
03-09-2024, 08:58 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,400
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثامن
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (488)
صــ 486 إلى صــ 500
قيل : إن الناس اختلفوا في معنى ذلك .
فقال بعضهم : العذاب إنما يصل إلى الإنسان الذي هو غير الجلد واللحم ، وإنما يحرق الجلد ليصل إلى الإنسان ألم العذاب . وأما الجلد واللحم فلا يألمان . قالوا : فسواء أعيد على الكافر جلده الذي كان له في الدنيا أو جلد غيره ؛ إذ كانت الجلود غير آلمة ولا معذبة ، وإنما الآلمة المعذبة النفس التي تحس الألم ، ويصل إليها الوجع . قالوا : وإذا كان ذلك كذلك ، فغير مستحيل أن يخلق لكل كافر في النار في كل لحظة وساعة من الجلود ما لا يحصى عدده ، ويحرق ذلك عليه ؛ ليصل إلى نفسه ألم العذاب إذ كانت الجلود لا تألم .
وقال آخرون : بل الجلود تألم واللحم وسائر أجزاء جسم بني آدم . وإذا أحرق جلده أو غيره من أجزاء جسده ، وصل ألم ذلك إلى جميعه . قالوا : ومعنى قوله : " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها " بدلناهم جلودا غير محترقة ؛ وذلك أنها تعاد جديدة ، والأولى كانت قد احترقت فأعيدت غير محترقة ، فلذلك قيل : غيرها ؛ لأنها غير الجلود التي كانت لهم في الدنيا التي عصوا الله وهى لهم . قالوا : وذلك نظير قول العرب للصائغ إذا استصغته خاتما من خاتم مصوغ بتحويله عن صياغته التي هو بها إلى صياغة أخرى : صغ لي من هذا الخاتم خاتما غيره ، فيكسره ويصوغ له منه خاتما غيره ، والخاتم المصوغ بالصياغة الثانية هو الأول ولكنه لما أعيد بعد كسره خاتما قيل : هو غيره . قالوا : فكذلك معنى قوله : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها : لما [ ص: 487 ] احترقت الجلود ثم أعيدت جديدة بعد الاحتراق قيل : هي غيرها على ذلك المعنى .
وقال آخرون : معنى ذلك : كلما نضجت جلودهم : سرابيلهم ، بدلناهم سرابيل من قطران غيرها . فجعلت السرابيل من القطران لهم جلودا كما يقال للشيء الخاص بالإنسان : هو جلدة ما بين عينيه ووجهه ؛ لخصوصه به . قالوا : فكذلك سرابيل القطران التي قال الله في كتابه : ( سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ) [ سورة إبراهيم : 50 ] لما صارت لهم لباسا لا تفارق أجسامهم جعلت لهم جلودا فقيل : كلما اشتعل القطران في أجسامهم واحترق بدلوا سرابيل من قطران آخر . قالوا : وأما جلود أهل الكفر من أهل النار فإنها لا تحترق ؛ لأن في احتراقها إلى حال إعادتها فناءها ، وفي فنائها راحتها . قالوا : وقد أخبر الله - تعالى ذكره - عنها : أنهم لا يموتون ولا يخفف عنهم من عذابها . قالوا : وجلود الكفار أحد أجسامهم ، ولو جاز أن يحترق منها شيء فيفنى ثم يعاد بعد الفناء في النار جاز ذلك في جميع أجزائها . وإذا جاز ذلك وجب أن يكون جائزا عليهم الفناء ، ثم الإعادة والموت ، ثم الإحياء ، وقد أخبر الله عنهم أنهم لا يموتون . قالوا : وفي خبره عنهم أنهم لا يموتون دليل واضح أنه لا يموت شيء من أجزاء أجسامهم ، والجلود أحد تلك الأجزاء .
وأما معنى قوله : " ليذوقوا العذاب " فإنه يقول : فعلنا ذلك بهم ليجدوا ألم العذاب وكربه وشدته ؛ بما كانوا في الدنيا يكذبون آيات الله ويجحدونها .
[ ص: 488 ] القول في تأويل قوله ( إن الله كان عزيزا حكيما ( 56 ) )
قال أبو جعفر : يقول : إن الله لم يزل " عزيزا " في انتقامه ممن انتقم منه من خلقه ، لا يقدر على الامتناع منه أحد أراده بضر ، ولا الانتصار منه أحد أحل به عقوبة " حكيما " في تدبيره وقضائه .
القول في تأويل قوله ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ( 57 ) )
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : والذين آمنوا وعملوا الصالحات : والذين آمنوا بالله ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدقوا بما أنزل الله على محمد مصدقا لما معهم من يهود بني إسرائيل وسائر الأمم غيرهم " وعملوا الصالحات " يقول : وأدوا ما أمرهم الله به من فرائضه ، واجتنبوا ما حرم الله عليهم من معاصيه ، وذلك هو الصالح من أعمالهم " سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار " ، يقول : سوف يدخلهم الله يوم القيامة جنات يعني بساتين تجري من تحتها الأنهار : يقول : تجري من تحت تلك الجنات الأنهار " خالدين فيها أبدا " يقول : باقين فيها أبدا بغير نهاية ولا انقطاع ، دائما ذلك لهم فيها أبدا " لهم فيها أزواج " يقول : لهم في تلك الجنات التي وصف صفتها أزواج [ ص: 489 ] مطهرة يعني : بريئات من الأدناس والريب والحيض والغائط والبول والحبل والبصاق ، وسائر ما يكون في نساء أهل الدنيا . وقد ذكرنا ما في ذلك من الآثار فيما مضى قبل ، وأغنى ذلك عن إعادتها .
وأما قوله : " وندخلهم ظلا ظليلا " فإنه يقول : وندخلهم ظلا كنينا ، كما قال - جل ثناؤه - : ( وظل ممدود ) [ سورة الواقعة : 30 ] وكما : -
9838 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن وحدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قالا جميعا : حدثنا شعبة قال : سمعت أبا الضحاك يحدث ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها : شجرة الخلد .
[ ص: 490 ] القول في تأويل قوله ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية .
فقال بعضهم : عني بها ولاة أمور المسلمين .
ذكر من قال ذلك :
9839 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أبي مكين ، عن زيد بن أسلم قال : نزلت هذه الآية : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها : في ولاة الأمر .
9840 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا ليث ، عن شهر قال : نزلت في الأمراء خاصة إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .
9841 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا إسماعيل ، عن مصعب بن سعد قال : قال علي - رضي الله عنه - كلمات أصاب فيهن : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ، وأن يؤدي الأمانة ، وإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا ، وأن يطيعوا ، وأن يجيبوا إذا دعوا .
9842 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا جابر بن نوح قال : حدثنا إسماعيل عن مصعب بن سعد ، عن علي بنحوه . [ ص: 491 ]
9843 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا موسى بن عمير ، عن مكحول في قول الله : وأولي الأمر منكم قال : هم أهل الآية التي قبلها : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها : إلى آخر الآية .
9844 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرنا ابن زيد قال : قال أبي : هم الولاة ، أمرهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها .
وقال آخرون : أمر السلطان بذلك : أن يعظوا النساء .
ذكر من قال ذلك :
9845 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال : يعني السلطان يعظون النساء .
وقال آخرون : الذي خوطب بذلك - النبي صلى الله عليه وسلم - في مفتاح الكعبة ، أمر بردها على عثمان بن طلحة .
ذكر من قال ذلك :
9846 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال : نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة قبض منه النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاتيح الكعبة ، ودخل به البيت يوم الفتح ، فخرج وهو يتلو هذه الآية ، فدعا عثمان [ ص: 492 ] فدفع إليه المفتاح . قال : وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو هذه الآية : فداه أبي وأمي ، ما سمعته يتلوها قبل ذلك
9847 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا الزنجي بن خالد ، عن الزهري قال : دفعه إليه وقال : أعينوه .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي قول من قال : هو خطاب من الله ولاة أمور المسلمين بأداء الأمانة إلى من ولوا أمره في فيئهم وحقوقهم ، وما ائتمنوا عليه من أمورهم ، بالعدل بينهم في القضية ، والقسم بينهم بالسوية . يدل على ذلك ما وعظ به الرعية في : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، فأمرهم بطاعتهم ، وأوصى الراعي بالرعية ، وأوصى الرعية بالطاعة كما : -
9848 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) قال : قال أبي : هم السلاطين . وقرأ ابن زيد : ( تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء ) [ سورة آل عمران : 26 ] ، وإنما نقول : هم العلماء الذي يطيفون على [ ص: 493 ] السلطان ، ألا ترى أنه أمرهم فبدأ بهم بالولاة فقال : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ؟ . والأمانات : هي الفيء الذي استأمنهم على جمعه وقسمه ، والصدقات التي استأمنهم على جمعها وقسمها . وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ، الآية كلها . فأمر بهذا الولاة . ثم أقبل علينا نحن فقال : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
وأما الذي قال ابن جريج من أن هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة فإنه جائز أن تكون نزلت فيه ، وأريد به كل مؤتمن على أمانة ، فدخل فيه ولاة أمور المسلمين ، وكل مؤتمن على أمانة في دين أو دنيا . ولذلك قال من قال : عني به قضاء الدين ، ورد حقوق الناس كالذي : -
9849 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها : فإنه لم يرخص لموسر ولا معسر أن يمسكها .
9850 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها : عن الحسن : أن [ ص: 494 ] نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " .
قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا - إذ كان الأمر على ما وصفنا - إن الله يأمركم يا معشر ولاة أمور المسلمين أن تؤدوا ما ائتمنتكم عليه رعيتكم من فيئهم وحقوقهم وأموالهم وصدقاتهم إليهم على ما أمركم الله بأداء كل شيء من ذلك إلى من هو له ، بعد أن تصير في أيديكم ، لا تظلموها أهلها ، ولا تستأثروا بشيء منها ، ولا تضعوا شيئا منها في غير موضعه ، ولا تأخذوها إلا ممن أذن الله لكم بأخذها منه قبل أن تصير في أيديكم ، ويأمركم إذا حكمتم بين رعيتكم أن تحكموا بينهم بالعدل والإنصاف ، وذلك حكم الله الذي أنزله في كتابه ، وبينه على لسان رسوله ، لا تعدوا ذلك فتجوروا عليهم .
القول في تأويل قوله ( إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ( 58 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : يا معشر ولاة أمور المسلمين إن الله نعم الشيء يعظكم به ، ونعمت العظة يعظكم بها في أمره إياكم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وأن تحكموا بين الناس بالعدل
" إن الله كان سميعا " يقول : إن الله لم يزل سميعا بما تقولون وتنطقون ، وهو سميع لذلك منكم إذا حكمتم [ ص: 495 ] بين الناس ، ولما تحاورونهم به " بصيرا " بما تفعلون فيما ائتمنتم عليه من حقوق رعيتكم وأموالهم ، وما تقضون به بينهم من أحكامكم : بعدل تحكمون أو جور ، لا يخفى عليه شيء من ذلك ، حافظ ذلك كله ، حتى يجازي محسنكم بإحسانه ، ومسيئكم بإساءته ، أو يعفو بفضله .
القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه ، وأطيعوا رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة ، وذلك أنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته ، كما : -
9851 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن عصى أميري فقد عصاني .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول . [ ص: 496 ]
فقال بعضهم : ذلك أمر من الله باتباع سنته .
ذكر من قال ذلك :
9852 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا هشيم ، عن عبد الملك ، عن عطاء في قوله : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " قال : طاعة الرسول اتباع سنته .
9853 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا يعلى بن عبيد ، عن عبد الملك ، عن عطاء : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " قال : طاعة الرسول : اتباع الكتاب والسنة .
9854 - وحدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عبد الملك ، عن عطاء مثله .
وقال آخرون : ذلك أمر من الله بطاعة الرسول في حياته .
ذكر من قال ذلك :
9855 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، إن كان حيا .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : هو أمر من الله بطاعة رسوله في حياته فيما أمر ونهى ، وبعد وفاته باتباع سنته . وذلك أن الله عم بالأمر بطاعته ، ولم يخصص بذلك في حال دون حال ، فهو على العموم حتى يخص ذلك ما يجب التسليم له .
واختلف أهل التأويل في : "أولي الأمر " الذين أمر الله عباده بطاعتهم في هذه الآية . [ ص: 497 ]
فقال بعضهم : هم الأمراء .
ذكر من قال ذلك :
9856 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال : هم الأمراء .
9857 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج قال : أخبرني يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم : نزلت في رجل بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - على سرية .
9858 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبيد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي إذ بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في السرية . [ ص: 498 ]
9859 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث قال : سأل مسلمة ميمون بن مهران عن قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال : أصحاب السرايا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - .
9860 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال . قال أبي : هم السلاطين . قال وقال ابن زيد في قوله : وأولي الأمر منكم ، قال أبي : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطاعة الطاعة ، وفي الطاعة بلاء . وقال : ولو شاء الله لجعل الأمر في الأنبياء يعني : لقد جعلت [ الأمر ] إليهم - والأنبياء معهم - ألا ترى حين حكموا في قتل يحيى بن زكريا ؟
9861 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية عليها خالد بن الوليد ، وفيها عمار بن ياسر ، فساروا قبل القوم الذين يريدون ، فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا ، وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم ، فأصبحوا قد هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا [ ص: 499 ] متاعهم ، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد ، فسأل عن عمار بن ياسر ، فأتاه فقال : يا أبا اليقظان ، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا ، وإني بقيت ، فهل إسلامي نافعي غدا ، وإلا هربت ؟ قال عمار : بل هو ينفعك ، فأقم ، فأقام ، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل ، فأخذه وأخذ ماله . فبلغ عمارا الخبر ، فأتى خالدا فقال : خل عن الرجل ، فإنه قد أسلم ، وهو في أمان مني . فقال خالد : وفيم أنت تجير ؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجاز أمان عمار ، ونهاه أن يجير الثانية على أمير . فاستبا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال خالد : يا رسول الله ، أتترك هذا العبد الأجدع يسبني ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا خالد لا تسب عمارا ؛ فإنه من سب عمارا سبه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله ، ومن لعن عمارا لعنه الله . فغضب عمار فقام ، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه ، فرضي عنه ، فأنزل الله - تعالى - قوله : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " .
وقال آخرون : هم أهل العلم والفقه .
ذكر من قال ذلك :
9862 - حدثني سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن علي بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله . . . . . [ ص: 500 ]
9863 - . . . . قال : حدثنا جابر بن نوح ، عن الأعمش ، عن مجاهد في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، قال : أولي الفقه منكم .
9864 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : أخبرنا ليث ، عن مجاهد في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، قال : أولي الفقه والعلم .
9865 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح : وأولي الأمر منكم ، قال : أولي الفقه في الدين والعقل .
9866 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
9867 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم : يعني أهل الفقه والدين .
9868 - حدثني أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن حصين ، عن مجاهد : وأولي الأمر منكم ، قال : أهل العلم .
9869 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبد الملك ، عن عطاء بن السائب في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال : أولي العلم والفقه . [ ص: 501 ]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|