عرض مشاركة واحدة
  #527  
قديم 13-12-2024, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,344
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء التاسع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (527)
صــ 491 إلى صــ 505





[ ص: 491 ]

وإنما معنى الكلام : ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ، ولكن ليعن بعضكم بعضا بالأمر بالانتهاء إلى ما حده الله لكم في القوم الذين صدوكم عن المسجد الحرام وفي غيرهم ، والانتهاء عما نهاكم الله أن تأتوا فيهم وفي غيرهم ، وفي سائر ما نهاكم عنه ، ولا يعن بعضكم بعضا على خلاف ذلك .

وبما قلنا في"البر والتقوى" قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

11000 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "وتعاونوا على البر والتقوى" ، "البر" ما أمرت به ، و"التقوى" ما نهيت عنه .

11001 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : " وتعاونوا على البر والتقوى " قال : "البر" ما أمرت به ، و"التقوى" ما نهيت عنه .
القول في تأويل قوله ( واتقوا الله إن الله شديد العقاب ( 2 )

قال أبو جعفر : وهذا وعيد من الله جل ثناؤه وتهدد لمن اعتدى حده وتجاوز أمره يقول عز ذكره : "واتقوا الله" ، يعني : واحذروا الله ، أيها المؤمنون ، أن تلقوه في معادكم وقد اعتديتم حده فيما حد لكم ، وخالفتم أمره فيما أمركم به ، أو نهيه فيما نهاكم عنه ، فتستوجبوا عقابه ، وتستحقوا أليم عذابه . ثم وصف عقابه بالشدة فقال عز ذكره : إن الله شديد عقابه لمن عاقبه من خلقه ، لأنها نار [ ص: 492 ] لا يطفأ حرها ، ولا يخمد جمرها ، ولا يسكن لهبها ، نعوذ بالله منها ومن عمل يقربنا منها .
القول في تأويل قوله ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : حرم الله عليكم ، أيها المؤمنون ، الميتة .

و" الميتة " : كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره ، مما أباح الله أكلها ، أهليها ووحشيها ، فارقتها روحها بغير تذكية .

وقد قال بعضهم : " الميتة " ، هو كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية ، مما أحل الله أكله .

وقد بينا العلة الموجبة صحة القول بما قلنا في ذلك ، في كتابنا ( كتاب لطيف القول في الأحكام ) .

وأما"الدم" ، فإنه الدم المسفوح ، دون ما كان منه غير مسفوح ، لأن الله جل ثناؤه قال : ( قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ) [ سورة الأنعام : 145 ] ، فأما ما كان قد صار في معنى اللحم ، كالكبد والطحال ، وما كان في اللحم غير [ ص: 493 ] منسفح ، فإن ذلك غير حرام ، لإجماع الجميع على ذلك .

وأما قوله : "ولحم الخنزير" ، فإنه يعني : وحرم عليكم لحم الخنزير ، أهليه وبريه .

فالميتة والدم مخرجهما في الظاهر مخرج عموم ، والمراد منهما الخصوص . وأما لحم الخنزير ، فإن ظاهره كباطنه ، وباطنه كظاهره ، حرام جميعه ، لم يخصص منه شيء .

وأما قوله : " وما أهل لغير الله به " ، فإنه يعني : وما ذكر عليه غير اسم الله .

وأصله من"استهلال الصبي" ، وذلك إذا صاح حين يسقط من بطن أمه . ومنه"إهلال المحرم بالحج" ، إذا لبى به ومنه قول ابن أحمر :


يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر


وإنما عنى بقوله : " وما أهل لغير الله به " ، وما ذبح للآلهة وللأوثان ، يسمى عليه غير اسم الله .

[ ص: 494 ]

وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وقد ذكرنا الرواية عمن قال ذلك فيما مضى ، فكرهنا إعادته .
القول في تأويل قوله ( والمنخنقة )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في صفة"إلانخناق" الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله : "والمنخنقة" .

فقال بعضهم بما : -

11002 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "والمنخنقة" ، قال : التي تدخل رأسها بين شعبتين من شجرة ، فتختنق فتموت .

11002 م - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك في المنخنقة ، قال : التي تختنق فتموت .

11003 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر ، عن قتادة في قوله : "والمنخنقة" ، التي تموت في خناقها .

وقال آخرون : هي التي توثق فيقتلها بالخناق وثاقها .

ذكر من قال ذلك :

11004 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : "والمنخنقة" ، قال : الشاة توثق ، فيقتلها خناقها ، فهي حرام .

[ ص: 495 ]

وقال آخرون : بل هي البهيمة من النعم ، كان المشركون يخنقونها حتى تموت ، فحرم الله أكلها .

ذكر من قال ذلك :

11005 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : "والمنخنقة" التي تخنق فتموت .

11006 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والمنخنقة" ، كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة ، حتى إذا ماتت أكلوها .

وأولى هذه الأقوال بالصواب ، قول من قال : "هي التي تختنق ، إما في وثاقها ، وإما بإدخال رأسها في الموضع الذي لا تقدر على التخلص منه ، فتختنق حتى تموت" .

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك من غيره ، لأن"المنخنقة" ، هي الموصوفة بالانخناق ، دون خنق غيرها لها ، ولو كان معنيا بذلك أنها مفعول بها ، لقيل : "والمخنوقة" ، حتى يكون معنى الكلام ما قالوا .
القول في تأويل قوله ( والموقوذة )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "والموقوذة" ، والميتة وقيذا .

يقال منه : "وقذه يقذه وقذا" ، إذا ضربه حتى أشرف على الهلاك ، ومنه قول الفرزدق : [ ص: 496 ]


شغارة تقذ الفصيل برجلها فطارة لقوادم الأبكار


وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

11007 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : "والموقوذة" ، قال : الموقوذة ، التي تضرب بالخشب حتى توقذ بها فتموت .

11008 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والموقوذة" ، كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصي ، حتى إذا ماتت أكلوها .

11009 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا روح قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة في قوله : "والموقوذة" ، قال : كانوا يضربونها حتى يقذوها ، ثم يأكلوها .

[ ص: 497 ]

11010 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "والموقوذة" ، التي توقذ فتموت .

11011 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : "الموقوذة" ، التي تضرب حتى تموت .

11012 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "والموقوذة" ، قال : هي التي تضرب فتموت .

11013 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سلمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : "والموقوذة" ، كانت الشاة أو غيرها من الأنعام تضرب بالخشب لآلهتهم ، حتى يقتلوها فيأكلوها .

11014 - حدثنا العباس بن الوليد قال : أخبرني عقبة بن علقمة ، حدثني إبراهيم بن أبي عبلة . قال : حدثني نعيم بن سلامة ، عن أبي عبد الله الصنابحي قال : ليست"الموقوذة" إلا في مالك ، وليس في الصيد وقيذ .
[ ص: 498 ] القول في تأويل قوله ( والمتردية )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وحرمت عليكم الميتة ترديا من جبل أو في بئر ، أو غير ذلك .

و"ترديها" ، رميها بنفسها من مكان عال مشرف إلى سفله .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

11015 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : "والمتردية" ، قال : التي تتردى من الجبل .

11016 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والمتردية" ، كانت تتردى في البئر فتموت ، فيأكلونها .

11017 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا روح قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والمتردية" ، قال : التي تردت في البئر .

11018 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في قوله : "والمتردية" ، قال : هي التي تردى من الجبل ، أو في البئر ، فتموت .

11019 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، [ ص: 499 ] عن الضحاك : "والمتردية" ، التي تردى من الجبل فتموت .

11020 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : "والمتردية" ، قال : التي تخر في ركي ، أو من رأس جبل ، فتموت .
القول في تأويل قوله ( والنطيحة )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : "النطيحة" ، الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية . فحرم الله جل ثناؤه ذلك على المؤمنين ، إن لم يدركوا ذكاته قبل موته .

وأصل"النطيحة" ، "المنطوحة" ، صرفت من"مفعولة" إلى"فعيلة" .

فإن قال قائل : وكيف أثبتت"الهاء" هاء التأنيث فيها ، وأنت تعلم أن العرب لا تكاد تثبت"الهاء" في نظائرها إذا صرفوها صرف"النطيحة" من"مفعول" إلى"فعيل" ، إنما تقول : "لحية دهين" و"عين كحيل" و"كف خضيب" ، ولا يقولون : كف خضيبة ، ولا عين كحيلة ؟

قيل : قد اختلف أهل العربية في ذلك .

فقال بعض نحويي البصرة : أثبتت فيها"الهاء" أعني في"النطيحة" لأنها جعلت كالاسم مثل : "الطويلة" و"الطريقة" .

فكأن قائل هذا القول ، وجه"النطيحة" إلى معنى"الناطحة" .

[ ص: 500 ]

فتأويل الكلام على مذهبه : وحرمت عليكم الميتة نطاحا ، كأنه عنى : وحرمت عليكم الناطحة التي تموت من نطاحها .

وقال بعض نحويي الكوفة : إنما تحذف العرب"الهاء" من"الفعيلة" المصروفة عن"المفعول" ، إذا جعلتها صفة لاسم قد تقدمها ، فتقول : "رأينا كفا خضيبا ، وعينا كحيلا" ، فأما إذا حذفت"الكف" و"العين" والاسم الذي يكون"فعيل" نعتا لها ، واجتزءوا ب "فعيل" منها ، أثبتوا فيه هاء التأنيث ، ليعلم بثبوتها فيه أنها صفة للمؤنث دون المذكر ، فتقول : "رأينا كحيلة وخضيبة" و"أكيلة السبع" . قالوا : ولذلك أدخلت"الهاء" في"النطيحة" ، لأنها صفة المؤنث ، ولو أسقطت منها لم يدر أهي صفة مؤنث أو مذكر .

وهذا القول هو أولى القولين في ذلك بالصواب ، لشائع أقوال أهل التأويل بأن معنى : "النطيحة" ، المنطوحة .

ذكر من قال ذلك :

11021 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن أبي عباس قوله : "والنطيحة" ، قال : الشاة تنطح الشاة .

11022 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، عن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة قال : كان يقرأ : ( والمنطوحة ) .

11023 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك : "والنطيحة" ، الشاتان ينتطحان فيموتان .

11024 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "والنطيحة" ، هي التي تنطحها الغنم والبقر فتموت .

[ ص: 501 ] يقول : هذا حرام ، لأن ناسا من العرب كانوا يأكلونه .

11025 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "والنطيحة" ، كان الكبشان ينتطحان ، فيموت أحدهما ، فيأكلونه .

11026 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا روح قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " والنطيحة " ، الكبشان ينتطحان ، فيقتل أحدهما الآخر ، فيأكلونه .

11027 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك ، يقول في قوله : "والنطيحة" ، قال : الشاة تنطح الشاة فتموت .
القول في تأويل قوله ( وما أكل السبع )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "وما أكل السبع" ، وحرم عليكم ما أكل السبع غير المعلم من الصوائد .

وكذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

11028 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : "وما أكل السبع" ، يقول : ما أخذ السبع .

11029 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك : "وما أكل السبع" ، يقول : ما أخذ السبع .

11030 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : [ ص: 502 ] "وما أكل السبع" ، قال : كان أهل الجاهلية إذا قتل السبع شيئا من هذا أو أكل منه ، أكلوا ما بقي .

11031 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، عن قيس ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الربيع ، عن ابن عباس أنه قرأ : ( وأكيل السبع ) .
القول في تأويل قوله ( إلا ما ذكيتم )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "إلا ما ذكيتم" ، إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورا .

ثم اختلف أهل التأويل فيما استثنى الله بقوله : "إلا ما ذكيتم " .

فقال بعضهم : استثنى من جميع ما سمى الله تحريمه من قوله : "وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع" .

ذكر من قال ذلك :

11032 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : "إلا ما ذكيتم" ، يقول : ما أدركت ذكاته من هذا كله ، يتحرك له ذنب ، أو تطرف له عين ، فاذبح واذكر اسم الله عليه ، فهو حلال .

11033 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن فضيل ، عن أشعث ، عن الحسن : " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم " ، قال الحسن : أي هذا [ ص: 503 ] أدركت ذكاته فذكه وكل . فقلت : يا أبا سعيد ، كيف أعرف ؟ قال : إذا طرفت بعينها ، أو ضربت بذنبها .

11034 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "إلا ما ذكيتم" ، قال : فكل هذا الذي سماه الله عز وجل هاهنا ، ما خلا لحم الخنزير ، إذا أدركت منه عينا تطرف ، أو ذنبا يتحرك ، أو قائمة تركض فذكيته ، فقد أحل الله لك ذلك .

11035 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : "إلا ما ذكيتم" ، من هذا كله . فإذا وجدتها تطرف عينها ، أو تحرك أذنها من هذا كله ، فهي لك حلال .

11036 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني هشيم وعباد قالا أخبرنا حجاج ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي قال : إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة ، وهي تحرك يدا أو رجلا فكلها .

11037 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا معمر ، عن إبراهيم قال : إذا أكل السبع من الصيد ، أو الوقيذة أو النطيحة أو المتردية ، فأدركت ذكاته ، فكل .

11038 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا مصعب بن سلام التميمي قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب قال : إذا ركضت برجلها ، أو طرفت بعينها ، وحركت ذنبها ، فقد أجزأ .

[ ص: 504 ]

11039 - حدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا أبو عاصم قال : أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني ابن طاوس ، عن أبيه قال : إذ ذبحت فمصعت بذنبها ، أو تحركت ، فقد حلت لك أو قال : فحسبه .

11040 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد ، عن حميد ، عن الحسن قال : إذا كانت الموقوذة تطرف ببصرها ، أو تركض برجلها ، أو تمصع بذنبها ، فاذبح وكل .

11041 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن قتادة ، بمثله .

11042 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، أنه سمع عبيد بن عمير يقول : إذا طرفت بعينها ، أو مصعت بذنبها ، أو تحركت ، فقد حلت لك .

11043 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول : كان أهل الجاهلية يأكلون هذا ، فحرم الله في الإسلام إلا ما ذكي منه ، فما أدرك فتحرك منه رجل أو ذنب أو طرف ، فذكي ، فهو حلال .

11044 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " ، وقوله : " والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة " ، الآية" وما أكل السبع إلا ما ذكيتم " ، قال : هذا كله محرم ، إلا ما ذكي من هذا .

فتأويل الآية على قول هؤلاء : حرمت الموقوذة والمتردية ، إن ماتت من التردي والوقذ والنطح وفرس السبع ، إلا أن تدركوا ذكاتها ، فتدركوها قبل موتها ، فتكون حينئذ حلالا أكلها .

[ ص: 505 ]

وقال آخرون : هو استثناء من التحريم ، وليس باستثناء من المحرمات التي ذكرها الله تعالى في قوله : "حرمت عليكم الميتة" ، لأن الميتة لا ذكاة لها ، ولا للخنزير . قالوا : وإنما معنى الآية : حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما سمينا مع ذلك ، إلا ما ذكيتم مما أحله الله لكم بالتذكية ، فإنه لكم حلال . وممن قال ذلك جماعة من أهل المدينة .

ذكر بعض من قال ذلك :

11045 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال مالك ، وسئل عن الشاة التي يخرق جوفها السبع حتى تخرج أمعاؤها ، فقال مالك : لا أرى أن تذكى ، ولا يؤكل أي شيء يذكى منها .

11046 - حدثني يونس ، عن أشهب قال : سئل مالك عن السبع يعدو على الكبش فيدق ظهره ، أترى أن يذكى قبل أن يموت فيؤكل ؟ قال : إن كان بلغ السحر فلا أرى أن يؤكل . وإن كان إنما أصاب أطرافه ، فلا أرى بذلك بأسا . قيل له : وثب عليه فدق ظهره ؟ قال : لا يعجبني أن يؤكل ، هذا لا يعيش منه . قيل له : فالذئب يعدو على الشاة فيشق بطنها ولا يشق الأمعاء ؟ قال : إذا شق بطنها ، فلا أرى أن تؤكل .

وعلى هذا القول يجب أن يكون قوله : "إلا ما ذكيتم" ، استثناء منقطعا .

فيكون تأويل الآية : حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما ذكرنا ، ولكن ما ذكيتم من الحيوانات التي أحللتها لكم بالتذكية حلال .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]