
03-08-2024, 11:09 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,578
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (290)
صــــــــــ 66 الى صـــــــــــ 72
فلان فإن مات فلان، أو خرس لم يكن له أن يفعل ذلك الشيء حتى يعلم أن فلانا شاء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإن حلف فقال والله لأفعلن كذا، وكذا إلا أن يشاء فلان لم يحنث إن شاء فلان، وإن مات فلان، أو خرس أو غاب عنا معنى فلان حتى يمضي وقت يمينه حنث؛ لأنه إنما يخرجه من الحنث مشيئة فلان، ولو كانت المسألة بحالها فقال والله لا أفعل كذا، وكذا إلا أن يشاء فلان لم يفعل حتى يشاء فلان، وإن غاب عنا معنى فلان فلم نعرف شاء، أو لم يشأ لم يفعل فإن فعله لم أحنثه من قبل أنه يمكن أن يكون فلان شاء.
لغو اليمين
قيل للشافعي - رحمه الله تعالى - فإنا نقول إن اليمين التي لا كفارة فيها، وإن حنث فيها صاحبها إنها يمين واحدة إلا أن لها وجهين وجه يعذر فيه صاحبه ويرجى له أن لا يكون عليه فيها إثم لأنه لم يعقد فيها على إثم ولا كذب وهو أن يحلف بالله على الأمر لقد كان ولم يكن فإذا كان ذلك جهده ومبلغ علمه فذلك اللغو الذي وضع الله تعالى فيه المؤنة عن العباد وقال {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان}، والوجه الثاني أنه إن حلف عامدا للكذب استخفافا باليمين بالله كاذبا فهذا الوجه الثاني الذي ليست فيه كفارة؛ لأن الذي يعرض من ذلك أعظم من أن يكون فيه كفارة وإنه ليقال له تقرب إلى الله بما استطعت من خير أخبرنا سفيان قال حدثنا عمرو بن دينار وابن جريج عن عطاء قال ذهبت أنا وعبيد بن عمير إلى عائشة وهي معتكفة في ثبير فسألناها عن قول الله عز وجل {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قالت هو: لا والله وبلى والله.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولغو اليمين كما قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها - والله تعالى أعلم قول الرجل لا والله وبلى والله ذلك إذا كان على اللجاج، والغضب، والعجلة لا يعقد على ما حلف عليه وعقد اليمين أن يثبتها على الشيء بعينه أن لا يفعل الشيء فيفعله، أو ليفعلنه فلا يفعله، أو لقد كان وما كان فهذا آثم وعليه الكفارة لما وصفت من أن الله عز وجل قد جعل الكفارات في عمد المأثم فقال تعالى {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} وقال {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} إلى {بالغ الكعبة} ومثل قوله في الظهار {وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا}، ثم أمر فيه بالكفارة ومثل ما وصفت من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
الكفارة قبل الحنث وبعده
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فمن حلف على شيء فأراد أن يحنث، فأحب إلي لو لم يكفر حتى يحنث وإن كفر قبل الحنث بإطعام رجوت أن يجزي عنه وإن كفر بصوم قبل الحنث لم يجز عنه، وذلك أنا نزعم أن لله تبارك وتعالى حقا على العباد في أنفسهم وأموالهم فالحق الذي في أموالهم إذا قدموه قبل محله
أجزأهم وأصل ذلك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تسلف من العباس صدقة عام قبل أن يدخل» وأن المسلمين قد قدموا صدقة الفطر قبل أن يكون الفطر فجعلنا الحقوق التي في الأموال قياسا على هذا، فأما الأعمال التي على الأبدان فلا تجزي إلا بعد مواقيتها كالصلاة التي لا تجزي إلا بعد الوقت والصوم لا يجزي إلا في الوقت أو قضاء بعد الوقت الحج الذي لا يجزي العبد ولا الصغير من حجة الإسلام؛ لأنهما حجا قبل أن يجب عليهما.
من حلف بطلاق امرأته إن تزوج عليها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن قال لامرأته أنت طالق إن تزوجت عليك فطلقها تطليقة يملك الرجعة، ثم تزوج عليها في العدة طلقت بالحنث والطلاق الذي أوقع، وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ثلاثا إن لم أتزوج عليك فسمى وقتا فإن جاء ذلك الوقت وهي زوجته ولم يتزوج عليها فهي طالق ثلاثا، ولو أنه طلقها واحدة، أو اثنتين، ثم جاء ذلك الوقت وهي في عدتها وقعت عليها التطليقة الثالثة، وإن لم يوقت، وكانت المسألة بحالها فقال أنت طالق ثلاثا إن لم أتزوج عليك فهذا على الأبد لا يحنث حتى يموت، أو تموت قبل أن يتزوج عليها وما تزوج عليها من امرأة تشبهها، أو لا تشبهها خرج بها من الحنث دخل بها، أو لم يدخل ولا يخرجه من الحنث إلا تزويج صحيح يثبت، فأما تزويج فاسد فليس بنكاح يخرجه من الحنث، وإن ماتت لم يرثها وإن مات هو ورثته، ولم ترثه في قول من يورث المبتوتة إذا وقع الطلاق في المرض (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): بعد لا ترث المبتوتة وهو قول ابن الزبير (قال الربيع) صار الشافعي إلى قول ابن الزبير، وذلك أنهم أجمعوا أن الله عز وجل إنما ورث الزوجات من الأزواج وأنه إن آلى من المبتوتة فلا يكون عليه إيلاء وإن ظاهر فلا ظهار عليه وإن قذفها لم يكن له أن يلاعن ولم يبرأ من الحد وإن ماتت لم يرثها فلما زعموا أنها خارجة في هذه الأشياء من معاني الأزواج وإنما ورث الله تعالى الزوجات لم نورثها والله تعالى الموفق.
الإطعام في الكفارات في البلدان كلها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ويجزئ في كفارة اليمين مد بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنطة ولا يجزئ أن يكون دقيقا ولا سويقا، وإن كان أهل بلد يقتاتون الذرة، أو الأرز، أو التمر أو الزبيب أجزأ من كل جنس واحد من هذا مد بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قلنا يجزئ هذا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بعرق تمر فدفعه إلى رجل وأمره أن يطعمه ستين مسكينا» والعرق فيما يقدر خمسة عشر صاعا وذلك ستون مدا فلكل مسكين مد.
فإن قال قائل: فقد قال سعيد بن المسيب «أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه خمسة عشر صاعا، أو عشرون صاعا» قيل فأكثر ما قال ابن المسيب مد وربع، أو ثلث وإنما هذا شك أدخله ابن المسيب، والعرق كما وصفت كان يقدر على خمسة عشر صاعا، والكفارات بالمدينة وبنجد ومصر، والقيروان، والبلدان كلها سواء ما فرض الله عز وجل على العباد فرضين في شيء واحد قط ولا يجزئ في ذلك إلا مكيلة الطعام وما أرى أن يجزيهم دراهم، وإن كان أكثر من قيمة الطعام وما يقتات أهل البلدان من شيء أجزأهم منه مد ويجزئ أهل البادية مد أقط، وإن لم يكن لأهل بلد قوت من طعام سوى اللحم أدوا مدا مما يقتات أقرب البلدان إليهم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ويعطي الكفارات والزكاة كل من لا تلزمه نفقته من قرابته وهم من عدا الوالد، والولد والزوجة إذا كانوا أهل حاجة فهم أحق بها من غيرهم وإن كان ينفق عليهم متطوعا أعطاهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وليس له إذا كفر بإطعام أن يطعم أقل من عشرة، وإن أطعم تسعة وكسا واحدا كان عليه أن يطعم عاشرا، أو يكسو تسعة؛ لأنه إنما جعل له أن يطعم عشرة، أو يكسوهم وهو لا يجزئه أن يكسو تسعة ويطعم واحدا؛ لأنه حينئذ لا أطعم عشرة ولا كساهم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن رجلا كانت عليه ثلاثة أيمان مختلفة فحنث فيها فأعتق وأطعم وكسا ينوي الكفارة ولا ينوي عن أيها العتق ولا عن أيها الإطعام ولا عن أيها الكسوة أجزأه بنية الكفارة وأيها شاء أن يكون عتقا، أو إطعاما، أو كسوة كان وما لم يشأ فالنية الأولى تجزيه فإن أعتق وكسا وأطعم ولم يستكمل الإطعام أكمله ونواه عن أي الكفارات شاء، ولو كانت المسألة بحالها فكسا وأعتق وأطعم ولم ينو الكفارة، ثم أراد أن ينوي كفارة لم تكن كفارة لا تجزئه حتى يقدم النية قبل الكفارة، أو تكون معها وأما ما كان عمله قبل النية فهو تطوع لا يجزيه من الكفارة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا أمر الرجل الرجل أن يكفر عنه من مال المأمور، أو استأذن الرجل الرجل أن يكفر عنه من ماله فأذن له أجزأت عنه الكفارة وهذه هبة مقبوضة؛ لأن دفعه إياها إلى المساكين بأمره كقبض وكيله لهبة وهبها له، وكذلك إن قال أعتق عني فهي هبة فإعتاقه عنه كقبضه ما وهب له وولاؤه للمعتق عنه؛ لأنه قد ملكه قبل العتق، وكان العتق مثل القبض كما لو اشتراه فلم يقبضه حتى أعتقه كان العتق مثل القبض، ولو أن رجلا تطوع فكفر عن رجل بإطعام، أو كسوة، أو عتق ولم يتقدم في ذلك أمر من الحالف لم يجز عنه، وكان العتق عن نفسه لأنه هو المعتق لما يملك ما لم يهب لغيره فيقبله، وكذلك الرجل يعتق عن أبويه بعد الموت فالولاء له إذا لم يكن ذلك بوصية منهما ولا شيء من أموالهما، ولو أن رجلا صام عن رجل بأمره لم يجزه الصوم عنه، وذلك أنه لا يعمل أحد عن أحد عمل الأبدان؛ لأن الأبدان تعبدت بعمل فلا يجزي عنها أن يعمل غيرها ليس الحج، والعمرة بالخبر الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبأن فيهما نفقة وأن الله فرضهما على من وجد إليهما السبيل والسبيل بالمال.
من لا يطعم من الكفارات
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): لا يجزئ أن يطعم في كفارات الأيمان إلا حرا مسلما محتاجا فإن أطعم منها ذميا محتاجا، أو حرا مسلما غير محتاج أو عبد رجل محتاج لم يجزه ذلك، وكان حكمه حكم من لم يفعل شيئا وعليه أن يعيد وهكذا لو أطعم غنيا وهو لا يعلم، ثم علم غناه كان عليه أن يعيد، وهكذا لو أطعم من تلزمه نفقته، ثم علم أعاد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن كان له مسكن لا يستغني عنه هو وأهله وخادم أعطي من كفارة اليمين والصدقة والزكاة، ولو كان له مسكن يفضل عن حاجته وحاجة أهله الفضل الذي يكون بمثله غنيا لم يعط.
ما يجزي من الكسوة في الكفارات
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأقل ما يكفي من الكسوة كل ما وقع عليه اسم كسوة من عمامة
أو سراويل، أو إزار أو مقنعة وغير ذلك للرجل، والمرأة؛ لأن ذلك كله يقع عليه اسم كسوة، ولو أن رجلا أراد أن يستدل بما تجوز فيه الصلاة من الكسوة على كسوة المساكين جاز لغيره أن يستدل بما يكفيه في الشتاء، أو في الصيف، أو في السفر من الكسوة ولكن لا يجوز الاستدلال عليه بشيء من هذا، وإذا أطلقه الله فهو مطلق ولا بأس أن يكسو رجالا ونساء، وكذلك يكسو الصبيان، وإن كسا غنيا وهو لا يعلم رأيت عليه أن يعيد الكسوة.
العتق في الكفارات
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أعتق في كفارة اليمين، أو في شيء وجب عليه العتق لم يجزه إلا رقبة مؤمنة ويعتق فيها الأسود، والأحمر والسوداء، والحمراء وأقل ما يقع به اسم الإيمان على العجمي أن يصف الإيمان إذا أمر بصفته، ثم يكون به مؤمنا ويجزي فيه الصغير إذا كان أبواه، أو أحدهما مؤمنا؛ لأن حكمهم حكم الإيمان ويجزي في الكفارات ولد الزنا، وكذلك كل ذي نقص بعيب لا يضر بالعمل ضررا بينا مثل العرج الخفيف، والعور وشلل الخنصر، والعيوب التي لا تضر بالعمل ضررا بينا ويجزي فيه العرج الخفيف ولا يجزي المقعد ولا الأعمى ولا أشل الرجل يابسها ولا اليدين يابسهما ويجزي الأصم، والخصي المجبوب وغير المجبوب ويجزي المريض الذي ليس به مرض زمانة مثل الفالج والسل وما أشبهه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الجارية حاملا من زوجها، ثم اشتراها زوجها، فأعتقها في كفارة أجزأت عنه وإنما لا تجزي في قول من لا يبيع أم الولد إذا ولدت بعد شرائه إياها ووضعها لستة أشهر فصاعدا؛ لأنها تكون بذلك أم ولد، فأما ما كان قبل ذلك فلا تكون به أم ولد
(قال): ومن كانت عليه رقبة واجبة فأراد أن يشتري رقبة تعتق عليه إذا ملكها بغير عتق فلا تجزي عنه، وما كان يجوز له أن يملكه بحال أجزأ عنه ولا يعتق عليه إلا الآباء، وإن بعدوا، والبنون وإن سفلوا والدون كلهم، أو مولودون وسواء ذلك من قبل البنات، والبنين؛ لأن كلهم ولد ووالد
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن اشترى رقبة بشرط عتقها لم تجز عنه من رقبة واجبة عليه
(قال): ويجزي المدبر في الرقاب الواجبة ولا يجزي عنه المكاتب حتى يعجز فيعود رقيقا فيعتقه بعد العجز ويجزي المعتق إلى سنين وهو في أضعف من حال المدبر، ومن اشترى عبدا فأعتقه وهو ممن لا يجزي في الرقاب الواجبة فالعتق ماض ويعود لرقبة تامة فإن كان الذي باعه دلس له بعيب عاد عليه فأخذ منه قيمة ما بينه صحيحا ومعيبا من الثمن وإن كان معيبا عيبا يجزي مثله في الرقاب الواجبة أجزأ عنه وعاد على صاحبه الذي باعه بقيمة ما بين العيب والصحة ولم يكن عليه أن يتصدق بقيمة العيب إذا أخذه من البائع وهو مال من ماله.
الصيام في كفارات الأيمان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): كل من وجب عليه صوم ليس بمشروط في كتاب الله عز وجل أن يكون متتابعا أجزأه أن يكون متفرقا قياسا على قول الله عز وجل في قضاء رمضان {فعدة من أيام أخر}، والعدة أن يأتي بعدد صوم لا ولاء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -):، وإذا كان الصوم متتابعا فأفطر فيه الصائم والصائمة من عذر وغير عذر استأنفا الصيام إلا الحائض فإنها لا تستأنف.
من لا يجزيه الصيام في كفارة اليمين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والذي يجب عليه من الكفارة الإطعام، أو الكسوة، أو العتق من كان غنيا فليس له أن يأخذ من الصدقة شيئا، فأما من كان له أن يأخذ من الصدقة فله أن يصوم وليس عليه أن يتصدق ولا يعتق فإن فعل أجزأ عنه، وإن كان غنيا، وكان ماله غائبا عنه لم يكن له أن يكفر بصوم حتى يحضره ماله، أو يذهب المال إلا بإطعام، أو كسوة، أو عتق.
من حنث معسرا، ثم أيسر، أو حنث موسرا، ثم أعسر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا حنث الرجل موسرا، ثم أعسر لم يكن له أن يصوم ولا أرى الصوم يجزي عنه وأمرته احتياطا أن يصوم فإذا أيسر كفر وإنما أنظر في هذا إلى الوقت الذي يحنث فيه، ولو أنه حنث معسرا، ثم لم يصم حتى أيسر أحببت له أن يكفر ولا يصوم من قبل أنه لم يكفر حتى أيسر وإن صام ولم يكفر أجزأ عنه؛ لأن حكمه حين حنث الصيام (قال الربيع) وللشافعي قول آخر أنه إنما ينظر إلى الكفارة يوم يكفر فإذا كان معسرا كان له أن يصوم وإن كان موسرا كان عليه أن يعتق
(قال): ولا يصام في كفارة اليمين ولا في شيء وجب عليه من الصوم بإيجاب يوم من رمضان ولا يوم لا يصلح صومه متطوعا مثل يوم الفطر، والأضحى وأيام التشريق وصيام ما سواها من الأيام.
من أكل، أو شرب ساهيا في صيام الكفارة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ويفسد صوم التطوع وصوم رمضان وصوم الكفارة والنذر ما أفسد الصوم ولا خلاف بين ذلك، فمن أكل فيها، أو شرب ناسيا فلا قضاء عليه ومن أكل، أو شرب عامدا أفسد الصوم عليه لا يختلف إلا في وجوب الكفارة على من جامع في رمضان وسقوطها عمن جامع في صوم غيره تطوعا، أو واجبا فإذا كان الصوم متتابعا فأفطر فيه الصائم من عذر وغير عذر والصائمة استأنفا الصيام إلا الحائض فإنها لا تستأنف.
الوصية بكفارة الأيمان وبالزكاة ومن تصدق بكفارة، ثم اشتراها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن لزمه حق للمساكين في زكاة مال، أو لزمه حج أو لزمته كفارة يمين فذلك كله من رأس المال يحاص به ديون الناس ويخرج عنه في ذلك أقل ما يكفي في مثله فإن أوصى بعتق في كفارة ولم يكن في رأس المال إلا الطعام فإن حمل ثلثه العتق أعتق عنه من الثلث وإن لم يحمله أطعم عنه من رأس المال، وإذا أعتق عنه من الثلث لم يطعم عنه من رأس المال
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كفر الرجل بالطعام، أو بالكسوة، ثم اشترى ذلك فدفعه إلى أهله، ثم اشتراه منهم فالبيع جائز، ولو تنزه عن ذلك كان أحب إلي.
كفارة يمين العبد
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -):، وإذا حنث العبد فلا يجزيه إلا الصوم؛ لأنه لا يملك شيئا، وإن كان نصفه عبدا ونصفه حرا، وكان في يديه مال لنفسه لم يجزه الصيام، وكان عليه أن يكفر مما في يديه من المال مما يصيبه فإن لم يكن في يديه مال لنفسه صام
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -):، وإذا حنث العبد، ثم عتق وكفر كفارة حر أجزأت عنه؛ لأنه حينئذ مالك، ولو صام أجزأ عنه؛ لأنه يوم حنث كان حكمه حكم الصيام.
من نذر أن يمشي إلى بيت الله عز وجل
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن نذر تبررا أن يمشي إلى بيت الله الحرام لزمه أن يمشي إن قدر على المشي، وإن لم يقدر ركب وأهراق دما احتياطا لأنه لم يأت بما نذر كما نذر، والقياس أن لا يكون عليه دم من قبل أنه إذا لم يطق شيئا سقط عنه كمن لا يطيق القيام في الصلاة فيسقط عنه ويصلي قاعدا ولا يطيق القعود فيصلي مضطجعا وإنما فرقنا بين الحج، والعمرة والصلاة أن الناس أصلحوا أمر الحج بالصيام والصدقة والنسك ولم يصلحوا أمر الصلاة إلا بالصلاة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يمشي أحد إلى بيت الله إلا حاجا، أو معتمرا لا بد له منه (قال الربيع) وللشافعي - رحمه الله تعالى -: قول آخر إنه إذا حلف أن يمشي إلى بيت الله الحرام فحنث فكفارة يمين تجزيه من ذلك إن أراد بذلك اليمين (قال الربيع) وسمعت الشافعي أفتى بذلك رجلا فقال هذا قولك يا أبا عبد الله؟ فقال هذا هو قول من هو خير مني قال ومن هو؟ قال عطاء بن أبي رباح
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن حلف بالمشي إلى بيت الله ففيها قولان أحدهما معقول معنى قول عطاء إن كل من حلف بشيء من النسك صوم، أو حج، أو عمرة فكفارته كفارة يمين إذا حنث ولا يكون عليه حج ولا عمرة ولا صوم ومذهبه أن أعمال البر لله لا تكون إلا بفرض يؤديه من فرض الله عليه، أو تبررا يريد الله به.
فأما على غلق الأيمان فلا يكون تبررا وإنما يعمل التبرر لغير الغلق، وقد قال غير عطاء: عليه المشي كما يكون عليه إذا نذره متبررا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): والتبرر أن يقول لله علي إن شفى الله فلانا، أو قدم فلان من سفره أو قضى عني دينا، أو كان كذا أن أحج له نذرا فهو التبرر، فأما إذا قال إن لم أقضك حقك فعلي المشي إلى بيت الله فهذا من معاني الأيمان لا من معاني النذور وأصل معقول قول عطاء في معاني النذور من هذا أنه يذهب إلى أن من نذر نذرا في معصية الله لم يكن عليه قضاء ولا كفارة فهذا يوافق السنة، وذلك أن يقول لله علي إن شفاني، أو شفى فلانا أن أنحر ابني، أو أن أفعل كذا من الأمر الذي لا يحل له أن يفعله، فمن قال هذا فلا شيء عليه فيه وفي السائبة وإنما أبطل الله عز وجل النذر في البحيرة والسائبة؛ لأنها معصية ولم يذكر في ذلك كفارة.
وكان فيه دلالة على أن من نذر معصية لله عز وجل أن لا يفي ولا كفارة عليه وبذلك جاءت السنة (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي
عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال «كانت بنو عقيل حلفاء لثقيف في الجاهلية، وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين، ثم إن المسلمين أسروا رجلا من بني عقيل ومعه ناقة له، وكانت ناقته قد سبقت الحاج في الجاهلية كذا، وكذا مرة، وكانت الناقة إذا سبقت الحاج في الجاهلية لم تمنع من كلإ ترتع فيه ولم تمنع من حوض تشرع فيه قال فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا محمد فيم أخذتني وأخذت سابقة الحاج؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بجريرة حلفائك ثقيف قال وحبس حيث يمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك فقال يا محمد إني مسلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لو قلتها وأنت تملك أمرك كنت قد أفلحت كل الفلاح قال، ثم مر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى فقال يا محمد إني جائع، فأطعمني وظمآن فاسقني فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك حاجتك، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدا له ففادى به الرجلين اللذين أسرت ثقيف وأمسك الناقة، ثم إنه أغار على المدينة عدو فأخذوا سرح النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدوا الناقة فيها، قال، وقد كانت عندهم امرأة من المسلمين قد أسروها وكانوا يريحون النعم عشاء فجاءت المرأة ذات ليلة إلى النعم فجعلت لا تجيء إلى بعير إلا رغا حتى انتهت إليها فلم ترغ فاستوت عليها فنجت فلما قدمت المدينة قال الناس العضباء العضباء فقالت المرأة إني نذرت إن الله أنجاني عليها أن أنحرها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بئسما جزيتيها ولا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم» أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ناقته ولم يأمرها أن تنحر مثلها، أو تنحرها ولا تكفر.
(قال): وكذلك نقول إن من نذر تبررا أن ينحر مال غيره فهذا نذر فيما لا يملك فالنذر ساقط عنه وبذلك نقول قياسا على من نذر ما لا يطيق أن يعمله بحال سقط النذر عنه لأنه لا يملك أن يعمله فهو كما لا يملك مما سواه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا نذر الرجل أن يحج ماشيا مشى حتى يحل له النساء، ثم ركب بعد، وذلك كمال حج هذا، وإذا نذر أن يعتمر ماشيا مشى حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا، والمروة ويحلق، أو يقصر، وذلك كمال عمرة هذا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا نذر أن يحج ماشيا فمشى ففاته الحج فطاف بالبيت وسعى بين الصفا، والمروة ماشيا حل وعليه حج قابل ماشيا كما يكون عليه حج قابل إذا فاته هذا الحج، ألا ترى أن حكمه لو كان متطوعا بالحج، أو ناذرا له أو كانت عليه حجة الإسلام، أو عمرته أن لا يجزئ هذا الحج من حج ولا عمرة فإذا كان حكمه أن يسقط ولا يجزئ من حج ولا عمرة فكيف لا يسقط المشي الذي إنما هو هيئة في الحج، والعمرة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا نذر الرجل أن يحج، أو نذر أن يعتمر ولم يحج ولم يعتمر فإن كان نذر ذلك ماشيا فلا يمشي؛ لأنهما جميعا حجة الإسلام وعمرته فإن مشى فإنما مشى حجة الإسلام وعمرته وعليه أن يحج ويعتمر ماشيا من قبل أن أول ما يعمل الرجل من حج وعمرة إذا لم يعتمر ويحج فإنما هو حجة الإسلام، وإن لم ينو حجة الإسلام ونوى به نذرا، أو حجا عن غيره أو تطوعا فهو كله حجة الإسلام وعمرته وعليه أن يعود لنذره فيوفيه كما نذر ماشيا، أو غير ماش " قال الربيع " هذا إذا كان المشي لا يضر بمن يمشي فإذا كان

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|