عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 31-01-2025, 08:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: البيئة الداعمة للمراهق

البيئة الداعمة للمراهق(4) بيئة التوقعات فيها إيجابية



بيئة التوقعات تشمل كل ما نتوقع صدوره من الآخرين أو من أنفسنا، وأساس التوقعات هو ما نعتقده عن أنفسنا أو غيرنا.
للعلم: هناك الآلاف من المراهقين يعيشون في تعاسة؛ بسبب توقعاتهم السلبية عن أنفسهم، أو بسبب توقعات الآخرين عنهم.

فالبيئة الإيجابية هي التي تكون التوقعات فيها إيجابية، فتخبر المراهق أنها تتوقع منه السلوك الحسن القويم، وتخبره بأنها على ثقة بأنه يستطيع القيام بشيء محدد، وتخبره كذلك بأن لديه قدرات وإمكانات لو أحسن استعمالها بلغ النجاح الذي يريد.. وهكذا، فهي بيئة في النهاية تبعث بالرسائل الإيجابية.
فمثلا لو كان لدى الابن اختبار في مادة معينة، هنا يأتي دور الآباء والأمهات في بث التوقع الإيجابي الداعم للمراهق، فيقول الأب مثلا: أتوقع أن يكون الاختبار سهلا جدا، وتقول الأم: أتوقع أن مثلك سينجز الاختبار في وقت قصير، ثم يذكرانه بنجاحاته في السنوات السابقة، ويذكرانه بتفوقه في بعض المواد، وهكذا.. مما يرفع من معنويات المراهق.
بقي أن نقول: إن توقعاتنا الإيجابية عن المراهق، يجب أن تكون في حدود قدراته وخبراته، فنبتعد عن التوقعات التي تتصف بالكمال، أو التوقعات التي لا تخص إلا من هو أكبر سنا، وأوعى عقلا.
سابعاً: بيئة تربي من خلال المواقف الحياتية
البيئة الإيجابية الداعمة هي البيئة التي يقلّ فيها الكلام الوعظي، وتكثر فيها التربية الموقفية، أي التربية من خلال المواقف الحياتية؛ حيث يتم وضع المراهق في مواقف تعليمية، ثم متابعته في كيفية التعامل والتصرف مع تلك المواقف.
قصة
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
يقول عمر بن أبي سلمة: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا غلام سمِّ الله، وكل بيمينك ،وكل مما يليك»، فما زالت تلك طعمتي بعد. رواه البخاري.
والآن اقرأ معي شرح مفردات هذا الحديث، لترى روعة أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتوجيه وبناء البيئة الداعمة.
كنت غلاما: أي صبياً دون البلوغ.
حجر النبي صلى الله عليه وسلم : أي في تربيته وتحت رعايته.
تطيش في الصحفة: أي أحركها في جوانب القصعة لألتقط الطعام؛ لذا المربي الناجح هو الذي يراقب عن كثب سلوك من يربي.
سم الله: أي قل: بسم الله عند بدء الأكل، لم يعنفه بل أرشده للصواب بسرعة واختصار.
مما يليك: أي من الجانب الذي يقرب منك من الطعام.
تطيش في الصحفة: هذا الأسلوب أثر في ابن أبي سلمة بقية حياته حتى قال: «فما زالت تلك طعمتي بعد»، أي فما زالت تلك صفة أكلي وطريقتي فيه.
ثامنا: بيئة تعلّم المهارات الحياتية
المهارات الحياتية باختصار هي: الطريقة التي يدير بها المراهق حياته، والأسلوب الذي يطوّر به ذاته.
ولا نبالغ إن قلنا: إن تعليم المهارات الحياتية غائب عن بيوتنا، وتفتقر إليه مؤسساتنا التربوية لذا كانت البيئة الداعمة، والبيئة الإيجابية التربوية، هي البيئة التي تعلّم المراهق كيف يعيش حياته؛ لأن التربية في نهاية المطاف هي الإعداد للحياة.
ومن أهم المهارات الحياتية التي يجب أن يتعلمها المراهق (أمثلة فقط):
- فهم الذات وإدارتها وتطويرها: «من أنا، خصائصي، احتياجاتي، أهدافي في الحياة، طموحاتي، قدراتي، قيمي، حقوقي وواجباتي، الثقة بالنفس، تقدير الذات، بناء الذات، أنا وأسرتي، أنا ومجتمعي».
- مهارات التواصل مع الناس والحوار والنقاش والتعبير عن الذات.
- مهارات العمل الجماعي والعمل في فريق واحد.
- مهارة التعامل مع الاختلاف والتنوع.
- مهارة حل المشكلات واتخاذ القرارات المبنية على المعلومات.
- مهارة التخطيط للحياة، وكيفية التفكير في المستقبل.
- مهارات التفكير بأنواعه، ولاسيما التفكير الإبداعي، والتفكير الجانبي.
- مهارة الوصول إلى المعرفة والمعلومات والتعامل الإيجابي معها.

إضاءة
الحرص والعمل والإنجاز وإدارة الوقت كانت من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، والإنجاز حتى آخر لحظة في الحياة مهارة كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى تفعيلها في حياتنا، وتخيل معي هذا المشهد، عندما تقوم الساعة ويتدافع الناس ويتراكضون، ويخاف العاصون، والكل يسأل عمّا يجري، وفي وسط هذه الأجواء المشحونة بالخوف والكرب، ترى رجلاً مطمئنا ساكنا بيده نخلة صغيرة يحاول زرعها في أرضه، ترى بماذا ستصف هذا الرجل؟
وبغض النظر عن موقفنا ورأينا في هذا الرجل، يكفينا أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى العمل والإنجاز واستغلال الوقت حتى آخر لحظة، حتى وإن كانت القيامة ستقوم: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل» رواه أحمد.


اعداد: د. مصطفى أبو سعد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]