عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-09-2024, 07:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,650
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (309)
صــــــــــ 199 الى صـــــــــــ 205





معاوية بن قرة أن عبد الله صلاها بعد أربعا فقيل له: عبت على عثمان وتصلي أربعا قال: الخلاف شر وهم يقولون: لا يصلح للمسافر أن يصلي أربعا فإن صلى أربعا فلم يجلس في الثانية مقدار التشهد فسدت صلاته فيروون عن عبد الله أنه فعل ما إن فعله أحد فسدت صلاته.
أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وهم يستحبون أن يقرأ في أقل من ثلاث أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا به ما ليس منه وهم يروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بهما في صلاة الصبح» وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي.
أخبرنا ابن مهدي وغيره عن سفيان الثوري عن ابن إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: كان عبد الله يعطينا العطاء في زبل صغار ثم يأخذ منها زكاة، وهم يقولون: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، ولا نأخذ من العطاء ونحن نروي عن أبي بكر أنه كان لا يأخذ من العطاء زكاة وعن عمر وعثمان ونحن نقول بذلك أخبرنا ابن علية وابن أبي زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن مسعود أنه كان يقول لولي اليتيم: أحص ما مر من السنين فإذا دفعت إليه ماله قلت له قد أتى عليه كذا وكذا فإن شاء زكى وإن شاء ترك ولو كان ابن مسعود لا يرى عليه زكاة لم يأمره بالإحصاء؛ لأن من لم تجب عليه زكاة لا يؤمر بإحصاء السنين كما لا يؤمر الصبي بإحصاء سنيه في صغره للصلاة، ولكن كان ابن مسعود يرى عليه الزكاة، وكان لا يرى أن يزكيها الولي، وكان يقول: يحسب الولي السنين التي وجبت على الصبي فيها الزكاة فإذا بلغ الصبي، ودفع إليه ماله أعلمه ذلك، وهم يقولون: ليس في مال الصبي زكاة ونحن نقول: يزكي لأنا روينا ذلك عن عمر وعلي وعائشة وابن عمر وروينا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بذلك عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابتغوا في أموال اليتامى لئلا تذهبها أو تستهلكها الصدقة» .
[باب الصيام]
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمير أن عليا سئل عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها وليسوا يقولون بهذا يقولون: لا بأس بقبلة الصائم.
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي السفر عن علي - رضي الله عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود وليسوا ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد حرم الطعام والشراب على الصائم.
أخبرنا رجل عن الشيباني عن أبي ماوية أن عليا - رضي الله عنه - خرج يستسقي يوم عاشوراء فقال: من كان منكم أصبح صائما فليتم صيامه ومن كان مفطرا فلا يأكل وليسوا يقولون بهذا يقولون: من أصبح مفطرا فلا يصوم.
أخبرنا رجل من شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه كره صوم يوم الجمعة وهم يستحبون صوم يوم الجمعة فيخالفون عليا - رضي الله تعالى عنه -.
أخبرنا رجل عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن
عبد الله أنه كره القبلة للصائم وليسوا يأخذون بهذا، وأما نحن فنروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل وهو صائم» وعن غير واحد من أصحابه، ونقول: لا بأس أن يقبل الصائم.
أخبرنا ابن مهدي وإسحاق الأزرق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن المستورد بن الأحنف قال: جاء رجل فصلى معه الظهر فقال: إني ظللت اليوم لا صائم ولا مفطر كنت أتقاضى غريما لي فماذا ترى؟ قال: إن شئت صمت وإن شئت أفطرت أخبرنا رجل بشر بن السري وغيره عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن أن حذيفة بدا له بعد ما زالت الشمس فصام وهم لا يرون هذا، ويزعمون أنه لا يكون صائما حتى ينوي الصوم قبل الزوال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: أحدكم بالخيار ما لم يأكل أو يشرب وأما نحن فنقول: المتطوع بالصوم متى شاء نوى الصيام فأما من عليه صوم واجب فعليه أن ينويه قبل الفجر والله أعلم. .
[باب الحج]
(قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال: الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة وليسوا يأخذون بذلك، ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة في أشهر الحج، وأما نحن فروينا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا معه في حجته منهم من قرن الحج مع العمرة، ومنهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، ومنهم من أفرد الحج أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «وأفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج» فبهذا قلنا: لا بأس بالعمرة في أشهر الحج وقد كان ابن مسعود فيمن شهد تلك الحجة فيما علمنا.
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر: يا أبا أمية حج واشترط فإن لك ما شرطت ولله عليك ما اشترطت وهم يخالفون هذا، ولا يرون الشرط شيئا وأما نحن فنقول: يشترط وله الشرط لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر ضباعة بنت الزبير بالشرط وما روي عن عائشة أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير فقال: أما تريدين الحج؟ فقالت إني شاكية فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة يا ابن أختي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن يسرته فهو الحج، وإن حبسني حابس فهي عمرة.
أخبرنا ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله أنه لبى على الصفا في عمرة بعد ما طاف بالبيت وليسوا ولا أحد من الناس علمناه يقول بهذا، وإنما اختلف الناس عندنا فمنهم من قال: يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم وهو قول ابن عمر، ومنهم من قال: إذا استلم الركن وهو قول ابن عباس وبهذا نقول
أخبرنا رجل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وبه يقولون هم أيضا فأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد
أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: «كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك» وليسوا ولا أحد علمناه يقول هذا فخالفوه؛ لأن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم المسلمين إلى اليوم زيادة على هذه التلبية والملك لا شريك لك.
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله تنفل بين المغرب والعشاء بجمع وليسوا يقولون بهذا بل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاهما ولم يصل بينهما شيئا أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على أثر واحدة منهما» وبهذا نقول: أخبرنا ابن علية عن أبي حمزة ميمون عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: نسكان أحب إلي أن يكون لكل منهما شعث وسفر وهم يزعمون أن القرآن أفضل وبه يفتون من استفتاهم وعبد الله كان يكره القرآن أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه حكم في اليربوع جفرا أو جفرة، وهم يخالفونه ويقولون: نحكم فيه بقيمته في الموضع الذي يصاب فيه، ولو يبلغ أن يكون غير جفرة لم يهد إلا الثني فصاعدا ما يكون أضحية فيخالفونه من وجهين ولا يقولون علمته في قولهم هذا بقول أحد من السلف وأما نحن فنقول به؛ لأنه مثل ما روينا عن عمر وهو قول عوام فقهائنا. والله أعلم. .
[كتاب اختلاف مالك والشافعي]
- رضي الله عنهما - أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي - رحمه الله تعالى - قال: سألت الشافعي بأي شيء تثبت الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: قد كتبت هذه الحجة في كتاب "جماع العلم" فقلت: أعد من هذا مذهبك ولا تبال أن يكون فيه في هذا الموضع فقال الشافعي: إذا حدث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نترك لرسول الله حديثا أبدا إلا حديثا وجد عن رسول الله حديث يخالفه، وإذا اختلفت الأحاديث عنه فالاختلاف فيها وجهان: أحدهما أن يكون بها ناسخ ومنسوخ فنعمل بالناسخ ونترك المنسوخ، والآخر أن تختلف، ولا دلالة على أيها الناسخ فنذهب إلى أثبت الروايتين فإن تكافأتا ذهبت إلى أشبه الحديثين بكتاب الله وسنة نبيه فيما سوى ما اختلف فيه الحديثان من سنته ولا يعدو حديثان اختلفا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجد فيهما هذا أو غيره مما يدل على الأثبت من الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا كان الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، وكان يروى عمن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث يوافقه لم يزده قوة، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغن بنفسه، وإن كان يروى عمن دون رسول الله حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه وحديث رسول الله أولى أن يؤخذ به، ولو علم من روى خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنته اتبعها إن شاء الله فقلت للشافعي: أفيذهب صاحبنا هذا المذهب؟ قال: نعم في بعض العلم وتركه في بعض قلت: فاذكر ما ذهب إليه صاحبنا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يرو عن الأئمة أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي شيئا يوافقه، فقال: نعم سأذكر من ذلك - إن شاء الله - ما يدل على ما وصفت، وأذكر أيضا ما ذهب إليه من حديث رسول الله وفيه عن بعض الأئمة ما يخالفه ليكون أثبت للحجة عليكم في اختلاف أقاويلكم فتستغنون مرة بالحديث عن النبي دون غيره وتدعون له ما خالفه ثم تدعون الحديث مرة أخرى بغير حديث يخالفه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومن ذلك أنه أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس، قال: وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة كلاهما قالا: «إن الشمس خسفت فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
ركعتين ووصفاهما في كل ركعة ركعتين» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وخالفنا غيركم من الناس فقال: تصلي ركعتين كصلاة الناس وروى حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قوله، وخالفنا غيرهم من الناس فقال: تصلي ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا بأن ابن عباس صلى في زلزلة ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا غيره بأن علي بن أبي طالب صلى ركعتين، في كل ركعة أربع ركعات أو خمس وكانت حجتنا عليهم أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في أحد بعده حجة لو جاء عنه شيء يخالفه.
(قال الشافعي) : - رحمه الله: وأخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن يسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» فقلنا: نحن وأنتم بهذا، وخالفنا بعض الناس فيه فقال: هو مدرك العصر، وصلاته الصبح فائتة من قبل أنه خرج إلى وقت نهى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عما لا يلزم من الصلوات، وهذه صلاة لازمة قد بينها وأخبر أنه مدرك في الحالين معا أفرأيتم لو احتج عليكم رجل فقال: كيف ثبتم حديث أبي هريرة وحده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يروه أحد علمته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة ولم تردوه بأن هذا لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ما كانت حجتنا عليه إلا أنه إذا ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استغني به عمن سواه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم» فأخذنا نحن وأنتم به أفرأيتم إن قال لنا قائل: إن الحر والبرد لم يحدثا بعد ولم يذهبا بعد فلما لم يأت عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم أمروا بالإبراد، ولم ترووه عن واحد منهم وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحض على أول الوقت وذلك في الحر والبرد سواء هل الحجة إلا ثبوت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن حضه على أول الوقت لا يدفع أمره بتأخير الظهر في شدة الحرة، ولو لم يرو عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - استغني فيه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك عن أبي قتادة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: إنها ليست بنجس» قال: فأخذنا نحن وأنتم به فقلنا: لا بأس بالوضوء بفضل الهرة وخالفنا بعض الناس فكره الوضوء بفضلها واحتج بأن ابن عمر كره الوضوء بفضلها أفرأيتم إن قال لكم قائل: حديث حميدة عن كبشة لا يثبت مثله والهرة لم تزل عند الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنحن نوهنه بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتج أيضا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» والكلب لا يؤكل لحمه، ولا الهرة فلا أتوضأ بفضلها فهل الحجة عليه إلا أن المرأتين إن كانتا معروفتين ثبت حديثهما، وأن الهر غير الكلب الكلب نجس مأمور بغسل الإناء منه سبعا، ولا نتوضأ بفضله وفي الهرة حديث أنها ليست بنجس فنتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون أحد بعده قال به، ولا يكون في أحد قال بخلاف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، ولا في أن لم يرو إلا من وجه واحد إذا كان الوجه معروفا.
(قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ» فقلنا نحن وأنتم به، وخالفنا بعض الناس فقال: لا يتوضأ من مس الذكر واحتج بحديث رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافق قوله فكانت حجتنا عليه أن حديثه مجهول لا يثبت مثله، وحديثنا معروف، واحتج علينا بأن حذيفة وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وعمران بن الحصين وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص قالوا: ليس في مس الذكر وضوء وقالوا: رويتم عن سعد قولكم، وروينا عنه خلافه ورويتموه عن ابن عمر ومن رويناه عنه أكثر، لا توضئون لو مسستم أنجس منه فكانت حجتنا أن ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في قول أحد خالفه حجة على قوله فقال منهم قائل: أفلا نتهم الرواية عن رسول الله إذا جاء عن مثل من وصفت وكان من مس ما هو أنجس منه لا يجب عليه عندكم وضوء فقلت لا يجوز لعالم في دينه أن يحتج بما يرى الحجة في غيره قال: ولم لا تكون الحجة فيه؟ والغلط يمكن فيمن يروي فقلت له: أرأيت إن قال لك قائل: إن جميع ما رويت عمن رويته عنه فأخاف غلط كل محدث منهم عمن حدث عنه إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه قال: لا يجوز أن يتهم حديث أهل الثقة قلت: فهل رواه عن أحد منهم إلا واحد عن واحد؟ قال: نعم قلت: ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحد عن واحد؟ قال: نعم، قلت: فإننا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله بصدق المحدث عندي، وعلمنا أن من سمينا قاله بحديث الواحد عن الواحد؟ قال: نعم قلت: وعلمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله علمنا بأن من سمينا قاله؟ قال: نعم قلت: فإذا استوى العلمان من خبر الصادقين أيهما كان أولى بنا أن نصير إليه، آلخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بأن نأخذ به أو الخبر عمن دونه؟ قال: بل الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن ثبت قلت: ثبوتهما واحد قال: فالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يصار إليه، وإن أدخلتم على المخبرين عنه أنهم يمكن فيهم الغلط دخل عليكم في كل حديث روي مخالف الحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قلتم: ثبت خبر الصادقين فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى عندنا أن يؤخذ به.
(قال: الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» فأخذنا نحن، وأنتم به وخالفنا فيه غيرنا فروي عن ابن مسعود «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع إلا بالمزدلفة» وروي عن عمر أنه كتب أن الجمع بين الصلاتين إلا من عذر من الكبائر فكانت حجتنا عليه أن ابن مسعود وإن قال: لم يفعل فقال غيره: فعل فقول من قال فعل أولى أن يؤخذ به لأنه شاهد، والذي قال لم يفعل غير شاهد وليس في قول أحد خالف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة لما وصفت من أنا إذا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال شيئا، وغيره قال غيره فلا يشك مسلم في أن ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى أن يؤخذ به، وإن أدخلت أن الرجال المحدثين يمكن فيهم الغلط. في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخلنا ذلك في حديث من روى عنه ما يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في حديث من روى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمكن؛ لأنه لا يروي عن النبي - عليه السلام - شيئا سماعا إلا أصحابه وأصحابه خير ممن بعدهم، وعامة من يروي عمن دونه التابعون فكيف يتهم حديث الأفضل ولا يتهم حديث الذي هو دونه؟ ولسنا نتهم منهم واحدا ولكنا نقبلهما معا، والحجة فيما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قال غيره ولا يوهن الجمع في السفر بأن يقول رجل سافر أبو بكر غازيا وحاجا وعمر
حاجا وغازيا وعثمان غازيا وحاجا ولم يثبت أن أحدا منهم جمع في سفر بل يكتفي بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يوهنه إن لم يحفظ أنه عمل به بعده ولا يزيده قوة أن يكون عمل به بعده، ولو خولف بعد ما أوهنه وكانت الحجة فيما روي عنه دون ما خالفه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال: قصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس» فقلنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا غيرنا فقال: الكلام في الصلاة عامدا يقطعها وكذلك يقطعها الكلام وإن ظن المصلي أنه قد أكمل ثم تكلم وروي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة» فقلنا: هذا لا يخالف حديثنا نهى عن الكلام عامدا فأما الكلام ساهيا فلم ينه عنه، والدليل على ذلك أن حديث ابن مسعود بمكة قبل الهجرة وحديث أبي هريرة بالمدينة بعد حديث ابن مسعود بزمان فلم نوهن نحن وأنتم هذا الحديث بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم فعلوا مثل هذا ولا قالوا من فعل مثل هذا جاز له واكتفينا بالخبر لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم نحتج فيه إلى أن يعمل به بعده غيره.
(قال: الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم قام فلم يجلس وقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم» فأخذنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا وقلتم يسجد للسهو في النقص من الصلاة قبل التسليم فخالفنا بعض الناس، وقال: تسجدان بعد التسليم واحتج بروايتنا فقال من احتج عن مالك سجدهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزيادة بعد السلام فسجدتهما كذلك وسجدهما في النقص قبل السلام فسجدتهما كذلك ولم نوهن هذا بأن لم يرو عن أحد من الأئمة فيه شيء يخالفه ولا يوافقه واكتفينا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع «صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم» (قال الشافعي) : أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم عن صالح بن خوات عن خوات بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه فأخذنا نحن وهو بهذا حتى حكي لنا عنه غير ما عرضنا عليه وخالفنا بعض الناس فقال فيه بخلاف قولنا فقال: لا تصلى صلاة الخوف اليوم فكانت حجتنا عليه ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من حجته أن قال: قد اختلفت الأحاديث في صلاة الخوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم نعلم أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ثبت عن علي أن واحدا منهم صلى صلاة الخوف ولا أمروا بها، والصلاة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفضل ليست كهي خلف غيره، وبأن لم يرو عن خلفائه حديث يثبت بصلاتها، ولم يزالوا محاربين ومحاربا في زمانهم فهذا يدل على أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة
فكانت حجتنا عليه أن هذا إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عام إلا بدلالة؛ لأنه لا يكون شيء من فعله خاصا حتى تأتينا الدلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أنه خاص وإلا اكتفينا بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن بعده كما قلنا فيما قبله.
[باب ما جاء في الصدقات]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا فيه بعض الناس فقال: قال الله تبارك وتعالى لنبيه - عليه السلام - {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] وقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - «فيما سقت السماء العشر» لم يخصص الله عز وجل مالا دون مال ولم يخصص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث مالا دون مال فهذا الحديث يوافق كتاب الله، والقياس عليه وقال: لا يكون مال فيه صدقة، وآخر لا صدقة فيه، وكل ما أخرجت الأرض من شيء وإن حزمة بقل ففيه العشر فكانت حجتنا عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله معنى ما أراد إذ أبان ما يؤخذ منه من الأموال دون ما لم يرد، والحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء جملة والمفسر يدل على الجملة (قال الشافعي) : وقد سمعت من يحتج عنه فيقول كلاما يريد به قد قام بالأمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأخذوا الصدقات في البلدان أخذا عاما وزمانا طويلا فما روي عنهم ولا عن واحد منهم أنه قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة قال: وللنبي - صلى الله عليه وسلم - عهود ما هذا في واحد منها، وما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو سعيد الخدري (قال الشافعي) : فكانت حجتنا عليه أن المحدث به لما كان ثقة اكتفي بخبره ولم نرده بتأويل ولا بأنه لم يروه غيره ولا بأنه لم يرو عن أحد من الأئمة مثله اكتفاء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما دونها وبأنها إذا كانت منصوصة بينة لم يدخل عليها تأويل كتاب إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمعنى الكتاب، ولا تأويل حديث جملة يحتمل أن يوافق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - المنصوص ويخالفه، وكان إذا احتمل المعنيين أولى أن يكون موافقا له، ولا يكون مخالفا فيه ولم يوهنه أن لم يروه إلا واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان ثقة.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع» فقلنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا: في هذا دليل على أنه من باع نخلا لم تؤبر فالثمرة للمشتري فخالفنا بعض الناس في هذا فقال: إذا قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالثمرة إذا أبرت للبائع إلا أن يشترط المبتاع علمناه إذا أبر فقد زايل أن يكون مغيبا في شجره لم يظهر كما يكون الحمل مغيبا لم يظهر، وكذلك إذا زايلها وإن لم يؤبر فهو للبائع وقال: هكذا تقولون في الأمة تباع حاملا حملها للمشتري فإذا فارقها فولدها للبائع والثمر إذا خرج من النخلة فقد فارقها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليهم أن قلنا: إن الثمرة قبل الإبار وبعده اتبعنا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أمر به، ولم نجعل أحدهما قياسا على الآخر ونسوي بينهما إن ظهرا فيها ولم نقسهما على ولد الأمة، ولا نقيس سنة على سنة، ولكن نمضي كل سنة على وجهها ما وجدنا السبيل إلى إمضائها ولم نوهن هذا الحديث بقياس ولا شيء مما وصفت ولا بأن اجتمع هذا فيه وإن لم يرو فيه عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا حكم ولا أمر يوافقه واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه عما سواه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]