الموضوع: أنواع العوامل
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 28-06-2024, 11:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أنواع العوامل

شرح العوامل المائة للشيخ خالد الأزهري

محمد أبو زيد



2 – و– من

أي الثاني من سبعة عشر حرفا – "من".
فإن قيل: لم قدم "من" على "إلى"؟
قيل: "من" لابتداء الغاية و"إلى" لانتهاء الغاية.
والابتداء مقدم على الانتهاء – لأن الانتهاء لا يتصور إلا بعد "الابتداء"،
نحو: "سرت من البصرة إلى الكوفة".
أي ابتداء سيري من البصرة – وانتهاء سيري إلى الكوفة. وتجيء "من" لثلاثة عشر معنى:

1 – لابتداء الغاية:

الأول من ثلاثة عشر معنى: أن "من" تجيء لابتداء الغاية – وذلك فيما يصلح له انتهاء.
نحو: سرت من البصرة إلى الكوفة. أو ما يفيد معناه، نحو: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". لأن معنى أعوذ به: ألتجئ إليه.
وهذا الابتداء إما من المكان: نحو: سرت من البصرة...
أو من الزمان:
نحو: ممطرنا من الجمعة إلى الجمعة.
وقد تجيء لغير الزمان والمكان: نحو: أعوذ بالله، أي: ألتجئ إليه.

2 – وللتبعيض:

أي والثاني أن "من" للتبعيض وذلك فيما يصلح مكانها لفظ بعض نحو: "أخذت من الدراهم" أي بعضها.
فأخذت: فعل وفاعل – ومن للتبعيض جار والدراهم: مجرور بمن والجار والمجرور: متعلق بأخذت.
وقوله تعالى: {ومنهم من كلم الله}.
ومنهم: مبتدأ باعتبار المدلول والمفهوم لا باعتبار المنطوق.
ومن كلم الله: خبر مبتدأ.
أي: بعضهم من كلمه الله.
وكقوله تعالى: {يغفر لكم من ذنوبكم} أي: يغفر لكم بعض ذنوبكم، فإذا كانت من للتبعيض – يناقض قوله تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعا}.
فهنا جوابان: الأول بطريق المنع.
والجواب الثاني بطريق التسليم.
تقرير المنع: أن يقال: لا نسلم أن الخطاب في الآية الأولى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم لجواز أن يكون خطابا لأمة نوح عليه السلام – كما يدل عليه الكلام السابق.
وأن الله يغفر الذنوب جميعا في حق أمة محمد عليه الصلاة والسلام فلا تناقض حينئذ.
وتقرير التسليم: أن يقال:
ولو سلمنا أن الخطاب في الآية الأولى
والآية الثانية لأمة واحدة – فلا تناقض أيضا لأن غفران بعض الذنوب بل عدم غفران بعضها لا يناقض غفران كلها.

- فإن قيل:
عدم غفران البعض معلوم من غفران البعض.
قيل: هذا في حيز المنع لأنه ساكت – ولئن سلمنا فجاز أن يكون قوله تعالى:
{يغفر الذنوب جميعا} لبعضهم – ويغفر لكم من ذنوبكم لبعض، فلا يلزم التناقض لاختلاف المحل.
3 – وللتبيين:

أي والثالث أن "من" للتبيين أي لبيان المقصود من الشيء المبهم – وعلامة صحته – وضع الموصول في محله كقوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} – فإنك إذا قلت: فاجتنبوا الرجس الذي هو الوثن استقام المعنى:
فاجتنبوا:
فعل وفاعل – والرجس: مفعول به.
ومن: حرف جر لبيان الجنس – والأوثان:
مجرور بمن.
والجار والمجرور متعلق بقوله:
فاجتنبوا.
وقيل: "من" للابتداء – والمعنى:
واجتنبوا من الأوثان الرجس.
- وكثيرا ما يقع "من" لبيان الجنس بعد: ما ومهما – وهما بها أولى لإفراط إبهامهما – نحو: -
{ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
فمن رحمة:
بيان لما يفتح الله.
* {ما ننسخ من آية}.

- فمن آية:
بيان لما.
* و{مهما تأتنا به من آية}.

فمن آية:
بيان لمهما.
- ومن مخفوضها في المواضع الثلاث في موضع نصب على الحال.

4 – والزيادة:

أي والرابع أن "من" للزيادة – وعلامة الزيادة أي يبقى أصل المعنى على حاله بحذفها، ولا بد لكونها زائدة من تقدم نفي بما وهل أو نهي.
*نحو:
{ما تسقط من ورقة إلا يعلمها}.
أي ما تسقط ورقة إلا يعلمها.
* {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}.
أي: ما ترى في خلق الرحمن تفاوتا.
* {فارجع البصر هل ترى من فطور}
أي فارجع البصر هل ترى فطورا.
وتقول: "لا يقم من أحد" أي: لا يقم أحد.

فمن في هذه الآيات الثلاث – وفي المثال زائدة – وهذه الآيات والمثال مذكور في المنفي.

وأما الكوفيون والأخفش يجوزون زيادة "من"
في الكلام الموجب أيضا، مستدلين بقول العرب: وقد كان من مطر – تقديره: وقد كان مطر.
وأجيب عن استدلالهم بأنه متأول للتبعيض – أي: وقد كان بعض مطر – أو للتبيين أي: وقد كان شيء من مطر – أو هو وارد على الحكاية – كأن قائلا قال:
هل كان من مطر؟.
فأجاب عنه بأنه:
قد كان من مطر.
5 – وللتعليل:

أي والخامس: أن "من" للتعليل نحو قوله تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا} أي لأجل خطيئاتهم أغرقوا.
وكقولهم "أكرهه من سوء أدبه"، أي لأجل سوء أدبه.

6 – وللبدل:

أي والسادس أن "من" للبدل ويعرف بصحة قيام لفظ البدل مقامها نحو: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} أي: أرضيتم بالحياة الدنيا بدل الآخرة.
- "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أي: لا ينفع ذا الحظ حظه من الدنيا بذلك أي بدل طاعتك أو بدل حظك أي: بدل حظه منك.
- وقيل: من بمعنى عند أي: لا ينفع ذا الجد منك الجد: أي عندك.
7 – وبمعنى "في":

أي والسابع أن "من" بمعنى "في" كقوله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} – أي في يوم الجمعة.
8 – وبمعنى "عند"

أي والثامن أن "من" بمعنى عند نحو: {لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا} أي عند الله شيئا.

9 – قال أبو عبيدة وبمعنى "على":

أي والتاسع أن "من" بمعنى "على" نحو: {نصرناه من القوم} أي: على القوم.
وقيل على التضمين: أي معناه: قويناه منهم بالنصر.
10 – وبمعنى: "عن"

أي: والعاشر أن "من" بمعنى "عن" أي: عن هذا.
نحو: {قد كنا في غفلة من هذا}.
وزعم ابن مالك أن من في نحو: "زيد أفضل من عمرو" للمجاوزة، وكأنه قيل: جاوز زيد عمرا في الفضل.
قال: وهو أولى من قول سيبويه وغيره: إنها: لابتداء الارتفاع في نحو: زيد أفضل منه – وابتداء الانحطاط نحو: زيد شر منه – إذ لا يقع بعدها إلى – (انتهى كلامه).
11 – وللفصل:

أي: والحادي عشر أن "من" للفصل، وهي الداخلة على ثاني المتضادين، نحو: {والله يعلم المفسد من المصلح}.
{حتى يميز الخبيث من الطيب}.
قال ابن مالك: وفيه نظر: لأن الفصل مستفاد من العامل – فإن: ماز – وميز بمعنى: فصل.
والعلم: صفة توجب التمييز.
والظاهر أن "من" في الآيتين للابتداء.

12 – وبمعنى: عن – والتجريد:

أي والثاني عشر أن "من" للتجريد نحو: لقيت من زيد أسدا – أي لقيت من لقائه أسدا، على حذف مضاف كأنه جرد على جميع الصفات إلا على صفة الأسد.
وإنما سمي تجريدا لأنه بمعنى: لقيت زيدا هو أسد على التجريد عن من.

13 – وللقسم:

أي والثالث عشر أن "من" بمعنى باء القسم نحو: "من الله لأفعلن كذا".
ونحو قول القائل: "النار في الشتاء خير، من الله ورسوله" أي: أقسم بالله ورسوله: النار في الشتاء خير، لدفع البرد من الغير.
3 – و– "إلى" لانتهاء الغاية.
أي والثالث من سبعة عشر حرفا "إلى" لانتهاء الغاية: وهي بهذا المعنى مقابلة لـ "من" لأنها لابتداء الغاية – وإلى لانتهاء الغاية – سواء كان في المكان كقوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}.
ونحو: "خرجت إلى السوق".
أو الزمن نحو: {أتموا الصيام إلى الليل}.
أو غيرهما نحو: "قلبي إليك" – فإن قلب المخاطب منه إليه باعتبار الشوق والميل.
وإذا ثبت أن "من" لابتداء الغاية – و"إلى" لانتهاء الغاية فإذا قلت: اشتريت من هذا الموضع إلى ذلك الموضع فالموضعان لا يدخلان في الشراء.
ويجوز دخولهما بالقرينة نحو قرأت الكتاب من أوله إلى آخره.
واعلم أنه إن كانت الغاية بحيث لو لم تدخل كلمة إلى لم يتناولها صدر الكلام لم تدخل تحت المغيا – كالليل في الصوم، كما في قوله تعالى:
{أتموا الصيام إلى الليل}.
وإن كانت بحيث يتناولها الصدر تدخل تحت المغيا "كالمرافق".
فالحاصل: أن النحويين في كلمة "إلى" أربعة مذاهب:
الأول: دخول ما بعدها فيما قبلها إلا مجازا.
والثاني: عدم الدخول إلا مجازا.
والثالث: الاشتراك.
والرابع: الدخول إن كان ما بعدها من جنس ما قبلها كما في المرافق.
وعدمه إن لم يكن ما بعدها من جنس ما قبلها كما في الليل في قوله تعالى: {وأتموا الصيام إلى الليل}.
2- والثاني تجيء "إلى" بمعنى "مع" قليلا فيدخل ما بعدها في حكم ما قبلها كقوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم}: أي مع أموالكم.

3- والثالث يجيء "إلى" بمعنى "اللام":

نحو: {الأمر إليك} أي: لك.
- وقيل: إلى هنا لانتهاء الغاية – أي: الأمر منه إليك.
4 –
والرابع: يجيء "إلى" بمعنى "في": نحو قوله: "فلا تتركني بالوعيد كأنني إلى الناس". أي: في الناس.
5 – والخامس: تجيء "إلى" بمعنى "عند". كقوله: "أشهى إلي من الرحيق السلسل" أي: أشهى عندي.

4 – و– "حتى" لانتهاء الغاية

نحو: أكلت السمكة حتى رأسها. ونمت البارحة حتى الصباح.
فمجرور حتى في المثالين داخل في حكم ما قبله – أي: قد أكل الرأس – ونيم الصباح.
وقال السيرافي: لا يتناول النوم الصباح – كما يتناول الأكل الرأس.
- فإن قيل: كل واحد من "إلى" – و– "حتى" لانتهاء الغاية فما الفرق بينهما؟
- قيل: الفرق بينهما من وجوه ثلاثة:
* الأول منها: أن "حتى" تجيء بمعنى "مع" كثيرا، و"إلى" بمعنى "مع" قليلا.
* والثاني: أن "حتى" مختصة بالظاهر كما في المثالين المذكورين فلا تدخل على المضمر.
- وأما ما ذهب إليه المبرد من نحو: "حتاه بالقوم لا حق" فلا يعتد به. لأنه نادر.
- بخلاف "إلى".
* فإنها تدخل على المظهر نحو: سرت من البصرة إلى الكوفة.
- وتدخل على المضمر نحو: "إليه".
والثالث: أن المجرور بعد حتى يجب أن يكون آخر جزء مما قبله نحو: أكلت السمكة حتى رأسها.
أو ما يلافي آخر جزء منه، نحو: نمت البارحة حتى الصباح، فالصباح من أجزاء اليوم لا من أجزاء الليلة.
- وليس بمشروط في مجرور "إلى" أن يكون بهذه المشابهة.
- ألا ترى إلى قوله تعالى: {وأيديكم إلى المرافق} أن المرافق ليست بآخر جزء من الأيدي، ولا بملاف لآخر جزء منها: لأن الأيدي من رؤوس الأصابع إلى المناكب.
- ولهذا امتنع أكلت: السمكة حتى نصفها، ولم يمتنع إلى نصفها.
والسر في ذلك أن الغاية: إما خلقية، كالرأس في السمكة، والصباح من الليلة.
- وإما جعلية كنصف السمكة:
* فعينت حتى للأولى.
* وإلى للثانية، إذ لا شك أن الخلقي أكمل في كونه غاية من الجعلي.
- وإلى أنقص من حتى بحرف فجعل الناقص للناقص، والكامل للكامل.
- ولحتى وجهان آخران:
-أحدهما: أن تكون عاطفة وهي في هذا الوجه جارية مجرى الجارة في تضمنها معنى الغاية ولذا وجب أن يكون المعطوف أقوى جزءا من المعطوف عليه كقولك:
* "مات الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام".
* أو دونه كقولك: قدم الحاج حتى المشاة.
* وثانيهما: أن تكون حتى ابتدائية مستأنف الكلام بعدها تقول:
* ذهب القوم حتى زيد ذهب – أو حتى ذهب زيد.
- ولذا قال في الصحاح: وتكون حتى جارة بمنزلة إلى في انتهاء الغاية – وتكون عاطفة بمنزلة الواو – وتكون حرف ابتداء يستأنف الكلام بعدها.
- ويجوز في قولك: أكلت السمكة حتى رأسها الوجوه الثلاثة: قولك حتى رأسها: بالجر على أن حتى حرف جر – وبالنصب على أنه معطوف على السمكة، وبالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف أي: حتى رأسها مأكول، وحتى حرف ابتداء.

يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.49%)]