
11-08-2024, 09:11 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,489
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (175)
صـ 27 إلى صـ 34
تعالى (1) ، بل عليه أن لا يفعلها، وإذا فعلها فعليه أن يتوب منها، كما فعل (2) آدم. ولهذا قال بعض الشيوخ: (3) اثنان أذنبا ذنبا: آدم وإبليس (4) فآدم تاب فتاب الله عليه [واجتباه وهداه] ، وإبليس (5) أصر واحتج بالقدر، فمن تاب من ذنبه أشبه أباه آدم، ومن أصر واحتج بالقدر أشبه إبليس.
وإذا كان الفرق بين الفاعل المختار (6) وبين غيره مستقرا في بدائه (7) العقول، حصل المقصود. وكذلك إذا كان مستقرا في بدائه (8) العقول أن الأفعال الاختيارية تكسب نفس الإنسان صفات محمودة وصفات مذمومة، بخلاف لونه وطوله وعرضه، فإنها لا تكسبه ذلك.
فالعلم النافع، والعمل الصالح، والصلاة الحسنة، وصدق الحديث، وإخلاص العمل لله، وأمثال ذلك: تورث القلب صفات محمودة. كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن للحسنة لنورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة لسوادا في الوجه، وظلمة (9) في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضا في قلوب الخلق.
_________
(1) بالقدر قدر الله تعالى.
(2) ع: فعله.
(3) ن، م:. . . آدم قال بعض السلف.
(4) ب، أ: إبليس وآدم.
(5) ن: تاب فتاب الله عليه وإبليس؛ م: تاب وإبليس؛ ب، أ: تاب فتاب الله عليه واختاره وهداه، وإبليس.
(6) ب، أ، ن: بين تعذيب الفاعل المختار.
(7) ب، أ، ن: بداية.
(8) ب، أ، ن: بداية.
(9) ع: وظلما
====================================
ففعل الحسنة له آثار محمودة موجودة (1) في النفس وفي الخارج، وكذلك فعل (2) السيئات. والله تعالى جعل الحسنات سببا لهذا، [والسيئات سببا لهذا، كما جعل أكل السم سببا للمرض والموت. وأسباب الشر لها أسباب تدفع بمقتضاها] (3) ، فالتوبة والأعمال الصالحة تمحى بها السيئات، والمصائب في الدنيا تكفر بها السيئات، كما أن السم تارة يدفع موجبه بالدواء، وتارة يورث مرضا يسيرا، ثم تحصل العافية.
وإذا قيل: خلق الفعل مع حصول العقوبة عليه (4) ظلم، كان بمنزلة أن يقال: خلق أكل (5) السم ثم حصول الموت به ظلم. والظلم وضع الشيء في غير موضعه، واستحقاق هذا الفاعل لأثر فعله الذي هو معصية الله، كاستحقاقه لأثره إذا ظلم العباد (6) .
وهذا الآن ينزع (7) إلى مسألة التحسين والتقبيح، فإن الناس متفقون على أن كون الفعل يكون سببا لمنفعة العبد وحصول ما يلائمه، وسببا لحصول مضرته، وحصول ما ينافيه، قد يعلم بالعقل، وكذلك كونه قد يكون صفة كمال وصفة نقص، وإنما تنازعوا في كونه [يكون] (8) سببا للعقاب والذم على قولين مشهورين.
_________
(1) موجودة: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(2) فعل: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ع: تدفع مقتضاها، والكلام بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) م: ثم العقوبة عليه.
(5) ن: آكل، م: كل، وسقطت الكلمة من (ب) ، (أ) .
(6) ن، م: العبد.
(7) ب، أ: وهذا إلا أن ينزع.
(8) يكون: زيادة في (م)
==================================
والنزاع في ذلك بين أصحاب أحمد، وبين أصحاب (1) مالك، وبين أصحاب (2) الشافعي وغيرهم. وأما أبو حنيفة وأصحابه فيقولون بالتحسين والتقبيح، وهو قول جمهور الطوائف من المسلمين وغيرهم، وفي الحقيقة فهذا النزاع (3) يرجع إلى الملاءمة والمنافرة (4) ، والمنفعة والمضرة، فإن الذم والعقاب مما يضر العبد ولا يلائمه، فلا يخرج الحسن (5) والقبح عن حصول المحبوب والمكروه، فالحسن ما حصل المحبوب المطلوب المراد لذاته (6) ، والقبيح ما حصل المكروه البغيض، فإذا كان الحسن يرجع إلى المحبوب، والقبيح يرجع إلى المكروه، بمنزلة النافع والضار، والطيب والخبيث، ولهذا يتنوع بتنوع الأحوال، فكما أن الشيء الواحد يكون نافعا إذا صادف حاجة، ويكون ضارا في موضع آخر، كذلك الفعل كأكل الميتة يكون قبيحا تارة ويكون حسنا أخرى.
وإذا كان كذلك فهذا الأمر لا يختلف، سواء كان العبد هو الفاعل (7) بغير أن يخلق الله له القدرة والإرادة، أو بأن يخلق الله له ذلك، كما في سائر ما هو نافع وضار ومحبوب ومكروه.
وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه، وفعل العبد من جملة الحوادث، وكل ممكن يقبل الوجود والعدم، فإن شاء الله كان وإن لم يشأ
_________
(1) ب، أ: وأصحاب.
(2) ب، أ: وأصحاب.
(3) ن، م، ب، أ: النوع.
(4) ب، أ، ع: والمنافاة.
(5) ب، أ: للحسن.
(6) ع (فقط) : المراد له.
(7) ع (فقط) : سواء الفاعل العبد
=================================
لم يكن، وفعل العبد من جملة الممكنات ; وذلك لأن (1) العبد إذا فعل الفعل فنفس الفعل حادث بعد أن لم يكن، فلا بد له (2) من سبب.
وإذا قيل: حدث بالإرادة، فالإرادة أيضا حادثة، فلا بد لها من سبب. وإن شئت قلت (3) : الفعل ممكن فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح. وعلى طريقة بعضهم (4) فلا (5) يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا بمرجح. وكون العبد فاعلا له حادث ممكن، فلا بد له من محدث مرجح، ولا فرق في ذلك بين حادث وحادث. (* [والمرجح لوجود الممكن لا بد أن يكون تاما مستلزما (6) وجود الممكن، وإلا فلو كان مع وجود المرجح يمكن وجود الفعل تارة وعدمه أخرى، لكان ممكنا بعد حصول المرجح، يمكن وجوده وعدمه، وحينئذ فلا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح، وهذا المرجح إما أن يكون تاما مستلزما وجود الفعل، (وإما أن يكون الفعل) (7) معه يمكن (8) وجوده وعدمه، فإن كان الثاني لزم أن لا يوجد الفعل بحال، ولزم التسلسل الباطل.
_________
(1) ب، أ، م: أن.
(2) له: ساقطة من (ب) ، (أ) ، وفي (ن) : ولا بد له.
(3) ب، أ: وإن سبب قلب، وهو تصحيف.
(4) ب، أ: وعلى طريقة أحدهم، ن، م: وطريقة بعضهم.
(5) ع: لا.
(6) ع: يستلزم.
(7) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(8) ب، أ: بل، وهو تحريف
===============================
فعلم أن الفعل لا يوجد إلا إذا وجد مرجح تام يستلزم وجوده، وذلك المرجح التام هو الداعي التام (والقدرة) (1) وهذا مما سلمه طائفة من المعتزلة كأبي الحسين البصري وغيره؛ سلموا أنه إذا وجد الداعي التام والقدرة التامة لزم وجود الفعل، وأن الداعي والقدرة خلق لله عز وجل، وهذا حقيقة قول أهل السنة (2) الذين يقولون: (إن الله خالق أفعال العباد كما أن الله خالق كل شيء، فإن أئمة أهل السنة يقولون (3) إن الله خالق الأشياء بالأسباب، وأنه خلق للعبد قدرة (4) يكون بها فعله، وأن (5) العبد فاعل لفعله حقيقة، فقولهم في خلق فعل العبد بإرادته وقدرته (6) كقولهم في خلق سائر الحوادث بأسبابها، ولكن ليس هذا قول من ينكر الأسباب والقوى التي في الأجسام وينكر تأثير القدرة (التي للعبد) (7) التي بها يكون الفعل، ويقول: إنه لا أثر لقدرة العبد أصلا في فعله (8) ، كما يقول ذلك جهم وأتباعه (9) ، والأشعري ومن وافقه.
وليس قول هؤلاء قول أئمة السنة ولا جمهورهم، بل أصل هذا القول هو قول الجهم بن صفوان، فإنه كان يثبت مشيئة الله تعالى، وينكر أن يكون له
_________
(1) والقدرة: في (ع) فقط.
(2) ع: أئمة السنة.
(3) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(4) ب، أ: والله خلق العبد وقدره. . . إلخ.
(5) ب، أ: فإن.
(6) ب، أ: بإرادة وقدرة.
(7) التي للعبد: في (ع) فقط.
(8) ع فقط: أصلا في فعله أصلا.
(9) ب، أ: كما يقول ذلك ما يقوله جهم وأتباعه
===============================
حكمة أو رحمة، وينكر أن يكون للعبد فعل أو قدرة مؤثرة. وحكي عنه أنه كان يخرج إلى الجذمى ويقول: أرحم الراحمين يفعل (مثل) (1) هذا؟ إنكارا لأن تكون له رحمة يتصف بها، وزعما منه أنه ليس إلا مشيئة محضة لا اختصاص لها بحكمة، بل يرجح أحد المتماثلين بلا مرجح.
وهذا قول طائفة من المتأخرين، وهؤلاء يقولون: إنه لم يخلق لحكمة، ولم يأمر لحكمة، وأنه ليس في القرآن " لام " كي، لا في خلق الله ولا في أمر الله. (2) وهؤلاء الجهمية المجبرة هم والمعتزلة والقدرية في (3) طرفين متقابلين (4) .
وقول سلف الأمة وأئمة السنة وجمهورها ليس قول هؤلاء ولا قول هؤلاء، وإن كان كثير من المثبتين للقدر يقول بقول جهم، فالكلام (5) إنما هو في أهل السنة المثبتين لإمامة أبي بكر وعمر وعثمان والمثبتين للقدر. وهذا الاسم يدخل فيه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وأئمة التفسير والحديث والفقه
_________
(1) مثل: زيادة في (ع) .
(2) ب، أ: ولا في أمره.
(3) ب، أ: من.
(4) كتب مستجى زاده في هامش (ع) : وهؤلاء الجهمية هم والمعتزلة القدرية في طرفين متقابلين، لأن عند المعتزلة أفعال العباد بقدرتهم وإيجادهم لا مدخل لقدرته وخلقه فيها، وعند المجبرة أنها بمحض قدرة الله تعالى وإيجاده وخلقه لا مدخل لقدر العبد وإيجاده فيها. قلت: إلا أنه فرق بين قول جهم وبين قول الأشعري بأنه وإن قال بقدرة غير مؤثرة في العبد إلا أن للعبد قدرة يخلق الله تعالى عندها، كالنار التي يخلق عندها الإحراق، كذلك القدرة المتحققة في العبد يترتب عليها الفعل الاختياري، فالنار والقدرة هما سببان ماديان لأثرهما من الإحراق والفعل، لا سببان حقيقيان لهما، والمؤثر الحقيقي والسبب الحقيقي هو الله تعالى.
(5) ب، أ: والكلام
==================================
والتصوف، وجمهور المسلمين، وجمهور طوائفهم، لا يخرج عن هذا إلا بعض الشيعة، وأئمة هؤلاء وجمهورهم على القول الوسط الذي ليس هو قول المعتزلة ولا قول جهم وأتباعه الجبرية، فمن قال إن شيئا من الحوادث أفعال الملائكة والجن والإنس لم يخلقها الله تعالى، فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع السلف والأدلة العقلية] (1) *) (2) .
ولهذا قال بعض السلف من قال: إن كلام الآدميين أو أفعال (3) العباد غير مخلوقة، فهو بمنزلة من قال: إن سماء الله وأرضه غير مخلوقة.
والله تعالى يخلق ما يخلق (4) لحكمة كما تقدم، ومن جملة المخلوقات ما قد يحصل به (5) ضرر عارض لبعض الناس، كالأمراض والآلام وأسباب ذلك، فخلق الصفات والأفعال التي هي أسبابه (6) من جملة ذلك. فنحن نعلم أن لله في ذلك حكمة، (* وإذا كان قد فعل ذلك لحكمة خرج عن أن يكون سفها، وإذا كان العقاب على فعل العبد الاختياري لم يكن ظلما. فهذا الحادث بالنسبة إلى الرب له فيه حكمة *) (7) يحسن (8) لأجل تلك الحكمة وبالنسبة (9) إلى العبد عدل، لأنه عوقب على فعله، فما ظلمه الله ولكن هو ظلم نفسه.
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط (ن) ، (م) .
(2) ما بين النجمتين (والمرجح لوجود الممكن (ص [0 - 9] 0) . . . . . السلف والأدلة العقلية (ص 33) : ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وأفعال.
(4) ن، م، ب، أ: ما يخلقه.
(5) م (فقط) : ما يحصل منه.
(6) ب (فقط) : أسباب.
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(8) ب، أ، ن: تحسن، وفي (م) الكلمة غير معجمة.
(9) ب، أ: بالنسبة
================================
واعتبر ذلك بأن يكون غير الله هو الذي عاقبه على ظلمه، لو (1) عاقبه ولي أمر على عدوانه على الناس فقطع (2) يد السارق، أليس ذلك عدلا (3) من هذا الوالي؟ وكون الوالي مأمورا بذلك يبين (4) أنه عادل.
لكن المقصود هنا أنه مستقر في فطر الناس وعقولهم أن ولي الأمر إذا أمر الغاصب برد المغصوب إلى مالكه، وضمن التالف بمثله، أنه يكون حاكما بالعدل، وما زال العدل معروفا في القلوب والعقول. ولو قال هذا المعاقب: أنا قد قدر علي هذا، لم يكن هذا (5) حجة له، ولا مانعا لحكم الوالي أن يكون عدلا.
فالله تعالى أعدل العادلين إذا اقتص (6) للمظلوم من ظالمه في الآخرة أحق بأن يكون ذلك عدلا منه، فإن (7) قال الظالم: هذا كان مقدرا علي، لم يكن هذا عذرا صحيحا ولا مسقطا لحق المظلوم، وإذا كان الله هو الخالق لكل شيء فذاك (8) لحكمة أخرى له في الفعل، فخلقه حسن بالنسبة إليه لما [له] (9) فيه من الحكمة، والفعل القبيح المخلوق قبيح من فاعله (10) ، لما عليه
_________
(1) ب، أ: ولو.
(2) ن، م: فيقطع.
(3) ع: أليس في ذلك عدلا ; ن، م: أليس ذلك عدل.
(4) ن: يتبين، أ، ع: تبين.
(5) هذا: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) ب، أ: إذا اقتضى.
(7) ب، أ: فإذا.
(8) ب، أ: فذلك.
(9) له: في (ع) فقط.
(10) ن، م: والفعل القبيح من المخلوق هو قبيح من فاعله
=================================
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|