تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع)
قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن ابن إدريس ]. عبد الله بن إدريس الأودي وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن ابن عجلان ] محمد بن عجلان المدني صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن . [ عن المقبري ]. يحتمل أن يكون أبا سعيد المقبري أو سعيد بن أبي سعيد ؛ لأن كلاً منهما يروي عن أبي هريرة ، وكل منهما ثقة خرج له أصحاب الكتب الستة، لكن قد نص المزي على أنه هنا سعيد بن أبي سعيد . [ عن أبي هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومر ذكره.
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من الأربع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أخيه عباد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الأربع: من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع). ]. هذا الدعاء فيه سؤال الغاية والنهاية الحسنة في هذه الأمور، فالقلب يكون فيه الخشوع، وإذا فقد فإن هذا مما يتعوذ منه. (وعلم لا ينفع)؛ لأن فائدة العلم في العمل، والعلم بدون العمل يكون وبالاً على الإنسان، فالإنسان إذا علم وعمل يكون عمله على بصيرة، واهتدى إلى بصيرة، وعبد الله على بصيرة، وإذا كان بخلاف ذلك كان العلم وبالاً عليه، وكان الجاهل أحسن حالاً منه كما قال الشاعر: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم لا يستوي من يعصي الله وهو جاهل، ومن يعص الله وهو عالم (ومن نفس لا تشبع): فالنفس التي لا تشبع يكون عندها الفقر ولو امتلأت اليدان، فالغنى هو غنى النفس، وإذا وجد غنى النفس فما وراء ذلك يكون تبعاً له، وإذا فقد غنى النفس فإن اليد ولو كانت غنية فإن الفقر يكون موجوداً. (ومن دعاء لا يسمع) يعني: لا يستجاب، والإمام يقول: سمع الله لمن حمده، فيقول المصلي وراءه: ربنا ولك الحمد، وسبق أن ذكرنا الفائدة العظيمة التي ذكرها بعض العلماء في بيان منزلة معاوية بن أبي سفيان لما قيل له: ماذا تقول في معاوية بن أبي سفيان ؟ قال: ماذا أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية وراءه: ربنا ولك الحمد؟!
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من الأربع)
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. مر ذكره. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ]. سعيد بن أبي سعيد المقبري مر ذكره. [ عن أخيه ]. عباد بن أبي سعيد وهو مقبول أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره. فائدة: سعيد بن أبي سعيد يروي عن أبيه عن أبي هريرة ، ويروي عن أخيه عن أبي هريرة ، ويروي عن أبي هريرة مباشرة. هذا الحديث صححه الألباني ، وله شاهدان عند مسلم وعند الترمذي وقال: حسن صحيح غريب، وكلمة (غريب) هذه لا تؤثر؛ لأن الترمذي يستعملها أحياناً في أحاديث في الصحيحين، فمثلاً آخر حديث في صحيح البخاري : (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، قال الترمذي عنه: حسن صحيح غريب، وقصده بغريب تفرد بعض الرواة به.
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المتوكل حدثنا المعتمر قال: قال أبو المعتمر أرى أن أنس بن مالك حدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع) . وذكر دعاء آخر ]. أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع)، وذكر دعاء آخر، يعني مع ذلك، وهذه غير الأربع المذكورة؛ ففي الحديث السابق الاستعاذة من قلب لا يخشع، وقد تدخل فيه الصلاة التي لا خشوع فيها، ولا إقبال فيها، ولاشك أن الخشوع أهم شيء مطلوب فيها.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع)
قوله: [ حدثنا محمد بن المتوكل ]. صدوق له أوهام كثيرة أخرج له أبو داود وحده. [ حدثنا المعتمر ]. المعتمر يروي هنا عن أبيه وهو سليمان بن طرخان ، وقد مر ذكرهما. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك قد مر ذكره، و أبو المعتمر سمع من أنس ، وهنا قال: أراه. يعني: أنه شك في أن الصحابي الذي حدثه هو أنس .
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن فروة بن نوفل الأشجعي أنه قال: سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به قالت: كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل)، ففيه التعوذ من شر ما عمل الإنسان في الماضي، ومن شر ما لم يعمله في المستقبل، وهذا الدعاء من الأدعية الجامعة.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور بن المعتمر الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن هلال بن يساف ]. هلال بن يساف ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن . [ عن فروة بن نوفل الأشجعي ]. قال في التقريب: مختلف في صحبته، والصواب أن الصحبة لأبيه، أخرج له مسلم وأصحاب السنن، فيفهم من هذا أنه ثقة، ولو كان فيه ضعف لأشار إليه، وأحياناً ينص على توثيق من اختلف في صحبته، فيقول: بل تابعي ثقة. [ عن عائشة أم المؤمنين ]. مر ذكرها.
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ح وحدثنا أحمد حدثنا وكيع -المعنى- عن سعد بن أوس عن بلال العبسي عن شتير بن شكل عن أبيه قال في حديث أبي أحمد : شكل بن حميد رضي الله عنه أنه قال: (قلت: يا رسول الله! علمني دعاء قال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي) ]. قوله: (ومن شر سمعي) يعني كونه يسمع به ما لا يجوز سماعه، وهذا هو الشر الذي يقع عن طريق السمع. (ومن شر بصري) يعني: كونه ينظر إلى محرم. (ومن شر لساني) يعني: كونه يتكلم بكلام شر وفسوق، وقد جاء في الحديث: (من يضمن لي ما بين رجليه وما بين لحييه أضمن له الجنة)، وجاءت الأحاديث الكثيرة في بيان خطر اللسان، ومنها حديث معاذ : (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ كف عليك هذا -وأشار إلى لسان نفسه- فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به! قال: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟!). (ومن شر قلبي) يعني: ما يكون فيه من الحقد ومن كل شر وبلاء. (ومن شر منيي) يعني: كونه يضعه في موضع لا يحل له أن يضعه فيه، قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7]، فإذا وضع منيه في غير هذين الموضعين -وهما الأزواج وملك اليمين- فإنه من العدوان والاعتداء، وصاحبه ملوم، وفي الحديث الذي أشرت إليه: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) يعني: يحفظ فرجه.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي...)
قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عبد الله بن الزبير ]. محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد الزبيري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا أحمد حدثنا وكيع المعنى ]. ثم قال: ح وحدثنا أحمد أي: ابن حنبل عن وكيع وهو ابن الجراح الرؤاسي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقوله: (المعنى) يعني أن المعنى واحد. [ عن سعد بن أوس ]. سعد بن أوس وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن بلال العبسي ]. بلال العبسي وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن شتير بن شكل ]. شتير بن شكل وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. شكل بن حميد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم له هذا الحديث فقط، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قال في حديث أبي أحمد : شكل بن حميد ]. يعني: الشيخ الأول وهو أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير ذكر نسب الصحابي فقال: شكل بن حميد ، ولم يقتصر على قوله: عن أبيه.
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من الهدم..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا مكي بن إبراهيم حدثني عبد الله بن سعيد عن صيفي مولى أفلح مولى أبي أيوب عن أبي اليسر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم إني أعوذ بك من الهدم، وأعوذ بك من التردي، وأعوذ بك من الغرق والحرق، وأعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت لديغاً) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي اليسر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الهدم) يعني: سقوط جدار أو بنيان؛ لما يحصل بسبب ذلك من الأضرار التي تلحق الجسم، فيصير مقعداً أو يحصل له ضرر كبير في صحته، فلا يتمكن من أن يأتي بالأمور التي كان يستطيعها قبل أن يحصل له ذلك الضرر. وقوله: [ (وأعوذ بك من التردي) ] يعني: السقوط من شاهق، سواء من جبل، أو من عمارة، أو أي مكان عال، فيحصل له بسببه التكسر والضرر. قوله: [ (وأعوذ بك من الغرق) ] يعني: كون الإنسان يحصل له الغرق. قوله: [ (والحرق)] يعني: كونه يحترق بالنار، فيتضرر بذلك. قوله: [ (والهرم)] وهو كون الإنسان يتقدم به السن، ويرد إلى أرذل العمر. قوله: [ (وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت) ] يعني: أن يستولي عليه الشيطان عند الموت، ويصرفه عما ينبغي أن يكون عليه من الخاتمة الحسنة. قوله: [ (وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً) ] يعني: فاراً من الزحف غير متحرفاً لقتال أو متحيز إلى فئة كما استثناهما الله تعالى. قوله: [ (وأعوذ بك أن أموت لديغاً)] يعني: من ذوات السموم. وقد جاء أن الغريق والمحروق واللديغ شهداء، لكن إذا بقي في قيد الحياة فقد يحصل له أمور لا يستطيع أن يصبر معها، فيصير عنده تحسر وضجر. والاستعاذة من هذه الأشياء عامة، سواء مات منها أو لم يمت، فيستعاذ منها.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من الهدم..)
قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر ] . عبيد الله بن عمر القواريري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا مكي بن إبراهيم ] . مكي بن إبراهيم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الله بن سعيد ] . عبد الله بن سعيد وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صيفي مولى أفلح مولى أبي أيوب ] . صيفي مولى أفلح مولى أبي أيوب ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي . [ عن أبي اليسر ] . وهو كعب بن عمرو رضي الله عنه، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث الاستعاذة من الغم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى عن عبد الله بن سعيد قال: حدثني مولى لأبي أيوب عن أبي اليسر رضي الله عنه: زاد فيه (والغم) ] . أورد أبو داود حديث أبي اليسر من طريق ثان، وفيه بالإضافة إلى ما تقدم (والغم) يعني: ما يصيب الإنسان من الغم.
تراجم رجال إسناد حديث الاستعاذة من الغم
قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى عن عبد الله بن سعيد ] . قد مر ذكر الثلاثة. [ عن مولى لأبي أيوب ] . مولى أبي أيوب هو صيفي ، وذكر أبي أيوب هنا فيه تجوز؛ لأنه مولى أفلح مولى أبي أيوب .
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من البرص..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من البرص، والجنون، والجذام، ومن سيئ الأسقام) ] . أورد أبو داود هذا الحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من البرص، والجذام، والجنون، وسيئ الأسقام) البرص: عاهة تكون دائمة ومستمرة مع الإنسان، وليست من العاهات الطارئة التي تأتي وتذهب مثل الزكام وغير ذلك، وإنما هو شيء ملازم، ومنظر ليس بمستحسن. والجذام: علة يذهب معها شعور الأعضاء، وربما ينتهي إلى تآكل الأعضاء وسقوطها. والجنون: هو زوال العقل. وسيئ الأسقام: أي الأمراض التي تكون من هذا النوع الذي فيه تشويه وضرر يلحق بالإنسان.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من البرص..)
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا قتادة عن أنس ] . تقدم ذكر موسى و حماد و قتادة هو ابن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا الإسناد من رباعيات أبي داود .
شرح حديث (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني أخبرنا غسان بن عوف أخبرنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة فقال: يا أبا أمامة ! ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟! قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله! قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني) ] . هذه الألفاظ كلها جاءت في أحاديث صحيحة مرت بنا، ولكن هذه القصة جاءت من هذا الطريق، وفيه من لا يصح الاحتجاج به، و الألباني رحمه الله ضعف هذا الحديث، ولعل التضعيف يتعلق بالقصة، وأما بالنسبة لمتن الحديث وما فيه من ألفاظ فكل الألفاظ التي فيه جاءت في أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن..)
قوله: [ حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني ] . أحمد بن عبيد الله الغداني صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود . [ عن غسان بن عوف ] . وهو لين الحديث، وهذا هو الذي ضعف به الحديث، أخرج له أبو داود وحده. [ عن الجريري ] . سعيد بن إياس الجريري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نضرة ] . أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ] . أبو سعيد هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
نبذة عن تبويبات الكتب الستة
وإلى هنا ينتهي كتاب الصلاة الذي هو الكتاب الثاني من كتب أبي داود رحمه الله، والإمام أبو داود رحمه الله ذكر بعده الزكاة، وبعد الزكاة المناسك، وذكر بعد ذلك النكاح والطلاق، ثم أتى بكتاب الصيام، فترتيبه يختلف عن غيره، لا سيما أنه أخر الصيام إلى ما بعد النكاح، وقد جرت عادة المؤلفين من المحدثين والفقهاء غالباً أن يذكروا كتاب الجنائز في آخر الصلاة، وأبو داود ما ذكره هنا وإنما أورده في كتاب مستقل، وهو في الكتاب الخامس عشر، ومعلوم أن كتاب الجنائز يشتمل على الصلاة وغير الصلاة، لكن كثير من العلماء يغلبون جانب الصلاة فيوردونه في آخر كتاب الصلاة، وأما أبو داود رحمه الله فقد أورده بعد أربعة عشر كتاباً، أي في الباب الخامس عشر. ثم إن أبا داود رحمه الله قليل ذكر الكتب؛ ولهذا نجد أنه جعل الطهارة كلها في كتاب، وجعل الصلاة كلها في كتاب، بخلاف غيره من المؤلفين، فبعضهم يجعل تحت الصلاة عدة كتب، وتحت الطهارة عدة كتب، وأما أبو داود فالكتب عنده قليلة، وهو أقل أصحاب الكتب الستة كتباً، ولكنه أحياناً يطول في الكتب وأحياناً يقصر، فكل ما مضى لنا كتابان فقط: كتاب الطهارة وكتاب الصلاة، فهما كتابان طويلان، ولكنه يأتي أحياناً بكتب قصيرة، وكتبه كلها خمسة وثلاثون كتاباً في كتابه السنن، ومن جملة كتبه كتاب المهدي، أورد فيه أحاديث قليلة تتعلق بالمهدي . ويلي أبا داود في قلة عقد الكتب ابن ماجة ، فإن كتبه سبعة وثلاثون كتاباً، ويليهما الترمذي فإن كتبه خمسون كتاباً في كتابه السنن أو الجامع، ويليه النسائي فيه واحد وخمسون كتاباً، ثم مسلم فيه أربعة وخمسون كتاباً، ثم البخاري فيه سبعة وتسعون كتاباً، وعلى هذا فأصحاب الكتب الستة منهم من يكثر من الكتب كالبخاري ، ومنهم من يقللها كأبي داود ، وأكثر الكتب الستة كتباً هو صحيح البخاري حيث بلغت كتبه سبعة وتسعين، وأقلها كتباً سنن أبي داود حيث بلغت كتبه خمسة وثلاثين."