
08-09-2024, 11:01 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (291)
صــــــــــ 73 الى صـــــــــــ 79
مضرا به فيركب ولا شيء عليه على مثل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا إسرائيل أن يتم صومه ويتنحى عن الشمس، فأمره بالذي فيه البر ولا يضر به ونهاه عن تعذيب نفسه لأنه لا حاجة لله في تعذيبه، وكذلك الذي يمشي إذا كان المشي تعذيبا له يضر به تركه ولا شيء عليه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو أن رجلا قال إن شفى الله فلانا فلله علي أن أمشي لم يكن عليه مشي حتى يكون نوى شيئا يكون مثله برا فإن لم ينو شيئا فلا شيء عليه؛ لأنه ليس في المشي إلى غير مواضع البربر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو نذر فقال علي المشي إلى إفريقية، أو العراق، أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شيء؛ لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شيء من البلدان وإنما يكون المشي إلى الموضع الذي يرتجى فيه البر، وذلك المسجد الحرام وأحب إلي لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة أن يمشي وإلى مسجد بيت المقدس أن يمشي لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس» ولا يبين لي أن أوجب المشي إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس كما يبين لي أن أوجب المشي إلى بيت الله الحرام، وذلك أن البر بإتيان بيت الله تعالى فرض، والبر بإتيان هذين نافلة، وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولا نية له فالاختيار أن يمشي إلى بيت الله الحرام ولا يجب ذلك عليه إلا بأن ينويه؛ لأن المساجد بيوت الله وهو إذا نذر أن يمشي إلى مسجد مصر لم يكن عليه أن يمشي إليه، ولو نذر برا أمرناه بالوفاء به ولم يجبر عليه وليس هذا كما يؤخذ للآدميين من الآدميين هذا عمل فيما بينه وبين الله عز وجل لا يلزمه إلا بإيجابه على نفسه بعينه، وإذا نذر الرجل أن ينحر بمكة لم يجزه إلا أن ينحر بمكة، وذلك أن النحر بمكة بر، وإن نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق لم يجزه أن ينحر إلا حيث نذر أن يتصدق وإنما أوجبته وليس في النحر في غيرها بر؛ لأنه نذر أن يتصدق على مساكين ذلك البلد فإذا نذر أن يتصدق على مساكين بلد فعليه أن يتصدق عليهم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل غلامي حر إلا أن يبدو لي في ساعتي هذه، أو في يومي هذا، أو أشاء، أو يشاء فلان أن لا يكون حرا، أو امرأته طالق إلا أن أشاء أن لا تكون طالقا في يومي هذا أو يشاء فلان فشاء، أو شاء الذي استثنى مشيئته لم يكن العبد حرا ولا المرأة طالقا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل أنا أهدي هذه الشاة نذرا، أو أمشي نذرا فعليه أن يهديها وعليه أن يمشي إلا أن يكون أراد أني سأحدث نذرا، أو أني سأهديها فلا يلزمه ذلك وهو كما قاله لغير إيجاب فإذا نذر الرجل أن يأتي موضعا من الحرم ماشيا أو راكبا فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا، ولو نذر أن يأتي عرفة، أو مرا، أو موضعا قريبا من الحرم ليس بالحرم لم يكن عليه شيء؛ لأن هذا نذر في غير طاعة، وإذا نذر الرجل حجا ولم يسم وقتا فعليه حج يحرم به في أشهر الحج متى شاء وإن قال علي نذر حج إن شاء فلان فليس عليه شيء، ولو شاء فلان إنما النذر ما أريد الله عز وجل به ليس على معاني الغلق ولا مشيئة غير الناذر، وإذا نذر أن يهدي شيئا من النعم لم يجزه إلا أن يهديه، وإذا نذر أن يهدي متاعا لم يجزه إلا أن يهديه، أو يتصدق به على مساكين الحرم فإن كانت نيته في هذه أن يعلقه سترا على البيت، أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نوى، ولو نذر أن يهدي ما لا يحمل مثل الأرضين والدور باع ذلك فأهدى ثمنه ويلي الذي نذر الصدقة بذلك تعليقه على البيت وتطييبه به، أو يوكل به ثقة يلي ذلك له، وإذا نذر أن يهدي بدنة لم يجزه فيها إلا ثني من الإبل، أو ثنية وسواء في ذلك الذكر، والأنثى، والخصي وأكثرها ثمنا أحب إلي، وإذا لم يجد بدنة أهدى بقرة ثنية فصاعدا، وإذا لم يجد بقرة أهدى سبعا من الغنم ثنيا فصاعدا إن كن معزى، أو جذعا فصاعدا إن كن ضأنا، وإن كانت نيته على بدنة من الإبل دون البقر فلا يجزيه أن يهدي مكانها من البقر
والغنم إلا بقيمتها، وإذا نذر الرجل هديا ولم يسم الهدي ولم ينو شيئا، فأحب إلي أن يهدي شاة وما أهدى من مد حنطة، أو ما فوقه أجزأه لأن كل هذا هدي، وإذا نذر أن يهدي هديا ونوى به بهيمة جديا رضيعا أهداه إنما معنى الهدي هدية وكل هذا يقع عليه اسم هدي
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نذر أن يهدي شاة عوراء، أو عمياء أو عرجاء، أو ما لا يجوز أضحية أهداه، ولو أهدى تاما كان أحب إلي؛ لأن كل هذا هدي، ألا ترى إلى قول الله عز وجل {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا} [المائدة: ٩٥] فقد يقتل الصيد وهو صغير وأعرج وأعمى وإنما يجزيه بمثله، أولا ترى أنه يقتل الجراد، والعصفور وهما من الصيد فيجزي الجرادة بتمرة، والعصفور بقيمته ولعله قبضه، وقد سمى الله تعالى هذا كله هديا، وإذا قال الرجل شاتي هذه هدي إلى الحرم، أو بقعة من الحرم أهدى، وإذا نذر الرجل بدنة لم تجزئه إلا بمكة فإذا سمى موضعا من الأرض ينحرها فيه أجزأته، وإذا نذر الرجل عدد صوم صامه إن شاء متفرقا، وإن شاء متتابعا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نذر صيام أشهر فما صام منها بالأهلة صامه عددا ما بين الهلالين إن كان تسعة وعشرين وثلاثين فإن صامه بالعدد صام عن كل شهر ثلاثين يوما، وإذا نذر صيام سنة بعينها صامها كلها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان ويوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ولا قضاء عليه كما لو قصد فنذر أن يصوم هذه الأيام لم يكن عليه نذر ولا قضاء فإن نذر سنة بغير عينها قضى هذه الأيام كلها حتى يوفي صوم سنة كاملة، وإذا قال لله علي أن أحج عامي هذا فحال بينه وبينه عدو، أو سلطان حابس فلا قضاء عليه وإن حال بينه وبينه مرض، أو خطأ عدد، أو نسيان أو توان قضاه إذا زعمت أنه يهل بالحج فيحصر بعدو فلا يكون عليه قضاء كان من نذر حجا بعينه مثله وما زعمت أنه إذا أحصر فعليه القضاء أمرته أن يقضيه إن نذره فأحصر وهكذا إن نذر أن يصوم سنة بعينها فمرض قضاها إلا الأيام التي ليس له أن يصومها فإن قال قائل فلم تأمر المحصر إذا أحصر بالهدي ولا تأمر به هذا؟ قلت: آمره به للخروج من الإحرام وهذا لم يحرم فآمره بالهدي
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أكل الصائم، أو شرب في رمضان، أو نذر أو صوم كفارة، أو واجب بوجه من الوجوه أو تطوع ناسيا فصومه تام ولا قضاء عليه، وإذا تسحر بعد الفجر وهو لا يعلم، أو أفطر قبل الليل وهو لا يعلم فليس بصائم في ذلك اليوم وعليه بدله فإن كان صومه متتابعا فعليه أن يستأنفه، وإذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا فليس عليه صوم صبيحة ذلك اليوم؛ لأنه قدم في الليل ولم يقدم في النهار وأحب إلي لو صامه، ولو قدم الرجل نهارا، وقد أفطر الذي نذر الصوم فعليه قضاء ذلك اليوم وهكذا لو قدم بعد الفجر وهو صائم ذلك اليوم متطوعا، أو لم يأكل فعليه أن يقضيه لأنه نذر والنذر لا يجزيه إلا أن ينوي صيامه قبل الفجر وهذا احتياط، وقد يحتمل القياس أن لا يكون عليه قضاؤه من قبل أنه لا يصلح له أن يكون فيه صائما عن نذره وإنما قلنا بالاحتياط إن جائزا أن يصام وليس هو كيوم الفطر وإنما كان عليه صومه بعد مقدم فلان فقلنا عليه قضاؤه وهذا أصح في القياس من الأول، ولو أصبح فيه صائما من نذر غير هذا، أو قضاء رمضان أحببت أن يعود لصومه كنذره وقضائه ويعود لصومه لمقدم فلان، ولو أن فلانا قدم يوم الفطر، أو يوم النحر، أو التشريق لم يكن عليه صوم ذلك اليوم ولا عليه قضاؤه؛ لأنه ليس في صوم ذلك اليوم طاعة ولا يقضي ما لا طاعة فيه.
ولو قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا فقدم يوم الاثنين كان عليه قضاء اليوم الذي قدم فيه فلان وصوم الاثنين كلما استقبله فإن تركه فيما يستقبل قضاه إلا أن يكون يوم الاثنين يوم فطر أو أضحى، أو أيام التشريق فلا يصومه ولا يقضيه، وكذلك إن كان في رمضان لم يقضه وصامه من رمضان كما لو أن رجلا
نذر أن يصوم رمضان صام رمضان بالفريضة ولم يصمه بالنذر ولم يقضه.
وكذلك لو نذر أن يصوم يوم الفطر، أو الأضحى أو أيام التشريق، ولو كانت المسألة بحالها وقدم فلان يوم الاثنين، وقد وجب عليه صوم شهرين متتابعين صامهما وقضى كل اثنين فيهما ولا يشبه هذا شهر رمضان؛ لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما، أوجب عليه صوم يوم الاثنين وشهر رمضان شيء أوجبه الله تعالى لا شيء أدخله على نفسه، ولو كانت المسألة بحالها، وكان الناذر امرأة فكالرجل وتقضي كل ما مر عليها من حيضتها، وإذا قالت المرأة لله علي أن أصوم كلما حضت، أو أيام حيضتي فليس عليها صوم ولا قضاء لأنها لا تكون صائمة وهي حائض، وإذا نذر الرجل صوما، أو صلاة ولم ينو عددا، فأقل ما يلزمه من الصلاة ركعتان ومن الصوم يوم؛ لأن هذا أقل ما يكون من الصلاة والصوم إلا الوتر.
(قال الربيع) وفيه قول آخر يجزيه ركعة واحدة، وذلك أنه يروى عن عمر أنه تنفل بركعة «وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر بركعة بعد عشر ركعات» وأن عثمان أوتر بركعة (قال الربيع) فلما كانت ركعة صلاة ونذر أن يصلي صلاة ولم ينو عددا فصلى ركعة كانت ركعة صلاة بما ذكرنا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال لله علي عتق رقبة، فأي رقبة أعتق أجزأه.
[من حلف على سكنى دار لا يسكنها]
فيمن حلف على سكنى دار لا يسكنها (سئل الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقيل له فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن أنه يؤمر بالخروج من ساعة حلف ولا نرى عليه حنثا في أقل من يوم وليلة إلا أن يكون له نية في تعجيل الخروج قبل يوم وليلة فإنه حانث إذا أقام يوما وليلة، أو يقول: نويت أن لا أعجل حتى أجد منزلا فيكون ذلك له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن الدار وهو فيها ساكن أخذ في الخروج مكانه فإن تخلف ساعة وهو يمكنه الخروج منها حنث ولكنه يخرج منها ببدنه متحولا ولا يضره أن يتردد على حمل متاعه منها وإخراج أهله لأن ذلك ليس بسكن قال فإنا نقول في الرجل يحلف أن لا يساكن الرجل وهما في دار واحدة ليس لها مقاصير كل بيت يدخله ساكنه أو كانت لها مقاصير يسكن كل مقصورة منها ساكنها، وكان الحالف مع المحلوف عليه في بيت منها، أو في مقصورة من مقاصيرها أو في حجرة المقصورة دون البيت وصاحب المحلوف عليه في البيت أنه يخرج مكانه حين حلف أنه لا يساكنه في البيت إلى أي بيوت الدار شاء وليس له أن يساكنه في المقصورة التي كانت فيها اليمين، وإن كان معه في البيت وليس له مقصورة، أو له مقصورة، أو كان في مقصورة دون البيت، والآخر في البيت دون المقصورة أنه إن أقام في البيت، أو في المقصورة يوما وليلة كان حانثا وإن أقام أقل من ذلك لغير المساكنة لم يكن عليه حنث إذا خرج إلى أي بيوت الدار ومقاصيرها شاء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يساكن الرجل وهو ساكن معه فهي كالمسألة قبلها يخرج منها مكانه، أو يخرج الرجل مكانه فإن أقاما جميعا ساعة بعدما أمكنه أن يتحول عنه حنث، وإن كانا في بيتين فجعل بينهما حاجز، أو لكل واحد من الحجرتين باب فليست هذه مساكنة وإن كانا في دار واحدة، والمساكنة أن يكونا في بيت، أو بيتين حجرتهما ومدخلهما واحد، فأما إذا افترق البيتان، والحجرتان فليست مساكنة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإنما جوابنا في هذه الأيمان كلها إذا حلف لا نية له إنما خرجت اليمين منه بلا نية، فأما إذا كانت اليمين بنية فاليمين على ما نوى قال فإنا نقول إذا نقل أهله وعياله وترك متاعه فإنا
نستحب له أن ينتقل بجميع متاعه وأن لا يخلف شيئا من متاعه، وإن خلف شيئا منه، أو خلفه كله فلا حنث عليه فإن خلف أهله وولده فهو حانث؛ لأنه ساكن بعد، والمساكنة التي حلف عليها هي المساكنة منه ومن عياله لمن حلف أن لا يساكنه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والنقلة، والمساكنة على البدن دون الأهل، والمال، والولد، والمتاع فإذا حلف رجل لينتقلن فانتقل ببدنه وترك أهله وولده وماله فقد بر، وإن قال قائل ما الحجة؟ قيل أرأيت إذا سافر ببدنه أيقصر الصلاة ويكون من أهل السفر، أو رأيت إذا انقطع إلى مكة ببدنه أيكون من حاضري المسجد الحرام الذين إن تمتعوا لم يكن عليهم دم؟ فإذا قال: نعم قيل فإنما النقلة، والحكم على البدن لا على مال ولا على ولد ولا على متاع قال: فإنا نقول فيمن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فتركه عليه بعد اليمين أنا نراه حانثا لأنه قد لبسه بعد يمينه، وكذلك نقول فيه إن حلف لا يركب هذه الدابة وهو عليها فإن نزل مكانه وإلا كان حانثا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف أن لا يلبس الثوب وهو لابسه فمثل المسألتين الأوليين إن لم ينزعه من ساعته إذا أمكنه نزعه حنث، وكذلك إن حلف أن لا يركب دابة وهو راكبها فإن نزل مكانه وإلا حنث وهكذا كل شيء من هذا الصنف قيل فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل الحضارة فسكن بيتا من بيوت الشعر فإنه إن كان ليمينه معنى يستدل عليه بالأمر الذي له حلف مثل أن يكون سمع بقوم انهدم عليهم بيت فعمهم ترابه فلا شيء عليه في سكناه في بيت شعر، وإن لم يكن له نية حين حلف، وإن كان إنما وجه يمينه أنه قيل له إن الشمس محتجبة وإن السكنى في السطوح، والخروج من البيوت مصحة ويسرة فحلف أن لا يسكن بيتا فإنا نراه حانثا إن سكن بيت شعر
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإن حلف الرجل أن لا يسكن بيتا وهو من أهل البادية، أو أهل القرية ولا نية له، فأي بيت شعر، أو أدم، أو خيمة، أو ما وقع عليه اسم بيت، أو حجارة، أو مدر سكن حنث قال فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن دار فلان فسكن دارا بينه وبين رجل آخر أنه يحنث، وكذلك إن كانت الدار كلها له فسكن منها بيتا حنث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن دارا لفلان ولم ينو دارا بعينها فسكن دارا له فيها شرك أكثرها كان له، أو أقلها لم يحنث ولا يحنث حتى تكون الدار كلها له خاصة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه فلان فاشترى فلان وآخر معه طعاما ولا نية له لم يحنث ولا أقول بقولكم إنكم تقولون فيمن حلف أن لا يأكل من طعام اشتراه فلان، فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه إنكم تحنثونه إن أكل منه قبل أن يقتسماه وزعمنا وزعمتم أنهما إن اقتسماه فأكل الحالف مما صار للذي لم يحلف عليه لم يكن عليه حنث، والقول فيها على ما أجبتك في صدر المسألة قال فإنا نقول من حلف أن لا يسكن دار فلان فباعها فلان إنه إن كان عقد يمينه على الدار؛ لأنها داره لا يحنث إن سكنها وهي لغيره، وإن كان إنما عقد يمينه على الدار وجعل تسميته صاحبها صفة من صفاتها مثل قوله هذه الدار المزوقة فذهب تزويقها، فأراه حانثا إن سكنها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يسكن دار فلان هذه بعينها وباعها فلان فإن كانت نيته على الدار حنث بأي وجه سكنها، وإن ملكها هو وإن كانت نيته ما كانت لفلان لم يحنث إذا خرجت من ملكه، وإن لم يكن له نية حنث إذا قال دار فلان هذه.
[من حلف أن لا يدخل هذه الدار وهذا البيت فغير عن حاله]
فيمن حلف أن لا يدخل هذه الدار وهذا البيت فغير عن حاله (قيل للشافعي) - رحمه الله تعالى - فإنا نقول لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت حتى صارت طريقا، أو خربة يذهب الناس فيها ذاهبين وجائين إنه إن كان في يمينه سبب يستدل به على شيء من نيته وما أراد في يمينه حمل على ما استدل به، وإن لم يكن لذلك سبب يستدل به على شيء من نيته فإنا لا نرى عليه حنثا في دخولها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل هذه الدار فانهدمت حتى صارت طريقا، ثم دخلها لم يحنث لأنها ليست بدار قال فإنا نقول فيمن قال والله لا أدخل من باب هذه الدار فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث إنه حانث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل من باب هذه الدار ولا نية له فحول بابها إلى موضع آخر فدخل منه لم يحنث، وإن كانت له نية فنوى من باب هذه الدار في هذا الموضع لم يحنث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو نوى أن لا يدخل الدار حنث (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص فقطعه قباء، أو سراويل، أو جبة إنا نراه حانثا إلا أن تكون له نية يستدل بها على أنه لا حنث عليه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يلبس ثوبا وهو رداء فقطعه قميصا، أو اتزر به، أو ارتدى به، أو قطعه قلانس، أو تبابين، أو حلف أن لا يلبس سراويل فاتزر بها، أو قميصا فارتدى به فهذا كله لبس وهو يحنث في هذا كله إذا لم تكن له نية فإن كانت له نية لم يحنث إلا على نيته إن حلف أن لا يلبس القميص كما تلبس القمص فارتدى به لم يحنث، وكذلك إن حلف أن لا يلبس الرداء كما تلبس الأردية فلبسه قميصا لم يحنث، وإذا حلف الرجل أن لا يلبس ثوب امرأته، وقد كانت منت بالثوب عليه، أو ثوب رجل من عليه، فأصل ما أبني عليه أن لا أنظر إلى سبب يمينه أبدا وإنما أنظر إلى مخرج اليمين، ثم أحنث صاحبها، أو أبره على مخرجها، وذلك أن الأسباب متقدمة، والأيمان محدثة بعدها فقد يحدث على مثالها وعلى خلاف مثالها فلما كان هكذا لم أحنثه على سبب يمينه وأحنثه على مخرج يمينه.
أرأيت لو أن رجلا قال لرجل قد نحلتك داري، أو قد وهبتك مالي فحلف ليضربنه أما يحنث إن لم يضربه وليس حلفه ليضربنه يشبه سبب ما قال له فإذا حلف أن لا يلبس هذا الثوب لثوب امرأته فوهبته له، أو باعته فاشترى بثمنه ثوبا، أو انتفع به لم يحنث ولا يحنث أبدا إلا بلبسه
(قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل دار فلان فرقى على ظهر بيته أنه يحنث؛ لأنه دخلها من ظهرها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل دار فلان فرقى فوقها فلم يدخلها وإنما دخوله أن يدخل بيتا منها أو عرصتها (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل بيت فلان فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك البيت بكراء إنه يحنث؛ لأنه بيته ما دام ساكنا فيه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل بيت فلان وفلان في بيت بكراء لم يحنث لأنه ليس بيت فلان إلا أن يكون أراد مسكن فلان، ولو حلف أن لا يدخل مسكن فلان فدخل عليه مسكنا بكراء حنث إلا أن يكون نوى مسكنا له يملكه
(قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان، فأدخله قهرا فإنه إن كان غلبه على ذلك ولم يتراخ فلا حنث عليه إن كان حين قدر على الخروج خرج من ساعته، فأما إن أقام، ولو شاء أن يخرج خرج فإن هذا حانث
(أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال إذا حلف أن لا يدخل دار فلان فحمل فأدخلها لم يحنث إلا أن يكون هو أمرهم أن يدخلوه تراخى، أو لم يتراخ
(قال) : فإنا نقول فيمن حلف بالطلاق أن
لا يدخل دار فلان فقال إنما حلفت أن لا أدخلها ونويت شهرا إنا نرى عليه أنه إن كانت عليه في يمينه بينة فإنه لا يصدق بنيته، وإن دخلها حنث، وإن كان لا بينة عليه في يمينه قبل ذلك منه مع يمينه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل بطلاق امرأته أن لا يدخل دار فلان فقال نويت شهرا أو يوما فهو كذلك فيما بينه وبين الله عز وجل وعليه اليمين، فأما في الحكم فمتى دخلها فهي طالق
(قال) : فإنا نقول فيمن قال والله لا أدخل على فلان بيتا فدخل عليه فلان ذلك بيتا إنا نراه حانثا إن أقام معه في البيت حين دخل عليه، وذلك أنه ليس يراد باليمين في مثل هذا الدخول ولكن يراد به المجالسة إلا أن تكون نيته يوم حلف أن لا يدخل عليه وأنه كان هو في البيت أولا، ثم دخل عليه الآخر فلا حنث عليه، وإذا كان هذا هكذا نيته يوم حلف فإنا لا نرى عليه حنثا إذا كان المحلوف عليه هو الداخل عليه بعد دخوله
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه الآخر بيته، فأقام معه لم يحنث لأنه لم يدخل عليه
(قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره إنه يحنث؛ لأنه داخل عليه وسواء كان البيت له أو لغيره وأنه إن دخل عليه مسجدا لم يحنث إلا أن يكون نوى المسجد في يمينه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل على رجل غيره بيتا فوجد ذلك المحلوف عليه في ذلك البيت لم يحنث من قبل أنه ليس على ذلك دخل (قال الربيع) وللشافعي قول آخر إنه يحنث إذا دخل عليه لأنه قد دخل عليه بيتا كما حلف، وإن كان قد قصد بالدخول على غيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإن علم أنه في البيت فدخل عليه حنث في قول من يحنث على غير النية ولا يرفع الخطأ، فأما إذا حلف أن لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه المسجد لم يحنث بحال.
[من حلف على أمرين أن يفعلهما أو لا يفعلهما ففعل أحدهما]
(قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يكسو امرأته هذين الثوبين فكساها أحدهما أنه حانث إلا أن يكون نوى في يمينه أن لا يكسوها إياهما جميعا لحاجته إلى أحدهما، أو لأنها لا حاجة لها فيهما جميعا فقال أنت طالق إن فعلت فتكون له نيته
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يكسو امرأته هذين الثوبين، أو هذه الأثواب الثلاثة فكساها أحد الثوبين، أو أحد الثلاثة، أو كساها من الثلاثة اثنين وترك واحدا لم يحنث، وكذلك لو حلف أن لا يأكل هذين القرصين، فأكلهما إلا قليلا لم يحنث إلا أن يأتي على الشيئين اللذين حلف عليهما إلا أن يكون ينوي أن لا يكسوها من هذه الأثواب شيئا، أو لا يأكل من هذا الطعام شيئا فيحنث، وإذا قال والله لا أشرب ماء هذه الإداوة ولا ماء هذا النهر ولا ماء هذا البحر كله فكل هذا سواء ولا يحنث إلا أن يشرب ماء الإداوة كله ولا سبيل إلى أن يشرب ماء النهر كله ولا ماء البحر كله ولكنه لو قال لا أشرب من ماء هذه الإداوة ولا من ماء هذا النهر ولا من ماء هذا البحر فشرب منه شيئا حنث إلا أن تكون له نية فيحنث على قدر نيته، وإذا قال والله لا أكلت خبزا وزيتا، فأكل خبزا ولحما لم يحنث، وكذلك كل شيء أكله مع الخبز سوى الزيت وكل شيء أكل به الزيت سوى الخبز فإنه ليس بحانث، وكذلك لو قال لا آكل زيتا ولحما فكذلك كل ما أكل مع اللحم سوى الزيت
(قال) : فإنا نقول لمن قال لأمته، أو امرأته أنت طالق، أو أنت حرة إن دخلت هاتين الدارين فدخلت إحداهما ولم تدخل الأخرى إنه حانث وإن قال إن لم تدخليهما فأنت
طالق، أو أنت حرة فإنا لا نخرجه من يمينه إلا بدخولهما جميعا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال لامرأته أنت طالق إن دخلت هاتين الدارين أو لأمته أنت حرة إن دخلت هاتين الدارين لم يحنث في واحدة منهما إلا بأن تدخلهما معا، وكذلك كل يمين حلف عليها من هذا الوجه
(قال) : فإنا نقول فيمن قال لعبدين له أنتما حران إن شئتما فإن شاءا جميعا الحرية فهما حران وإن شاءا جميعا الرق فهما رقيقان، وإن شاء أحدهما الحرية وشاء الآخر الرق فالذي شاء الحرية منهما حر ولا حرية بمشيئة هذا للذي لم يشأ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبدين له أنتما حران إن شئتما لم يعتقا إلا بأن يشاءا معا ولم يعتقا بأن يشاء أحدهما دون الآخر، وكذلك إن قال أنتما حران إن شاء فلان وفلان لم يعتقا إلا أن يشاء فلان وفلان ولم يعتقا بأن يشاء أحدهما دون الآخر، ولو كان قال لهما أيكما شاء العتق فهو حر، فأيهما شاء فهو حر شاء الآخر، أو لم يشأ
(قال) : فإنا نقول في رجل قال والله لئن قضيتني حقي في يوم كذا، وكذا لأفعلن بك كذا، وكذا فقضاه بعض حقه إنه لا يلزمه اليمين حتى يقضيه حقه كله؛ لأنه أراد به الاستقصاء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان لرجل على رجل حق فحلف لئن قضيتني حقي في يوم كذا، وكذا لأهبن لك عبدا من يومك فقضاه حقه كله إلا درهما، أو فلسا في ذلك اليوم كله لم يحنث ولا يحنث إلا بأن يقضيه حقه كله قبل أن يمر اليوم الذي قضاه فيه آخر حقه ولا يهب له عبدا.
[من حلف على غريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه]
(أخبرنا الربيع) قال: قيل للشافعي فإنا نقول فإن حلف أن لا يفارق غريما له حتى يستوفي حقه ففر منه، أو أفلس إنه حانث إلا أن تكون له نية
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يفارق غريمه حتى يأخذ حقه منه ففر منه غريمه لم يحنث؛ لأنه لم يفارقه هو، ولو كان قال لا أفترق أنا وهو حنث في قول من لا يطرح الخطأ والغلبة عن الناس، ولا يحنث في قول من طرح الخطأ والغلبة عن الناس، فأما إن حلف لا يفارقه حتى يأخذ منه حقه فأفلس فيحنث في قول من لا يطرح الغلبة عن الناس، والخطأ ولا يحنث في قول من طرح الخطأ، والغلبة عنهم (قال) : فإنا نقول فيمن حلف لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه فأحاله على غريم له آخر إنه إن كان فارقه بعد الحمالة فإنه حانث لأنه حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي ففارقه ولم يستوف لما أحاله، ثم استوفاه بعد (قال الربيع) الذي يأخذ به الشافعي أنه إن لم يفرط فيه حتى فر منه فهو مكره فلا شيء عليه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يفارق الرجل حتى يستوفي منه حقه، فأحاله بعد على رجل غيره، فأبرأه، ثم فارقه حنث، وإن كان حلف أن لا يفارقه وله عليه حق لم يحنث؛ لأنه، وإن لم يستوف أولا بالحمالة فقد برئ بالحوالة
(قال) : فإنا نقول فيمن حلف على غريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فاستوفاه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا، أو رصاصا، أو نقصا بينا نقصانه إنه حانث لأنه فارقه ولم يستوف وإنه إن أخذ بحقه عرضا فإن كان يسوى ما أخذه به وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه ولم يحنث
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه، فأخذ منه حقه فيما يرى، ثم وجد دنانيره زجاجا، أو نحاسا حنث في قول من لم يطرح عن الناس الخطأ في الأيمان ولا يحنث في قول من يطرح عن الناس ما لم يعمدوا عليه في الأيمان لأن هذا لم يعمد أن يأخذ إلا وفاء حقه وهو قول عطاء إنه يطرح عن الناس الخطأ والنسيان ورواه عطاء فإذا حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه، فأخذ بحقه

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|