عرض مشاركة واحدة
  #95  
قديم 30-12-2024, 04:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



- وقال شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر قال: (خذوا بحظكم من العزلة). رواه ابن سعد.
- وقال أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك قال: (انطلقت مع ابن عمر إلى عبيد بن عمير وهو يقصّ على أصحابه، فنظرتُ إلى ابن عمر؛ فإذا عيناه تهراقان). رواه ابن سعد.
- وقال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: حدثنا عكرمة بن عمار، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه أنه قرأ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لَثِقَت لحيته وجيبه من دموعه). رواه ابن سعد.
- وقال سليمان بن بلال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: (رأيت ابن عمر عند القاصّ رافعاً يديه يدعو حتى تحاذيا منكبيه). رواه ابن سعد.
- وقال حفص بن غياث، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: دخل ابن عمر في أناس من أصحابه على عبد الله بن عامر بن كريز وهو مريض يزورونه، فقالوا له: أبشر فإنك قد حفرت الحياض بعرفات يشرع فيها حاج بيت الله، وحفرت الآبار بالفلوات، قال: وذكروا خصالا من خصال الخير.
قال: فقالوا: إنا لنرجو لك خيرا إن شاء الله، وابن عمر جالس لا يتكلم، فلما أبطأ عليه الكلام قال: يا أبا عبد الرحمن، ما تقول؟ فقال: «إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم» رواه ابن أبي شيبة.
كان عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في خلافة عثمان بعد أبي موسى الأشعري.
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن أبي الوازع قال: قلت لابن عمر: لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم.
قال: فغضب، وقال: (إني لأحسبك عراقيا، وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: (دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته من فراش أو لحاف أو بساط وكل شيء عليه؛ فما وجدته يساوي مائة درهم). رواه ابن سعد.
- وقال أبو كعب يزيد بن عبد ربه، عن أنس بن سيرين، قال: أتى رجل ابنَ عمر بصرَّة؛ فقال: ما هذه؟
قال: هذا شيء إذا أكلت طعامَك فكربَك أكلتَ من هذا شيئاً فهضمه عنك.
قال: فقال ابن عمر: (ما ملأت بطني من طعام منذ أربعة أشهر). رواه ابن سعد.
- وقال معاوية بن قرة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن أباه، قال: (ما كنت بشيء بعد الإسلام أشد فرحا من أن قلبي لم يشربه شيء من هذه الأهواء المختلفة). رواه ابن سعد.
- وقال عبيد الله بن عمر، عن نافع، (أن ابن عمر كان يسمع بعض ولده يلحن فيضربه). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
- وقال محمد بن عبيد الطنافسي: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر (أنه وجد مع بعض أهله الأربع عشرة؛ فضرب بها رأسه). رواه ابن سعد.
قلت: الأربع عشرة لعبةٌ كان يُتلهّى بها؛ إما تخطّ خططاً على الأرض وإما على لوح من الخشب.
- وقال محمد بن مصعب القرقساني، عن عبد الله بن عمر، عن نافع قال: (كان ابن عمر يكسر النرد والأربعة عشر). رواه ابن سعد.
- وقال قرة بن خالد: قلت لمحمد بن سيرين: هل كانوا يتمازحون؟
فقال: ما كانوا إلا كالناس كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر ويقول:

يحب الخمر من كيس الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس).



رواه أبو نعيم.

- وقال عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع (أنَّ ابنَ عمر كان إذا فاتته صلاة العشاء في جماعة أحيا بقية ليلته). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن أبي أويس: سمعت مالك بن أنس يقول سمعت نافعا يقول: (كان ابن عمر إذا فاتته صلاة في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى؛ فإذا فاتته العصر سبَّحَ إلى المغربِ، ولقد فاتته صلاة عشاء الأخيرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر). رواه ابن عساكر.

- وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن القاسم بن محمد قال: (كان ابن عمر قد أتعب أصحابَه فكيف من بعدهم). رواه ابن عساكر.

مذهبه في الأعطيات والصلات:
- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: سمعت عمر، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: «خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا؛ فلا تتبعه نفسك» رواه البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه.
- وقال محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر أن ارفع إليَّ حاجتك.
قال: فكتب إليه عبد الله: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى)) وإني لأحسب اليد العليا المعطية، والسفلى السائلة، وإني غير سائلك شيئاً، ولا رادّ رزقاً ساقه الله إليَّ منك). رواه أحمد وابن سعد وأبو يعلى، وأصله في الصحيحين.
- وقال سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن نافع، قال: كان يرسل إلى عبد الله بن عمر بالمال؛ فيقبله، ويقول: (لا أسأل أحداً شيئاً، ولا أردّ ما رزقني الله). رواه ابن سعد.
- وقال جعفر بن محمد، عن نافع، قال: كان المختار يبعث بالمال إلى ابن عمر فيقبله ويقول: (لا أسأل أحدا شيئا، ولا أرد ما رزقني الله). رواه ابن سعد والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، قال: (ما رد ابن عمر على أحد وصية ولا رد على أحد هدية إلا على المختار). رواه ابن سعد.
قلت: كان المختار بن أبي عبيد الثقفي أخو صفية زوجة عبد الله بن عمر؛ فلعلّ ابن عمر كان يقبل منه قبل أن يحدث المختار ما أحدث من مذهب السوء وسفك الدماء ثم كان يردّ هداياه بعد ذلك.

صفاته وشمائله:
كان ابن عمر رضي الله عنهما فيما يُذكر عنه قويّ الجسم طويلاً آدم، كريم المعشر، سخيّاً متواضعاً، عفيف اللسان.
وكان يشترط على من يصحبه في السفر ألا يصوم إلا بإذنه، وألا ينازعه الأذان؛ وكان يُكرِم من يصحبه ويخدمه.
وكان محبوباً في الناس، مشهوداً له بذلك، ورأى من دلائل ذلك ما كان يتعجّب منه.
وكان حريصاً على الألفة بين المسلمين، وإفشاء السلام، حتى روي عنه أنه قال: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي.
- قال معن بن عيسى: حدثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: (كان أشبه ولد عمر بعمر عبد الله، وأشبه ولد عبد الله بعبد الله سالم). رواه ابن سعد.
قلت: لعلّه أراد الشبه في السجايا والخصال، والعمل والفضل؛ فكان عبد الله أفضل أولاد أبيه وأقربهم إلى الاتّساء به وإن لم يكن مثله، وكان سالم أفضل أولاد عبد الله وأقربهم إلى الاتّساء به، وإن لم يكن مثله.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، قال: قال ابن عمر: (إني لأخرج إلى السوق ما لي حاجة إلا أن أسلّم ويسلم علي). رواه ابن سعد.
- وقال شعبة بن الحجاج، عن عبيد الله بن عمران، أنه قال: سمعت مجاهدا، يقول: «صحبت ابن عمر لأخدمه، فكان هو يخدمني». رواه أبو بكر الخلال في السنة.
- وقال حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، قال:( كان ابن عمر يشترط على من صحبه ألا تصحبنا ببعير جلال، ولا تنازعنا الأذان، ولا تصوم إلا بإذننا). رواه ابن سعد.
- وقال حماد بن سلمة، عن أبي ريحانة، قال: (كان ابن عمر يشترط على من صحبه في السفر الفطر والأذان والذبيحة) يعني الجزرة يشتريها للقوم. رواه ابن سعد.
- وقال جويرية بن أسماء، عن نافع، أنّ عبد الله بن عمر لم يكن يصوم في السفر، وكان معه صاحب له من بني ليث يصوم، فلم يكن عبد الله ينهاه، وكان يأمره أن يتعاهد سحوره. رواه ابن سعد.
- وقال مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فجعل الناس يسلمون عليه حتى انتهى إلى دابته؛ فقال لي ابن عمر: (يا مجاهد! إنَّ الناسَ يحبونني حباً لو كنتُ أعطيهم الذهبَ والوَرِق ما زدت). رواه ابن سعد.

جوده وبذله في سبيل الله:
مما اشتهر عن ابن عمر كثرة صدقاته وعتقه وإنفاقه في سبيل الله، حتى ربما ذهل عن حاجة نفسه، وروي أنه أعتق أنفساً كثيرة، وأنه إذا أعجبه شيء من ماله قرّبه لله.
- قال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو بن حماس، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: (خطرت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فما وجدت شيئا أحب إليَّ من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا؛ فهي أم ولده). رواه ابن سعد.
- وقال عاصم بن محمد العمري، عن أبيه قال: أُعطي ابنُ عمر بنافع عشرة آلاف - أو ألف دينار - فقلت: يا أبا عبد الرحمن فما تنتظر أن تبيع؟
قال: (فهلا ما هو خير من ذلك؟ هو حرّ لوجه الله تعالى). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال عبد العزيز بن أبي رواد: حدثني نافع أن عبد الله بن عمر، كان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، قال: فلقد رأيتنا ذات عشية، وكنا حجاجاً وراحَ على نجيبٍ له قد أخذه بمال؛ أعجبته روحته وسرَّه إناخته، ثم نزل عنه، ثم قال: (يا نافع! انزعوا زمامه ورحله، وجلّلوه وأشعِروه وأدخلوه في البُدْن). رواه ابن سعد.
- وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا رأى من رقيقه أمراً يعجبه أعتقه، فكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه.
قال نافع: فلقد رأيت بعض غلمانه ربما شمر ولزم المسجد؛ فإذا رآه على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: والله يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك!
قال: فيقول عبد الله: (من خدعنا بالله انخدعنا له). رواه ابن سعد.
- وقال جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران، عن نافع، قال: (أُتِي ابن عمر ببضعة وعشرين ألفاً؛ فما قام من مجلسه حتى أعطاها وزاد عليها).
قال: (لم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه؛ فاستقرض من بعض من كان أعطاه فأعطاه). رواه ابن سعد.
- وقال هشام بن سعد، عن أبي جعفر القارئ، قال: (خرجت مع ابن عمر من مكة إلى المدينة، وكان له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه وأصحابه وكل من جاء حتى يأكل بعضهم قائما، ومعه بعير له عليه مزادتان فيهما نبيذ وماء مملوءتان؛ فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ حتى يتضلع منه شبعاً). رواه ابن سعد.
- وقال ابن علية عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر إلا أن يمرض أو أيامَ يقدم، فإنَّه كان رجلاً كريماً يحبُّ أن يؤكلَ عنده.
قال: وكان يقول: (ولأن أفطر في السفر فآخذ برخصة الله أحبّ إليَّ من أن أصوم). رواه ابن سعد وابن عساكر.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا مسعر، عن معن، قال: كان ابن عمر إذا صنع طعاماً؛ فمرَّ به رجلٌ له هيئة لم يدْعُه ودعاه بنوه أو بنو أخيه، وإذا مرَّ إنسانٌ مسكين دعاه ولم يدعوه.
وقال: (يَدْعون من لا يشتهيه، ويَدَعون من يشتهيه). رواه ابن سعد.
- وقال يحيى بن حمزة: حدثنا برد بن سنان، أنه سمع نافعاً يحدّث قال: (إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس الواحد ثلاثين ألف درهم، ثم يأتي عليه الشهر ما يأكل مزعة من لحم). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، (أن ابن عمر، كان لا يكاد يتعشى وحده). رواه ابن سعد.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر، قال: (إني أشتهي حوتاً).
قال: فشووها ووضعوها بين يديه؛ فجاء سائل.
قال: (فأمر بها فدُفعت إليه). رواه ابن سعد.
- وقال جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه؛ فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ؟!
قالت: وما أصنع به لا يصنع له طعام إلا دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قوم من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد؛ فأطعمتهم، وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته.
فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: (أردتم ألا أتعشّى الليلة) فلم يتعشَّ تلك الليلة. رواه ابن سعد وابن عساكر.

موقفه من الفتن:
كان ابن عمر رضي الله عنهما شديد التوقّي من الفتن، شديد الاحتياط لدينه، ملازماً لما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، بصيراً بالفتن وعواقبها، ولقد رُغّب ورُهّب فما ازداد إلا ثباتاً وتمسّكاً بما هو عليه من الاستقامة والاحتياط لدينه.
وقد أثنى عليه الصحابة والتابعون بحسن استقامته وسلامته من الفتن.
فكان يسير ما استبان له الأمر؛ فإذا وجد اشتباهاً توقّف واحتاط لدينه.
فلما حوصر عثمان لبس درعه ليقاتل دونه؛ لكنّ عثمان نهى عن القتال وعزم على كلّ من أراد أن يقاتل دونه أن يلقي سلاحه.
ولمّا حدثت الفتنة بعد مقتل عثمان اعتزلها؛ فلم يقاتل مع أي طائفة، ولزم ما كان عليه من العمل، وكان على بصيرة مما كان يفعله في زمان الفتنة، لا يتردد في اجتنابها، ولا يلتفت في ذلك إلى ترغيب ولا ترهيب.
ولقد عُرضت عليه الخلافة يوم التحكيم فأبى أن يقبلها إلا باتفاق من المسلمين، وقال: لو خالفني أهل فدك ما قبلتها.
ثمّ طُلب منه أن ينصّب نفسه خليفة في زمن الفتنة الثانية بعد يزيد بن معاوية؛ فقال: (ما يسرّني أن لي الدنيا وما فيها وأن يُقتل بسببي رجل واحد) أو كلاماً هذا معناه.
وأخباره في توقّي الفتن كثيرة.
- قال عبد الله بن عون، عن نافع أن ابن عمر لبس الدرع يوم الدار مرتين. رواه ابن سعد وابن عساكر.
- وقال الحافظ ابن أبي عمر: حدثنا سفيان [بن عيينة] عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: بعث إليَّ علي بن أبي طالب؛ فأتيته؛ فقال: (يا أبا عبد الرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسِرْ، فقد أمّرتك عليهم).
فقلت: أذكّرك اللهَ وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إيّاه إلا ما أعفيتني، فأبى عليَّ، فاستعنتُ عليه بحفصةَ فأبى، فخرجتُ ليلاً إلى مكة.
فقيل له: إنه قد خرج إلى الشام؛ فبعث في أثري، فجعل الرجلُ يأتي المربدَ فيخطم بعيره بعمامته ليدركني؛ فأرسلت حفصة أنه لم يخرج إلى الشام إنما خرج إلى مكة). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الله بن إدريس عن ليث، عن نافع قال: (لما قتل عثمان جاء علي بن أبي طالب إلى ابن عمر فقال: إنك محبوب إلى الناس، فسر إلى الشام.
فقال ابن عمر: "بقرابتي وصحبتي النبي صلى الله عليه وسلم والرّحِم التي بيننا".
فلم يعاودْه). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال سالم بن عبد الله وعكرمة بن خالد كلاهما عن ابن عمر، قال: دخلتُ على حفصة ونَسَواتها تنطُف.
قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء.
فقالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: (من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر؛ فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه).
قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟
قال عبد الله: (فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان).
قال حبيب: (حفظت وعصمت). رواه البخاري.
قوله: (ونسواتها تنطف) وفي رواية معلّقة في الصحيح: (ونوساتها) هي غدائر شعرها، تقطر ماءً، سمّيت بذلك لأنها تنوس أي تتحرك، كناية عن أنها حديثة عهد بغسل.
- وقال مرحوم بن عبد العزيز: سمعت أبي يقول: (لما كانت فتنة يزيد بن المهلب انطلقت أنا ورجل إلى ابن سيرين فقلنا: ما ترى؟
فقال: «انظروا إلى أسعد الناس حين قُتِلَ عثمان فاقتدوا به»
قلنا: هذا ابن عمر، كفَّ يدَه) رواه أبو نعيم.
- وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: قال ابن عمر: (إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادّة يعرفونها؛ فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة؛ فأخذ بعضنا يمينا، وبعضنا شمالا، وأخطأنا الطريق وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى تجلى عنا ذلك؛ حتى أبصرنا الطريق الأول فعرفناه فأخذنا فيه). رواه ابن سعد.
- وقال حميد بن مهران الكندي: أخبرنا سيف المازني قال: كان ابن عمر يقول: (لا أقاتل في الفتنة، وأصلّي وراء من غلب). رواه ابن سعد، وأبو يوسف الفسوي في مشيخته.
- وقال محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، (أنَّ ابن عمر، كان في زمان الفتنةِ لا يأتي أميرٌ إلا صلّى خلفه وأدّى إليه زكاة ماله). رواه ابن سعد.
- وقال علي بن الأقمر: قال مروان بن الحكم لابن عمر: ألا تخرج إلى الشام فيبايعوك؟
قال: فكيف أصنع بأهل العراق؟
قال: تقاتلهم بأهل الشام.
قال: (والله ما يسرني أن يبايعني الناس كلهم إلا أهل فدك، وأني قاتلتهم فقتل منهم رجل واحد). رواه ابن سعد.
- وقال وهيب بن خالد: حدثنا أيوب، عن أبي العالية البرّاء، قال: (كنت أمشي خلف ابن عمر وهو لا يشعر، وهو يقول: (واضعين سيوفهم على عواتقهم يقتل بعضهم بعضاً، يقولون: يا عبد الله بن عمر أعط بيدك). رواه ابن سعد.
وأبو العالية البرّاء بتشديد الراء نسبة إلى بري النبال، مولى لقريش، من أهل البصرة، وكان ثقة من رجال الصحيحين، اختلف في اسمه فقيل: أذينة، وقيل: كلثوم، وقيل: زياد بن فيروز، وقيل: زياد بن أذينة.
- وقال الأسود بن شيبان: حدثنا خالد بن سمير، عن موسى بن طلحة [بن عبيد الله] قال: (يرحم الله عبد الله بن عمر - إما سماه وإما كناه - والله إني لأحسبه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عهده إليه لم يفتن بعده، ولم يتغير والله ما استغرّته قريش في فتنتها الأولى). رواه ابن سعد.
- وقال أسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، قال: لما قدم الكذاب الكوفة يعني المختار هرب ناس من وجوه أهل الكوفة؛ فقدموا علينا البصرة منهم موسى بن طلحة؛ فغشيته؛ فقال: (يرحم الله أبا عبد الرحمن - أو عبد الله بن عمر - والله إني لأحسبه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي عهد له). رواه ابن عساكر، وأصله في طبقات ابن سعد، وزاد قال موسى: (لم يفتن بعده، ولم يتغيَّر، والله ما استغرَّته قريش في فتنتها الأولى).

- وقال أبو المليح، عن ميمون بن مهران، قال: كتب ابن عمر إلى عبد الملك بن مروان فبدأ باسمه، فكتب إليه: أما بعد فـ {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} إلى آخر الآية، وقد بلغني أنَّ المسلمين اجتمعوا على البيعة لك، وقد دخلتُ فيما دخلَ فيه المسلمون والسلام). رواه ابن سعد.
- وقال مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنه قيل له: كيف ترى عبد الله بن عمر لو ولي من أمر الناس شيئا؟
فقال أسلم: (ما رجل قاصد لباب المسجد داخل أو خارج بأقصدَ من عبد الله لعمل أبيه). رواه ابن سعد.

وفاته:
عُمّر ابن عمر حتى أدرك مقتل ابن الزبير، وحجّ في تلك السنة، وكان الحجاج قد غلب على مكّة، ونشر عسكره في المشاعر بأسلحتهم، وحجّ ابن عمر في تلك السنة؛ فأصابه رمح في رجله وهو يرمي الجمرات من الزحام؛ فكان ذلك سبب موته.
- قال سعيد بن جبير: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: «أنت أصبتني»
قال: وكيف؟
قال: «حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري.
- وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده، فقال: كيف هو؟
فقال: صالح.
فقال: من أصابك؟
قال: «أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله» يعني الحجاج). رواه البخاري.
مات بعد أن قضى نسكه، وأوصى أن يدفن خارج الحرم، فلم يقدروا على ذلك بسبب الحَجاج وجنده، وكانت الفتنة شديدة.
- قال ابنه سالم: (فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى).
- قال نافع بن سرجس: (وإنما سميت مقبرة المهاجرين لأنه دفن فيها من مات ممن كان أتى المدينة، ثم حج وجاور فمات بمكة؛ فكان يدفن في هذه المقبرة، منهم أبو واقد الليثي، وعبد الله بن عمر وغيرهما). رواه الحاكم في مستدركه.
وكان موته رضي الله عنه سنة 74هـ على الصحيح، وله أربعة وثمانون عاماً.
- وقال عبد العزيز [بن أبي أويس] عن مالك بن أنس: (بلغ ابن عمر سبعا وثمانين سنة). ذكره البخاري في التاريخ الكبير.
- قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قال: قال سعيد بن المسيب: (لو كنت شاهداً لأحد حيّ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، وأبو بكر الخلال في السنة.
- وقال أبو هلال [الراسبي]: حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: (لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والخطيب البغدادي في تاريخه.
- وقال شعبة: سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب قال: (مات ابن عمر يوم مات، وما في الأرض أحد أحبّ إليَّ من أن ألقى الله بمثل عمله). رواه ابن عساكر.

مما روي عنه في التفسير:
أ: الزهري عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله} قال ابن عمر: «من كنزها، فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة؛ فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» رواه البخاري.
ب: أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: (كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله). رواه ابن أبي حاتم.
ج: هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر في قوله: {خذ العفو} قال: (أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس). رواه ابن أبي حاتم.

رواياته:
أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، ثم أخذ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحفصة وعائشة وابن مسعود وزيد بن ثابت وبلال بن رباح وصهيب الرومي وجماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رواة التفسير عنه:
روى عنه في التفسير: ابنه سالم، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وزيد بن أسلم العدوي مولى عمر، وأخوه خالد بن أسلم، وأبو عمرو الشيباني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وخالد بن معدان، ومحارب بن دثار الباهلي، وصدقة بن يسار، وأبو الزبير المكي، وبكر بن عبد الله المزني، وثوير بن أبي فاختة.
وأكثر من روى عنه في التفسير: مولاه نافع ثم عبد الله بن دينار، ثم سالم بن عبد الله.
وأرسل عنه: الزهري، ومحمد بن عون، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، وأبو قلابة الجرمي، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو الزناد، ومكحول، وعروة بن رويم، وعمرو بن مرة، والضحاك، وزيد العميّ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]