إنه لا قلب في ذلك، وإن المقصود أنه يضع يديه قبل ركبتيه حتى لا يكون مشابهاً للبعير؛ لأن ركبتي البعير في يديه، فهو يضع ركبتيه التي في يديه على الأرض، لكن إذا نظرنا إلى البعير عندما يبرك فإنه يقدم اليدين على الرجلين، فقال أصحاب هذا المذهب: إن هذا الحديث ليس فيه قلب، وإنه فيه مخالفة لهيئة البعير؛ لأن البعير يقدم ركبتيه اللتين في يديه، وقد جاء في حديث سراقة في قصة الهجرة أنه قال: (ساخت يدا فرسي بالأرض حتى بلغت الركبتين) فمعناه أن الركبتين في اليدين بالنسبة للحيوان، فقالوا: إن البعير يقدم ركبتيه، فإذا قدم المصلي يديه لم يشابه البعير، والقائلون بمقتضى حديث وائل بن حجر يقولون: إن البعير يقدم يديه قبل رجليه، والرجلان فيهما الركبتان، وإن كانت اليدان فيهما ركبتان إلا أن حديث وائل بن حجر يدل على تقديم الركبتين قبل اليدين، وفي ذلك مخالفة لفعل البعير الذي يقدم يديه قبل ركبتيه، أي: الركبتين اللتين في يديه قبل الركبتين اللتين في رجليه، وعلى هذا إما أن يكون حديث أبي هريرة قد وقع فيه القلب، والصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه)، ويكون بذلك مطابقاً لحديث وائل بن حجر، أو أنه لم يقع فيه شيء، فبعض الذين صححوا حديث وائل ضعفوا هذا الحديث من جهة عبد العزيز بن محمد الدراوردي أحد رجاله.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير...)
قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، كان يحدث من كتب غيره، فيخطئ، وروايته عن عبيد الله منكرة. [ حدثني محمد بن عبد الله بن حسن ]. محمد بن عبد الله بن حسن ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي. [ عن أبي الزناد ]. أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و أبو الزناد لقب، وقد اشتهر بهذا اللقب، وهو لقب على صيغة الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن، وهو مدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و الأعرج لقب له، وهو مشهور بهذا اللقب، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا ذكر باسمه مرة وبلقبه أخرى فقد يظن من لا يعرف أن هذا اللقب لصاحب هذا الاسم أنه رجل آخر. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.
شرح حديث (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل!) ]. أورد حديث أبي هريرة [(يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)] وهذا استفهام إنكاري، وهمزة الاستفهام محذوفة أي (أيعمد أحدكم) وهذا إنكار، أي: لا يفعل ذلك، وهذا فيه النهي عن مشابهة الجمل في البروك، وإذا قدم ركبتيه فإنه يتصور أن يبرك كما يبرك الجمل كما أشرت إلى ذلك سابقاً، وإذا قدم يديه أيضاً فإنه يتصور أنه يبرك كما يبرك الجمل، وذلك إما بالهيئة كأن ينزل بقوة، أو لأن البعير يقدم يديه على ركبتيه، أي: الركبتين اللتين في الرجلين.
تراجم رجال إسناد حديث (يعمد أحدكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل)
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن نافع ]. عبد الله بن نافع هو الصائغ، وهو ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ]. محمد بن عبد الله بن حسن و أبو الزناد و الأعرج و أبو هريرة مر ذكرهم. وهذا الحديث لا يقال إنه شاهد لحديث أبي هريرة المتقدم؛ لأن هذا الحديث فيه النهي عن مشابهة بروك البعير، والذين يقولون بتقديم الركبتين على اليدين يقولون بالنهي عن البروك كما يبرك البعير، ولكنه يصلح شاهداً لو جاء فيه: (وليضع يديه قبل ركبتيه) لكنه لما جاء خالياً من ذكر كيفية البروك بقي محتملاً، فلا يعارض ما جاء في حديث وائل بن حجر؛ لأنه ليس فيه إلا النهي عن مشابهة بروك البعير، والقائلون بحديث وائل يقولون: إن ذلك مخالف لبروك البعير؛ لأن البعير يقدم الركبتين اللتين في اليدين على الركبتين اللتين في الرجلين.
الأسئلة
اكتفاء المصلي بقوله في سجوده (سبحان ربي الأعلى)
السؤال: هل يكتفي المصلي في حال السجود بقوله: سبحان ربي الأعلى، أم أنه يقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده؟
الجواب: يكفيه أن يقول: سبحان ربي الأعلى، فهذا هو الذي لابد منه، ويأتي بذلك مرة واحدة، وهذا هو المعروف في الأحاديث.
حكم اعتبار غسل اليدين ثلاثاً بعد النوم من الوضوء
السؤال: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً)، فهل هذه الثلاث الغسلات من الوضوء، أي أنه يتمضمض بعدها مباشرة، أم أنها مستقلة؟
الجواب: هي مستقلة وليست من الوضوء، فإذا كان القيام من النوم فإنه يجب أن يغسلها، وإذا كان من غير ذلك فيستحب أن يغسلها، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا من فروض الوضوء، وإنما هو من الأمور التي تسبق الوضوء، لكنه يجب عليه عند القيام من نوم الليل.
حكم جلوس المرأة مع أقارب زوجها وهي محتجبة
السؤال: هل يجوز للمرأة أن تجلس في مجلس فيه أقارب زوجها وهم ليسوا من محارمها، مع العلم أنها ساترة لوجهها؟
الجواب: يجوز ذلك، ولكن الأولى أن تكون المرأة حريصة على الابتعاد عن الرجال ولو كانت متسترة، فابتعاد النساء عن الرجال، وحرصهن على ألا يظهرن أمام الرجال هو الذي ينبغي، وأما من حيث الجواز فيجوز.
حكم ستر وجه المرأة في الصلاة
السؤال: ما حكم ستر وجه المرأة في الصلاة؟
الجواب: بالنسبة للصلاة فإنها تترك وجهها مكشوفاً، وذلك حيث لا يراها أحد، والله تعالى أعلم."