عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 29-11-2024, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,865
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [175]

الحلقة (206)


شرح سنن أبي داود [175]

لقد فتح الله تعالى لعباده أبواب رحمته الواسعة بترغيبهم في بعض الأعمال الفاضلة التي يعظم للمرء أجرها، ومن جملة هذه الأعمال طول القيام والقراءة في الصلاة، وصلاة المرء في جوف الليل مع أهله، والإكثار من قراءة القرآن الكريم، والاجتماع لمدارسته وتلاوته، كل ذلك يعود أجره العظيم على عامله، وبشر العاملين.

طول القيام


شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: طول القيام. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج : حدثني عثمان بن أبي سليمان عن علي الأزدي عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن حبشي الخثعمي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام. قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل. قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر ما حرم الله عليه. قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بماله ونفسه. قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: من أهريق دمه وعقر جواده) ]. قوله: [ باب طول القيام ] أي: طول القيام في الصلاة، وهذا فيما يتعلق بصلاة الليل والإطالة فيها وقراءة القرآن فيها؛ لأنه مع طول القيام تطول القراءة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في صلاة الليل يطيل كما جاء في بعض الأحاديث: (أنه قرأ البقرة والنساء وآل عمران). قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام) ]. وجاء في بعض الروايات: (أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القيام)، وهذا هو الذي يناسب المقام؛ لأن هذا التفضيل إنما هو لبعض أجزاء الصلاة، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث. إذاً: صلاة الليل يطال فيها القيام، خاصة إذا كان الإنسان يصلي وحده، فإنه يطول ما شاء ويكثر من قراءة القرآن.
معنى جهد المقل

قوله: [ (قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل) ] يعني كون الإنسان ينفق على قدر طاقته وعلى قدر وسعه، فمن كان عنده شيء قليل وجاد به فهذا من خير الصدقة، وجاء -أيضاً- في بعض الأحاديث: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) يعني أنه يكثر من الإنفاق لكثرة المال ووجود المال، فهو ينفق منه كثيراً، وكل منهما له فضل يخصه وعلى قدره، فمن أنفق عن قلة وجاد وآثر وليس عنده إلا الشيء القليل فلا شك في أن عمله هذا من أفضل الأعمال، ويدل على غنى النفس، ومن كان عنده المال الكثير وأنفق وأكثر من الإنفاق فهو على خير، وهو من أفضل الأعمال.
معنى هجر ما حرم الله
قوله: [ (قيل: فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر ما حرم الله عليه) ]. يعني أن كون الإنسان يهجر المحرمات ويبتعد عنها خير عظيم، وهذه هجرة عظيمة، وقد جاء في بعض الأحاديث: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) يعني: هذا هو المهاجر حقاً، أو هذه هي الهجرة حقاً. كذلك لو تمكن الإنسان من أن يترك بلد الشرك إلى بلد الإسلام فإن هذا من هجر ما نهى الله عنه وإذا كان لا يتمكن من أداء الشعائر وأداء القربات فإنه ينتقل، ومن المعلوم أن جهاد النفس ومجاهدة النفس والهجرة التي هي ترك المعاصي تابع لها، وجهاد الأعداء إنما يكون تابعاً لجهاد النفس، ومن لم يجاهد نفسه فإنه لا يجاهد الأعداء كما ينبغي، وإن وجد منه الجهاد ووجد منه النكاية بالعدو، ومعلوم أن من يقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل إنما يكون ذلك نتيجة لمجاهدة نفسه.
معنى جهاد المشركين بالمال والنفس

قوله: [ (قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بماله ونفسه) ]. يعني: بذل النفس والنفيس في سبيل مقاتلة المشركين، ومعلوم أن مجاهدة المشركين إنما تكون بعد مجاهدة النفس؛ لأن من لا يجاهد نفسه لا يحصل منه مجاهدة المشركين على الوجه الذي ينبغي، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لما سئل: (الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) يعني: من كان قصده إعزاز الإسلام ونصرة المسلمين، وإذلال الشرك والمشركين فهو في سبيل الله، وهذا إنما يكون بعد مجاهدة النفس، ولا يتمكن من الجهاد كما ينبغي إلا بمجاهدة النفس، وقد يوجد القتال والنكاية بالعدو وغير ذلك، كما في قصة الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)، وكان قد أثنى عليه الصحابة وقالوا: إنه عمل كذا وعمل كذا، وإنه حصل منه ما حصل من النكاية بالأعداء، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (هو من أهل النار)، فتبعه أحد الصحابة لينظر ما وراءه، فوجده قد أصيب بجرح في يده فجزع فوضع أصل السيف على الأرض وذبابته على صدره وتحامل عليه فقتل نفسه، فيأتي الرجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ويخبرهم بالذي قد حصل، فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر). لكن هذا على خلاف الأصل، ومن النادر والقليل، ولكن الجهاد الذي يكون فيه نكاية بالعدو إنما يكون بعد مجاهدة النفس؛ لأن جهاد غير النفس تابع لجهاد النفس.
إهراق الدم وعقر الجواد في سبيل الله عز وجل

قوله: [ (قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: من أهريق دمه وعقر جواده) ]. يعني: من قتل في سبيل الله وعقر جواده بأن أصيب في نفسه وفي مركوبه فهذا أشرف القتل وأفضله.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حجاج ]. هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عثمان بن أبي سليمان ]. عثمان بن أبي سليمان ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن علي الأزدي ]. هو علي بن عبد الله البارقي الأزدي، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبيد بن عمير ]. عبيد بن عمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن حبشي الخثعمي ]. عبد الله بن حبشي الخثعمي رضي الله عنه صحابي، أخرج حديثه أبو داود و النسائي .
الفرق بين إطالة القيام والقراءة وإطالة السجود وفضلها

إطالة القراءة القيام لا شك في أنها عظيمة وكذلك إطالة السجود، فإنه يطال ويكثر فيه من الدعاء، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، وقال: (أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم) لكن إطالة القيام تكون أكثر من إطالة السجود.
الحث على قيام الليل


شرح حديث (رحم الله رجلاً قام من الليل...)


قال الصنف رحمه الله تعالى: [ باب الحث على قيام الليل. حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثنا القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) ]. قوله: [ باب الحث على قيام الليل ] يعني الحث على قيام الليل والترغيب فيه، والتعاون بين الزوجين على ذلك، وحث الرجل لمحارمه يلحق بذلك، وهو من التعاون على البر والتقوى والتعاون على الخير، ومن الترغيب في الخير، ومن مجاهدة النفس، ومن مساعدة بعض أهل البيت لبعض. قوله: [ (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت -أي: ما استجابت له- نضح في وجهها الماء) ] يعني: نضح في وجهها الماء حتى يذهب عنها النوم، وحتى تفعل هذا الشيء الذي أراده منها، وهو الصلاة بالليل. وقوله: [ (رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)] أي أن من كان منهما أنشط في العبادة وأسرع إلى القيام فإنه يحرص على إفادة الآخر، سواءٌ الرجل أو المرأة، الزوج أو الزوجة، وإذا ما حصلت الاستجابة بالكلام فينضح أحدهما الماء على وجه الآخر من أجل أن يذهب عنه النوم ويهب ويقوم، وهذا من التعاون على البر والتقوى. ووجه إيراد هذا الحديث تحت هذه الترجمة أن فيه حثاً على قيام الليل، وكون أحد الزوجين يقوم ويصلي ويحرص على أن يقوم رفيقه وصاحبه فيصلي معه، ففيه حث على قيام الليل.

تراجم رجال إسناد حديث (رحم الله رجلاً قام من الليل...)


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. هو محمد بن بشار البصري الملقب ببندار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا القعقاع بن حكيم ]. القعقاع بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي صالح ]. هو: ذكوان السمان الزيات، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. ونضح الماء على ظاهره، لكن يكون برفق، ولا يكون بشدة وبغلظة، ولا يصب المرء ماء كثيراً يزعج، وإنما ينضح بشيءٍ يسير، حتى يجعل صاحبه يقوم من فراشه.
شرح حديث (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن علي بن الأقمر عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري و أبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعاً كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات) ]. قوله: [ (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات) ] أي: سواءٌ أكان إماماً وهي مأمومة، أم صلى كل واحد منهما بمفرده، فالمهم أن توجد الصلاة منهما جميعاً، إما عن طريق الجماعة أو عن طريق انفراد كل واحد منهما بصلاته. قوله: [ (كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات) ] يعني: هذا فيه تفسير لما جاء في القرآن في قوله تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] فهذه الآية فيها ذكر عشرة أصناف من الرجال والنساء، وآخرهم الذاكرون الله كثيراً والذاكرات، فالسنة تفسر كتاب الله عز وجل. فكون الزوجين يقومان في الليل ويصليان والناس نيام يدل على أنهما ليسا من الغافلين، بل من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات. ويدخل فيه الرجل مع محارمه من النساء، والمرأة مع محارمها من الرجال، فكون الرجل يوقظ زوجته ويوقظ بناته، أو البنت توقظ أمها أو أباها لا بأس به.
تراجم رجال إسناد حديث (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته)

قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ]. محمد بن حاتم بن بزيع ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبيد الله بن موسى ]. عبيد الله بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شيبان ]. هو شيبان بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن الأقمر ]. علي بن الأقمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأغر أبي مسلم ]. الأغر أبو مسلم ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري و أبي هريرة ]. أبو سعيد هو سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. و أبو هريرة مر ذكره.
ثواب قراءة القرآن


شرح حديث (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في ثواب قراءة القرآن. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ]. قوله: [ باب: في ثواب قراءة القرآن ] يعني: عظم أجرها وجزيل ثوابها عند الله عز وجل. قوله: [ (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ] يعني: خيركم وأفضلكم من عمل بالقرآن تعلماً وتعليماً على الوجه الذي ينبغي، بأن يتعلم القرآن ويتدبر ما فيه، وأن يستنبط ما فيه ويعمل به، وكذلك بعد أن يتعلم القرآن يعلمه لغيره، فيكون مستفيداً مفيداً وعالماً معلماً. وقد قال ابن الأعرابي -كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري-: لا يكون الرجل ربانياً حتى يكون عالماً عاملاً معلماً، فيتعلم القرآن ويتعلم أحكامه ويعلم ذلك. ومما يتبع ذلك تعلم العلوم الأخرى التي يحتاج إليها في معرفة القرآن، وفي معرفة الأحكام، وكذلك السنة التي تشرح القرآن وتفسره وتدل عليه؛ لأن خير ما يفسر به القرآن القرآن، وكذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى في كتابه آيات تفسر آيات أخرى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته يفسر الآيات ويبين المراد منها ويشرحها، ثم بعد ذلك يفسر القرآن بأقوال الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم وعلى منوالهم. فهذا حديث عظيم يدل على فضل العناية بالقرآن حفظاً وتعلماً وتعليماً وتلاوة وعملاً، وفيه الجمع بين الإفادة والاستفادة، كونه يتعلم ليستفيد ويعلم ليفيد، فيكون نفعه ليس قاصراً، بل متعد، فهو ينتفع وينفع، ويستفيد ويفيد، ويهتدي ويهدي، ويَرْشُد ويُرشِد. قوله: [ (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ]. يعني: خير الناس من تعلم القرآن وعلمه، والخيرية على إطلاقها. ولا يوجد تعارض بين تعلم القرآن وبين الجهاد في سبيل الله؛ لأنه يمكن أن يتعلم الإنسان القرآن في أوقات ويجاهد في أوقات، ويجمع بينهما، وكل منهما عمل عظيم، ولكن الجهاد وكل الأعمال إنما تعرف عن طريق القرآن وعن طريق السنة التي هي شارحة القرآن ودالة على القرآن؛ لأن الأعمال الصحيحة إنما تكون مبنية على علم، والعلم إنما يكون من الكتاب والسنة، يقول الله عز وجل: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [العصر:3] يعني: آمنوا عن علم وبصيرة وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:3]. وإذا كان هناك حلقات علم فيها تجويد القرآن وقراءته فيمكن الإنسان أن يتفق مع شخص عنده قدرة في القراءة ليحضر عنده في أوقات محددة وأوقات معينة؛ حتى يتقن القراءة ويجيدها، ولكن لا تكون المداومة والملازمة إلا بالاشتغال بعلم الكتاب والسنة والعلوم التي تخدمهما وتوضحهما وتبينهما؛ لأن هذه تحتاج إلى مداومة وإلى استمرار، وإلى إنفاق الأوقات والساعات في تحصيل تلك العلوم التي لابد منها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]