عرض مشاركة واحدة
  #225  
قديم 28-06-2024, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,435
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (... إذا عطست فاحمد الله وإذا عطس العاطس فحمد الله فقل: يرحمك الله ...)
قوله: [ حدثنا محمد بن يونس النسائي ]. محمد بن يونس النسائي ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا عبد الملك بن عمرو ]. هو أبو عامر العقدي ذكره هنا باسمه، ويذكره أحياناً بكنيته، فأحياناً يقول: حدثنا أبو عامر العقدي ، وأحياناً يقول: حدثنا عبد الملك بن عمرو . ألا يظن الشخص الواحد شخصين، إذا ذكر باسمه مرة وذكر بكنيته مرة أخرى، فإن من لا علم له يظن أن عبد الملك بن عمرو هو غير أبي عامر العقدي ، لكن من يكون على علم بذلك فإنه لا يلتبس عليه الأمر، سواء جاء ذكره بعبد الملك بن عمرو أو جاء ذكره بأبي عامر ، فهو شخص واحد وليسا شخصين، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا فليح ]. هو فليح بن سليمان هو صدوق يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن علي ]. هلال بن علي وهو ابن أبي ميمونة الذي مر في الإسناد السابق، ذكر هنا منسوباً إلى أبيه باسمه، وفي الحديث السابق ذكر منسوباً إلى أبيه بكنيته، وهذا مثل ما أسلفت من فائدته ألا يظن الشخص الواحد شخصين، إذا ذكر منسوباً إلى أبيه مكنى أو ذكر منسوباً إلى أبيه مسمى، فإن من لا علم له يظن أن هذا شخص وهذا شخص، ولكن من كان عالماً لا يلتبس عليه الأمر، إن جاء هلال بن علي عرف أنه هلال بن أبي ميمونة ، وإن جاء هلال بن أبي ميمونة عرف أنه هلال بن علي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية بن الحكم السلمي ]. معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، و مسلم و أبو داود و النسائي .
ما جاء في التأمين وراء الإمام


شرح حديث: (كان رسول الله إذا قرأ (ولا الضالين) قال: آمين، ورفع بها صوته)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التأمين وراء الإمام: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سلمة عن حجر بن العنبس الحضرمي عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: (( وَلا الضَّالِّينَ ))[الفاتحة:7] قال: آمين، ورفع بها صوته) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ التأمين وراء الإمام ]. يعني: حكم تأمين المأموم وراء الإمام أنه يؤمن ويرفع صوته بالتأمين، كما أن الإمام يرفع صوته بالتأمين، وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الإمام يؤمن، وكذلك المأموم جاء أنه يؤمن. وجاء في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته بالتأمين، وليس فيه شيء يتعلق بالمأموم، مع أن الترجمة هي للتأمين وراء الإمام، ولكن وجه إيراده في هذه الترجمة: أن المأموم مطلوب منه أن يتابع الإمام، وأن يفعل مثل ما يفعل الإمام، ولا يخالفه إلا فيما استثني، مثل: سمع الله لمن حمده، فإنه لا يقولها المأموم وإنما يقولها الإمام وحده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربنا ولك الحمد) لم يقل: فقولوا: سمع الله لمن حمده، فإن هذا مستثنى من متابعة الإمام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي). إذاً: فالإمام يؤمن ويرفع صوته، والمأموم كذلك يؤمن ويرفع صوته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) ولا يستثنى من ذلك إلا ما جاء دليل يدل على اختصاصه بالإمام، والذي جاء هو سمع الله لمن حمده، فإنه يقولها الإمام ولا يقولها المأموم، والإمام يجمع بين التسميع والتحميد، والمأموم يحصل منه التحميد دون التسميع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد). إذاً: وجه الاستدلال بهذا الحديث على الترجمة: [ التأمين وراء الإمام ] أي: تأمين المأموم وراء الإمام مأخوذ من جهة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) والإمام يقول: آمين ويرفع بها صوته، فكذلك المأموم يقول: آمين ويرفع بها صوته، استناداً إلى أن الإمام يقتدى به وأنه يتبع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وستأتي أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أمر المأمومين بأن يؤمنوا تبعاً للإمام، وأنه إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فليقل المأموم: آمين، يعني: يؤمن وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمن الإمام فأمنوا) ولكن هذا الحديث ليس فيه تنصيص على تأمين المأموم، ولكن وجه الاستدلال به على تأمين المأموم من جهة أن المأموم مأمور بأن يقتدي بالإمام ولا يخالفه إلا فيما استثني، ولم يستثن ذلك، بل جاء في السنة ما يدل على أمر المأموم بأن يؤمن إذا أمن الإمام. أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: (( وَلا الضَّالِّينَ )) قال: آمين ورفع بها صوته). قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] (كان) تدل على الدوام والاستمرار، يعني: هذا شأنه دائماً، ولكن قد تأتي (كان) أحياناً ولا يراد بها الاستمرار، ولكن يراد بها المرة الواحدة، ومن ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) فإن قولها: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت) إنما حصل مرة واحدة في حجة الوداع. على أن (كان).

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا قرأ (ولا الضالين) قال: آمين، ورفع بها صوته)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، من كبار شيوخ البخاري ، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن سفيان الثوري . [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، و سفيان الثوري من المتقدمين في الوفاة، توفي سنة (161هـ) و محمد بن كثير العبدي الراوي عنه توفي بعد سنة (220هـ) ولكنه عُمِّر تسعين سنة؛ ولهذا أدرك المتقدمين. [ عن سلمة ]. هو سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حجر بن العنبس الحضرمي ]. حجر بن العنبس الحضرمي وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، و أبو داود و الترمذي . في بعض النسخ ذكر: أبي العنبس وهو ابن العنبس وليس كذلك، وكنيته أبو السكن ، و(أبي) مصحفة عن (ابن)؛ لأن (أبي) رسمها قريب من رسم (ابن) ولهذا قد يأتي التصحيف بين كلمة (ابن) و (أبي)، لكن لو كانت الكنية موافقة لاسم الأب، يكون كل ذلك صحيحاً، لكن الكنية هنا غير موافقة لاسم الأب، فهو تصحيف. وقد جاء في بعض الروايات التي ستأتي ابن العنبس ، وجاء في رواية سفيان الثوري أنه قال: ابن العنبس ، وجاء في رواية شعبة عن أبي العنبس . وجاء في رواية شعبة : (أنه خفض صوته بآمين) ولكن رواية سفيان الثوري مقدمة على رواية شعبة وذلك لأمور عديدة منها: أن سفيان أحفظ من شعبة وهو مقدم على شعبة في الحفظ، وكل من سفيان الثوري و شعبة بن الحجاج وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وكل منهما حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، ولكن أحدهما أحفظ من الآخر، وهو سفيان ؛ فيكون مقدماً في الحفظ على شعبة . وقد ذكر الحفاظ أن سفيان مقدم على شعبة ، وقد قال شعبة : سفيان أحفظ مني. وكانوا يعتمدون في التمييز بين الثقات أيهما أوثق من بعض، أو أيهما أحفظ من بعض، بعدِّ الأخطاء التي يخطئها هذا وهذا، فإذا عدوا أخطاء هذا وأخطاء هذا، وعرفوا أن هذا أقل أخطاء وأن هذا أكثر أخطاء، فإنهم يقدمون في الحفظ من يكون أقل خطأً. وعلى هذا فرواية سفيان : (أنه جهر بآمين) مقدمة على رواية شعبة : (أنه خفض صوته بآمين) على أن شعبة جاء عنه في بعض الروايات ما يدل على الجهر بآمين، فصارت بعض رواياته موافقة لرواية سفيان الثوري . [ عن وائل بن حجر ]. هو وائل بن حجر الحضرمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، و مسلم و أصحاب السنن.

شرح حديث: (أنه صلى خلف رسول الله فجهر بآمين...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد الشعيري حدثنا ابن نمير حدثنا علي بن صالح عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر رضي الله عنه: (أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهر بآمين، وسلم عن يمينه وعن شماله حتى رأيت بياض خده) ]. أورد أبو داود حديث وائل بن حجر رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: أنه قال: آمين وجهر بها عندما قرأ سورة الفاتحة. وفيه: أنه سلم عن يمينه و شماله حتى رأى بياض خده صلى الله عليه وسلم. فهذا يدلنا على ما دل عليه الحديث الأول من التأمين من الإمام والجهر بآمين، وأن المأموم يتابعه في التأمين والجهر، ويدل أيضاً على أن التسليم تسليمتان: تسليمة عن اليمين وتسليمة عن الشمال.

تراجم رجال إسناد حديث: (أنه صلى خلف رسول الله فجهر بآمين...)


قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد الشعيري ]. مخلد بن خالد الشعيري ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا ابن نمير ]. هو عبد الله بن نمير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا علي بن صالح ]. هو علي بن صالح بن حي وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر ]. وقد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث: (كان رسول الله إذا تلا (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال: آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا صفوان بن عيسى عن بشر بن رافع عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلا: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]. قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول). وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: آمين ويجهر بها، وهو يدل على ما دل عليه الحديث الأول من الطريقين المتقدمين، ولكن هنا قصره على إسماع الصف الأول، والحديث في إسناده من هو متكلم فيه، والأصل أن الجهر بالتأمين من الإمام لا يقتصر على إسماع الصف الأول.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا تلا (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول)


قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا صفوان بن عيسى ]. صفوان بن عيسى ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن بشر بن رافع ]. بشر بن رافع ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة ]. أبو عبد الله ابن عم أبي هريرة مقبول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

شرح حديث: (إذا قال الإمام (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فقولوا آمين...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الإمام: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قال الإمام: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) فهذا يدلنا على أن المأموم يؤمن بعدما يقول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] مثل ما جاء في التسميع والتحميد: (إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) يعني: بعد أن يقول: سمع الله لمن حمده، قولوا: ربنا ولك الحمد، وهذا بعد أن يقول: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] قولوا: آمين، ولا ينتظر حتى يقول الإمام: آمين، بل يقول: آمين بعدما يقول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فيكون تأمين الإمام والمأموم وكذلك الملائكة في وقت واحد، وأن من يحصل منه ذلك ويوافق قوله قول الملائكة، فإنه يجازى على ذلك بأن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه. والمقصود بالمغفرة فيما تقدم هو الصغائر، وأما الكبائر فلا بد فيها من التوبة؛ لأنها لا تكفر بفعل الطاعات وإنما تكفر بالتوبة منها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر)، ويقول سبحانه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]. فإذاً: الذنوب التي تكفر بالأعمال الصالحة إنما هي الصغائر، وأما الكبائر فإن التوبة الخاصة هي التي تكفرها، أما إذا أصر على الكبيرة وحصل منه العمل الصالح، بأن قال: آمين وراء الإمام، فإنه لا تغفر له تلك الكبيرة التي هو مصر عليها، بل تغفر له إذا تاب منها، وأقلع عنها، وندم عليها، وحرص على ألا يعود عليها في المستقبل؛ لأن شروط التوبة ثلاثة: أن يقلع عن الذنب، بأن يتركه نهائياً، وأن يندم على ما قد مضى، وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه، والشرط الرابع: إذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم فعليه أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها. وعلى هذا فما جاء في هذا الحديث وأمثاله من مغفرة الذنوب بفعل الأعمال الصالحة، إنما يراد به مغفرة الصغائر، وأما الكبائر فإن تكفيرها إنما يكون بالتوبة والإقلاع منها، كما عرفنا ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا قال الإمام (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فقولوا آمين...)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور المحدث، أحد الأئمة الأربعة، وأحد أصحاب المذاهب المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن سمي مولى أبي بكر ]. هو سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح السمان ]. أبو صالح السمان كنيته أبو صالح واسمه ذكوان ولقبه السمان ، ويقال له: الزيات ، لأنه كان يبيع الزيت والسمن، فقيل له: السمان وقيل له: الزيات ، وكثيراً ما يأتي بكنيته أبي صالح ، وأحياناً يأتي بكنيته واسمه فيقال: أبو صالح ذكوان ، وأحياناً يأتي بكنيته ولقبه كما هنا حيث قال: أبو صالح السمان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره.
شرح حديث: (إذا أمن الإمام فأمنوا...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب و أبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه). قال ابن شهاب (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) وهذا لا يخالف الحديث السابق، الذي فيه: (إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) فليس معنى قوله: [ (إذا أمن) ] أي: إذا فرغ من التأمين فأمنوا، وإنما المقصود من ذلك أنه إذا وجد منه التأمين بعد: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فالمأموم يقول عند قول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]: آمين، والملائكة تقول عند قول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]: آمين، فتكون الأقوال متفقة من الإمام والمأموم والملائكة.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أمن الإمام فأمنوا...)

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب ]. القعنبي و مالك مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا. و ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري ، وهو مشهور بالزهري ومشهور بابن شهاب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين باتفاق، وأما السابع منهم ففيه ثلاثة أقوال: قيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معنا في هذا الإسناد، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الذي هو مولى سمي الذي مر ذكره، وهو مولاه من أعلى و سمي مولاه من أسفل، فهذا أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، والقول الثالث: أنه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وأما الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة فهم: سعيد بن المسيب و عروة بن الزبير بن العوام و خارجة بن زيد بن ثابت و القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق و سليمان بن يسار و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، هؤلاء الستة المتفق على عدهم من الفقهاء السبعة. ومعنا في الإسناد واحد ممن هو معدود في الفقهاء السبعة اتفاقاً، وواحد ممن هو معدود فيهم على اختلاف في ذلك، وكل من سعيد بن المسيب و أبي سلمة بن عبد الرحمن أخرج حديثهما أصحاب الكتب الستة، بل الفقهاء السبعة كلهم -المتفق عليهم والمختلف فيهم- أخرج لهم أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة وقد مر ذكره.

شرح حديث: (يا رسول الله لا تسبقني بآمين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه أخبرنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي عثمان عن بلال رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! لا تسبقني بآمين) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا رسول الله! لا تسبقني بآمين) قيل: إن معنى ذلك أنه كان يقيم الصلاة وهو في مكان بعيد من الإمام، ثم يأتي بعد ذلك، فهو يريد من النبي صلى الله عليه وسلم ألا يقول: آمين قبل أن يصل ويدخل في الصلاة ويقول: آمين، ولكن الحديث في ثبوته كلام من جهة أن أبا عثمان النهدي الذي يروي عن بلال ، قيل: إنه لم يدرك بلالاً ، وجاء في بعض طرقه أن أبا عثمان النهدي قال: إن بلالاً قال كذا وكذا، وعلى هذا فيكون من قبيل المرسل الذي يحكي فيه التابعي شيئاً في زمن النبوة لم يدركه، وقد روى الحديث موصولاً، وجاء من رواية أخرى مرسلاً، وعلى هذا يكون الحديث منقطعاً غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (يا رسول الله لا تسبقني بآمين)

قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه ]. هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ أخبرنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم ]. هو عاصم بن سليمان الأحول وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عثمان ]. هو أبو عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بلال ]. هو بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وجه طلب بلال من الرسول عدم سبقه بآمين

إذا كان بلال يقرأ بفاتحة الكتاب في السكتة الأولى التي بين التكبير والقراءة فلا يستقيم أن يوجه طلبه على هذا؛ لأنه إذا كان بدأ قبل أن يبدأ الإمام؛ فمعنى هذا أنه إذا واصل فإنه سينتهي هو من قراءة الفاتحة قبل أن يقول الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فالأمر غير واضح، ولكن يمكن أن يكون معناه هو ما أشرت إليه آنفاً: أنه لم يكن وراء النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتى بعد ذلك، ويمكن أنه كان يشتغل بتسوية الصفوف، فيحصل من الرسول صلى الله عليه وسلم الفراغ من الفاتحة قبل أن يصل، فقال ما قال، لكن الحديث كما هو معلوم غير ثابت من جهة كونه إما مرسلاً، أو منقطعاً بين أبي عثمان النهدي وبين بلال .

شرح حديث: (... أوجب إن ختم، فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الوليد بن عتبة الدمشقي و محمود بن خالد قالا: حدثنا الفريابي عن صبيح بن محرز الحمصي حدثني أبو مصبح المقرائي قال: (كنا نجلس إلى أبي زهير النميري وكان من الصحابة، فيتحدث أحسن الحديث، فإذا دعا الرجل منا بدعاء قال: اختمه بآمين، فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة، قال أبو زهير : أخبركم عن ذلك؟ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألح في المسألة، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يستمع منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجب إن ختم، فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب، فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الرجل فقال: اختم يا فلان بآمين وأبشر) وهذا لفظ محمود . قال أبو داود : المقراء قبيلة من حمير ]. أورد أبو داود حديث أبي زهير النميري عن أبي مصبح المقرائي قال: (كنا نجلس إلى أبي زهير النميري وكان من الصحابة، فيتحدث أحسن الحديث، فإذا دعا الرجل منا بدعاء قال: اختمه بآمين، فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة، ثم قال: ألا أخبركم عن ذلك؟ خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألح في المسألة، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يستمع منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجب إن ختم، فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين) يعني: أنه إذا جمع بين الدعاء والتأمين يكون قد حصلت له الجنة، أو استحق أن تحصل له الجنة، فذهب رجل ممن سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الرجل وقال له: (اختم بآمين وأبشر). وهذا الحديث يدل على أن الدعاء إذا حصل من الداعي أنه يؤمن في دعائه بعدما يدعو. وآمين معناها: اللهم استجب. لكن هذا الحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن كثيراً من الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم تأتي ولا يروى في آخرها أنه قال: آمين، فكون الإنسان يرى أو يلتزم بها، وأنه لا يقول دعاء إلا ويختمه بآمين، ليس هناك ما يدل عليه. وعلى هذا فإن آمين معناها: اللهم استجب، فإذا دعا المرء وقال: آمين في بعض الأحيان دون أن يلتزمها، ودون أن يعتقد أن هذه سنة ثابتة عن رسول صلى الله عليه وسلم، فلا بأس بذلك، لكن أن يقال: إنها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو المشكل.


تراجم رجال إسناد حديث: (... أوجب إن ختم، فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين...)


قوله: [ حدثنا الوليد بن عتبة الدمشقي ]. الوليد بن عتبة الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود . [ و محمود بن خالد ]. هو محمود بن خالد الدمشقي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الفريابي ]. هو محمد بن يوسف الفريابي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صبيح بن محرز الحمصي ]. صبيح بن محرز الحمصي مقبول، أخرج له أبو داود . قال الحافظ : اختلف هل هو مفتوح أوله أو مصغر؟ وعلى كل فإنه ممكن أن يقال: صَبيح و صُبيح . [ حدثني أبو مصبح المقرائي ]. أبو مصبح المقرائي ثقة، أخرج له أبو داود . [ كنا نجلس إلى أبي زهير النميري ]. أبو زهير النميري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود . [ قال أبو داود : المقراء، قبيلة من حمير ]. يريد بذلك: أن أبا مصبح المقرائي ينسب إلى قبيلة من حمير، نسبة نسب وليست نسبة بلد."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.77%)]