
03-11-2024, 02:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,123
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثامن
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (493)
صــ 561 إلى صــ 575
[ ص: 561 ] القول في تأويل قوله ( وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا ( 79 ) )
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " وأرسلناك للناس رسولا " ، إنما جعلناك يا محمد رسولا بيننا وبين الخلق ، تبلغهم ما أرسلناك به من رسالة ، وليس عليك غير البلاغ وأداء الرسالة إلى من أرسلت ، فإن قبلوا ما أرسلت به فلأنفسهم ، وإن ردوا فعليها . " وكفى بالله " عليك وعليهم " شهيدا " يقول : حسبك الله - تعالى ذكره - شاهدا عليك في بلاغك ما أمرتك ببلاغه من رسالته ووحيه ، وعلى من أرسلت إليه في قبولهم منك ما أرسلت به إليهم ، فإنه لا يخفى عليه أمرك وأمرهم ، وهو مجازيك ببلاغك ما وعدك ، ومجازيهم ما عملوا من خير وشر ، جزاء المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته .
القول في تأويل قوله ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ( 80 ) )
قال أبو جعفر : وهذا إعذار من الله إلى خلقه في نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول الله - تعالى ذكره - لهم : من يطع منكم - أيها الناس - محمدا فقد أطاعني بطاعته إياه ، فاسمعوا قوله وأطيعوا أمره ، فإنه مهما يأمركم به من شيء فمن أمري يأمركم ، وما نهاكم عنه من شيء فمن نهيي ، فلا يقولن أحدكم : إنما محمد بشر مثلنا يريد أن يتفضل علينا . [ ص: 562 ]
ثم قال - جل ثناؤه - لنبيه : ومن تولى عن طاعتك يا محمد فأعرض عنك ، فإنا لم نرسلك عليهم " حفيظا " يعني : حافظا لما يعملون محاسبا ، بل إنما أرسلناك لتبين لهم ما نزل إليهم ، وكفى بنا حافظين لأعمالهم ولهم عليها محاسبين .
ونزلت هذه الآية - فيما ذكر - قبل أن يؤمر بالجهاد ، كما : -
9979 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله : " فما أرسلناك عليهم حفيظا " قال : هذا أول ما بعثه ، قال : ( إن عليك إلا البلاغ ) [ سورة الشورى : 48 ] . قال : ثم جاء بعد هذا بأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى يسلموا .
القول في تأويل قوله ( ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون )
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - بقوله : ويقولون طاعة يعني : الفريق الذي أخبر الله عنهم أنهم لما كتب عليهم القتال خشوا الناس كخشية الله أو أشد خشية يقولون لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرهم بأمر : أمرك طاعة ، ولك منا طاعة فيما تأمرنا به وتنهانا عنه " وإذا برزوا من عندك " يقول : فإذا خرجوا من عندك يا محمد " بيت طائفة منهم غير الذي تقول " يعني بذلك - جل ثناؤه - غير جماعة منهم ليلا الذي تقول لهم .
وكل عمل عمل ليلا فقد " بيت " ، ومن ذلك " بيت " العدو ، وهو الوقوع [ ص: 563 ] بهم ليلا ومنه قول عبيدة بن همام :
أتوني فلم أرض ما بيتوا ، وكانوا أتوني بشيء نكر
لأنكح أيمهم منذرا ، وهل ينكح العبد حر لحر ؟!
يعني بقوله : فلم أرض ما بيتوا ليلا أي : ما أبرموه ليلا وعزموا عليه
ومنه قول النمر بن تولب العكلي :
هبت لتعذلني من الليل اسمع سفها تبيتك الملامة فاهجعي
[ ص: 564 ]
يقول الله - جل ثناؤه - " والله يكتب ما يبيتون " يعني بذلك - جل ثناؤه - والله يكتب ما يغيرون من قولك ليلا في كتب أعمالهم التي تكتبها حفظته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
9980 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول قال : يغيرون ما عهد نبي الله - صلى الله عليه وسلم -
9981 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال : حدثنا يوسف بن خالد قال : حدثنا نافع بن مالك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : بيت طائفة منهم غير الذي تقول ، قال : غير أولئك ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - .
9982 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثني أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول ، قال : غير أولئك ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
9983 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون ) قال : هؤلاء المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بأمر قالوا : طاعة ، فإذا [ ص: 565 ] خرجوا من عنده غيرت طائفة منهم ما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " والله يكتب ما يبيتون " ، يقول : ما يقولون .
9984 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس قوله : ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول قال : يغيرون ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
9985 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول : وهم ناس كانوا يقولون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : آمنا بالله ورسوله ؛ ليأمنوا على دمائهم وأموالهم . وإذا برزوا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالفوا إلى غير ما قالوا عنده ، فعابهم الله ، فقال : " بيت طائفة منهم غير الذي تقول " يقول : يغيرون ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
9986 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " بيت طائفة منهم غير الذي تقول " هم أهل النفاق .
وأما رفع " طاعة " ؛ فإنه بالمتروك الذي دل عليه الظاهر من القول وهو : أمرك طاعة ، أو منا طاعة . وأما قوله : " بيت طائفة " ، فإن "التاء " من " بيت " تحركها بالفتح عامة قرأة المدينة والعراق وسائر القرأة ؛ لأنها لام " فعل " . [ ص: 566 ]
وكان بعض قرأة العراق يسكنها ، ثم يدغمها في " الطاء " ؛ لمقاربتها في المخرج .
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ترك الإدغام ؛ لأنها أعني " التاء " " والطاء " من حرفين مختلفين . وإذا كان كذلك كان ترك الإدغام أفصح اللغتين عند العرب ، واللغة الأخرى جائزة - أعني الإدغام - في ذلك ، محكية .
القول في تأويل قوله ( فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ( 81 ) )
قال أبو جعفر : يقول - جل ثناؤه - لمحمد - صلى الله عليه وسلم - " فأعرض " يا محمد عن هؤلاء المنافقين الذين يقولون لك فيما تأمرهم : أمرك طاعة ، فإذا برزوا من عندك خالفوا ما أمرتهم به ، وغيروه إلى ما نهيتهم عنه ، وخلهم وما هم عليه من الضلالة ، وارض لهم بي منتقما منهم " وتوكل " أنت يا محمد " على الله " يقول : وفوض أنت أمرك إلى الله ، وثق به في أمورك ، وولها إياه " وكفى بالله وكيلا " يقول : وكفاك بالله أي : وحسبك بالله " وكيلا " أي : فيما يأمرك ، ووليا لها ، ودافعا عنك وناصرا .
[ ص: 567 ] القول في تأويل قوله ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ( 82 ) )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " أفلا يتدبرون القرآن " أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم يا محمد كتاب الله فيعلموا حجة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك ، وأن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند ربهم ؛ لاتساق معانيه ، وائتلاف أحكامه ، وتأييد بعضه بعضا بالتصديق ، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق ، فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه ، وتناقضت معانيه ، وأبان بعضه عن فساد بعض ، كما : -
9987 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " أي : قول الله لا يختلف ، وهو حق ليس فيه باطل ، وإن قول الناس يختلف .
9988 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : إن القرآن لا يكذب بعضه بعضا ، ولا ينقض بعضه بعضا ، ما جهل الناس من أمر فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم ، وقرأ : ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا . قال : فحق على المؤمن أن يقول : " كل من عند الله " ، ويؤمن بالمتشابه ، ولا يضرب بعضه ببعض وإذا جهل أمرا ولم يعرف أن يقول : الذي قال الله حق ، ويعرف أن الله - تعالى - لم يقل قولا وينقضه . ينبغي [ ص: 568 ] أن يؤمن بحقيقة ما جاء من الله .
9989 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك قوله : " أفلا يتدبرون القرآن " قال : يتدبرون : النظر فيه .
القول في تأويل قوله ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به : وإذا جاء هذه الطائفة المبيتة غير الذي يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أمر من الأمن " فالهاء والميم في قوله : " وإذا جاءهم " من ذكر الطائفة المبيتة يقول - جل ثناؤه - : وإذا جاءهم خبر عن سرية للمسلمين غازية بأنهم قد أمنوا من عدوهم بغلبتهم إياهم "أو الخوف " يقول : أو تخوفهم من عدوهم بإصابة عدوهم منهم " أذاعوا به " يقول : أفشوه وبثوه في الناس قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل مأتى سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والهاء " في قوله : " أذاعوا به " من ذكر " الأمر " . وتأويله أذاعوا بالأمر من الأمن أو الخوف الذي جاءهم .
يقال منه : أذاع فلان بهذا الخبر ، وأذاعه ، ومنه قول أبي الأسود :
أذاع به في الناس حتى كأنه بعلياء نار أوقدت بثقوب [ ص: 569 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
9990 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به : يقول : سارعوا به وأفشوه .
9991 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ، يقول : إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم ، أو أنهم خائفون منهم ، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم .
9992 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به : يقول : أفشوه وسعوا به . [ ص: 570 ]
9993 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به قال هذا في الأخبار ، إذا غزت سرية من المسلمين تخبر الناس بينهم فقالوا : أصاب المسلمون من عدوهم كذا وكذا ، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا ، فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أخبرهم . قال ابن جريج : قال ابن عباس : قوله : " أذاعوا به " قال : أعلنوه وأفشوه .
9994 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " : أذاعوا به " قال : نشروه . قال : والذين أذاعوا به قوم : إما منافقون ، وإما آخرون ضعفوا .
9995 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : أفشوه وسعوا به ، وهم أهل النفاق .
القول في تأويل قوله ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " ولو ردوه " الأمر الذي نالهم من عدوهم [ والمسلمين ] إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى أولي أمرهم يعني : [ ص: 571 ] وإلى أمرائهم وسكتوا فلم يذيعوا ما جاءهم من الخبر ، حتى يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ذوو أمرهم هم الذين يتولون الخبر عن ذلك ، بعد أن ثبتت عندهم صحته أو بطوله ، فيصححوه إن كان صحيحا ، أو يبطلوه إن كان باطلا " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " يقول : لعلم حقيقة ذلك الخبر الذي جاءهم به الذين يبحثون عنه ويستخرجونه " منهم " يعني : أولي الأمر ، " والهاء " " والميم " في قوله : "منهم " من ذكر أولي الأمر يقول : لعلم ذلك من أولي الأمر من يستنبطه .
وكل مستخرج شيئا كان مستترا عن أبصار العيون أو عن معارف القلوب فهو له : مستنبط ، يقال : استنبطت الركية إذا استخرجت ماءها ، ونبطتها أنبطها ، والنبط الماء المستنبط من الأرض ، ومنه قول الشاعر :
قريب ثراه ما ينال عدوه له نبطا آبي الهوان قطوب
يعني بالنبط : الماء المستنبط .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 572 ]
9996 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم : يقول : ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى أولي أمرهم حتى يتكلم هو به " لعلمه الذين يستنبطونه " يعني : عن الأخبار ، وهم الذين ينقرون عن الأخبار .
9997 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم : يقول : إلى علمائهم ( لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك .
9998 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : ولو ردوه إلى الرسول ، حتى يكون هو الذي يخبرهم : " وإلى أولي الأمر منهم " الفقه في الدين والعقل .
9999 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم " : العلم " الذين يستنبطونه منهم " : يتتبعونه ويتحسسونه .
10000 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : أخبرنا ليث ، عن مجاهد " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " قال : الذين يسألون عنه ويتحسسونه .
10001 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، [ ص: 573 ] عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " يستنبطونه " قال : قولهم : ما كان ؟ ماذا سمعتم ؟
10002 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
10003 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : " الذين يستنبطونه " قال : يتحسسونه .
10004 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " يقول : لعلمه الذين يتحسسونه منهم .
10005 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " يستنبطونه منهم " قال : يتتبعونه .
10006 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به " حتى بلغ " وإلى أولي الأمر منهم " قال : الولاة الذين يلون في الحرب عليهم ، الذين يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر : أصدق أم كذب ؟ أباطل فيبطلونه ، أو حق فيحقونه ؟ قال : وهذا في الحرب ، وقرأ : " أذاعوا به " ولو فعلوا غير هذا " وردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم " الآية .
[ ص: 574 ] القول في تأويل قوله ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ( 83 ) )
قال أبو جعفر يعني بذلك - جل ثناؤه - ولولا إنعام الله عليكم - أيها المؤمنون - بفضله وتوفيقه ورحمته ، فأنقذكم مما ابتلى به هؤلاء المنافقين الذين يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرهم بأمر : " طاعة " فإذا برزوا من عنده بيت طائفة منهم غير الذي يقول لكنتم مثلهم ، فاتبعتم الشيطان إلا قليلا كما اتبعه هؤلاء الذين وصف صفتهم .
وخاطب بقوله - تعالى ذكره - : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان : الذين خاطبهم بقوله - جل ثناؤه - ( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ) [ سورة النساء : 71 ] .
ثم اختلف أهل التأويل في " القليل " الذين استثناهم في هذه الآية : من هم ؟ ومن أي شيء من الصفات استثناهم ؟
فقال بعضهم : هم المستنبطون من أولي الأمر ، استثناهم من قوله : " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " ، ونفى عنهم أن يعلموا بالاستنباط ما يعلم به غيرهم من المستنبطين من الخبر الوارد عليهم من الأمن أو الخوف .
ذكر من قال ذلك :
10007 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، [ ص: 575 ] عن قتادة قال : إنما هو : لعلمه الذين يستنبطونه منهم " إلا قليلا منهم " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان " .
10008 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا : يقول : لاتبعتم الشيطان كلكم . وأما قوله : " إلا قليلا " ، فهو كقوله : " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " إلا قليلا .
10009 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك قراءة ، عن سعيد ، عن قتادة : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا قال يقول : لاتبعتم الشيطان كلكم . وأما " إلا قليلا " فهو كقوله : لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا .
10010 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج نحوه ، يعني نحو قول قتادة وقال : لعلموه إلا قليلا .
وقال آخرون : بل هم الطائفة الذين وصفهم الله أنهم يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " طاعة " فإذا برزوا من عنده بيتوا غير الذي قالوا . ومعنى الكلام : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به إلا قليلا منهم .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|