
09-09-2024, 02:58 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,938
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (300)
صــــــــــ 136 الى صـــــــــــ 142
الميراث وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول اليمين عليه على علمه في جميع ما ذكرت لك من بيع وغير ذلك
(قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ورث الرجل دارا، أو غيرها فادعى رجل فيها دعوى سألناه عن دعواه فإن ادعى شيئا كان في يدي الميت أحلفنا الوارث على علمه ما يعلم له فيها حقا، ثم أبرأناه وإن ادعى فيها شيئا كان في يدي الوارث أحلفناه على البت نحلفه في كل ما كان في يديه على البت وما كان في يدي غيره فورثه على العلم، وإذا استحلف المدعى عليه على دعواه فحلفه القاضي على ذلك، ثم أتى بالبينة بعد ذلك على تلك الدعوى فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقبل منه ذلك؛ لأنه بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وشريح أنهما كانا يقولان اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا أقبل منه البينة بعد اليمين وبعد فصل القضاء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ادعى الرجل على الرجل الدعوى ولم يأت عليه ببينة وأحلفه القاضي فحلف، ثم جاء المدعي ببينة قبلتها وقضيت له بها ولم أمنع البينة العادلة التي حكم المسلمون بالإعطاء بها باليمين الفاجرة.
[باب الوصايا]
وإذا، أوصى الرجل للرجل بسكنى دار، أو بخدمة عبد، أو بغلة بستان، أو أرض، وذلك ثلثه، أو أقل فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول ذلك جائز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يجوز ذلك، والوقت في ذلك وغير الوقت في قول ابن أبي ليلى سواء
(قال الشافعي) : - رضي الله عنه: وإذا، أوصى الرجل للرجل بغلة داره، أو ثمرة بستانه والثلث يحمله فذلك جائز، وإذا، أوصى له بخدمة عبده والثلث يحمل العبد فذلك جائز وإن لم يحمل الثلث العبد جاز له منه ما حمل الثلث ورد ما لم يحمل؛
وإذا، أوصى الرجل للرجل بأكثر من ثلثه فأجاز ذلك الورثة في حياته وهم كبار، ثم ردوا ذلك بعد موته فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول لا تجوز عليهم تلك الوصية ولهم أن يردوها لأنهم أجازوا وهم لا يملكون الإجازة ولا يملكون المال، وكذلك بلغنا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وشريح وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول إجازتهم جائزة عليهم لا يستطيعون أن يرجعوا إلى شيء منها، ولو أجازوها بعد موته، ثم أرادوا أن يرجعوا فيها قبل أن تنفذ الوصية لم يكن ذلك لهم، وكانت إجازتهم جائزة في هذا الموضع في قولهما جميعا
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا، أوصى الرجل للرجل بأكثر من ثلث ماله فأجاز ذلك الورثة وهو حي، ثم أرادوا الرجوع فيه بعد أن مات فذلك جائز لهم؛ لأنهم أجازوا ما لم يملكوا، ولو مات فأجازوها بعد موته، ثم أرادوا الرجوع قبل القسم لم يكن ذلك لهم من قبل أنهم أجازوا ما ملكوا فإذا أجازوا ذلك قبل موته كانت الوصية وصاحبهم مريض، أو صحيح كان لهم الرجوع؛ لأنهم في الحالين جميعا غير مالكين أجازوا ما لم يملكوا
(قال) : وإذا، أوصى رجل بثلث ماله لرجل وبماله كله لآخر فرد ذلك الورثة كله إلى الثلث، فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول الثلث بينهما نصفان لا يضرب صاحب الجميع بحصة الورثة من المال، وكان ابن أبي ليلى يقول الثلث بينهما على أربعة أسهم يضرب صاحب المال بثلاثة أسهم ويضرب صاحب الثلث بسهم واحد وبه يأخذ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا، أوصى الرجل لرجل بثلث ماله، ولآخر بماله كله ولم يجز ذلك الورثة أقسم الوصية على أربعة أسهم لصاحب الكل ثلاثة ولصاحب الثلث واحد قياسا على عول الفرائض ومعقول في الوصية أنه أراد هذا بثلاثة وهذا بواحد.
[باب المواريث]
(أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا مات الرجل وترك أخاه لأبيه وأمه وجده فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول المال كله للجد وهو بمنزلة الأب في كل ميراث، وكذلك بلغنا عن أبي بكر الصديق، وعن عبد الله بن عباس، وعن عائشة أم المؤمنين، وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله تعالى عنهم - أنهم كانوا يقولون الجد بمنزلة الأب إذا لم يكن له أب، وكان ابن أبي ليلى يقول في الجد بقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - للأخ النصف وللجد النصف، وكذلك قال زيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود في هذه المنزلة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا هلك الرجل وترك جده وأخاه لأبيه وأمه فالمال بينهما نصفان وهكذا قال زيد بن ثابت وعلي وعبد الله بن مسعود وروي عن عثمان - رضي الله عنهم - وخالفهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فجعل المال للجد وقالته معه عائشة وابن عباس وابن الزبير وعبد الله بن عتبة - رضي الله عنهم - وهو مذهب أهل الكلام في الفرائض، وذلك أنهم يتوهمون أنه القياس وليس واحد من القولين بقياس غير أن طرح الأخ بالجد أبعد من القياس من إثبات الأخ معه، وقد قال بعض من يذهب هذا المذهب إنما طرحنا الأخ بالجد لثلاث خصال أنتم مجتمعون معنا عليها إنكم تحجبون به بني الأم، وكذلك منزلة الأب ولا تنقصونه من السدس، وكذلك منزلة الأب وأنكم تسمونه أبا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قلت إنما حجبنا به بني الأم خبرا لا قياسا على الأب قال وكيف ذلك؟ قلت نحن نحجب بني الأم ببنت ابن ابن متسفلة وهذه وإن وافقت منزلة الأب في هذا الموضع فلم نحكم لها نحن وأنت بأن تكون تقوم مقام الأب في غيره، وإذا وافقه في معنى وإن خالفه في غيره وأما أن لا ننقصه من السدس فإنا لم ننقصه خبرا ونحن لا ننقص الجدة من السدس أفرأيتنا وإياك أقمناها مقام الأب إن وافقته في معنى وأما اسم الأبوة فنحن وأنت نلزم من بيننا وبين آدم اسم الأبوة.
وإذا كان ذلك ودون أحدهم أب أقرب منه لم يرث، وكذلك لو كان كافرا، والموروث مسلما، أو قاتلا، والموروث مقتولا، أو كان الموروث حرا، والأب مملوكا فلو كان إنما ورثنا باسم الأبوة فقط ورثنا هؤلاء الذين حرمناهم كلهم ولكنا إنما ورثناهم خبرا لا بالاسم قال فأي القولين أشبه بالقياس؟ قلت ما فيهما قياس، والقول الذي اخترت أبعد من القياس، والعقل قال فأين ذلك؟ قلت أرأيت الجد، والأخ إذا طلبا ميراث الميت أيدليان بقرابة أنفسهما أم بقرابة غيرهما؟ قال وما ذلك قلت أليس إنما يقول الجد أنا أبو أبي الميت ويقول الأخ أنا ابن أبي الميت؟ قال بلى قلت فبقرابة أبي الميت يدليان معا إلى الميت قلت فاجعل أبا الميت هو الميت أيهما أولى بكثرة ميراثه ابنه، أو أبوه؟ قال، بل ابنه؛ لأن له خمسة أسداس ولأبيه السدس قلت: فكيف حجبت الأخ بالجد، والأخ إذا مات الأب أولى بكثرة ميراثه من الجد لو كنت حاجبا أحدهما بالآخر انبغى أن تحجب الجد بالأخ قال وكيف يكون القياس فيه؟ قلت لا معنى للقياس فيهما معا يجوز، ولو كان له معنى انبغى أن نجعل للأخ أبدا حيث كان مع الجد خمسة أسداس وللجد السدس وقلت أرأيت الإخوة أمثبتي الفرض في كتاب الله؟ قال نعم قلت فهل للجد في كتاب الله فرض؟ قال لا قلت، وكذلك السنة هم مثبتون فيها ولا أعلم للجد في السنة فرضا إلا من وجه واحد لا يثبته أهل الحديث كل التثبيت فلا أعلمك إلا طرحت الأقوى من كل وجه بالأضعف.
وإذا أقرت الأخت وهي لأب وأم، وقد ورث معها العصبة بأخ لأب فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول نعطيه نصف ما في يدها؛ لأنها أقرت أن المال كله بينهما نصفان فما كان في يدها منه فهو بينهما نصفان وبه يأخذ
وكان ابن أبي ليلى يقول لا نعطيه مما في يدها شيئا لأنها أقرت بما في يدي العصبة وهو سواء في الورثة كلهم ما قالا جميعا
(قال الشافعي) : وإذا مات الرجل وترك أخته لأبيه وأمه وعصبته فأقرت الأخت بأخ فالقياس أنه لا يأخذ شيئا وهكذا كل من أقر به وهو وارث فكان إقراره لا يثبت نسبة فالقياس أن لا يأخذ شيئا من قبل أنه إنما أقر له بحق عليه في ذلك الحق مثل الذي أقر له به؛ لأنه إذا كان وارثا بالنسب كان موروثا به، وإذا لم يثبت النسب حتى يكون موروثا به لم يجز أن يكون وارثا به، وذلك مثل الرجل يقر أنه باع داره من رجل بألف فجحده المقر له بالبيع لم نعطه الدار وإن كان بائعها قد كان أقر بأنها قد صارت ملكا له، وذلك أنه لم يقر أنها كانت ملكا له إلا وهو مملوك عليه بها شيء فلما سقط أن تكون مملوكة عليه سقط الإقرار له، وذلك مثل الرجلين يتبايعان العبد فيختلفان في ثمنه، وقد تصادقا على أنه قد خرج من ملك المالك إلى ملك المشتري فلما لم يسلم للمشتري ما زعم أنه ملكه به سقط الإقرار فلا يجوز أن يثبت للمقر له بالنسب حق، وقد أحطنا أنه لم يقر له به من دين ولا وصية ولا حق على المقر له إلا الميراث الذي إذا ثبت له ثبت أن يكون موروثا به، وإذا لم يثبت له أن يكون موروثا بالنسب لم يثبت له أن يكون وارثا به.
وإذا مات الرجل وترك امرأة وولدها ولم يقر بحبل امرأته، ثم جاءت بولد بعد موته وجاءت بامرأة تشهد على الولادة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا أقبل هذا ولا أثبت نسبه ولا أورثه بشهادة امرأة، وكان ابن أبي ليلى يقول أثبت نسبه وأورثه بشهادتها وحدها وبه يأخذ
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا مات الرجل وترك ولدا وزوجة فولدت فأنكر ابنه ولدها فجاءت بأربع نسوة يشهدن بأنها ولدته كان نسبه ثابتا، وكان وارثا ولا أقبل فيه أقل من أربع نسوة قياسا على القرآن لأن الله عز وجل ذكر شاهدين وشاهدا وامرأتين فأقام امرأتين حيث أجازهما مقام رجل فلما أجزنا النساء فيما يغيب عنه الرجال لم يجز أن نجيز منهن إلا أربعا قياسا على ما وصفت وجملة هذا القول قول عطاء بن أبي رباح.
وإذا كان للرجل عبدان ولدا في ملكه كل واحد منهما من أمة فأقر في صحته أن أحدهما ابنه، ثم مات ولم يبين ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا يثبت نسب واحد منهما ويعتق من كل منهما نصفه ويسعى في نصف قيمته، وكذلك أمهاتهما وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يثبت نسب أحدهما ويرثان ميراث ابن ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته، وكذلك أمهاتهما
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان لرجل أمتان لا زوج لواحدة منهما فولدتا ولدين فأقر السيد بأن أحدهما ابنه ومات ولا يعرف أيهما أقر به فإنا نريهما القافة فإن ألحقوا به أحدهما جعلناه ابنه وورثناه منه وجعلنا أمه أم ولد تعتق بموته وأرققنا الآخر وإن لم تكن قافة، أو كانت فأشكل عليهم لم نجعل ابنه واحدا منهما وأقرعنا بينهما فأيهما خرج سهمه أعتقناه وأمه بأنها أم ولد وأرققنا الآخر وأمه وأصل هذا مكتوب في كتاب العتق.
وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام ابن عم له البينة أنها دار جدهما والذي هي في يديه منكر لذلك فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول لا أقضي بشهادتهم حتى يشهدوا أن الجد تركها ميراثا لأبيه ولأبي صاحبه لا يعلمون له وارثا غيرهما، ثم توفي أبو هذا وترك نصيبه منها ميراثا لهذا لا يعلمون له وارثا غيره، وكان ابن أبي ليلى يقول أقضي له بشهادتهم وأسكنه في الدار مع الذي هي في يديه ولا يقتسمان حتى تقوم البينة على المواريث كما وصفت لك في قول أبي حنيفة ولا يقولان لا نعلم في قول ابن أبي ليلى لكن يقولان لا وارث له غيرهما في قول ابن أبي ليلى وقال أبو يوسف أسكنه ولا
يقتسمان
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت الدار في يدي الرجل فأقام ابن عمه البينة أنها دار جدهما أبي أبيهما ولم تقل البينة أكثر من ذلك والذي في يديه الدار ينكر قضيت بها دارا لجدهما ولم أقسمها بينهما حتى تثبت البينة على من ورث جدهما ومن ورث أباهما لأني لا أدري لعل معهما ورثة، أو أصحاب دين، أو وصايا وأقبل البينة إذا قالوا مات جدهما وتركها ميراثا لا وارث له غيرهما ولا يكونون بهذا شهودا على ما لا يعلمون؛ لأنهم في هذا كله إنما يشهدون على الظاهر كشهادتهم على النسب وكشهادتهم على الملك وكشهادتهم على العدل ولا أقبلهم إذا قالوا لا نعلم وارثا غير فلان وفلان إلا أن يكونوا من أهل الخبرة بالمشهود عليه الذين يكون الأغلب منهم أنه لا يخفى عليهم وارث لو كان له، وذلك أن يكونوا ذوي قرابة، أو مودة، أو خلطة، أو خبرة بجوار، أو غيره فإذا كانوا هكذا قبلتهم على العلم لأن معنى البت معنى العلم ومعنى العلم معنى البت.
وإذا توفي الرجل وترك امرأته وترك في بيته متاعا فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يحدث عن حماد عن إبراهيم أنه قال ما كان للرجال من المتاع فهو للرجل وما كان للنساء فهو للمرأة وما كان للرجال والنساء فهو للباقي منهما المرأة كانت، أو الرجل، وكذلك الزوج إذا طلق، والباقي الزوج في الطلاق وبه كان يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف، ثم قال بعد ذلك لا يكون للمرأة إلا ما يجهز به مثلها في ذلك كله؛ لأنه يكون رجل تاجر عنده متاع النساء من تجارته، أو صانع، أو تكون رهونا عند رجل، وكان ابن أبي ليلى يقول إذا مات الرجل، أو طلق فمتاع البيت كله متاع الرجل إلا الدرع، والخمار وشبهه إلا أن تقوم لأحدهما بينة على دعواه، ولو طلقها في دارها كان أمرهما على ما وصفت في قولهما جميعا
(قال الشافعي) : وإذا اختلف الزوجان في متاع البيت يسكنانه قبل أن يتفرقا، أو بعد ما تفرقا كان البيت للمرأة، أو الرجل، أو بعدما يموتان واختلفت في ذلك ورثتهما بعد موتهما، أو ورثة الميت منهما، والباقي كان الباقي الزوج، أو الزوجة فسواء ذلك كله، فمن أقام البينة على شيء من ذلك فهو له ومن لم يقم بينة فالقياس الذي لا يعذر أحد عندي بالغفلة عنه على الإجماع أن هذا المتاع في أيديهما معا فهو بينهما نصفان كما يختلف الرجلان في المتاع بأيديهما جميعا فيكون بينهما نصفين بعد الإيمان فإن قال قائل فكيف يكون للرجل النضوح، والخلوق والدروع، والخمر ويكون للمرأة السيف والرمح والدرع؟ قيل قد يملك الرجال متاع النساء والنساء متاع الرجال أرأيت لو أقام الرجل البينة على متاع النساء، والمرأة البينة على متاع الرجال أليس يقضى لكل بما أقام عليه البينة؟ فإذا قال بلى قيل أفليس قد زعمت وزعم الناس أن كينونة الشيء في يدي المتنازعين تثبت لكل النصف؟ فإن قال بلى قيل كما تثبت له البينة فإن قال بلى قيل فلم لم تجعل الزوجين هكذا وهي في أيديهما فإن استعملت عليهم الظنون وتركت الظاهر قيل لك فما تقول في عطار ودباغ في أيديهما عطر ومتاع الدباغ تداعياه معا فإن زعمت أنك تعطي الدباغ متاع الدباغين، والعطار متاع العطارين قيل فما تقول في رجل غير موسر ورجل موسر تداعيا ياقوتا ولؤلؤا فإن زعمت أنك تجعله للموسر وهو بأيديهما معا خالفت مذهب العامة وإن زعمت أنك تقسمه بينهما ولا تستعمل عليهما الظن فهكذا ينبغي لك أن تقول في متاع الرجل، والمرأة
(قال) : وإذا أسلم الرجل على يدي الرجل ووالاه وعاقده، ثم مات ولا وارث له فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول ميراثه له بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى لا يورثه شيئا مطرف عن الشعبي أنه قال لا ولاء إلا لذي نعمة الليث بن أبي سليم عن أبي الأشعث الصنعاني عن عمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سئل عن الرجل يسلم على يدي الرجل فيموت ويترك مالا فهو له وإن أبى فلبيت
المال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن مسروق أن رجلا من أهل الأرض والى ابن عم له فمات وترك مالا فسألوا ابن مسعود عن ذلك فقال ماله له.
(قال فالشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أسلم الرجل على يدي رجل ووالاه، ثم مات لم يكن له ميراثه من قبل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «فإنما الولاء لمن أعتق» وهذا يدل على معنيين أحدهما أن الولاء لا يكون إلا لمن أعتق، والآخر أنه لا يتحول الولاء عمن أعتق وهذا مكتوب في كتاب الولاء.
[باب في الأوصياء]
(قال الشافعي) : - رحمه الله: ولو أن رجلا، أوصى إلى رجل فمات الموصى إليه فأوصى إلى آخر فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول هذا الآخر وصي الرجلين جميعا وبهذا يأخذ، وكذلك بلغنا عن إبراهيم، وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول هذا الآخر وصي الذي أوصى إليه ولا يكون وصيا للأول إلا أن يكون الآخر أوصى إليه بوصية الأول فيكون وصيهما جميعا وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - بعد لا يكون وصيا للأول إلا أن يقول الثاني قد أوصيت إليك في كل شيء، أو يذكر وصية الآخر
(قال الشافعي) : - رحمه الله: وإذا، أوصى الرجل إلى رجل، ثم حضرت الوصي الوفاة فأوصى بماله وولده ووصية الذي، أوصى إليه إلى رجل آخر فلا يكون الآخر بوصية الأوسط وصيا للأول ويكون وصيا للأوسط الموصى إليه، وذلك أن الأول رضي بأمانة الأوسط ولم يرض أمانة الذي بعده، والوصي أضعف حالا في أكثر أمره من الوكيل، ولو أن رجلا وكل رجلا بشيء لم يكن للوكيل أن يوكل غيره بالذي وكله به ليستوجب الحق، ولو كان الميت الأول، أوصى إلى الوصي أن لك أن توصي بما، أوصيت به إليك إلى من رأيت فأوصى إلى رجل بتركة نفسه لم يكن وصيا للأول ولا يكون وصيا للأول حتى يقول قد أوصيت إليك بتركة فلان فيكون حينئذ وصيا له، ولو أن وصيا لأيتام تجر لهم بأموالهم، أو دفعها مضاربة.
فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول هو جائز عليهم ولهم بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي، وكان ابن أبي ليلى يقول لا تجوز عليهم، والوصي ضامن لذلك وقال ابن أبي ليلى أيضا على اليتامى الزكاة في أموالهم فإن أداها الوصي عنهم فهو ضامن وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - ليس على يتيم زكاة حتى يبلغ، ألا ترى أنه لا صلاة عليه ولا فريضة عليه وبهذا يأخذ
(قال الشافعي) : - رضي الله عنه - وإذا كان الرجل وصيا بتركة ميت يلي أموالهم كان أحب إلي أن يتجر لهم بها لم تكن التجارة بها عندي تعديا، وإذا لم تكن تعديا لم يكن ضامنا إن تلفت، وقد اتجر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بمال يتيم كان يليه، وكانت عائشة - رضي الله عنها - تبضع بأموال بني محمد بن أبي بكر في البحر وهم أيتام وتليهم وتؤدي منها الزكاة وعلى ولي اليتيم أن يؤدي الزكاة عنه في جميع ماله كما يؤديها عن نفسه لا فرق بينه وبين الكبير البالغ فيما يجب عليهما كما على ولي اليتيم أن يعطي من مال اليتيم ما لزمه من جناية لو جناها، أو نفقة له من صلاحه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن معمر بن راشد عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لرجل إن عندنا مالا ليتيم قد أسرعت فيه الزكاة وذكر أنه دفعه إلى رجل يتجر فيه
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إما قال مضاربة وإما قال بضاعة وقال بعض الناس لا زكاة في مال اليتيم الناض وفي زرعه الزكاة وعليه زكاة الفطر تؤدى عنه وجناياته التي تلزم من ماله واحتج بأنه لا صلاة عليه وأنه لو كان سقوط الصلاة عنه يسقط
عنه الزكاة كان قد فارق قوله إذ زعم أن عليه زكاة الفطر وزكاة الزرع، وقد كتب هذا في كتاب الزكاة
(قال) : ولو أن وصي ميت ورثته كبار وصغار ولا دين على الميت ولم يوص بشيء باع عقارا من عقار الميت فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك بيعه جائز على الصغار، والكبار، وكان ابن أبي ليلى يقول يجوز على الصغار، والكبار إذا كان ذلك مما لا بد منه وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - بيعه على الصغار جائز في كل شيء كان منه بدأ ولم يكن ولا يجوز على الكبار في شيء من بيع العقار إذا لم يكن الميت، أوصى بشيء يباع فيه، أو يكون عليه دين
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو أن رجلا مات وأوصى إلى رجل وترك ورثة بالغين أهل رشد وصغارا ولم يوص بوصية ولم يكن عليه دين فباع الوصي عقارا مما ترك الميت كان بيعه على الكبار باطلا ونظر في بيعه على الصغار فإن كان باع عليهم فيما لا صلاح لمعاشهم إلا به، أو باع عليهم نظرا لهم بيع غبطة كان بيعا جائزا وإن لم يبع في واحد من الوجهين ولا أمر لزمهم كان بيعه مردودا، وإذا أمرناه إذا كان في يده الناض أن يشتري لهم به العقار الذي هو خير لهم من الناض لم نجز له أن يبيع العقار إلا ببعض ما وصفت من العذر.
[باب في الشركة والعتق وغيره]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة ولأحدهما ألف درهم وللآخر أكثر من ذلك.
فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى: كان يقول ليست هذه بمفاوضة وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول هذه مفاوضة جائزة، والمال بينهما نصفان (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وشركة المفاوضة باطلة ولا أعرف شيئا من الدنيا يكون باطلا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة إلا أن يكونا شريكين يعدان المفاوضة خلط المال بالمال، والعمل فيه واقتسام الربح فهذا لا بأس به وهذه الشركة التي يقول بعض المشرقيين لها شركة عنان فإذا اشتركا مفاوضة وتشارطا أن المفاوضة عندهما هذا المعنى فالشركة صحيحة وما رزق أحدهما من غير هذا المال الذي اشتركا فيه معا من تجارة، أو إجارة، أو كنز، أو هبة، أو غير ذلك فهو له دون صاحبه، وإن زعما بأن المفاوضة عندهما بأن يكونا شريكين في كل ما أفادا بوجه من الوجوه بسبب المال وغيره فالشركة فيه فاسدة ولا أعرف القمار إلا في هذا، أو أقل منه أن يشترك الرجلان بمائتي درهم فيجد أحدهما كنزا فيكون بينهما أرأيت لو تشارطا على هذا من غير أن يتخالطا بمال كان يجوز فإن قال لا يجوز؛ لأنه عطية ما لم يكن للمعطى ولا للمعطي وما لم يعلمه واحد منهما أفتجيزه على مائتي درهم اشتركا بها؟ فإن عدوه بيعا فبيع ما لم يكن لا يجوز أرأيت رجلا وهب له هبة، أو أجر نفسه في عمل فأفاد مالا من عمل، أو هبة أيكون الآخر فيها شريكا؟ لقد أنكروا أقل من هذا
(قال) : ولو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه وهو موسر كان الخيار للآخر في قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - فإن شاء أعتق العبد كما أعتق صاحبه وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته فيكون الولاء بينهما وإن شاء ضمن شريكه نصف قيمته ويرجع الشريك بما ضمن من ذلك على العبد ويكون الولاء للشريك كله وهو عبد ما بقي عليه من السعاية شيء، وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول هو حر كله يوم أعتقه الأول، والأول ضامن لنصف القيمة ولا يرجع بها على العبد وله الولاء ولا يخير صاحبه في أن يعتق العبد، أو يستسعيه، ولو كان الذي أعتق العبد معسرا كان الخيار في قول أبي حنيفة للشريك الآخر إن شاء ضمن العبد نصف قيمته يسعى فيها، والولاء بينهما وإن شاء أعتقه كما أعتق
صاحبه، والولاء بينهما، وكان ابن أبي ليلى يقول إذا كان معسرا سعى العبد للشريك الذي لم يعتق في نصف قيمته ويرجع بذلك العبد على الذي أعتقه، والولاء كله للذي أعتقه وليس للآخر أن يعتق منه شيئا، وكان يقول إذا أعتق شقصا في مملوك فقد أعتقه كله ولا يتبعض العبد فيكون بعضه رقيقا وبعضه حرا وبه يأخذ أرأيت ما أعتق منه أيكون رقيقا؟ فإن كان ما أعتق منه يكون رقيقا فقد عتق فكيف يجتمع في معتق واحد عتق ورق؟ ، ألا ترى أنه لا يجتمع في امرأة بعضها طالق وبعضها غير طالق وبعضها امرأة للزوج على حالها.
وكذلك الرقيق وبهذا يأخذ إلا خصلة لا يرجع العبد بما سعى فيه على الذي أعتقه وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - لا يعتق بعضه وبعضه رقيق وهذا كله بمنزلة العبد ما دام منه شيء رقيق، أو يسعى في قيمته أرأيت لو أن الشريك قال نصيب شريكي منه حر وأما نصيبي فلا، هل كان يعتق منه ما لا يملك؟ ، وإذا أعتق منه ما يملك، فكيف يعتق منه ما لا يملك؟ وهل يقع عتق فيما لا يملك الرجل؟
(قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا كان العبد بين الرجلين فأعتق أحدهما نصيبه منه فإن كان موسرا بأن يؤدي نصف قيمته فالعبد حر كله، والولاء للمعتق الأول ولا خيار لسيد العبد الآخر، وإن كان معسرا فالنصف الأول حر والنصف الثاني لمالكه ولا سعاية عليه وهذا مكتوب في كتاب العتق بحججه إلا أنا وجدنا في هذا الكتاب زيادة حرف لم نسمع به في حججهم كان مما احتجوا به في هذا الكتاب أن قال قائلهم كيف تكون نفس واحدة بعضها حر وبعضها مملوك لا يكون كما لا تكون المرأة بعضها طالق وبعضها غير طالق فإن زعم أن العبد يكون فيه الرق، والحرية قياسا على المرأة قيل له: أيجوز للرجل أن ينكح بعض امرأة؟ فإن قال لا، لا تكون إلا منكوحة كلها، أو غير منكوحة قيل له: أفيجوز أن يشتري بعض عبد؟ فإن قال نعم قيل له: فأين العبد من المرأة؟ وقيل له: أيجوز له أن يكاتب المرأة على الطلاق ويكون ممنوعا حتى تؤدي الكتابة، أو تعجز؟ فإن قال: لا قيل: أفيجوز هذا له في العبد؟ فإن قال: نعم قيل: فلم تجمع بينهما؟ فإن قال لا يجتمعان قيل، وكذلك لا يجتمعان حيث جمعت بينهما، ويقال له أيضا أتكون المرأة لاثنين كما يكون العبد مملوكا لاثنين ويكون لزوج المرأة أن يهبها للرجل فتكون زوجة له كما يكون العبد إذا وهبه صار عبدا لمن وهبه له؟ فإن قال: لا قيل فما بال المرأة تقاس على المملوك ويقال له أرأيت العبد إذا عتق مرة أيكون لسيده أن يسترقه كما يكون له إذا طلق المرأة مرة أن يكون له رجعتها؟ فإن قال: لا قيل فما نعلم شيئا أبعد مما قاسه به منه
(قال) : ولو أن عبدا بين رجلين كاتبه أحدهما بغير إذن صاحبه ولا رضاه فأنكر ذلك صاحبه قبل أن يؤدي المكاتب شيئا فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول المكاتبة باطلة ولصاحبه أن يردها لأنها منفعة تصل إليه وليس ذلك له دون صاحبه وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول المكاتبة جائزة وليس للشريك أن يردها، ولو أن الشريك أعتق العبد كان العتق باطلا في قول ابن أبي ليلى حتى ينظر ما يصنع في المكاتبة فإن أداها إلى صاحبها عتق، وكان الذي كاتب ضامنا لنصف القيمة، والولاء كله له، وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول: عتق ذلك جائز ويخير المكاتب فإن شاء ألغى الكتابة وعجز عنها وإن شاء سعى فيها، فإن عجز عنها كان الشريك الذي كاتب بالخيار إن شاء ضمن الذي أعتق إن كان موسرا وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته وإن شاء أعتق العبد فإن ضمن الذي أعتق كان له أن يرجع على العبد بما ضمن
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان العبد بين رجلين فكاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه فالكتابة مفسوخة وما أخذ منه بينهما نصفان ما لم يؤد جميع الكتابة فإن أدى جميع الكتابة عتق نصف المكاتب، وكان كمن ابتدأ العتق في عبد بينه وبين رجل إن كان موسرا عتق عليه كله وإن معسرا عتق منه ما عتق، ولو ردت الكتابة قبل

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|