عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-11-2024, 04:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ النُّورِ
المجلد الحادى عشر
صـ 4516 الى صـ 4530
الحلقة (472)





قال : ومن الباب عن أبي هريرة . وهذا حديث حسن صحيح . ورواه أبو داود والنسائي . وروى الترمذي أيضا عن ميمونة بنت سعد ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الرافلة في الزينة في غير أهلها ، كمثل ظلمة يوم القيامة ، لا نور لها » . ومن ذلك أيضا ، نهيهن من المشي في وسط الطريق لما فيه من التبرج . فروى أبو داود عن أبي أسيد الأنصاري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء : « استأخرن ، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق . عليكن بحافات الطريق » . فكانت المرأة تلصق بالجدار ، حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به . وقوله تعالى : وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون أي : ارجعوا إليه بالعمل بأوامره واجتناب نواهيه ، فإن مقتضى إيمانكم ذلك : لعلكم تفلحون أي : لكي تفوزوا بسعادة الدارين . ولما زجر تعالى عن السفاح ومباديه القريبة والبعيدة ، أمر بالنكاح . فإنه ، مع كونه مقصودا بالذات من حيث كونه مناطا لبقاء النوع ، خير مزجرة عن ذلك . فقال سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :

[32] وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم .

وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أي : زوجوا من لا زوج له من الأحرار والحرائر ، ومن كان فيه صلاح غلمانكم وجواريكم ، والخطاب للأولياء والسادات ، و(الأيامى ) : جمع أيم . من لا زوجة له أو لا زوج لها . يكون للرجل والمرأة يقال : آم وآمت وتأيما ، إذا لم يتزوجا ، بكرين كانا أو ثيبين .

قال أبو السعود : واعتبار الصلاح في الأرقاء ، لأن من لا صلاح له منهم ، بمعزل من أن يكون خليقا بأن يعتني مولاه بشأنه ، ويشفق عليه ، ويتكلف في نظم مصالحه بما لا بد منه شرعا وعادة ، من بذل المال والمنافع . بل حقه ألا يستبقيه عنده . وأما عدم اعتبار الصلاح [ ص: 4517 ] في الأحرار والحرائر ، فلأن الغالب فيهم الصلاح . على أنهم مستبدون في التصرفات المتعلقة بأنفسهم وأموالهم . فإذا عزموا النكاح ، فلا بد من مساعدة الأولياء لهم ; إذ ليس عليهم في ذلك غرامة ، حتى يعتبر في مقابلتها غنيمة عائدة إليهم . عاجلة أو آجلة : وقيل : المراد هو الصلاح للنكاح والقيام بحقوقه . وقوله تعالى : إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله إزاحة لما عسى يكون وازعا من النكاح من فقر أحد الجانبين . أي : لا يمنعن فقر الخاطب أو المخطوبة من المناكحة . فإن في فضل الله عز وجل غنية عن المال . فإنه غاد ورائح . يرزق من يشاء من حيث لا يحتسب . أو وعد منه سبحانه بالإغناء . لكنه مشروط بالمشيئة . كما في قوله تعالى : وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء والله واسع عليم أي : غني ذو سعة ، لا يرزؤه إغناء الخلائق ، إذ لا نفاذ لنعمته ولا غاية لقدرته { عليم } يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر حسبما تقتضيه الحكمة . انتهى كلام أبي مسعود .

تنبيهات :

الأول : الأمر في الآية للندب . لما علم من أن النكاح أمر مندوب إليه . وقد يكون للوجوب في حق الأولياء عند طلب المرأة ذلك .

وفي (" الإكليل " ) : استدل الشافعي بالأمر على اعتبار الولي . لأن الخطاب له ، وعدم استقلال المرأة بالنكاح . واستدل بعموم الآية من أباح نكاح الإماء بلا شرط ، ونكاح العبدة الحرة . واستدل بها من قال بإجبار السيد على نكاح عبده وأمته .

الثاني : قدمنا أن قوله تعالى : يغنهم الله من فضله مشروط بالمشيئة . فلا يقال إنه تعالى لا يخلف الميعاد ، وكم من متزوج فقير . والتقيد بالمشيئة بدليل سمعي ، وهو الآية المتقدمة . أو إشارة قوله تعالى : { عليم حكيم } لأن مآله إلى المشيئة . أو عقلي وهو أن الحكيم لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة .

[ ص: 4518 ] قال الناصر في (" الانتصاف " ) : ولقائل أن يقول : إذا كانت المشيئة هي المعتبرة في غنى المتزوج ، فهي أيضا المعتبرة في غنى الأعزب ، فما وجه ربط وعد الغنى بالنكاح ، مع أن حال الناكح منقسم في الغنى على حسب المشيئة . فمن مستغن به ، ومن فقير ، كما أن حال غير الناكح منقسم ؟ .

فالجواب ، وبالله التوفيق : إن فائدة ربط الغنى بالنكاح ، أنه قد ركز في الطباع السكون إلى الأسباب والاعتماد عليها ، والغفلة عن المسبب ، جل وعلا . حتى غلب الوهم على العقل فخيل أن كثرة العيال سبب يوجب الفقر حتما ، وعدمها سبب يوجب توفير المال جزما . وأن كل واحد من هذين السببين غير مؤثر فيما ربطه الوهم به . فأريد قلع هذا الخيال المتمكن من الطبع ، بالإيذان بأن الله تعالى قد يوفر المال وينميه ، مع كثرة العيال التي هي سبب من الأوهام ، لنفاد المال . وقد يقدر الإملاق مع عدمه ، الذي هو سبب في الإكثار عند الأوهام . والواقع يشهد لذلك بلا مراء . فدل ذلك قطعا على أن الأسباب التي يتوهمها البشر ، مرتبطات بمسبباتها ، ارتباطا لا ينفك - ليست على ما يزعمونه . وإنما يقدر الغنى والفقر مسبب الأسباب . غير موقوف تقدير ذاك إلا على مشيئة خاصة . وحينئذ لا ينفر العاقل المتيقظ من النكاح . لأنه قد استقر عنده أن لا أثر له في الإقتار . وأن الله تعالى لا يمنعه ذلك من إغنائه ، ولا يؤثر أيضا الخلو عن النكاح لأجل التوفير ، لأنه قد استقر أن لا أثر له فيه ، وأن الله تعالى لا يمنعه مانع أن يقتر عليه . وأن العبد إن تعاطى سببا فلا يكن ناظرا إليه ، ولكن إلى مشيئة الله تعالى وتقدس . فمعنى قوله حينئذ : إن يكونوا فقراء الآية ، أن النكاح لا يمنعهم الغنى من فضل الله . فعبر عن نفي كونه مانعا ، من الغنى ، بوجوده معه . ولا يبطل المانعية إلا وجود ما يتوهم ممنوعا مع ما يتوهم مانعا ولو في صورة من الصور على أثر ذلك . فمن هذا الوادي أمثال قوله تعالى : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض فإن ظاهر [ ص: 4519 ] الأمر طلب الانتشار عند انقضاء الصلاة، وليس ذلك بمراد حقيقة . ولكن الغرض تحقيق زوال المانع وهو الصلاة ، وبيان أن الصلاة متى قضيت ، فلا مانع . فعبر عن نفي المانع بالانتشار ، بما يفهم تقاضي الانتشار مبالغة في تحقيق المعنى عند السامع . والله أعلم .

فتأمل هذا الفصل واتخذه عضدا حيث الحاجة إليه . انتهى .

الثالثة : (" في الإكليل " ) : استدل بعضهم بهذه الآية على أنه لا يفسخ النكاح بالعجز عن النفقة ، لأنه قال : يغنهم الله ولم يفرق بينهم .

ثم أرشد تعالى العاجزين عن أسباب النكاح ، إلى ما هو أولى لهم ، بعد بيان جواز مناكحة الفقراء ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :

[33] وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم .

وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله أي : وليجتهد في العفة الذين لا يجدون نكاحا ، أي : أسبابه ، أو استطاعة نكاح أي : تزوج . فهو على المجاز ، أو تقدير المضاف . أو المراد (بالنكاح ) : ما ينكح به .

قال الشهاب : فإن (فعالا ) يكون صفة بمعنى مفعول . ككتاب بمعنى مكتوب . واسم آلة كركاب لما يركب به . وهو كثير . كما نص عليه أهل اللغة . وقوله تعالى : حتى يغنيهم الله من فضله ترجية للمستعفين وتقدمة وعد بالتفضيل عليهم بالغنى ، ليكون انتظار ذلك [ ص: 4520 ] وتأميله ، لطفا لهم في استعفافهم ، وربطا على قلوبهم . وليظهر بذلك أن فضله أولى بالأعفاء . وأدنى من الصلحاء . وما أحسن ما رتب هذه الأوامر . حيث أمر أولا بما يعصم من الفتنة ، ويبعد من مواقعة المعصية ، وهو غض البصر ، ثم بالنكاح الذي يحصن به الدين ، وقع به الاستغناء بالحلال عن الحرام . ثم بالحمل على النفس الأمارة بالسوء ، وعزفها عن الطموح إلى الشهوة عند العجز عن النكاح ، إلى أن يرزق القدرة عليه . أفاده الزمخشري .

تنبيه :

قال في (" الإكليل " ) : في الآية استحباب الصبر عن النكاح لمن لا يقدر على مؤنته . واستدل بعضهم بهذه الآية على بطلان نكاح المتعة .

ولما أمر تعالى للسادة بتزويج الصالحين من عبيدهم وإمائهم ، مع الرق ، رغبهم في أن يكاتبوهم إذا طلبوا ذلك ، ليصيروا أحرارا ; فيتصرفوا في أنفسهم كالأحرار ، فقال تعالى : والذين يبتغون الكتاب أي : الكتابة : مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم حرصا على تحريرهم الذي هو الأصل فيهم ، وحبا بتحقيق المساواة في الأخوة الجنسية . والمكاتبة أن يقول السيد : كاتبتك . أي : جعلت عتقك مكتوبا على نفسي ، بمال كذا تؤديه في نجوم كذا . ويقبل العبد ذلك ، فيصير مالكا لمكاسبه ولما يوهب له ، وإنما وجب معه الإمهال ، لأن الكسب لا يتصور بدونه . واشترط النجوم لئلا تخلو تلك المدة عن الخدمة وعوضها جميعا . وقوله تعالى : إن علمتم فيهم خيرا أي : كالأمانة ، لئلا يؤدوا النجوم من المال المسروق . والقدرة على الكسب والصلاح ، فلا يؤذي أحدا بعد العتق . وقوله تعالى : وآتوهم من مال الله الذي آتاكم أمر للموالي ببذل شيء من أموالهم . وفي حكمه ، حط شيء من مال الكتابة . ولغيرهم بإعطائهم من الزكاة إعانة لهم على تحريرهم .

تنبيه :

قال في (" الإكليل " ) : في الآية مشروعية الكتابة . وأنها مستحبة . وقال أهل الظاهر : [ ص: 4521 ] واجبة لظاهر الآية . وأن لندبها أو وجوبها ، شرطين : طلب العبد لها وعلم الخير فيه وفسره مجاهد وغيره بالمال والحرفة والوفاء والصدق والأمانة .

ثم نهى تعالى عن إكراه الجواري على الزنى كما اعتادوه في الجاهلية ، بقوله سبحانه : ولا تكرهوا فتياتكم أي : إماءكم ، فإنه يكنى بالفتى والفتاة ، عن العبد والأمة ، وفي الحديث : « ليقل أحدكم : فتاي وفتاتي ، ولا يقل . عبدي وأمتي » وقوله تعالى : على البغاء أي : الزنى . يقال : بغت بغيا وبغاء ، إذا عهرت . وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها . وقوله تعالى : إن أردن تحصنا ليس لتخصيص النهي بصورة إرادتهن التعفف عن الزنى ، وإخراج ما عداها من حكمه ، بل للمحافظة على عادتهم المستمرة ، حيث كانوا يكرهونهن على البغاء وهن يردن التعفف عنه ، مع وفور شهوتهن الآمرة بالفجور ، وقصورهن في معرفة الأمور ، الداعية إلى المحاسن ، الزاجرة عن تعاطي القبائح ، انتهى كلام أبي السعود . أي : وحينئذ فلا مفهوم للشرط ، وهذا كجواب بعضهم : إن غالب الحال أن الإكراه لا يحصل إلا عند إرادة التحصن . والكلام الوارد على سبيل الغالب لا يكون له مفهوم الخطاب . كما أن الخلع يجوز في غير حالة الشقاق . ولكن لما كان الغالب وقوع الخلع في حالة الشقاق ، لا جرم لم يكن لقوله تعالى : فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به مفهوم . ومن هذا القبيل قوله : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا والقصر لا يختص بحال الخوف . ولكنه سبحانه أجراه على سبيل الغالب . فكذا ها هنا انتهى .

قال أبو سعود : وفيه من زيادة تقبيح حالهم وتشنيعهم على ما كانوا عليه من القبائح ، ما لا يخفى . فإن من له أدنى مروءة لا يكاد يرضى بفجور من يحويه حرمه من إمائه ، وفضلا [ ص: 4522 ] عن أمرهن به ، أو إكراههن عليه . لا سيما عند إرادتهن التعفف . وإيثار كلمة إن على (إذا ) مع تحقق الإرادة في مورد النص حتما ، للإيذان بوجوب الانتهاء عن الإكراه ، عند كون إرادة التحصن في حيز التردد والشك . فكيف إذا كانت محققة الوقوع كما هو الواقع ؟ وقوله تعالى : لتبتغوا عرض الحياة الدنيا قيد للإكراه ، لكن لا باعتبار أنه مدار للنهي عنه ، بل باعتبار أنه المعتاد فيما بينهم ، كما قبله جيء به تشنيعا لهم فيما هم عليه من احتمال الوزر الكبير ، لأجل النزر الحقير . أي : لا تفعلوا ما أنتم عليه من إكراههن على البغاء لطلب المتاع السريع الزوال ، الوشيك الاضمحلال . يعني من كسبهن وأولادهن .

وقوله تعالى : ومن يكرهن جملة مستأنفة سيقت لتقرير النهي وتأكيد وجوب العمل به ببيان خلاص المكرهات عن عقوبة المكره عليه عبارة ، ورجوع غائلة الإكراه إلى المكرهين إشارة ، أي : ومن يكرهن على ما ذكر من البغاء فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم أي : لهن . كما وقع في مصحف ابن مسعود . وعليه قراءة ابن عباس رضي الله عنهم . وكما ينبئ عنه قوله تعالى : من بعد إكراههن أي كونهن مكرهات . على أن الإكراه مصدر من المبني للمفعول فإن توسيطه بين اسم (إن ) وخبرها ، للإيذان بأن ذلك هو السبب للمغفرة والرحمة . وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى ، إذا قرأ هذه الآية يقول : لهن ، والله ! لهن ، والله ! وفي تخصيصهما (بهن ) وتعيين مدارهما ، مع سبق ذكر المكرهين أيضا في الشرطية ، دلالة بينة على كونهم محرومين منهما بالكلية ، كأنه قيل : لا للمكره . ولظهور هذا التقدير ، اكتفى به عن العائد إلى اسم الشرط . فتجويز تعلقهما بهم بشرط التوبة استقلالا ، أو معهن ، إخلال بجزالة النظم الجليل ، وتهوين لأمر النهي في مقام التهويل . وحاجتهن إلى المغفرة المنبئة عن سابقة الإثم ، إما باعتبار أنهن وإن كن مكرهات ، لا يخلون في تضاعيف الزنى عن شائبة مطاوعة ما يحكم الجبلة البشرية . وإما باعتبار أن الإكراه قد يكون قاصرا عن حد الإلجاء المزيل للاختيار بالمرة . وإما لغاية تهويل أمر الزنى ، وحث المكرهات على التثبت في التجافي عنه ، والتشديد في تحذير المكرهين ، ببيان أنهن حيث كن عرضة للعقوبة ، لولا أن تداركهن [ ص: 4523 ] المغفرة والرحمة ، مع قيام العذر في حقهن . فما حال من يكرهن في استحقاق العذاب ؟ انتهى كلام أبي السعود وقد أجاد في تحقيق المرام رحمه الله تعالى .

تنبيه :

قال في (" الإكليل " ) : في الآية النهي عن إكراه الإماء على الزنى . وأن المكره غير مكلف ولا آثم . وأن الإكراه على الزنى يتصور . وإن مهر البغي حرام . وفيه رد على من أوجب الحد على المكره له .

ثم حذر سبحانه من مخالفة ما نهى عنه ، مما بينه أشد البيان ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :

[34] ولقد أنـزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين .

ولقد أنـزلنا إليكم آيات مبينات أي : واضحات أو مفسرات لكل ما تهم حاجتكم إليه من عبادات ومعاملات وآداب . ومنه ما ذكر قبل ، من النهي عن الإكراه . فلا يخفى المراد منها : ومثلا من الذين خلوا من قبلكم أي : خبرا عظيما عن الأمم الماضية وما حل بهم ، بظلمهم وتعديهم حدود الله : وموعظة للمتقين أي : فيتعظون به وينزجرون عما لا ينبغي لهم . كما قال تعالى : فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين أي : عبرة يعتبرون بها . وإيثار المتقين لحث المخاطبين على الانتظام في سلكهم ، فإنهم الفائزون . وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :

[35] الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة [ ص: 4524 ] مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم .

الله نور السماوات والأرض أي : منورهما بالكواكب وما يفيض عنها من الأنوار . فهو مجاز من إطلاق الأثر على مؤثره . كما يطلق السبب على مسببه . أو مدبرهما ، من قولهم للرئيس الفائق في التدبير : (نور القوم ) لأنهم يهتدون به في الأمور فيكون مجازا . أو استعارة استعير (النور ) بمعنى : المنور ، للمدبر ، لعلاقة المشابهة في حصول الاهتداء . أو موجدهما فإن النور ظاهر بذاته مظهر لغيره - كما قاله الغزالي - فيكون أطلق عليه تعالى مجازا مرسلا باعتبار لازم معناه .

قال أبو السعود : وعبر عن المنور بالنور ، تنبيها على قوة التنوير وشدة التأثير . وإيذانا بأنه تعالى ظاهر بذاته ، وكل ما سواه ظاهر بإظهاره . كما أن النور نير بذاته وما عداه مستنير به . وأضيف النور إلى : السماوات والأرض للدلالة على سعة إشراقه . أو المراد بهما العالم كله : مثل نوره أي : صفة نوره العجيبة الشأن . قال أبو السعود : أي : نوره الفائض منه تعالى على الأشياء المستنيرة به وهو القرآن المبين . كما يعرب عنه ما قبله من وصف آياته بالإنزال والتبيين . وقد صرح بكونه نورا أيضا في قوله تعالى : وأنـزلنا إليكم نورا مبينا وبه قال ابن عباس رضي الله عنهما ، والحسن ، وزيد بن أسلم رحمهم الله تعالى : كمشكاة أي : كصفة كوة - طاقة - غير نافذة في الجدار ، في الإنارة والتنوير : فيها مصباح أي : سراج ضخم ثاقب - شديد الإضاءة - وقيل : المشكاة الأنبوبة في وسط القنديل ، والمصباح الفتيلة المشتعلة : المصباح في زجاجة أي : قنديل من الزجاج الصافي الأزهر : الزجاجة كأنها كوكب دري أي : متلألئ وقاد شبيه بالدر في صفائه وزهرته : يوقد من شجرة مباركة أي : كثيرة المنافع ، بأن رويت فتيلته بزيتها : زيتونة لا شرقية ولا غربية [ ص: 4525 ] أي لا شرقية تقع عليها الشمس وقت الشروق فقط ، ولا غربية تقع عليها عند الغروب . ولا تصيبها في الغداة بل في مكان عليها الشمس مشرقة من أول طلوعها إلى آخر غروبها . كصحراء أو رأس جبل . فزيتها أضوأ : يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار أي : يكاد يضيء بنفسه من غير نار لصفائه ولمعانه : نور على نور أي : ذلك النور الذي عبر به عن القرآن ، ومثلت صفته العجيبة بما فضل عن صفة المشكاة . نور عظيم كائن على نور كذلك . فـ(نور ) خبر مبتدأ محذوف ، والجار متعلق بمحذوف صفة له مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة ، والجملة فذلكة للتمثيل ، وتصريح لما حصل منه ، وتمهيد لما يعقبه . وليس معنى : نور على نور نور واحد فوق آخر مثله ، ولا مجموع نورين اثنين فقط ، بل هو عبارة عن نور متضاعف كتضاعف ما مثل به من نور المشكاة بما ذكر . فإن المصباح إذا كان في مكان متضايق كالمشكاة ، كان أضوأ له وأجمع لنوره . بخلاف المكان الواسع ، فإن الضوء ينبث فيه وينتشر . والقنديل أعون شيء على زيادة الإنارة . وكذلك الزيت وصفاؤه . وليس وراء هذه المراتب مما يزيد نورها إشراقا ، مرتبة أخرى عادة يهدي الله لنوره من يشاء أي : لهذا النور الثاقب العظيم الشأن ، بأن يوفقهم للإيمان به وفهم دلائل حقيته .

قال أبو السعود : وإظهاره في مقام الإضمار . لزيادة تقريره ، وتأكيد فخامته الذاتية بفخامته الإضافية الناشئة من إضافته إلى ضميره عز وجل : ويضرب الله الأمثال للناس أي : ليدنو لهم المعقول من المحسوس ، توضيحا وبيانا . ولذلك مثل نوره المعبر عنه بالقرآن ، بنور المشكاة : والله بكل شيء عليم أي : فلا يخفى عليه شيء وفيه وعد ووعيد . لأن علمه تعالى ، عبارة عن مجازاته في أمثال هذه الآي .

تنبيه :

هذه الآية الكريمة - آية النور - من الآيات التي صنفت فيها مصنفات خاصة . منها (" مشكاة الأنوار " ) للإمام الغزالي ، وقد نقل عنه الرازي في (" تفسيره " ) هنا جملة سابغة الذيل . ورأيت [ ص: 4526 ] للإمام ابن القيم في كتابه (" الجيوش الإسلامية " ) ما يجمل إيراده ، تعزيزا للمقام واستظهارا بزيادة العلم .

قال رحمه الله : سمى الله سبحانه وتعالى نفسه نورا وجعل كتابه نورا ورسوله صلى الله عليه وسلم نورا ودينه نورا . واحتجب عن خلقه بالنور وجعل دار أوليائه نورا يتلألأ ، قال الله تعالى : الله نور السماوات والأرض وقد فسر بكونه منور السماوات والأرض ، وهادي أهل السماوات والأرض . فبنوره اهتدى أهل السماوات والأرض . وهذا إنما هو فعله . وإلا فالنور الذي هو من أوصافه قائم به . ومنه اشتق له اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى . والنور يضاف إليه سبحانه على أحد وجهين . إضافة صفة إلى موصوفها ، وإضافة مفعول إلى فاعله . فالأول كقوله عز وجل : وأشرقت الأرض بنور ربها فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى ، إذا جاء لفصل القضاء . ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء المشهور : « أعوذ بنور وجهك الكريم أن تضلني لا إله إلا أنت » . وفي الأثر الآخر : « أعوذ بوجهك - أو بنور وجهك - الذي أشرقت له الظلمات » . فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم . أن الظلمات أشرقت لنور وجه الله . كما أخبر تعالى أن الأرض تشرق يوم القيامة بنوره .

وفي (" معجم الطبراني " ) و (" السنة " ) له و (" كتاب عثمان الدارمي " ) وغيرها ، عن ابن مسعود رضي الله عنه . قال : ليس عند ربكم ليل ولا نهار ، نور السماوات والأرض من نور وجهه . وهذا الذي قاله ابن مسعود رضي الله عنه أقرب إلى تفسير الآية ، من قول من فسرها بأنه هادي أهل السماوات والأرض . وأما من فسرها بأنه منور السماوات والأرض ، فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود . والحق أنه نور السماوات والأرض بهذه الاعتبارات كلها . وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله [ ص: 4527 ] صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال : « إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل . حجابه النور . لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه » . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل رأيت ربك ؟ قال : « نور ، أنى أراه » فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول : معناه كان ثمة نور ، وحال دون رؤيته نور ، فأنى أراه ؟ قال : ويدل عليه أن في بعض الألفاظ الصحيحة : هل رأيت ربك ؟ فقال : رأيت نورا . وقد أعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس حتى صحفه بعضهم فقال : نوراني أراه . على أنها ياء النسب ، والكلمة كلمة واحدة . وهذا خطأ لفظا ومعنى . وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه وكان قوله : « أنى أراه » كالإنكار للرؤية ، حاروا في الحديث ، ورده بعضهم باضطراب لفظه ، وكل هذا عدول عن موجب الدليل . وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب (" الرؤية " ) له إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج . وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك . وشيخنا يقول : ليس ذلك بخلاف في الحقيقة . فإن ابن عباس لم يقل رآه بعيني رأسه ، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال : إنه صلى الله عليه وسلم رآه عز وجل . ولم يقل بعيني رأسه . ولفظ أحمد لفظ ابن عباس رضي الله عنهما . ويدل على صحته ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر رضي الله عنه : قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : « حجابه النور » فهذا النور ، والله أعلم . النور المذكور في حديث أبي ذر رضي الله عنه « رأيت نورا » .

ثم قال ابن القيم : وقوله تعالى : مثل نوره كمشكاة فيها مصباح هذا مثل لنوره في قلب عبده المؤمن . كما قال أبي بن كعب وغيره : وقد اختلف في الضمير في (نوره ) فقيل : هو النبي صلى الله عليه وسلم . أي : مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : مفسره المؤمن . أي : مثل نور المؤمن .

[ ص: 4528 ] والصحيح أن يعود على الله تعالى . والمعنى : مثل نور الله سبحانه في قلب عبده . وأعظم عباده نصيبا من هذا النور رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهذا ، مع ما تضمنه عود الضمير المذكور - وهو وجه الكلام - يتضمن التقادير الثلاثة ، وهو أتم لفظا ومعنى . وهذا النور يضاف إلى الله تعالى . إذ هو معطيه لعبده وواهبه إياه . ويضاف إلى العبد . إذ هو محله وقابله . فيضاف إلى الفاعل والقابل . ولهذا النور فاعل وقابل ، ومحل وحامل ، ومادة . وقد تضمنت الآية ذكر هذه الأمور كلها على وجه التفصيل . فالفاعل وهو الله تعالى مفيض الأنوار . الهادي لنوره من يشاء . والقابل : العبد المؤمن . والمحل : قلبه . والحامل : همته وعزيمته وإرادته . والمادة : قوله وعمله . وهذا التشبيه العجيب الذي تضمنته الآية ، فيه من الأسرار والمعاني وإظهار تمام نعمته على عبده المؤمن ، بما أناله من نوره ، ما تقر به عيون أهله وتبتهج به قلوبهم . وفي هذا التشبيه لأهل المعاني طريقتان : إحداهما : طريقة التشبيه المركب وهي أقرب مأخذا وأسلم من التكلف . وهي أن تشبه الجملة برمتها بنور المؤمن ، من غير تعرض لتفصيل كل جزء من أجزاء المشبه ، ومقابلته بجزء من المشبه به . وعلى هذا عامة أمثال القرآن . فتأمل صفة المشكاة ، وهي كوة تنفذ لتكون أجمع للضوء ، وقد وضع فيها مصباح ، ذلك المصباح داخل زجاجة تشبه الكوكب الدري في صفائها وحسنها . ومادته من أصفى الأدهان وأتمها وقودا ، من زيت شجرة في وسط القراح ، لا شرقية ولا غربية ، بحيث تصيبها الشمس في إحدى طرفي النهار ، بل هي في وسط القراح ، محمية بأطرافه تصيبها الشمس أعدل إصابة ، والآفات إلى الأطراف دونها . فمن شدة إضاءة زيتها وصفائها وحسنها ، يكاد يضيء من غير أن تمسه نار . فهذا المجموع المركب هو مثل نور الله تعالى الذي وضعه في قلب عبده المؤمن وخصه به . والطريقة الثانية ، طريقة التشبيه المفصل . فقيل : المشكاة صدر المؤمن ، والزجاجة قلبه . شبه قلبه بالزجاجة لرقتها وصفائها وصلابتها . وكذلك قلب المؤمن . فإنه قد جمع الأوصاف الثلاثة . فهو يرحم ويحسن ويتحنن ويشفق على الخلق برقته وبصفائه . تتجلى فيه صور الحقائق والعلوم على ما هي عليه . ويتباعد الكدر والدرن والوسخ بحسب ما فيه من الصفاء . وبصلابته يشتد في أمر الله تعالى ، ويتصلب [ ص: 4529 ] في ذات الله تعالى ، ويغلظ على أعداء الله تعالى . ويقوم بالحق لله تعالى . وقد جعل الله تعالى القلوب كالآنية ، كما قال بعض السلف : القلوب آنية الله في أرضه فأحبها إليه أرقها وأصلبها وأصفاها . والمصباح هو نور الإيمان في قلبه . والشجرة المباركة هي شجرة الوحي المتضمنة للهدى ودين الحق . وهي مادة المصباح التي يتقد منها . والنور على النور ، نور الفطرة الصحيحة ، والإدراك الصحيح ، ونور الوحي والكتاب . فينضاف أحد النورين إلى الآخر ، فيزداد العبد نورا على نور . ولهذا يكاد ينطق بالحق والحكمة ، قبل أن يسمع ما فيه بالأثر . ثم يبلغه الأثر بمثل ما وقع في قلبه ونطق به . فيتفق عنده شاهد العقل والشرع والفطرة والوحي . فيريه عقله وفطرته وذوقه الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق لا يتعارض عنده العقل والنقل البتة . بل يتصادقان ويتوافقان . فهذا علامة النور على النور . انتهى . وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :

[36 - 38] في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب

في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه أي : أمر أن تعظم عن اللغو ، أو ترفع بالبناء قدرا . ويتلى فيه اسمه ، ولا يعبد فيها غيره ، لأنه شيدت على اسمه جل شأنه . والظرف صفة (لمشكاة ) أو (لمصباح ) أو (لزجاجة ) أو متعلق بـ(توقد ) أو بمحذوف . أي : سبحوه في بيوت . أو بـ(يسبح ) . ولفظ (فيها ) تكرار للتوكيد .

[ ص: 4530 ] قال أبو السعود : لما ذكر شأن القرآن الكريم في بيانه للشرائع والأحكام ، ومبادئها وغاياتها المترتبة عليها من الثواب والعقاب ، وأشير إلى كونه في غاية ما يكون من التوضيح ، حيث مثل بنور المشكاة - عقب ذلك بذكر الفريقين وتصوير بعض أعمالهم المعربة عن كيفية حالهم في الاعتداء وعدمه ، والمراد بالبيوت ، المساجد كلها : يسبح له فيها بالغدو يعني قبل طلوع الشمس : والآصال جمع أصيل وهو العشي قبل غروب الشمس : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله أي : بالتسبيح والتحميد : وإقام الصلاة أي : إقامتها لمواقيتها من غير تأخير : وإيتاء الزكاة أي : المال الذي يتزكى مؤتيه من دنس الشح ورذيلة البخل ، وتطهر نفسه ويصفو سره : يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار أي : تضطرب وتتغير من الهول والفزع . كما في قوله تعالى : وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب اللام متعلقة بيسبح أو لا تلهيهم أو بمحذوف يدل عليه السوق . أي : يفعلون ما يفعلون مما ذكر ، ليجزيهم . وفي آخر الآية تقرير وتنبيه على كمال القدرة ، ونفاذ المشيئة ، وسعة الإحسان ، لأن بغير حساب كناية عن السعة . والمراد أنه لا يدخل تحت حساب الخلق وعدهم .

تنبيه :

قال السيوطي في (" الإكليل " ) : في هذه الآية الأمر بتعظيم المساجد وتنزيهها عن اللغو والقاذورات . وفيها استحباب ذكر الله والصلاة في المساجد . وفي قوله : رجال إشارة إلى أن الأفضل للنساء الصلاة في قعر بيوتهن . كما صرح به الحديث ، إلا في نحو العيدين لحديث : « ليشهدن الخير ودعوة المسلمين » ، وقوله : لا تلهيهم الآية ، فيه أن التجارة [ ص: 4531 ] لا تنافي الصلاة . لأن مقصود الآية أنهم يتعاطونها ، ومع ذلك لا تلهيهم عن الصلاة وحضور الجماعة .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.25%)]