عرض مشاركة واحدة
  #160  
قديم 29-06-2024, 11:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,587
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (160)
صـ 559 إلى صـ 565




قيل له: إن أردت بالجهة أمرا وجوديا، فالمقدمة الأولى ممنوعة، وإن أردت بها أمرا عدميا فالثانية ممنوعة، فيلزم بطلان إحدى المقدمتين على كل تقدير، فتكون الحجة باطلة.
وذلك أنه إن أراد بالجهة أمرا وجوديا، لم يلزم أن يكون كل مرئي في جهة وجودية، فإن سطح العالم الذي هو أعلاه ليس في جهة وجودية، ومع هذا تجوز رؤيته فإنه جسم من الأجسام. فبطل قولهم: كل مرئي لا بد أن يكون في جهة وجودية، (1 إن أراد بالجهة أمرا وجوديا 1) . (1) وإن أراد بالجهة أمرا عدميا منع المقدمة الثانية، فإنه إذا قال: الباري ليس في جهة عدمية، وقد علم أن العدم ليس بشيء، كان حقيقة قوله: إن الباري لا يكون موجودا قائما بنفسه، حيث لا موجود إلا هو، وهذا باطل.
وإن قال: هذا يستلزم (2) أن يكون جسما أو متحيزا، عاد الكلام معه في مسمى الجسم والمتحيز. (3) فإن قال: هذا يستلزم أن يكون مركبا من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، وغير ذلك من المعاني الممتنعة على الرب، لم يسلم له هذا التلازم.
وإن قال: يستلزم أن يكون الرب مشارا إليه ترفع الأيدي إليه في الدعاء (4) ، وتعرج الملائكة والروح إليه، وعرج بمحمد - صلى الله عليه

‌‌_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (ع) .
(2) ب، أ: وإذا قال أحد يستلزم. . إلخ، وهو تحريف.
(3) ب، أ: المتحيز.
(4) ب: أن يكون والرب يشار إليه برفع الأيدي في الدعاء ; أ: أن يكون الرب يشار إليه برفع الأيدي إليه في الدعاء
======================================
وسلم - إليه (1) ، وتنزل الملائكة من عنده، وينزل (2) منه القرآن، ونحو ذلك من اللوازم التي نطق بها الكتاب والسنة وما كان في معناها.
قيل له: لا نسلم انتفاء هذه اللوازم. (3) فإن قال: ما استلزم هذه اللوازم فهو جسم.
قيل: إن أردت أنه يسمى جسما في اللغة أو في الشرع (4) ، فهذا باطل.
وإن أردت أنه يكون جسما مركبا من المادة والصورة، أو من الجواهر المفردة (5) ، فهذا أيضا ممنوع في العقل، فإن ما هو جسم باتفاق العقلاء - كالأحجار (6) - لا نسلم أنه (7) مركب بهذا الاعتبار، كما قد بسط في موضعه، فما الظن بغير ذلك! ؟
وتمام ذلك بمعرفة البحث العقلي في تركيب الجسم الاصطلاحي من هذا وهذا، وقد بسط في غير هذا الموضع، وبين فيه (8) أن قول هؤلاء وهؤلاء باطل مخالف للأدلة العقلية القطعية، ولكن هذا الإمامي لم يذكر هنا من الأدلة ما يصل به إلى آخر البحث، وقد ذكر في كلامه ما يناسب

‌‌_________
(1) ب، أ: ويعرج محمد - صلى الله عليه وسلم - إليه.
(2) ع: وتنزل.
(3) أ، ب: هذا اللازم.
(4) ب، أ: والشرع.
(5) أ، ب: الجواهر المركبة.
(6) ب، أ: كالأجسام، وهو تحريف.
(7) ع: لا نسلم فيه أنه.
(8) ب، أ: وتبين فيه
==============================
هذا الموضع، ومن شرع في تقرير ما ذكره بالمقدمات الممنوعة (1) ، شرع معه في نقضها وإبطالها بمثل ذلك، ولكل مقام مقال.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في موضع، وبين أن ما تنفيه نفاة الصفات التي نطق بها الكتاب والسنة في (2) علو الله سبحانه وتعالى على خلقه وغير ذلك، كما أنه لم ينطق بما ذكروه (3) كتاب الله ولا سنة رسوله (4) ، ولا قال بقولهم أحد من المرسلين ولا الصحابة والتابعين، ولم يدل (5) عليه أيضا دليل عقلي، بل الأدلة العقلية الصريحة موافقة للأدلة السمعية الصحيحة، ولكن هؤلاء ضلوا بألفاظ متشابهة ابتدعوها، ومعان عقلية لم يميزوا بين حقها وباطلها.
وجميع البدع: كبدع الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية، لها شبه في نصوص الأنبياء، بخلاف بدع (6) الجهمية النفاة، فإنه ليس معهم فيها دليل سمعي أصلا، ولهذا كانت آخر البدع حدوثا في الإسلام، ولما حدثت (أطلق) السلف والأئمة (7) القول بتكفير أهلها لعلمهم بأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، ولهذا يصير محققوهم إلى مثل قول. (8) فرعون مقدم المعطلة، بل وينتصرون له ويعظمونه

‌‌_________
(1) ب، أ: المسوغة، وهو تحريف.
(2) ب (فقط) : من.
(3) ب: لم ينطق به ; أ: لم ينطق بها.
(4) ب، أ: كتاب ولا سنة.
(5) ب، أ: فلم يدل.
(6) ب، أ: بدعة.
(7) ب: ولما أحدثت السلف والأمة ; أ: ولما أحدثت السلف والأئمة.
(8) قول: ساقطة من (ب) ، (أ)
================================

وهؤلاء المعطلة ينفون نفيا مفصلا، ويثبتون شيئا مجملا يجمعون فيه (1) بين النقيضين. وأما الرسل صلوات الله (وسلامه) (2) عليهم أجمعين فيثبتون إثباتا مفصلا وينفون نفيا مجملا: يثبتون (لله) (3) الصفات على (وجه) (4) التفصيل، وينفون عنه التمثيل.
وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيما، ومع هذا فلم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على اليهود شيئا من ذلك، ولا قالوا: أنتم مجسمون. (5) بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الصفات أقرهم الرسول على ذلك (6) وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالى للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} الآية [سورة الزمر: 67] .
وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. (7)

‌‌_________
(1) ب، أ: ويجمعون فيه.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(5) ب، أ: أنتم تجسمون.
(6) على ذلك: في (ع) فقط.
(7) روى البخاري 6/126 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ومسلم 4/2147 - 2148 (أول كتاب صفة القيامة والجنة والنار) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) . والحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/48 - 49 (كتاب التفسير، سورة الزمر) ; المسند (ط. المعارف) الأرقام 3590، 4087، 4368، 4369 وهو مروي بمعناه عن عدد من الصحابة. وانظر مسلم 4/2147 - 2148 ; الدر المنثور 5/334 - 336 ; المسند (ط. المعارف) : الأحاديث رقم 2267، 2990
===================================

ولو قدر بأن النفي حق (1) ، فالرسل لم تخبر به ولم توجب على الناس اعتقاده، (فمن اعتقده وأوجبه) (2) فقد علم بالاضطرار (من دين الإسلام) أن دينه (3) مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - (*) (4)
‌‌[استطراد في مناقشة نفاة الصفات]
(فصل)
ومما يبين الأمر في ذلك (5) أن المسلمين متفقون على تنزيه الله تعالى عن العيوب والنقائص وأنه متصف بصفات الكمال، لكن قد ينازعون في بعض الأمور: هل النقص إثباتها أو نفيها؟ وفي طريق العلم بذلك.
فهذا المصنف الإمامي اعتمد على طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الاعتماد في تنزيه الرب عن النقائص على نفي كونه جسما، ومعلوم أن

‌‌_________
(1) ب، أ: فلو قدر أن النفي حق.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط، وفي (ب) ، (أ) بدلا منه: وواجبه.
(3) ب: فقد علم بالاضطرار أن دينهم ; أ: فقد علم بالاضطرار أن دينه.
(4) الكلام الذي يلي عبارة: مخالف لدين النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي يوجد بعد القوس كله ساقط من (ب) ، (أ) . وهو كذلك ساقط من (ن) ، (م) . مع ما سبق الإشارة إليه ص 526. ويستمر السقط حتى ص 562.
(5) في الأصل (ع) : ومما يبين أن الأمر في ذلك
===============================

هذه الطريقة لم ينطق بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع، وجمهور أصحابها يسلمون ذلك، لكن يدعون أنها معلومة من جهة العقل.
فقال لهم القادحون في طريقهم: هذا أيضا باطل، فإنه لا يمكن تنزيه الله تعالى عن شيء من النقائص والعيوب لاستلزام ذلك كونه جسما، فإنه ما من صفة يقول القائل: إنها تستلزم التجسيم (1) ، إلا والقول فيما أثبته كالقول فيما نفاه.
وهو لا بد أن يثبت شيئا، وإلا لزم أن ينفي الموجود القديم الواجب بنفسه، وحينئذ فأي صفة قال فيها: إنها لا تكون إلا لجسم، أمكن أن يقال له مثل ذلك فيما أثبته. وإن كانت تلك صفة نقص، فلو أراد أن ينزه الله تعالى عن الجهل والعجز والنوم وغير ذلك، فإن هذه الصفات لا تكون إلا للأجسام ; قيل له: وما تثبته أنت من الأسماء أو الأحكام أو الصفات لا تكون إلا للأجسام.
ولهذا كان من رد بهذه الطريق على الواصفين لله بالعيوب والنقائص كلامهم متناقض، ولهذا لم يعتمد الله ولا رسوله ولا أحد من سلف الأمة فيما ينكرونه على اليهود وغيرهم - ممن وصف الله تعالى بشيء من النقائص كالبخل والفقر واللغوب والصاحبة والولد والشريك - على هذه الطريق.
ثم إن كثيرا ممن يسلك هذه الطريق حتى من الصفاتية يقولون:

‌‌_________
(1) في الأصل أنه يستلزم التجسيم
==================================

إن كون الرب منزها عن النقص متصفا بالكمال مما لا نعرفه بالعقل بل بالسمع، وهو الإجماع الذي استند إليه.
وهؤلاء لا يبقى عندهم طريق عقلي ينزهون الله تعالى به عن شيء من النقائص، والإجماع الذي اعتمدوا عليه إنما ينفع في الجمل دون التفاصيل التي هي (1) محل نزاع بين المسلمين، فإنه يمتنع أن يحتج بالإجماع في موارد النزاع، ثم الإجماع يستندون فيه إلى بعض النصوص، ودلالة النصوص على صفات الكمال أظهر وأكثر وأقطع من دلالة النصوص على كون الإجماع حجة.
وإذا عرف ضعف أصول النفاة للصفات فيما ينزهون عنه الرب، فهؤلاء الرافضة طافوا على أبواب المذاهب، وفازوا بأخس المطالب، فعمدتهم في العقليات على عقليات باطلة، وفي السمعيات على سمعيات باطلة. ولهذا كانوا من أضعف الناس حجة وأضيقهم محجة، وكان الأكابر من أئمتهم متهمين بالزندقة والانحلال، كما يتهم غير واحد من أكابرهم.
والمقصود هنا أن هذا الباب تكلم الناس فيه بألفاظ مجملة مثل التركيب والانقسام والتجزئة والتبعيض ونحو ذلك. والقائل إذا قال: إن الرب تعالى ليس بمنقسم ولا متجزئ ولا متبعض ولا مركب ونحو ذلك، فهذا إذا أريد به ما هو المعروف من معنى ذلك في اللغة، فلا نزاع بين المسلمين أن الله منزه عن ذلك، فلا يجوز أن يقال: إنه مركب من أجزاء متفرقة، سواء قيل: إنه مركب بنفسه أو ركبه غيره، ولا أنه مركب يقبل

‌‌_________
(1) في الأصل: الذي هي. والكلام هنا عن الإجماع عند ابن المطهر وعند الإمامية والنفاة
==============================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]