عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 03-09-2024, 11:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,186
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مجالس شرح كتاب تعظيم العلم للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي

المجلس السادس من مجالس شرح كتاب تعظيم العلم

للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي





الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صل وسلم وبارك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ،أَمَّا بعد:
مرحبًا بكم أحبتنا الكرام في المجلس السَّابِع من [مجالس شرح تعظيم العلم].
للشيخ/ صالح بْن عبدالله بْن حمد العصيمي.
اليوم بعون الله نتحدث حول/ المعقد السَّادِس والمعقد السَّابِع.
نحاول إِنْ شَاءَ اللهُ أن ندرس معقدين من معاقد تعظيم العلم.
وقبل أن نبدأ في الحَدِيْث حول معاقد تعظيم العلم، كنا قَدْ تحدثنا في لقاءين سابقين حول ما ينبغي عَلَى الْمُسْلِم عمله في مواجهة الشبهات الَّتِي قَدْ تعرض له.
ولعلي أختم بهذا الأمر وَهُوَ: أن الأصل في الأمور الدنيوية الإباحة -أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام- الله جَلَّ وَعَلَا جعل باب الحلال واسعًا ولم يضيق عَلَى الخلق بتحريم أشياء كثيرة؛ بل المحرم هُوَ الباب الضيق أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام.
ولذلك القاعدة تَقُولُ:
إن الأصل في الأمور الدنيوية الإباحة، والأصل في الأمور الشَّرْعِيَّة المنع.
بمعنى: أَنَّهُ لو أراد شخص أن يتعبد عِبَادَة لله ويعمل عِبَادَة نَقُول له: ممنوع، إلى أن تأتي بالدليل، إلى أن يكون هناك نصٌّ في الْقُرْآن أو السُّنَّة ويوضح أن هذا الأمر عِبَادَة، فالأصل في العبادات التوقيف والمنع، إِلَّا ما جاء الشرع بِهِ.
وفي المقابل: الأصل في الأمور الدنيوية الإباحة، يَعْنِي حَتَّى نأخذ مثالًا عَلَى هذه القاعدة، عندما تقوم بعمل أي أمر دنيوي، تأكل أي طعام، تلبس أي لباس، تصنع أي شيء مِمَّا يتعلق بأمور الدُّنْيَا الأصل الإباحة، إذا جاء أحد يطلب منك يَقُولُ لك: ما الدليل عَلَى أن هذا الأمر مباح؟ تَقُولُ له: أنت قل لي: ما الدليل عَلَى أَنَّهُ ممنوع؟ يَعْنِي أنت تطالبه بالدليل عَلَى المنع؛ لأن الأصل الإباحة، فإذا وُجِد دليل عَلَى منع مثلًا الطعام، أخذنا مثالًا عَلَى الطعام أَنَّهُ أكل لحم الخنزير، هناك دليل عَلَى تحريمه؛ إذن الآن نتوقف عَنْ أكل لحم الخنزير؛ لأنه جاء نص بمنعه.
الجانب الآخر وَهُوَ العبادات؛
قُلْنَا:
الأصل فيها المنع.
مَثَلًا شخص قَالَ: إِنَّه يريد كما جاء في عهد النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريد أن يقف في الشَّمْس، يتعبد إلى الله بالوقوف في الشَّمْس ولا يستظل، أو يَقُولُ: لا أتزوَّج النساء، نَقُول: الأصل المنع، ما يصلح أن تتعبد إلى الله بشيء لم يرد في الشَّرِيعَة، فإذا أردت أن تتعبد لله نطالب بالدليل، نَقُول: أعطنا دليلًا عَلَى قيامك بهذه الْعِبَادَة، يَقُولُ: قَالَ الله، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هكذا؛ إذًا ليس هناك إشكال، إذا ما وُجِد لديه دليل؛ نَقُول: الأصل في العبادات المنع.
إذن هذا الأمر يفيد في ماذا؟
يفيد في محاربة الشبهة الَّتِي كنا نتحدث عنها، وأن المتدينين متشددون، والدين فيه تشدد، وكل الْأَشْيَاء الَّتِي حرمها الله مع أن الأصل في الأمور الدنيوية الإباحة، وكل الْأَشْيَاء الَّتِي حرمها الله جعل لك بديلًا في المباح، حينما حرم الله جَلَّ وَعَلَا عَلَيْنَا الخمر، كُلّ العصائر والماء وأنوع المشروبات مباحة، إِلَّا أشياء محدودة وضيقة، منها شرب الخمر، عندنا مَثَلًا ما يتعلق بالأطعمة كَذَلِكَ الأصل فيها الإباحة؛ يَقُولُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ ﴾ [الأنعام: 145].
يَعْنِي إذا الله حرم عَلَيْنَا لحم الخنزير فانظر كم من الأطعمة متاحة ومباحة؟ فالله جعل لنا بديلًا في الحلال.
الفكرة الَّتِي أود أن أوصلها لكم أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام:
هُوَ: أن ما حُرم عَلَيْنَا هناك بديل في الحلال، حرم الله جَلَّ وَعَلَا عَلَيْنَا الزنا، لكنه أباح لنا الزواج، فيوجد بديل، يوجد مخرج للإنسان لأن يعمل الحلال دون أن يعصي ربه ويستمتع في هذه الحياة الدُّنْيَا بالمباحات، لا أحد يمنعه، لكن لا يقترب من الحرام حَتَّى لا يضر دينه ودنياه.
ونختم بهذا الأمر قبل أن نبدأ في المعقد السَّادِس:
فَإِنَّ الله جَلَّ وَعَلَا لم يحرم عَلَيْنَا شيئًا إِلَّا لضرره، ولم يوجب عَلَيْنَا شيئًا، ولم يفرض عَلَيْنَا شيئًا إِلَّا لمنفعته لنا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
المعقد السَّادِس
رعاية فنونه في الأخذ وتقديم الأهم فالمهم
إن الصور المستحسنة يزيد حسنها بتمتع البصر بجميع أجزائها، ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من أجزائها، والعلم هكذا، فمن راعى في فنونه الأخذ، وأصاب في كُلِّ فن حظًّا، كملت آلته في العلم.
قَالَ ابْن الجوزي رَحِمَهُ اللهُ في (صيد خاطره):جميع العلوم ممدوحة.

من كُلِّ فن خذ ولا تجهل بِهِ
فالحر مطلع عَلَى الأسرار

ويقول شيخ شيوخنا مُحَمَّد بْن مانع رَحِمَهُ اللهُ في (إرشاد الطلاب):
ولا ينبغي للفاضل أن يترك علمًا من العلوم النافعة الَّتِي تعين عَلَى فهم الْكِتَاب وَالسُّنَّة، إذا كان يعلم من نفسه قوة عَلَى تعلُّمه، ولا يسوغ له أن يعيب العلم الذي يجهله، ويزري بعالمه؛ فَإِنَّ هذا نقص ورذيلة، فالعاقل ينبغي له أن يتكلم بعلم، أو يسكت بحلم، وَإِلَّا دخل تَحْتَ قول القائل:

أتاني أن سهلًا ذمَّ جهلًا
علومًا لَيْسَ يعرفهن سهل
علومًا لو قراها ما قلاها
ولكن الرضا بالجهل سهل
وهذا نجد أيها الأحبة الكرام في شرح هذا المعقد:
ذكر الشَّيْخ وَفَّقَهُ اللهُ الاستخفاف ببعض المعارف، كيف الاستخفاف ببعض المعارف؟ يَعْنِي كما ذكر الشَّيْخ في شرحه تجد أحدهم إذا برز في الحَدِيْث عاب التَّفْسِير وأهله، فَقَالَ: أكثر ما ينقل في التفاسير ضعيف الإسناد، والمتكلمون في التَّفْسِير لا معرفة لهم بالأسانيد، فهم ينقولون نقل معور عَنْ معور، وإذا كان مبرزًا في الفقه ولا يعلم الحَدِيْث، عاب الحَدِيْث بأن المقصود من الحَدِيْث العمل، وفي الصحيحين ما يغني في بيان الْأَحْكَام عَنْ تطلُّب معرفة علوم الحَدِيْث والجرح والتعديل وما تعلق بها.
قَالَ الشَّيْخ: وهذا داء مشهود في الناس قديمًا وحديثًا، والسلامة منه ألا تستخف بشيء من المعارف الإسلامية، فالعلوم الَّتِي بثت في الأُمَّة، وانتشرت في أنحائها قديمًا وحديثًا، هِيَ من العلوم المقبولة الَّتِي يُرفع إِلَيْهَا الرأس ويُحث عليها الناس.
إذًا ما ينبغي الاستخفاف بعلوم الشَّرِيعَة أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام، أو إظهار أن أحد العلوم هُوَ الأفضل وَهُوَ الأنفع وما سواه لا ينفع كثيرًا، ونحو ذَلِكَ، هذا كله لا ينبغي أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام.
يَقُولُ الشَّيْخ هنا في شرحه:
سبب المشكلة هُوَ التخصص:
يأتي شخص يتخصص في الفقه، فهو يرى أن الفقه شيء رائع وجميل، وَهُوَ أصلًا صار تخصصه، يَعْنِي صار فاهمًا فيه ومتمكنًا منه؛ فلذلك يحبه، وهذا طبيعي، منشغلًا بِهِ، يقرأ فيه كثيرًا، يتبحَّر فيه، يتابع دروسه، أصبح متمكنًا في هذا العلم، هذا لا بأس فيه، ما فيه إشكال، نحن لا نعترض عَلَى التخصص، لكن لا تتحدث حول العلوم الأخرى، فتتحدَّث مثلًا عَنْ علم الحَدِيْث كما ذكر الشَّيْخ في الْمِثَال، أو تتحدث عَنْ علم التَّفْسِير، أو عَنْ علم العقيدة، أو عَنْ غَيْر ذَلِكَ، وتبدأ تذري بهذه العلوم أو تنقص من قدرها، أو تُظهر أنها لَيْسَت بمنزلة الفقه، وأن الفقه أَهَمُّ، وأن ما سواه حَتَّى لو لم تتعلمه لا يضرك ونحو ذَلِكَ، كُلّ هذا لا ينبغي أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام.
فَإِنَّ هذه العلوم لم تأتِ إِلَّا من كلام الله وكلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالمذكور في التَّفْسِير وفي العقيدة وفي الحَدِيْث وفي الفقه، كله إِنَّمَا مصدره الْقُرْآن وَالسُّنَّة، المرجع لهذِه العلوم الْقُرْآن وَالسُّنَّة، كيف نعيب شيئًا مصدره الْقُرْآن والسُّنَّة؟
ينبغي للعبد أن يتنبه وَألَّا يجعل تخصصه في أحد العلوم سببًا لأن يزري بغير العلم الذي تخصص فيه.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
وَإِنَّمَا تنفع رعاية فنون العلم باعتماد أصلين:
أَحَدُهُمَا: تقديم الأهم فالمهم مِمَّا يفتقر إليه المتعلم في القيام بوظائف العبودية لله.
سُئل مالك بْن أنس إمام دار الهجرة عَنْ طلب العلم؛ فَقَالَ: حسنٌ جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه.
وَقَدْ مَرَّ أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام في المعقد الخَامِس من معاقد تعظيم العلم، قول مُحَمَّد مرتضى بْن مُحَمَّد الزبيدي، صاحب تاج العروس في منظومة له تسمى (ألفية السند) قَالَ فيها:

فما حوى الغاية في ألف سنة
شخص فخذ من كُلِّ فنٍ أحسنه

يَعْنِي أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام العلم بحر، العلم واسع جدًّا، هنا في البيت الذي قرأناه قبل قليل يَقُولُ لك: لو عشت ألف سنة، ما تقدر أنك تصل إلى غاية العلوم، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85].
طالما لو أنني أفنيت عمري، لو أفنيت ليلي ونهاري، لنتخيل كَذَلِكَ مجرد تخيل، رغم أن هذا الشيء مستحيل أن إنسانًا لا ينام وليل مع نهار في العلم وعاش مَثَلًا سبعين سنة أو ثمانين سنة ما شاء الله أن يعيش، لا يمكن أن يبلغ الغاية في العلوم؛ لأن العلوم واسعة -أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام- العلوم بحر، والكتب والمراجع والفنون المختلفة، لو أفنى الْإِنْسَان عمره وحياته وجهده ووقته وماله لن يبلغ الغاية فيها، إذن ما الحل ما دامت الْمَسْأَلَة هكذا، إنَّهُ الآن نحن نتكلم عَنْ بحور من العلم، عَنْ آفاق واسعة لا يمكن إدراك نهايتها؟
هذه هِيَ فكرة المعقد كله:
إذا أنت فهمت الفكرة هذه فقد فهمت المعقد الذي نتحدث عنه اليوم:
أن العلوم بحر واسع، فما د ام الأمر كَذَلِكَ فابدأ بالأهم قبل المهم:
يَعْنِي: تبدأ بالأهم؛ لأنك في النهاية حَتَّى لو أفنيت عمرك كله في العلم فلن تبلغ نهايته، من ثم تستغل مجهودك ووقتك وذهنك ومالك وكل ما يمنحك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من وسائل في طلب العلم تبذلها في تعلُّم الأهم فالمهم، قدم الأهم، اجعلها كأنها سُلَّم أولويات، السلم تجعل فيه الأهم؛ الْأَشْيَاء الَّتِي تتعلق بعبوديتك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، الْأَشْيَاء الَّتِي تحتاج إليها في علاقتك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، يَعْنِي في صلاتك، إذا كان عندك مال زكاتك لهذا المال، في صومك، العبادات والأمور الَّتِي أنت محتاج إليها حَتَّى تقوم بالعبادات الَّتِي أمرك بها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، التَّوْحِيد طبعًا، والإيمان وما يتعلق بأركان الإيمان، وكل هذه الأمور تبدأ بها، قبل غيرها؛ لأن هذه مطلوبة منك، الله سيسألك عنها، سنُسأل عنها أَيُّهَا الأَحِبَّة الكرام.
فما دامت هذه الأمور سنُسأل عنها بين يدي الله جل جلاله نعطيها أولوية:
ولأنها أَيْضًا هِيَ الَّتِي توضح لنا طريق القيام بعبودية الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، عَلَى علم وبصيرة، لَيْسَ كمن يعبد الله عَلَى جهل -وَالعِيَاذُ باللهِ-.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
ولهذا سئل مالك بْن أنس إمام دار الهجرة، وَهُوَ الْإِمَام مالك رَحِمَهُ اللهُ عَنْ طلب العلم؛ فَقَالَ: حسنٌ جميل، ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه.
يَعْنِي: انظر الْأَشْيَاء الَّتِي أنت تحتاج إليها في يومك وليلتك مِمَّا يتعلق بالعبادات المطلوبة منك، فتعلَّمها وافهمها حَتَّى تطبقها، وتعمل بها؛ لأنه كما ذكرنا من قبل، العلم شجرة والعمل ثمرة، وَإِنَّمَا يُراد العلم للعمل، الهدف من العلم حَتَّى تُطبق هذه العلوم الَّتِي تعلمتها، وتفهمها وتعمل بها، حَتَّى تكون حجة لك لا عليك، من ثم ابدأ بالأهم قبل المهم فِيمَا يتعلق بوظائف عبوديتك لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى:
قَالَ أبو عبيدة معمر بْن المثنى:من شغل نفسه بغير المهم أضَرَّ بالمهم.
قدم الأهم إن العلم جم
والعمر طيف زار أو ضيف ألم
وَالآخَر: أن يكون قصده في أول طلبه تحصيل مختصر في كُلِّ فن، حَتَّى إذا استكمل أنواع العلوم النافعة نظر إلى ما وافق طبعه منها، وآنس من نفسه قدرة عَلَيْهِ، فتبحَّر فيه، سواء كان فنًّا واحدًا أو أكثر.
هنا الشَّيْخ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ:
ينبغي عَلَى طالب العلم أن يدرس مختلف الفنون، فيدرس مثلًا متنًا في التَّفْسِير، وفي العقيدة، وفي الحَدِيْث، وفي الفقه، وفي غيرها من العلوم الَّتِي تخدم الْكِتَاب وَالسُّنَّة، ثُمَّ بلا شَكَّ سيظهر لديه إِمَّا من خلال ما يشعر بِهِ طالب العلم أو ما يوجهه بِهِ معلمُه، رغبةٌ في التخصص في أحد هذه الفنون.
هنا يَقُولُ الشَّيْخ لك: تخصص في الفن الذي تحب، لكن يكون لديك إلمام بالصورة الشاملة للعلوم المختلفة، ولأن الشخص إذا ما كان لديه إلمام بهذه الصورة الشاملة...
دعونا نأخذ مثالًا:
لو جاء شخص وبدأ من البداية يَقُولُ: أنا أريد أن أتخصص في علم العقيدة مثلًا، أنا أحببت علم العقيدة، والعقيدة لها علاقة بالإيمان بالله، والإيمان بالله هُوَ أسمى ما ينبغي عَلَى الْمُسْلِم العناية بِهِ، وأفضل الأعمال، وَهُوَ مقتضى شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن مُحَمَّدًا رَسُول الله، المهم حب العقيدة.
هنا الشَّيْخ يَقُولُ: هذا الشخص لو من البداية بدأ يتخصص في علم العقيدة ويدرس متون العقيدة ويحضر دروس العقيدة و... و...، فلن يتميز في العقيدة، إِلَّا إذا أخذ صورة شاملة عَن العلوم قبل أن يبدأ في التخصص في علم العقيدة، يدرس تفسيرًا، يدرس حديثًا، يدرس -كَمَا قُلْنَا- فقهًا، يتعلم علوم الشَّرِيعَة، يأخذ متنًا في كُلِّ هذه الفنون وغيرها، ثُمَّ بعد ذَلِكَ يبدأ في التخصص؛ هنا سيُبدِع، هنا بعون الله سيتمكن من التميز في هذا التخصص الذي أحبَّه أو وجَّهه له معلمُه.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]