عرض مشاركة واحدة
  #143  
قديم 18-01-2025, 02:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (143) بشرى الملائكة لإبراهيم بإسحاق -صلى الله عليهما ‏وسلم- وبهلاك قوم لوط وجداله فيه (10)‏



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قوله -تعالى-: (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) (هود:76).
فيه فوائد:
الفائدة الأولى:
في الآية دلالة أن الله لم يستجب لمجادلة إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- في قوم لوط في صرف العذاب عنهم أو تأخيره؛ إذ إنهم ليسوا أهلًا لإجابة الدعاء فيهم لإجرامهم، وهذا دليل على أن صاحب المنزلة العظيمة عند الله ولو كانت النبوة والرسالة، بل الخُلَّة لا يملك من الأمر شيئًا؛ فإن الأمر كله لله، كما قال الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (‌لَيْسَ ‌لَكَ ‌مِنَ ‌الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (آل عمران: 128).
وروى البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ ‌مِنَ ‌الْفَجْرِ يَقُولُ: ‌اللَّهُمَّ ‌الْعَنْ ‌فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. بَعْدَ مَا يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. فَأَنْزَلَ اللهُ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). وفي رواية له: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَزَلَتْ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) (آل عمران: 128) إِلَى قَوْلِهِ: (فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (آل عمران: 128)". وقد تاب الله -عز وجل- على هؤلاء فأسلموا.
وروى مسلم: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: (اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ‌اللَّهُمَّ ‌اشْدُدْ ‌وَطْأَتَكَ ‌عَلَى ‌مُضَرَ، ‌وَاجْعَلْهَا ‌عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ، اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ وَرِعْلًا وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ)، ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لَمَّا أُنْزِلَ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ).
وفي رواية الترمذي: (‌فَهَدَاهُمُ ‌اللَّهُ ‌لِلإِسْلَامِ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح").
وعن أنس -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ‌كُسِرَتْ ‌رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ: (كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ؟!) فَأَنْزَلَ اللهُ -عز وجل-: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) (متفق عليه).
فالأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ليسوا شركاء لله في أمره، بل الأمر كله له يرحم من يشاء ويعذب من يشاء، فهو يعذب من يستحق العذاب ويرحم من يريد أن يمن عليه بفضله ورحمته، كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد دعا لعمه أن يغفر الله له، كما وعد فقال: (أَمَا وَاللهِ، ‌لَأَسْتَغْفِرَنَّ ‌لَكَ ‌مَا ‌لَمْ أُنْهَ عَنْكَ) (متفق عليه)، وأنزل الله عليه: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ ‌مَا ‌تَبَيَّنَ ‌لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ) (التوبة: 113-114). وقد سبق بيان ذلك.
هذا كله من أعظم أدلة التوحيد، وهذا من الحِكَم البالغة في تقدير الله -تعالى- مثل هذا على أنبيائه ورسله -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.60%)]