
24-06-2024, 08:20 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السادس
الحلقة (276)
صــــــــــ 251 الى صـــــــــــ 256
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام رجل عليها البينة أن أباه مات، وتركها ميراثا له، ولأخويه فلان وفلان لا يعلمون له وارثا غيرهم، وإخوته كلهم غيب غيره فإن الدار تخرج من يدي الذي هي في يديه، وتصير ميراثا، ويدفع إلى الحاضر من الورثة حصته فإن كان للغائب من الورثة وكلاء دفع إليهم حق من هم وكلاؤه، وإلا وقفت أنصباؤهم من الدار، وأكريت لهم حتى يحضروا، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -
يدفع إلى الحاضر حقه، وتترك بقية الدار في يدي الذي كانت الدار في يديه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي ورثة، وواحد منهم غائب فادعى رجل أنه اشترى نصيب ذلك الغائب فمن قال لا يقضى على الغائب فإنه لا يقبل منه، وخصمه غائب، وليس أحد من هؤلاء الورثة بخصمه، وإن كانوا كلهم مقرين بنصيب الغائب أنه له، ومن قضى للغائب قضى للمشتري ببينته، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - لا يقضى على غائب
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): أكانت الدار في يدي رجل، وابن أخيه فادعى العم أن أباه مات، وتركها ميراثا له لا وارث له غيره، وادعى ابن الأخ أن أباه مات، وتركها ميراثا له لا وارث له غيره فإن لم يكن لواحد منهما بينة فإنه يقضي بها بينهما نصفين
(قال): وإذا كانت الدار في يدي رجل، وابن أخيه فقال العم هي بين، والدي، وأخي نصفان، وأقر ابن الأخ بذلك، وأقام العم البينة أن أباه مات قبل أبيه فورثه أبوه، وابنه لا وارث له غيرهما ثم مات أبوه فورثه هو لا وارث له غيره، وأقام ابن الأخ البينة أن الجد مات قبل أخيه، وأنه ورثه ابناه أحدهما أبو ابن الأخ، والآخر العم الباقي، ولا وارث له غيرهما ثم مات أبوه فورثه هو لا وارث له غيره فمن ذهب إلى أن تلغى البينة إذا كانت لا تكون إلا أن يكذب بعضها بعضا ألغى هذه البينة، وجعل هذه الدار على ما أقرا بها للميتين، وورث ورثتهما الأحياء والأموات لأنه يجعل أصل الملك لمن أقرا له به، ومن ذهب إلى أن يقرع بينهما أقرع بينهما فأيهما خرج سهمه قضي له بما شهد له شهوده، وألغى شهود صاحبه، ومن ذهب إلى أن يقبل من كل واحد منهما البينة عما في يده، ويلغيها عما في يدي صاحبه قبلها ثم أثبت النصفين على أصل ما أقرا به، وأثبت لكل واحد منهما النصف وورث كل واحد منهما من ورثه كان حيا يومه هذا أو ميتا قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - أقضي في هذه بنصيب كل واحد منهما لورثته الأحياء، ولا ترث الأموات من ذلك شيئا فأقضي بنصف الدار لابن الأخ، وبنصف الدار للعم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا مات الرجل، وترك أخا لأبيه وأمه فعرفه القاضي أو شهد له بذلك شهوده، ولا يعلم الشهود ولا القاضي أن له وارثا غيره ليس أكثر من علم النسب فإن القاضي لا يدفع إليه شيئا لأنه قد يكون أخا، ولا يكون وارثا، ولو كان مكان الأخ ابن فشهد الشهود أن هذا ابنه، ولم يشهدوا على عدد الورثة، ولا على أنه وارثه لا وارث له غيره وقف القاضي ماله وتلوم به، وسأل عن البلدان التي وطئها هل له فيها ولد فإذا بلغ الغاية التي لو كان له فيها ولد لعرفه، وادعى الابن أن لا وارث له غيره دفع إليه المال كله، ولا يدفعه إلا بأن يأخذ به ضمينا بعدد المال، وحكاية أنه لم يقض له إلا بأنه لم يجد له وارثا غيره فإذا جاء وارث أخذ الضمناء بإدخال الوارث عليه بقدر حقه، وإن كان مكان الابن أو معه زوجة أعطاها ربع الثمن، ولا يعطيها إياه حتى يشهد الشهود أن زوجها مات، وهي له زوجة، ولا يعلمونه فارقها، وإنما فرق بينها وبين الابن أن ميراثها محدود الأكثر محدود الأقل فالأقل ربع الثمن، والأكثر الربع، وميراث الابن غير محدود الأقل محدود الأكثر فالأكثر الكل، والأقل لا يوقف عليه أبدا إلا بعدد الورثة، وقد يكثرون ويقلون.
باب شهادة أهل الذمة في المواريث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا تجوز شهادة أحد خالف الأحرار البالغين المسلمين على شيء من الدنيا لأن الله تبارك وتعالى قال {ممن ترضون من الشهداء}، ولا رضا في أحد خالف الإسلام، وقال الله تبارك وتعالى {وأشهدوا ذوي عدل منكم} ومنا المسلمون، وليس منا من خالف الإسلام، ولو كان
رجل يعرف بالنصرانية فمات وترك ابنين أحدهما مسلم، والآخر نصراني فادعى النصراني أن أباه مات نصرانيا، وادعى المسلم أن أباه أسلم قبل أن يموت وقامت البينة أن لا وارث للميت غيرهما، ولم تشهد على إسلامه ولا كفره غير الكفر الأول فهو على الأصل، وميراثه للنصراني حتى يعلم له إسلام، ولو أقاما جميعا البينة، وأقام النصراني شاهدين مسلمين أنه أباه مات نصرانيا، والمسلم شاهدين نصرانيين أن أباه أسلم قبل أن يموت فالميراث للنصراني الذي شهد له المسلمان، ولا شهادة للنصرانيين، ولو كان الشهود جميعا مسلمين صلى عليه، ومن أبطل البينة إذا كانت لا تكون إلا أن يكذب بعضها بعضا جعل الميراث للنصراني، وأقره على الأصل، ومن رأى أن يقرع بينهما أقرع، ورجع الميراث للذي خرجت قرعته، ومن رأى أن يقسم الشيء إذا تكافت عليه البينة دخلت عليه في هذا شناعة وقسمة بينهما فأما الصلاة عليه فليست من الميراث إنما نصلي عليه بالإشكال على نية أنه مسلم كما نصلي عليه لو اختلط بالمسلمين موتى، ولم يعرف على نية أنه مسلم قال الربيع، وفيه قول آخر أن الشهود إن كانوا جميعا مسلمين فشهد اثنان أنه مات مسلما، وشهد اثنان أنه مات نصرانيا، ولم نعلم أي شيء كان أصل دينه فإن الميراث موقوف عليهما حتى يصطلحا فيه لأنهما يقران أن المال كان لأبيهما وأحدهما مسلم، والآخر كافر فمتى قسمناه بينهما كنا قد ورثنا كافرا من مسلم أو مسلما من كافر فلما أحاط العلم أن هذا المال لا يكون إلا لواحد، ولا يعرف الواحد وقفناه أبدا حتى يصطلحا فيه، وهذا القول معنى قول الشافعي في موضع آخر.
(قال الربيع) قال مالك يقسم المال بينهما
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجلين مسلمين فأقرا جميعا أن أباهما مات وتركها ميراثا، وقال أحدهما كنت مسلما، وكان أبي مسلما، وقال الآخر كنت أنا أيضا مسلما، وكذبه الآخر وقال كنت أنت كافرا، وأسلمت أنت بعد موت أبي، وقال هو بل أسلمت قبل موت أبي، وأقر أن أخاه كان مسلما قبل موت أبيه فإن الميراث للمسلم الذي يجمع عليه، ويكون على الآخر البينة أنه أسلم قبل موت أبيه، وكذلك لو كانا عبدين فقال أحدهما لأخيه أعتقت بعد موت أبيك، وقال الآخر بل أعتقت قبل موت أبي أنا وأنت جميعا فقال الآخر أما أنا فقد أعتقت قبل موت أبي، وأما أنت فأعتقت بعد موت أبيك فالميراث للذي يجمع على عتقه، وعلى الآخر البينة، وقال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - ذلك
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي ذمي فادعى مسلم أن أباه مات، وتركها ميراثا لا يعلمون له وارثا غيره، وأقام على ذلك بينة من أهل الذمة، وادعى فيها ذمي مثل ذلك، وأقام بينة من أهل الذمة فإن الدار للذي هي في يديه، ولا يقضى بها لمن ادعاها بشهادة أهل الذمة، ويحلف الذي الدار في يديه للذي ادعاها، ومن كانت بينته من المسلمين قضيت له بالدار
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي ورثة فقالت امرأة الميت وهي مسلمة زوجي مسلم مات، وهو مسلم، وقال ولده، وهم كبار كفار بل مات أبونا كافرا، وجاء أخو الزوج مسلما، وقال بل مات أخي مسلما، وادعى الميراث، والمرأة مقرة بأنه أخوه، وأنه مسلم فإن كان الميت معروفا بالإسلام فهو مسلم، وميراثه ميراث مسلم، وإن كان الميت معروفا بالكفر كان كافرا، وإن كان غير معروف بالإسلام، ولا بالكفر كان الميراث موقوفا حتى يعرف إسلامه من كفره ببينة تقوم عليه
(قال الشافعي): وإذا مات المسلم، وله امرأة فقالت كنت أمة فأعتقت قبل أن يموت أو ذمية فأسلمت قبل أن يموت أو قامت عليها بينة بأنها كانت أمة أو ذمية، وادعت العتق والإسلام قبل أن يموت الزوج فأنكر ذلك الورثة، وقالوا إنما كان العتق والإسلام بعد موته فالقول قول الورثة، وعلى المرأة البينة إذا عرفت بحال فهي من أهلها حتى تقوم البينة على خلافها، ولو كانت المسألة بحالها فقال الورثة كنت ذمية أو أمة أسلمت أو أعتقت بعد موته فقالت لم أزل مسلمة حرة كان القول
قولها لأنها الآن حرة مسلمة فلا يقضى عليها بخلاف ذلك إلا ببينة تقوم أو إقرار منها، وهكذا الأصل في العلم كله لا يختلف فيه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقرت المرأة بأن زوجها طلقها طلقة واحدة في صحته، وانقضت عدتها ثم قالت راجعني قبل أن يموت، وقال الورثة لم يراجعك فالقول قول الورثة لأنها قد أقرت أنها خارجة، وادعت الدخول في ملكه فلا تدخل في ملكه إلا ببينة تقوم، ولو كانت المسألة بحالها، وقالت لم تنقض عدتي، وقال الورثة قد انقضت كان القول قولها.
باب للدعويين إحداهما في وقت قبل وقت صاحبه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان العبد في يدي رجل فأقام الرجل البينة أنه له منذ سنتين، وأقام الذي هو في يديه البينة أنه له منذ سنة فهو للذي هو في يديه، والوقت الأول، والوقت الآخر سواء، وكذلك لو كان في أيديهما فأقاما جميعا البينة على الملك إنما أنظر إلى الحال التي يتنازعان فيها فإذا شهد لهما جميعا في تلك الحال أنهما مالكان لم أنظر إلى قديم الملك وحديثه، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - هي للذي في يديه، وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - هي للمدعي، ولا أقبل من الذي هي في يديه البينة
وقال الشافعي وإذا كانت أمة في يدي رجل، وادعى رجل أنها له منذ سنة، وأقام على ذلك بينة، وادعى الذي هي في يديه أنها في يديه منذ سنتين، وأقام البينة أنها في يديه منذ سنتين، ولم يشهدوا أنها له فإني أقضي بها للمدعي، وقاله أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدابة في يدي رجل فأقام رجل البينة أنها له منذ عشر سنين فنظر الحاكم في سن الدابة فإذا هي لثلاث سنين فإنه لا يقبل بينة الذي أقام أنها له منذ عشر سنين، وقاله أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه -
(قال الشافعي): - رضي الله تعالى عنه - وإذا كانت الدار في يدي رجل، وادعاها رجل فأقام البينة أنها له منذ سنة وأقام الآخر البينة أنه اشتراها من الذي ادعى منذ سنتين، وهو يومئذ يملكها فإني أقضي بها لصاحب الشراء من قبل أني أجعلها ملكا له فأخرجها من يدي الذي هي في يديه فإذا جعلته مالكا أجزت عليه بيع ما يملك، وليس في شهادتهم أنها له منذ سنة ما يبطل أنها له منذ سنتين أو أكثر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو شهدوا أنه باعها بثمن مسمى، وقبض المشتري الدار، ولم يشهدوا أنه يملكها فإني أقضي بها لصاحب الشراء، وإن لم يشهدا على قبض الدار أجزت شهادتهم، وجعلت له الشراء، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - أجيز له شهادتهم إذا شهدوا أن المشتري قبض الدار، وإن لم يشهدوا على القبض لم أجز شهادتهم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت أرض في يدي رجل يقال له عبد الله فأقام آخر يقال له عبد الملك البينة أنه اشتراها من رجل يقال له عبد الرحمن بثمن مسمى، ونقده الثمن فإنه لا تقبل بينته على هذا حتى يشهدوا أن عبد الرحمن باعها، وهو يومئذ يملكها فإن شهدوا أنها أرض هذا المدعي اشتراها من فلان بثمن مسمى، ونقده الثمن كان هذا جائزا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهدوا أنه باعها، وهو يومئذ يملكها أو شهدوا أنها أرض هذا المدعي اشتراها من فلان بكذا وكذا، ونقده الثمن كان هذا جائزا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإذا شهدوا أنه اشترى شيئا من رجل، ولم يقولوا أن البالغ كان يملكه حين باعه لم أجز شهادتهم، ولو لم يشهدوا أنها للمشتري، وشهدوا أنها للبائع باعها من هذا، وهو يملكها بثمن مسمى، وقبض الثمن، ولم يذكروا أنه يملكها، وقبضها منه أجزت ذلك، وإذا لم يشهدوا أن البائع باعها، وهو يملكها، ولم يشهدوا أنها للمشتري، ولم يشهدوا على القبض لم
أقبل شهادتهم على شيء من ذلك، وما قبلت به شهادتهم، وقضيت به للمسلمين فقدم البائع فأنكر جعلته على حجته فيه، وأعدت عليه نسخة ما شهد به عليه، وأطردته جرحهم كما أصنع به في الابتداء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدابة في يدي رجل فأقام البينة أنها له، وأقام رجل أجنبي بينة أنها له فهي للذي هي في يديه، وسواء أقام الذي هي في يديه بينة على أنها له بميراث أو شراء أو غير ذلك من الملك أو لم يقمها أو أقام البينة على وقت أو لم يقمها، وسواء أقام الأجنبي البينة على ملك أقدم من ملك هذا أو أحدث أو معه أو لم يقمها إنما أنظر إلى الشهود حين يشهدون فأجعلها للذي هو أحق في تلك الحال
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يد رجلين فأقام أحدهما البينة أنها كلها له منذ سنة، والآخر البينة أن له كلها منذ سنتين فهي بينهما نصفان أقبل بينة كل واحد منهما على ما في يده، وأطرحها عما في يد غيره إذا شهد شهود له بخلافها.
(قال أبو يعقوب) يقضى بها لأقدمهما ملكا كلها.
(قال الربيع) هي بينهما نصفان (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهكذا لو أقام أحدهما البينة على أن له نصفها أو ثلثها، وأقام الآخر البينة أن له كلها جعلت ما شهد به شهود الذين شهدوا على أقل من النصف له، وما بقي من الدار للآخر، وهكذا الأمة، وما سواها.
باب الدعوى في الشراء والهبة والصدقة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): إذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل أنه اشتراها بمائة درهم، ونقده الثمن، وادعى الآخر أنه اشتراها منه بمائتي درهم، ونقده الثمن ولم توقت واحدة من البينتين وقتا فإن كل واحد منهما بالخيار إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن الذي سمى شهوده، ويرجع على البائع بنصفه فإذا اختار البيع فهو جائز لهما فإن اختار أحدهما البيع، واختار الآخر الرد فللذي اختار نصفها بنصف الثمن، ولا يكون له كلها إذا وقع الخيار من الحاكم.
(قال الربيع) وفيه قول آخر أن البيع كله مفسوخ بعد الأيمان إذا لم يعرف أيهما أول، ويرجع إلى صاحبها الأول فمن أقر له المالك بأنه باعه أولا فهو للذي باعه أولا، وهو قياس قول الشافعي
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدار في يدي رجل أو العبد أو الأرض أو الدابة أو الأمة أو الثوب فأقام رجل البينة أنه اشتراه من فلان وهو يملكه بثمن مسمى، ونقده الثمن فادعى آخر أنه اشتراه من رجل، وهو يملكه بثمن مسمى، ونقده الثمن، وأقام على ذلك بينة فإنه يقضي بالثوب للذي هو في يديه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كان الثوب في يدي رجل فأقام رجلان عليه البينة كل واحد منهما يقيم البينة أنه ثوبه باعه من الذي هو في يديه بألف درهم أو أنه باعه منه بألف درهم، ولم تقل الشهود إنه ثوبه قال يقضي به بينهما نصفين، ويقضي لكل واحد على المشتري بنصف الثمن لأن كل واحد يستحق نصفه، ولو شهد لكل واحد على إقرار المشتري أنه اشترى منه قضى عليه بالثمن لكل واحد، وقاله أبو حنيفة - رضي الله عنه -
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الدابة في يدي رجل فادعى رجل أنه اشتراها من فلان بمائة درهم، وهو يملكها، ونقده الثمن، وادعى آخر أن فلانا آخر وهبها له، وقبضها منه وهو يومئذ يملكها، وكان معهم من يدعي ميراثا عن أبيه، وهو يملكها، وأقام على ذلك بينة، وادعى آخر صدقة من آخر، وهو يملكها، وأقام على ذلك بينة قال فمن قضى بالبينتين المتضادتين قضي بها بينهم أرباعا، ومن قال أقرع بينهم قضى بها لمن خرجت له القرعة، ومن قال ألغيها كلها إذا تضادت ألغاها كلها.
(قال الربيع) ألغيها كلها إذا تضادت (قال الشافعي):
- رحمه الله تعالى - فإذا كان الكراء بدا فاسدا فعليه كراء مثل الدار فيما سكن بقدر ما سكن.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا تنازع الرجلان المال فأنظر أيهما كان أقوى سببا فيما يتنازعان فيه فأجعله له فإذا استوى سببهما فليس واحد منهما بأحق به من الآخر، وهما فيه سواء فإذا تنازعا المال فهما مستويان في الدعوى فإن كان ما يتنازعان فيه في يد أحدهما فللذي هو في يديه سبب أقوى من سبب الذي ليس هو في يديه فهو له مع يمينه إذا لم تقم لواحد منهما بينة فإن أقام الذي ليس في يديه بينة بدعواه قيل للذي هو في يديه البينة العادلة التي لا تجر إلى نفسها بشهادتها، ولا تدفع عنها إذا كانت للمدعي أقوى من كينونة الشيء في يدك من قبل أن كينونته في يدك قد تكون، وأنت غير مالك فهو للذي أقام البينة بفضل قوة سببه على سببك فإن أقاما معا البينة عليه قيل قد استويتما في الدعوى، واستويتما في البينة، وللذي هو في يديه سبب بكينونته في يده هو أقوى من سببك فهو له بفضل قوة سببه، وهذا معتدل على أصل القياس لو لم يكن فيه سنة، وفيه سنة بمثل ما قلنا (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن إسحاق بن أبي فروة عن عمر بن الحكم عن جابر بن عبد الله «أن رجلين تداعيا دابة فأقام كل واحد منهما البينة أنها دابته نتجها فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يديه»، وهذا قول كل من حفظت عنه ممن لقيت في النتاج، وفيما لا يكون إلا مرة، وخالفنا بعض المشرقيين فيما سوى النتاج، وفيما يكون مرتين فقال إذا أقاما عليه بينة كان للذي ليس هو في يديه، وزعم أن الحجة له أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه»، وزعم أنه لا يخلو خصمان من أن يكون أحدهما مدعيا في كل حالة، والآخر مدعى عليه في كل حالة، ويزعم أن المدعي الذي تقبل منه البينة لا يكون إلا من لا شيء في يديه فأما من في يديه ما يدعي فذلك مدعى عليه لا مدع، ولا نقبل البينة من المدعى عليه فقيل له أرأيت ما ذكرنا، وذكرت من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البينة من صاحب الدابة الذي هي في يديه، وقضى له بها، وأبطل بينة الذي ليس هي في يديه لو لم يكن عليك حجة إلا هو أما كنت محجوجا على لسانك أو ما كان يلزمك في أصل قولك أن لا تقبل بينة الذي هي في يديه؟ فإن قال إنه إنما قضى بها للذي في يديه لأنه أبطل البينتين معا لأنهما تكافأتا. قلنا فإن قلته دخل عليك أن تكون البينة حين استوت باطلا.
(قال): ولو أقام على دابة رجل في يديه بينة أنها لكل واحد منهما أبطلته، ولو أقاما بينة على شيء في يد أحدهما من غير نتاج أبطلتها لأنها قد تكافأت، ولزمك في ذلك الموضع أن تحلف الذي في يده الدابة لأنه مدعى عليه كمن لم يقم بينة، ولم تقم عليه (قال): ولا أقول هذا، وذكر أن إحدى البينتين لا تكون أبدا إلا كاذبة من قبل أن الدابة لا تنتج مرتين. قلنا فإن زعمت أن إحداهما كاذبة بغير عينها فكيف أبطلت إحداهما، وأحققت الأخرى فأنت لا تدري لعل التي أبطلت هي الصادقة، والتي أحققت هي الكاذبة فقل ما أحببت (قال): فإن قلت هذا لزمني ما قلت، ولكني أسألك. قلت بعد قطعك الجواب قال أسألك قلت: فسل قال أفيخالف الحديث الذي رويتموه في النتاج الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه؟» قلنا: لا قال فمن المدعي، ومن المدعى عليه؟ قلت: المدعى عليه كل من زعم أن شيئا له كان بيديه أو بيدي غيره لأن الدعوى معقولة في كلام العرب أنها
قول الرجل هذا لي، والمدعى عليه كل من زعم أن قبله حقا في يديه أو ماله أو قوله لا ما ذهبت إليه.
(قال): فما يدل على ما قلت؟ قلنا ما لا أحسب أحدا يجهله من اللسان (قال): فما قوله «البينة على المدعي» قلنا السنة في النتاج، وإجماع الناس أن ما ادعى مما في يديه له حتى تقوم عليه بينة بخلافه يدلان على أن قوله «البينة على المدعي» يعني الذي لا سبب له يدل على صدقه إلا دعواه، واليمين على المدعى عليه لا سبب يدل على صدقه إلا قوله.
(قال): فأين هذا؟ قلنا من قال لرجل لي في يديك مال ما كان أو عليك حق قلته أو فعلته فقال مالك قبلي، ولا علي حق أليس القول قوله مع يمينه؟ قال: بلى قلنا فهذا يدلك على أن المدعي للبراءة مما ادعي عليه، والمال في يديه هو الذي لا يكلف بينة، وإن كان مدعيا أو يكلف الذي لا سبب له بدعواه البينة أرأيت لو كان هذا حين ادعى البراءة مما ادعي عليه، وادعى الشيء الذي في يديه، وله سبب يدل على صدقه يكلف بينة أما كان الحق لازما له إلا ببينة يقيمها؟ قال فإن قلت هو المدعى عليه أليس هو المدعي؟ قلنا فإذا كان مدعى عليه لم تقبل منه بينة؟ قال نعم قلنا فإن أقام بينة ببراءة من حق دفعه أو بطل عنه بغير وجه الدفع أتقبلها منه؟ قال نعم، وأجعله حينئذ مدعيا قلنا فهو إذا قد يكون في الشيء الواحد مدعيا مدعى عليه، وليس هو هكذا زعمت
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا تداعى الرجلان الشيء، وهو في يد أحدهما دون الآخر فأقاما معا عليه بينة فالبينة بينة الذي هو في يديه إذا كانت البينة مما يقضى بمثله مثل شاهد وامرأتين أو شاهدين فأقام الآخر عشرة وأكثر فسواء لأنا نقطع بهؤلاء كما نقطع بهؤلاء، وسواء كان بعضهم أرجح من بعض لأنا نقطع بالأدنيين إذا كانوا عدولا مثل ما يقطع بالأعليين ألا ترى أنا لا ننقص صاحب الأدنيين لو أقامهما على الانفراد عما يعطى صاحب الأعليين لو أقامهما على الانفراد؟ فإذا كان الحكم بهم واحدا فسببهما من جهة البينتين مستو، وقال في الإبل، والبقر، وجميع الدواب الضواري المفسدة للزرع أنه لا حد، ولا نفي على بهيمة، وقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أفسدت المواشي أنه ضامن على أهلها، وقضى على أهل الأموال بحفظها بالنهار، وقضاؤه عليهم بالحفظ لأموالهم بالنهار إبطال لما أصابت في النهار، وتغريم لما أصابت في الليل، وفي هذا دلالة على أنها لا تباع على أهلها، ولا تنفى من بلدها، ولا تعقر، ولا يعدى بها ما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم -
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أقر الرجل للرجل بشيء ما كان من ذهب أو فضة أو عرض من العروض فوصل إقراره بشيء من الكلام من معنى الإقرار بصفة لما أقر به أو أجل فيما أقر به فالقول قوله في أول الكلام وآخره، وذلك مثل أن يقول له علي ألف درهم سوداء أو طبرية أو يزيدية أو له علي عبد من صفته أو طعام من صفته أو ألف درهم تحل في سنة أو سنتين فالقول قوله في هذا كله لأني إذا لم أثبت عليه من هذا شيئا إلا بقوله لم يجز أن أجعل قولا واحدا أبدا إلا حكما واحدا لا حكمين. ومن قال أقبل قوله في الدراهم، وأجعل ذكره الأجل دعوى منه لا أقبلها إلا ببينة لزمه أن يقول إذا أقر بألف درهم كانت نقد البلد الذي أقر به فإن أقر به فإن وصل إقراره بأن يقول طبرية جعلته مدعيا لأنه قد نقص من وزن ألف درهم، ومن أعيانها، وإن أقر بطعام فزعم أنه طعام حولي جعلت عليه طعاما جديدا، ولزمه أن يقول لو قال له علي ألف درهم إلا عشرة يلزمه ألف، ويبطل الثنيا، ولزمه لو قال امرأته طالق ثلاثا إلا واحدة أن يقع الثلاث، ويبطل الثنيا في الواحدة، ولزمه لو قال رقيقي أحرار إلا واحدا أن يكونوا أحرارا، ويبطل الثنيا، ولكنه لو قال علي ألف درهم ثم سكت وقطع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|