عرض مشاركة واحدة
  #157  
قديم 29-06-2024, 11:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (157)
صـ 538 إلى صـ 544




وهذا مما يعلم كل من له علم بما جاء به الرسول (1) أنه من أعظم الأمور تكذيبا للرسول، ويعلم أن هؤلاء أبعد عن متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كفار اليهود والنصارى، وهذا مبسوط في مواضع. والمقصود هنا الكلام على مجامع ما يعرف به ما أشار إليه هذا من عقائد المسلمين واختلافهم.
فإذا عرف تنازع النظار في حقيقة الجسم، فلا ريب أن الله سبحانه ليس مركبا من الأجزاء المنفردة، ولا من المادة والصورة، ولا يقبل سبحانه التفريق والانفصال (2) ولا كان متفرقا فاجتمع، بل هو سبحانه أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
فهذه المعاني المعقولة من التركيب كلها منتفية عن الله تعالى، لكن المتفلسفة ومن وافقهم تزيد على ذلك وتقول: (3) إذا كان موصوفا بالصفات كان مركبا، وإذا كانت له حقيقة ليست هي مجرد الوجود كان مركبا.
فيقول لهم المسلمون المثبتون للصفات: النزاع ليس في لفظ " المركب "، فإن هذا اللفظ إنما يدل على مركب ركبه غيره، ومعلوم أن عاقلا لا يقول: (4) إن الله تعالى مركب بهذا الاعتبار.
وقد يقال: لفظ " المركب " على ما كانت أجزاؤه متفرقة فجمع: إما جمع

‌‌_________
(1) ب، أ: كل من علم ما جاء به الرسول.
(2) ب، أ: والاتصال.
(3) ع: ويقولون.
(4) ب، أ: ومعلوم أن فلانا يقول، وهو تحريف
=======================================

امتزاج، وإما غير امتزاج كتركيب الأطعمة والأشربة والأدوية والأبنية واللباس من أجزائها. ومعلوم نفي هذا التركيب عن الله، ولا نعلم عاقلا يقول إن الله تعالى مركب بهذا الاعتبار.
وكذلك التركيب بمعنى أنه مركب من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة - وهو التركيب الجسمي عند من يقول به (1) - وهذا أيضا منتف عن الله تعالى. والذين قالوا: إن الله جسم، قد يقول بعضهم: إنه مركب هذا التركيب، وإن كان كثير منهم - بل أكثرهم - ينفون ذلك، ويقولون: إنما نعني بكونه جسما أنه موجود أو أنه (2) قائم بنفسه، أو أنه يشار إليه، أو نحو ذلك. لكن بالجملة هذا التركيب وهذا التجسيم يجب تنزيه الله تعالى (3) عنه.
وأما كونه سبحانه ذاتا (4) مستلزمة لصفات الكمال، له علم وقدرة وحياة فهذا لا يسمى مركبا (5) فيما يعرف من اللغات. وإذا سمى مسم (6) هذا مركبا (7) لم يكن النزاع معه في اللفظ، بل في المعنى العقلي. ومعلوم أنه لا دليل على نفي هذا، كما قد بسط في موضعه، بل الأدلة العقلية توجب إثباته.

‌‌_________
(1) عبارة " عند من يقول به " في (ع) فقط.
(2) أنه ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ب، أ: تنزيه الرب.
(4) ع، أ: ذات.
(5) ع: تركيبا.
(6) ع، أ: مسمى.
(7) ع: تركيبا
===================================

ولهذا كان جميع العقلاء مضطرين إلى إثبات معان متعددة لله تعالى، فالمعتزلي يسلم أنه حي عالم قادر، ومعلوم أن كونه جسما ليس هو معنى كونه عالما، ومعنى كونه عالما ليس معنى كونه قادرا.
والمتفلسف يقول إنه عاقل ومعقول وعقل، ولذيذ ومتلذذ ولذة، وعاشق ومعشوق وعشق (1) ، ومعلوم بصريح العقل أن كونه يحب ليس (هو) كونه يعلم، وكونه محبوبا معلوما ليس (هو) معنى كونه (محبا) عالما، (2) (والمتفلسف يقول: معنى " كونه " عالما) (3) هو معنى كونه قادرا مؤثرا فاعلا، وذلك هو نفس ذاته، فيجعل العلم هو القدرة وهو الفعل، ويجعل القدرة هي (4) القادر، والعلم هو العالم، والفعل هو الفاعل.
(وبعض متأخريهم - وهو الطوسي - ذكر في " شرح كتاب الإشارات " أن العلم هو المعلوم (5) ومعلوم

‌‌_________
(1) انظر مثلا " النجاة " لابن سينا (3/243 - 245) حيث يعقد فصلا عنوانه " فصل في أن واجب الوجود بذاته عقل وعاقل ومعقول "، وفصلا آخر (3/245 - 246) بعنوان: " فصل في أنه بذاته معشوق وعاشق ولذيذ وملتذ وأن اللذة هي إدراك الخير الملائم ".
(2) أ: ومعلوم بصريح العقل أن كونه يحب ليس كونه يعلم، وكونه محبوبا معلوما ليس معنى كونه عالما ; ب: ومعلوم بصريح العقل أن كونه يحب ليس كونه محبوبا وكونه معلوما ليس معنى كونه عالما. والمثبت عن (ع) .
(3) ما بين القوسين ساقط من (ب) ، (أ) . وزدت (كونه) ليستقيم الكلام.
(4) ب، أ: هو.
(5) يقول نصير الدين الطوسي (شرح الإشارات المطبوع مع الإشارات والتنبيهات لابن سينا، تحقيق الدكتور سليمان دنيا، ق [0 - 9] ، 4، ص [0 - 9] 14 - 715) : " العاقل كما لا يحتاج في إدراك ذاته لذاته إلى صورة ذاته التي بها هو هو، فلا يحتاج أيضا في إدراك ما يصدر عن ذاته لذاته إلى صورة غير صورة ذلك الصادر التي بها هو هو. واعتبر من نفسك أنك تعقل شيئا بصورة تتصورها أو تستحضرها، فهي صادرة عنك، لا بانفرادك مطلقا، بل بمشاركة ما من غيرك، ومع ذلك فأنت لا تعقل تلك الصورة بغيرها، بل كما تعقل ذلك الشيء بها، كذلك تعقلها أيضا بنفسك من غير أن تتضاعف الصور فيك، بل ربما تتضاعف اعتباراتك المتعلقة بذاتك وبتلك الصورة فقط على سبيل التركيب. وإذا كان حالك مع ما يصدر عنك بمشاركة غيرك هذه الحال، فما ظنك بحال العاقل مع ما يصدر عنه لذاته من غير مداخلة غيره فيه؟ ولا تظن أن كونك محلا لتلك الصورة شرط في تعقلك إياها، فإنك تعقل ذاتك مع أنك لست بمحل لها، بل إنما كان كونك محلا لتلك الصورة شرطا في حصول تلك الصورة لك، الذي هو شرط في تعقلك إياها، فإن حصلت تلك الصورة لك بوجه آخر غير الحلول فيك، حصل التعقل من غير حلول فيك. ومعلوم أن حصول الشيء لفاعله في كونه حصولا لغيره ليس دون حصول الشيء لقابله. فإذن؛ المعلولات الذاتية للعاقل الفاعل لذاته حاصلة له من غير أن تحل فيه، فهو عاقل إياها من غير أن تكون هي حالة فيه ". وانظر مقدمة الدكتور سليمان دنيا للجزء الثاني من " الإشارات " ص [0 - 9] 15 - 116

============================
فساد) (1) هذه الأقوال بصريح العقل، ومجرد تصورها التام يكفي في العلم بفسادها.
‌‌[عمدة النفاة دليل التركيب]
وهؤلاء فروا من معنى التركيب، (2) وليس لهم قط حجة على نفي مسمى التركيب بجميع هذه المعاني، بل عمدتهم أن المركب مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه. (وربما قالوا: الصفة مفتقرة إلى محل، والمفتقر إلى محل لا يكون واجبا بنفسه 3) (3) بل يكون معلولا.
وهذا الحجة ألفاظها كلها مجملة (4) فلفظ " الواجب بنفسه " يراد به

‌‌_________
(1) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(2) ب، أ: وليس فرارهم إلا من معنى التركيب.
(3) (3 - 3) : في (ع) فقط.
(4) ع: وهذه الألفاظ كلها مجملة
==================================

الذي لا فاعل له فليس له علة فاعلة، ويراد به الذي لا يحتاج إلى شيء مباين له، ويراد به القائم بنفسه الذي لا يحتاج إلى مباين له.
وعلى الأول والثاني فالصفات واجبة الوجود، (1 وعلى الثالث فالذات الموصوفة بالصفات هي الواجبة، والصفة وحدها لا يقال: إنها واجبة الوجود.
ويراد به ما لا تعلق له بغيره، وهذا لا وجود له في الخارج 1) . (1) والبرهان إنما قام على أن الممكنات لها فاعل واجب الوجود قائم (2) بنفسه أي غني عما سواه، والصفة ليست هي الفاعل.
وقوله: " إذا كانت له ذات وصفات كان مركبا، والمركب مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره ".
فلفظ " الغير " مجمل، يراد بالغير المباين، فالغيران (3) ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود، وهذا اصطلاح الأشعرية ومن وافقهم من الفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، ويراد بالغيرين (4) ما ليس أحدهما الآخر أو ما جاز (5) العلم بأحدهما مع الجهل بالآخر، وهذا اصطلاح طوائف من المعتزلة والكرامية وغيرهم.
وأما السلف كالإمام أحمد وغيره فلفظ " الغير " عندهم يراد به هذا ويراد به هذا، ولهذا لم يطلقوا القول بأنه علم الله غيره، ولا أطلقوا القول بأنه

‌‌_________
(1) (1 - 1) : في (ع) فقط.
(2) قائم: ساقطة من (ع) .
(3) ع (فقط) : فالغير.
(4) ع، أ: بالغير.
(5) ع: وما جاز
===================================

ليس غيره، ولا يقولون (لا) هو هو ولا هو غيره، (1) بل يمتنعون عن إطلاق اللفظ (2) المجمل نفيا وإثباتا لما فيه من التلبيس، فإن الجهمية يقولون: ما سوى الله مخلوق وكلامه غيره فيكون مخلوقا، فقال أئمة السنة: إذا أريد بالغير والسوى ما هو مباين له، فلا يدخل علمه وكلامه في لفظ الغير والسوى، كما لم يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من حلف بغير الله فقد أشرك» ". وقد ثبت في السنة جواز الحلف بصفاته كعزته وعظمته، (3) فعلم أنها لا تدخل في مسمى الغير عند الإطلاق، وإذا أريد بالغير أنه ليس هو إياه فلا ريب أن العلم ليس هو العالم. والكلام ليس هو المتكلم.
وكذلك لفظ (الافتقار يراد به) افتقار المفعول إلى فاعله (4) ونحو ذلك، ويراد به التلازم بمعنى أنه لا يوجد أحدهما إلا مع الآخر، وإن لم يكن أحدهما مؤثرا في الآخر، كالأمور المتضايفة: مثل الأبوة والبنوة.
والمركب قد عرف ما فيه من الاشتراك، فإذا قال القائل: لو كان عالما لكان مركبا من ذات وعلم، فليس المراد به أن هذين كانا مفترقين فاجتمعا، ولا أنه يجوز مفارقة أحدهما الآخر، (5) بل المراد أنه إذا كان عالما فهناك ذات وعلم قائم بها.
وقوله: " والمركب مفتقر إلى أجزائه " فمعلوم أن افتقار المجموع إلى

‌‌_________
(1) أ: ولا يقولون لا هو هو ولا غيره وسقطت (لا) من (ب) . والصواب ما أثبته عن (ع) .
(2) اللفظ: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) انظر ما سبق 2/495.
(4) أ: وكذلك لفظ الافتقار المفعول إلى فاعله، وسقط ما بين القوسين كله من (ب) .
(5) الآخر: ساقطة من (ب) ، (أ)
==================================

أبعاضه ليس بمعنى أن أبعاضه فعلته (1) أو وجدت دونه وأثرت فيه، بل بمعنى (2) أنه لا يوجد إلا بوجود المجموع، ومعلوم أن الشيء لا يوجد إلا بوجود نفسه.
وإذا قيل: هو مفتقر إلى نفسه بهذا المعنى لم يكن هذا (3) ممتنعا، بل هذا هو الحق، فإن نفس الواجب لا يستغني عن نفسه.
وإذا قيل: هو واجب بنفسه، فليس المراد أن نفسه (4) أبدعت وجوبه (5) ، بل المراد أن نفسه موجودة بنفسها لم تفتقر إلى غيره في ذلك، ووجوده واجب لا يقبل العدم بحال.
فإذا قيل مثلا: العشرة مفتقرة إلى العشرة (6) ، لم يكن في هذا افتقار لها إلى غيرها. وإذا قيل: هي مفتقرة إلى الواحد الذي هو جزؤها، لم يكن افتقارها إلى بعضها بأعظم (7) من افتقارها إلى المجموع التي هي هو.
وإذا لم يكن ذلك ممتنعا بل هو الحق، فإنه لا يوجد (8 المجموع إلا بالمجموع، فكيف يمتنع أن يقال: لا يوجد 8) (8) المجموع إلا بوجود جزئه.

‌‌_________
(1) ب، أ: أن بعضه فعله.
(2) ب، أ: المعنى.
(3) هذا: زيادة في (ع) .
(4) عبارة " أن نفسه " ساقطة من (ب) ، (أ) .
(5) ب (فقط) : وجوده.
(6) أ، ب: العشر مفتقر إلى العشرة.
(7) ب، أ: أعظم.
(8) : (8 - 8) ساقط من (ع)
======================================

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]