
03-11-2024, 02:36 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثامن
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (494)
صــ 576 إلى صــ 590
ذكر من قال ذلك :
10011 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا : فهو في أول الآية لخبر المنافقين قال : " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به " يعني ب " القليل " المؤمنين ، [ كقوله تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما ) [ ص: 576 ] [ سورة الكهف : 221 ] يقول : الحمد لله الذي أنزل الكتاب عدلا قيما ، ولم يجعل له عوجا .
10012 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : هذه الآية مقدمة ومؤخرة ، إنما هي : أذاعوا به إلا قليلا منهم ، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير .
وقال آخرون : بل ذلك استثناء من قوله : " لاتبعتم الشيطان " . وقالوا : الذين استثنوا هم قوم لم يكونوا هموا بما كان الآخرون هموا به من اتباع الشيطان . فعرف الله الذين أنقذهم من ذلك موقع نعمته منهم ، واستثنى الآخرين الذين لم يكن منهم في ذلك ما كان من الآخرين .
ذكر من قال ذلك :
10013 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك بن مزاحم يقول : في قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا قال : هم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا حدثوا أنفسهم بأمور من أمور الشيطان إلا طائفة منهم .
وقال آخرون معنى ذلك : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان جميعا . [ ص: 577 ] قالوا : وقوله : " إلا قليلا " خرج مخرج الاستثناء في اللفظ ، وهو دليل على الجميع والإحاطة ، وأنه لولا فضل الله عليهم ورحمته لم ينج أحد من الضلالة ، فجعل قوله : " إلا قليلا " دليلا على الإحاطة ، واستشهدوا على ذلك بقول الطرماح بن حكيم في مدح يزيد بن المهلب :
أشم كثير يدي النوال ، قليل المثالب والقادحة
قالوا : فظاهر هذا القول وصف الممدوح بأن فيه المثالب والمعايب ، ومعلوم أن معناه أنه لا مثالب فيه ولا معايب ؛ لأن من وصف رجلا بأن فيه معايب - وإن وصف الذي فيه من المعايب بالقلة - فإنما ذمه ولم يمدحه . ولكن ذلك على ما وصفنا من نفي جميع المعايب عنه . قالوا : فكذلك قوله : " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " إنما معناه : لاتبعتم جميعكم الشيطان .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي قول من قال : عنى باستثناء " القليل " من " الإذاعة " وقال : معنى الكلام : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به إلا قليلا ولو ردوه إلى الرسول .
وإنما قلنا إن ذلك أولى بالصواب ؛ لأنه لا يخلو القول في ذلك من أحد الأقوال التي ذكرنا ، وغير جائز أن يكون من قوله : " لاتبعتم الشيطان " ؛ لأن من تفضل الله عليه بفضله ورحمته فغير جائز أن يكون من تباع الشيطان . [ ص: 578 ]
وغير جائز أن نحمل معاني كتاب الله على غير الأغلب المفهوم بالظاهر من الخطاب في كلام العرب ، ولنا إلى حمل ذلك على الأغلب من كلام العرب سبيل ، فنوجهه إلى المعنى الذي وجهه إليه القائلون معنى ذلك : لاتبعتم الشيطان جميعا ، ثم زعم أن قوله : " إلا قليلا " دليل على الإحاطة بالجميع ، هذا مع خروجه من تأويل أهل التأويل .
وكذلك لا وجه لتوجيه ذلك إلى الاستثناء من قوله : " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " ؛ لأن علم ذلك إذا رد إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ، فبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأولو الأمر منهم بعد وضوحه لهم استوى في علم ذلك كل مستنبط حقيقته ، فلا وجه لاستثناء بعض المستنبطين منهم وخصوص بعضهم بعلمه ، مع استواء جميعهم في علمه .
وإذ كان لا قول في ذلك إلا ما قلنا ، ودخل هذه الأقوال الثلاثة ما بينا من الخلل ، فبين أن الصحيح من القول في ذلك هو الرابع ، وهو القول الذي قضينا له بالصواب من الاستثناء من " الإذاعة " .
[ ص: 579 ] القول في تأويل قوله ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ( 84 ) )
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك " : فجاهد يا محمد أعداء الله من أهل الشرك به . " في سبيل الله " يعني : في دينه الذي شرعه لك ، وهو الإسلام ، وقاتلهم فيه بنفسك .
فأما قوله : " لا تكلف إلا نفسك " فإنه يعني : لا يكلفك الله فيما فرض عليك من جهاد عدوه وعدوك إلا ما حملك من ذلك دون ما حمل غيرك منه أي : إنك إنما تتبع بما اكتسبته دون ما اكتسبه غيرك ، وإنما عليك ما كلفته دون ما كلفه غيرك .
ثم قال له : " وحرض المؤمنين " يعني : وحضهم على قتال من أمرتك بقتالهم معك " عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا " : يقول : لعل الله أن يكف قتال من كفر بالله وجحد وحدانيته وأنكر رسالتك عنك وعنهم ، ونكايتهم .
وقد بينا فيما مضى أن " عسى " من الله واجبة ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . [ ص: 580 ]
" والله أشد بأسا وأشد تنكيلا " يقول : والله أشد نكاية في عدوه من أهل الكفر به منهم فيك يا محمد وفي أصحابك ، فلا تنكلن عن قتالهم ، فإني راصدهم بالبأس والنكاية والتنكيل والعقوبة ؛ لأوهن كيدهم ، وأضعف بأسهم ، وأعلي الحق عليهم .
والتنكيل مصدر من قول القائل : نكلت بفلان فأنا أنكل به تنكيلا : إذا أوجعته عقوبة ، كما : -
10014 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : وأشد تنكيلا : أي عقوبة .
القول في تأويل قوله ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها )
قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها " من يصر يا محمد شفعا لوتر أصحابك فيشفعهم في جهاد عدوهم وقتالهم في سبيل الله - وهو " الشفاعة الحسنة " " يكن له نصيب منها " يقول : يكن له من شفاعته تلك نصيب - وهو الحظ - من ثواب الله وجزيل كرامته . " ومن يشفع شفاعة سيئة " يقول : ومن يشفع وتر أهل الكفر بالله على [ ص: 581 ] المؤمنين به فيقاتلهم معهم ، وذلك هو " الشفاعة السيئة " " يكن له كفل منها " .
يعني : ب " الكفل " : النصيب والحظ من الوزر والإثم . وهو مأخوذ من " كفل البعير والمركب " ، وهو الكساء أو الشيء يهيأ عليه شبيه بالسرج على الدابة . يقال منه : جاء فلان مكتفلا إذا جاء على مركب قد وطئ له - على ما بينا - لركوبه .
وقد قيل إنه عنى بقوله : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها " الآية ، شفاعة الناس بعضهم لبعض . وغير مستنكر أن تكون الآية نزلت فيما ذكرنا ، ثم عم بذلك كل شافع بخير أو شر .
وإنما اخترنا ما قلنا من القول في ذلك ؛ لأنه في سياق الآية التي أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيها بحض المؤمنين على القتال ، فكان ذلك بالوعد لمن أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوعيد لمن أبى إجابته أشبه منه من الحث على شفاعة الناس بعضهم لبعض ، التي لم يجر لها ذكر قبل ، ولا لها ذكر بعد .
ذكر من قال ذلك في شفاعة الناس بعضهم لبعض .
10015 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة " قال : شفاعة بعض الناس لبعض .
10016 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
10017 - حدثت عن ابن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كان له فيها أجران ؛ ولأن الله يقول : [ ص: 582 ] " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها : ولم يقل " يشفع " .
10018 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن قال : " من يشفع شفاعة حسنة " كتب له أجرها ما جرت منفعتها .
10019 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سئل ابن زيد عن قول الله : " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها " قال : الشفاعة الصالحة التي يشفع فيها وعمل بها هي بينك وبينه ، هما فيها شريكان " ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها " قال : هما شريكان فيها ، كما كان أهلها شريكين .
ذكر من قال : الكفل النصيب .
10020 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها : أي حظ منها ، " ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها " ، والكفل : هو الإثم .
10021 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " يكن له كفل منها " أما " الكفل " فالحظ .
10022 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " يكن له كفل منها " قال : حظ منها ، فبئس الحظ .
10023 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : [ ص: 583 ] " الكفل والنصيب " واحد . وقرأ : ( يؤتكم كفلين من رحمته ) [ سورة الحديد : 8 ] .
القول في تأويل قوله ( وكان الله على كل شيء مقيتا ( 85 ) )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : وكان الله على كل شيء مقيتا " .
فقال بعضهم : تأويله وكان الله على كل شيء حفيظا وشهيدا .
ذكر من قال ذلك :
10024 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " وكان الله على كل شيء مقيتا " يقول : حفيظا .
10025 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " مقيتا " شهيدا .
10026 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل اسمه مجاهد ، عن مجاهد مثله .
10027 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " مقيتا " قال : شهيدا ، حسيبا ، حفيظا .
10028 - حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال : حدثنا أبي ، عن خصيف ، عن مجاهد أبي الحجاج : وكان الله على كل شيء مقيتا قال : المقيت الحسيب . [ ص: 584 ]
وقال آخرون : معنى ذلك : القائم على كل شيء بالتدبير .
ذكر من قال ذلك :
10029 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال عبد الله بن كثير : وكان الله على كل شيء مقيتا قال : المقيت : الواصب .
وقال آخرون : هو القدير .
ذكر من قال ذلك :
10030 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : وكان الله على كل شيء مقيتا : أما المقيت فالقدير .
10031 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وكان الله على كل شيء مقيتا " قال : على كل شيء قديرا ، المقيت : القدير .
قال أبو جعفر : والصواب من هذه الأقوال قول من قال : معنى " المقيت " القدير ؛ وذلك أن ذلك فيما يذكر كذلك بلغة قريش ، وينشد للزبير بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتا
أي : قادرا . وقد قيل إن منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 585 ]
10032 - " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقيت " .
في رواية من رواها : " يقيت " يعني : من هو تحت يديه وفي سلطانه من أهله وعياله ، فيقدر له قوته . يقال منه : أقات فلان الشيء يقيته إقاتة ، وقاته يقوته قياتة وقوتا ، والقوت الاسم . وأما المقيت في بيت اليهودي الذي يقول فيه :
ليت شعري ، وأشعرن إذا ما قربوها منشورة ودعيت !
ألي الفضل أم علي إذا حوسبت ؟ إني على الحساب مقيت
فإن معناه : فإني على الحساب موقوف ، وهو من غير هذا المعنى .
[ ص: 586 ] القول في تأويل قوله ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " وإذا حييتم بتحية " إذا دعي لكم بطول الحياة والبقاء والسلامة " فحيوا بأحسن منها أو ردوها " يقول : فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن مما دعا لكم أو ردوها " يقول : أو ردوا التحية .
ثم اختلف أهل التأويل في صفة " التحية " التي هي أحسن مما حيي به المحيا ، والتي هي مثلها .
فقال بعضهم : التي هي أحسن منها : أن يقول المسلم عليه إذا قيل : " السلام عليكم " : وعليكم السلام ورحمة الله ، ويزيد على دعاء الداعي له . والرد أن يقول : السلام عليكم مثلها . كما قيل له ، أو يقول : وعليكم السلام ، فيدعو للداعي له مثل الذي دعا له .
ذكر من قال ذلك :
10033 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها : يقول : إذا سلم عليك أحد فقل أنت : " وعليك السلام ورحمة الله " ، أو تقطع إلى " السلام عليك " كما قال لك .
10034 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، [ ص: 587 ] عن ابن جريج ، عن عطاء قوله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها قال : في أهل الإسلام .
10035 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج فيما قرئ عليه ، عن عطاء قال : في أهل الإسلام .
10036 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن شريح أنه كان يرد : السلام عليكم كما يسلم عليه .
10037 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن ابن عون وإسماعيل بن أبي خالد ، عن إبراهيم أنه كان يرد : السلام عليكم ورحمة الله .
10038 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عطية ، عن ابن عمر : أنه كان يرد : وعليكم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فحيوا بأحسن منها أهل الإسلام ، أو ردوها على أهل الكفر .
ذكر من قال ذلك :
10039 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن صالح ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا ، فإن الله يقول : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " .
10040 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا سالم بن نوح قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة في قوله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها : للمسلمين " أو ردوها " على أهل الكتاب .
10041 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، [ ص: 588 ] عن قتادة في قوله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها للمسلمين " أو ردوها " على أهل الكتاب .
10042 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها : يقول : حيوا أحسن منها أي : على المسلمين " أو ردوها " أي : على أهل الكتاب .
10043 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : ابن زيد في قوله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها قال : قال أبي : حق على كل مسلم حيي بتحية أن يحيي بأحسن منها ، وإذا حياه غير أهل الإسلام أن يرد عليه مثل ما قال .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بتأويل الآية قول من قال : ذلك في أهل الإسلام ، ووجه معناه إلى أنه يرد السلام على المسلم إذا حياه تحية أحسن من تحيته أو مثلها ؛ وذلك أن الصحاح من الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه واجب على كل مسلم رد تحية كل كافر بأخس من تحيته . وقد أمر الله برد الأحسن والمثل في هذه الآية من غير تمييز منه بين المستوجب رد الأحسن من تحيته عليه ، والمردود عليه مثلها بدلالة يعلم بها صحة قول من قال : عنى برد الأحسن المسلم ، وبرد المثل أهل الكفر .
والصواب إذ لم يكن في الآية دلالة على صحة ذلك ، ولا صحة أثر لازم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الخيار في ذلك إلى المسلم عليه : بين رد الأحسن أو المثل ، إلا في الموضع الذي خص شيئا من ذلك سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون مسلما لها . وقد خصت السنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن [ ص: 589 ] من تحيتهم عليهم أو مثلها ، إلا بأن يقال : وعليكم . فلا ينبغي لأحد أن يتعدى ما حد في ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما أهل الإسلام ، فإن لمن سلم عليه منهم في الرد من الخيار ما جعل الله له من ذلك .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تأويل ذلك بنحو الذي قلنا خبر . وذلك ما : -
10044 - حدثني موسى بن سهل الرملي قال : حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي قال : حدثنا هشام بن لاحق ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان الفارسي قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فقال : وعليك ورحمة الله . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، فقال له رسول الله : وعليك ورحمة الله وبركاته . ثم جاء آخر فقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فقال له : وعليك . فقال له الرجل : يا نبي الله بأبي أنت وأمي ، أتاك فلان وفلان فسلما عليك ، فرددت عليهما أكثر مما رددت علي ! فقال : إنك لم تدع لنا شيئا ، قال الله : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها : فرددناها عليك . [ ص: 590 ]
فإن قال قائل : أفواجب رد التحية على ما أمر الله به في كتابه ؟
قيل : نعم ، وبه كان يقول جماعة من المتقدمين .
ذكر من قال ذلك :
10045 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : ما رأيته إلا يوجبه : قوله وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها .
10046 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن قال : السلام : تطوع ، والرد : فريضة .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|