عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-11-2024, 05:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,340
الدولة : Egypt
افتراضي فساد عقيدة اليهود في الكتب المنزَّلة

فساد عقيدة اليهود في الكتب المنزَّلة (1)









كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقال الله -عز وجل- في بيان فساد عقيدة اليهود في الكتب المنزلة وتحريفهم إيَّاها: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ ‌يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة: 75).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "يَقُولُ تَعَالَى: (أَفَتَطْمَعُونَ) أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ (أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) أَيْ: يَنْقَادُ لَكُمْ بِالطَّاعَةِ، هَؤُلَاءِ الْفِرْقَةُ الضَّالَّةُ مِنَ الْيَهُودِ، الَّذِينَ شَاهَدَ آبَاؤُهُمْ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ مَا شَاهَدُوهُ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) أَيْ: يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ (مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ) أَيْ: فَهِمُوهُ عَلَى الْجَلِيَّةِ وَمَعَ هَذَا يُخَالَفُونَهُ عَلَى بَصِيرَةٍ (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ تَحْرِيفِهِ وَتَأْوِيلِهِ؟

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُؤَيِّسُهُمْ مِنْهُمْ: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ)، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ) يَسْمَعُونَ التَّوْرَاةَ؛ كُلُّهُمْ قَدْ سَمِعَهَا، وَلَكِنِ الَّذِينَ سَأَلُوا مُوسَى رُؤْيَةَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ فِيهَا.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: يَا مُوسَى، قَدْ حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَسْمِعْنَا كَلَامَهُ حِينَ يُكَلِّمُكَ. فَطَلَبَ ذَلِكَ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى فَقَالَ: نَعَمْ، مُرْهم فَلْيَتَطَهَّرُوا، وَلْيُطَهِّرُوا ثِيَابَهُمْ وَيَصُومُوا فَفَعَلُوا، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ حَتَّى أَتَوُا الطَّوْرَ، فَلَمَّا غَشِيَهُمُ الْغَمَامُ أَمَرَهُمْ مُوسَى أَنْ يَسْجُدُوا، فَوَقَعُوا سُجُودًا، وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ تَعَالَى، فَسَمِعُوا كَلَامَهُ يَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، حَتَّى عَقَلُوا عَنْهُ مَا سَمِعُوا. ثُمَّ انْصَرَفَ بِهِمْ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا جَاءُوهُمْ حَرَّف فَرِيقٌ مِنْهُمْ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَقَالُوا حِينَ قَالَ مُوسَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكُمْ بِكَذَا وَكَذَا؛ قَالَ ذَلِكَ الْفَرِيقُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ: إِنَّمَا قَالَ كَذَا وَكَذَا، خِلَافًا لِمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ، فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) قَالَ: هِيَ التَّوْرَاةُ، حَرَّفُوهَا. وَهَذَا الذِي ذَكَرَهُ السُّدِّيُّ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ -وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ لِظَاهِرِ السِّيَاقِ-؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، كَمَا سمعه الكليم موسى بن عِمْرَانَ عليه الصلاة والسلام، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) (التَّوْبَةِ: 6)، أَيْ: مبلَّغًا إِلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ كَانُوا يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَوَعَوْهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: عَمَدُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِمْ، مِنْ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَحَرَّفُوهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ.


وَقَالَ السُّدِّيُّ: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أَيْ أَنَّهُمْ أَذْنَبُوا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) قَالَ: التَّوْرَاةُ التِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ يُحَرِّفُونَهَا يَجْعَلُونَ الْحَلَالَ فِيهَا حَرَامًا، وَالْحَرَامَ فِيهَا حَلَالًا وَالْحَقَّ فِيهَا بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ فِيهَا حَقًا؛ إِذَا جَاءَهُمُ الْمُحِقُّ بِرِشْوَةٍ أَخْرَجُوا لَهُ كِتَابَ اللَّهِ، وَإِذَا جَاءَهُمُ الْمُبْطِلُ بِرِشْوَةٍ أَخْرَجُوا لَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَهُوَ فِيهِ مُحِقٌّ، وَإِنْ جَاءَهُمْ أَحَدٌ يَسْأَلُهُمْ شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ، وَلَا رِشْوَةٌ، وَلَا شَيْءَ، أَمَرُوهُ بِالْحَقِّ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (الْبَقَرَةِ: 44)" (تفسير ابن كثير).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.46%)]