تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجتك وعمرتك)
قوله: [ حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن ]. الربيع بن سليمان المؤذن ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ أخبرني الشافعي ]. هو محمد بن إدريس الشافعي الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ عن ابن عيينة ]. ابن عيينة مر ذكره. [ عن ابن أبي نجيح ]. هو عبد الله بن أبي نجيح وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. وقد مر ذكرها.
ذكر اختلاف سفيان في رفع الحديث ووقفه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال الشافعي : كان سفيان ربما قال: عن عطاء عن عائشة ، وربما قال: عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة رضي الله عنها ]. ذكر الشافعي أن سفيان بن عيينة شيخه ربما قال: عن عطاء عن عائشة ، فيكون مرفوعاً، وربما قال: عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ، فيكون من قبيل المرسل؛ لأن عطاء تابعي لم يشهد ما حصل لعائشة وإنما شهده الصحابة. إذاً: على القول الأول يكون مرفوعاً متصلاً وليس فيه انقطاع، وعلى القول الثاني فيه انقطاع. ولكن أقول: إن الحديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ما جاء في الملتزم
شرح حديث استلام الملتزم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الملتزم. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال: (لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة قلت: لألبسن ثيابي -وكانت داري على الطريق- فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه، وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسطهم) ]. قوله: [ باب الملتزم ]. الملتزم: هو المكان الذي يقع بين باب الكعبة والحجر الأسود هذا يقال له: الملتزم، وقال عنه هنا: الحطيم، يعني: الحجر الأسود، والحطيم يطلق ويراد به الحجر، وقيل: إنه يراد به الحجر الذي من جهة الشام الذي فيه الركنان الشاميان، وما يقوله بعض الناس أنه حجر إسماعيل فهذا لا أساس له، وليس حجراً لإسماعيل؛ لأن إبراهيم وابنه إسماعيل لما بنيا الكعبة لم يكن هناك حجر، وإنما كانت الكعبة كلها مبنية والحجر داخل فيها، لكن لما بنتها قريش قصرت بهم النفقة فلم يبنوها كاملة، بل تركوا جزءاً من جهة الشام هو هذا الحجر، ولهذا لا يطاف من داخل الحجر وإنما يطاف من وراء الجدار الدائري؛ لأن الإنسان لو طاف من داخل الحجر طاف ببعض الكعبة ولم يطف بكل الكعبة، والطواف لابد أن يكون بكل الكعبة. ومن العلماء من يقول: إن الحطيم هو من الحجر إلى الحجر وإلى المقام هذه المنطقة يقال لها: الحطيم، لكن الذي ورد في الحديث أن الحطيم يراد به الحجر؛ لأن الملتزم يقع بين الحجر الأسود وبين باب الكعبة، والالتزام هو كون الإنسان يأتي ويلصق نفسه بالملتزم ويضع خده ويديه على تلك المنطقة، وقد ورد فيه حديثان فيهما ضعف، في أحدهما يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، وفي الثاني المثنى بن الصباح وهو ضعيف، والشيخ الألباني رحمه الله ضعف الأحاديث التي وردت في هذا الباب كلها، ولكنه ذكر في المنسك أن للإنسان أن يأتي الملتزم ويضع خده عليه على الصفة التي تحصل في الملتزم، وقال: إن الحديثين يحصل تقويتهما، والحقيقة أن الرجلين اللذين فيهما ضعيفان. وهناك شخص آخر متابع وهو علي بن عاصم وهو أحسن منهما، حيث قال فيه الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ، وأما أولئك فقد قال عن كل واحد منهما: ضعيف. وأحال الشيخ الألباني إلى السلسلة الصحيحة رقم (2138) وذكر هذين الحديثين وذكر المتابعة التي من علي بن عاصم ، وذكر آثاراً عن بعض الصحابة ثابتة عنهم في الإتيان إلى الملتزم. وعلي بن عاصم لم يأت ذكره هنا في الأسانيد التي أوردها أبو داود ، لكن كونه جاء عن بعض الصحابة وثبت ذلك عنهم يمكن أن يكون له وجه، ولكن كما هو معلوم المنطقة الآن هي بجوار الحجر وذاك محل زحام، والقضية ليست قضية الاستلام، فالاستلام أمره سهل فيمكن للمرء أن يقبله أو يلمسه، ولكن المشكلة هذا الالتصاق الذي يكون فيه تزاحم، فإذا فعل الإنسان ذلك لكونه جاء عن بعض الصحابة فهذا له وجه، وإن تركه فإنه لا يترتب عليه ترك شيء واجب. قوله: [ (لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت: لألبسن ثيابي -وكانت داري على الطريق- فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه آله وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه، وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسطهم) ]. هذا فيه وصف الالتزام، وفيه بيان مكان الملتزم وأنه بين الباب والحطيم الذي هو الحجر الأسود. وكون الرسول صلى الله عليه وسلم كان وسطهم يحتمل أن يكون ملتزماً، ويحتمل أن يكون وسطهم وهو غير ملتزم، وقال بعض أهل العلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم وسط الجماعة الذين كانوا في هذه المنطقة. لكن كونهم يفعلونه وهو يقرهم فهو دليل على جوازه وإن لم يفعله صلى الله عليه وسلم، ولكن الشأن في الثبوت؛ لأن فيه يزيد بن أبي زياد الضعيف الذي مر ذكره في مواضع عديدة في أحاديث متعددة، وضعف الحديث بسببه.
تراجم رجال إسناد حديث استلام الملتزم
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود ، و النسائي في عمل اليوم والليلة، و ابن ماجه . [حدثنا جرير بن عبد الحميد ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن أبي زياد ]. يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن . [ عن مجاهد ]. هو مجاهد بن جبر المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن صفوان ]. عبد الرحمن بن صفوان مختلف في صحبته، أخرج له أبو داود وابن ماجه ، قال عنه الحافظ : يقال: له صحبة، وقال البخاري : لا يصح . وعلى هذا يكون الحديث مرسلاً، لكن فيه التنصيص على أنه كان معهم وأنه رآهم، ولكن كون الإسناد فيه يزيد بن أبي زياد فيكون فيه شيء، وكذلك فيه علة ثانية من جهة أن الصحبة فيها إشكال، وإن كان الحديث نفسه فيه تنصيص على أنه صحابي، لكن الشأن في ثبوت هذا الكلام.
شرح حديث استلام الملتزم من طريق ثانية وتراجم رجال الإسناد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: (طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، وأقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا، وبسطهما بسطاً، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعله) ]. هذا الحديث في إسناده المثنى بن الصباح وهو ضعيف. ودبر الكعبة هي الجهة التي خلف الباب. قوله: [حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره . [ حدثنا عيسى بن يونس ]. مر ذكره. [حدثنا المثنى بن الصباح ]. المثنى بن الصباح ضعيف، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجه . [ عن عمرو بن شعيب ]. هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [قال: طفت مع عبد الله ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث ابن عباس أنه كان يصلي في الملتزم حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا السائب بن عمر المخزومي حدثني محمد بن عبد الله بن السائب عن أبيه رضي الله عنه: (أنه كان يقود ابن عباس فيقيمه عند الشقة الثالثة مما يلي الركن الذي يلي الحجر مما يلي الباب، فيقول له ابن عباس : أنبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي هاهنا؟ فيقول: نعم، فيقوم فيصلي) ]. كان عبد الله بن السائب رضي الله عنه يقود ابن عباس لما عمي، وكان يفيء إلى ذلك المكان ويقول له: [ (أنبئت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي هاهنا؟ فيقول: نعم، فيقوم فيصلي) ] أي: كان ابن عباس يقوم فيصلي، ويحتمل أن يكون المقصود الصلاة التي هي ذات الركعات، ويحتمل أن يكون المقصود الدعاء، والحديث ليس فيه ذكر الالتزام، لكن فيه هذا العمل في هذه المنطقة التي هي منطقة الملتزم. قوله: [ عند الشقة الثالثة مما يلي الركن الذي يلي الحجر مما يلي الباب ]. الشقة الثالثة هي بين الباب والحجر.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس أنه كان يصلي في الملتزم حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم
قوله: [حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا السائب بن عمر المخزومي ]. السائب بن عمر المخزومي ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي . [ حدثني محمد بن عبد الله بن السائب ]. محمد بن عبد الله بن السائب مجهول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. أبوه هو عبد الله بن السائب رضي الله عنه، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
أمر الصفا والمروة
شرح حديث سبب نزول قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أمر الصفا والمروة. حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة (ح) وحدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: (قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] فما أرى على أحد شيئاً ألا يطوف بهما، قالت عائشة : كلا، لو كان كما تقول كانت ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يهلون لمناة وكانت مناة، حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]) ]. قوله: [ باب أمر الصفا والمروة ]. يعني: شأن الصفا والمروة وما ورد في الصفا والمروة من الشعائر وهي السعي بينهما، والسعي بين الصفا والمروة ركن عند جمهور العلماء، وبعض أهل العلم قال: إنه واجب يجبر بدم، ولكن جمهور أهل العلم على أنه ركن وأنه لا يجبر بدم، وأنه على الإنسان إذا لم يأت به أن يرجع إلى مكة ليأتي به، كالشأن في طواف الإفاضة أو طواف العمرة. فقول أبي داود رحمه الله: [ باب أمر الصفا والمروة ] يعني: ما يتعلق بهما وما يتعلق بشأنهما. وحديث عائشة رضي الله عنها فيه أن عروة بن الزبير الذي هو ابن أختها فهم أنه لا حرج على من لم يطف بين الصفا والمروة، واستدل بقوله تعالى: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]. واعتذر رحمه الله لنفسه بكونه كان حديث السن، وتبين في النهاية أنه مخطئ في فهمه للآية، وأن المقصود أن الإنسان لا يترك السعي بين الصفا والمروة، فقالت عائشة : كلا، لو كان كما تقول لكانت: (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما). إذاً: عروة رحمه الله اعتذر عن نفسه بكونه حديث السن، وهذا يدل على أن حدثاء الأسنان يحصل منهم أمور وأخطاء لا تنبغي؛ بسبب سوء الفهم، ولكن الكبار هم الذين يرجع إليهم ويعول على كلامهم، كما حصل من عائشة رضي الله عنها وأرضاها حيث بينت له أن الأمر ليس كما يفهم ولو كان الأمر كذلك لكانت الآية: (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما)، ثم بينت له سبب نزول الآية، وأن الأنصار الذين هم أهل المدينة من الأوس والخزرج كانوا يعبدون صنماً يقال له: مناة التي جاء ذكرها في القرآن، وكانت عند قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا أو يسعوا بين الصفا والمروة، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158] يعني: هذا الشيء الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية ويتحرجون منه في الإسلام، فقد جاء الإسلام بإذهاب هذا الشيء الذي كانوا يتحرجون منه، وأنه لا حرج أن يطوفوا بهما. إذاً: السعي بين الصفا والمروة جاءت الأحاديث فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تدل على أنه واجب بل إنه فرض، ولهذا قال جمهور أهل العلم بفرضه وأنه ركن من أركان العمرة وركن من أركان الحج، لا يتم الحج إلا به ولا تتم العمرة إلا به. إن معرفة سبب النزول يعين على فهم المعنى، فعروة رحمه الله لما عرف من عائشة رضي الله عنها وأرضاها أن الأنصار كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ويتحرجون بعد الإسلام، فجاء الإسلام بأنه لا حرج وأن الإنسان عليه أن يفعل ذلك الشيء، فهم معنى الآية فهماً صحيحاً.
تراجم رجال إسناد حديث سبب نزول قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)
قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ (ح) وحدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب ]. ابن السرح مر ذكره، و ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه قال: قلت لعائشة ]. عروة وعائشة قد مر ذكرهما.
شرح حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين ومعه من يستره من الناس، فقيل لعبد الله رضي الله عنه: أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة؟ قال: لا) ]. قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين) ]. قيل: إن هذه العمرة هي عمرة القضاء. قوله: [ (أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة؟ قال: لا) ] قيل: إن السبب في ذلك: أن الكعبة كان فيها الأصنام وكان ذلك قبل الفتح؛ لأن عمرة القضاء في السنة السابعة، أو أن دخولها لم يدخل في الشرط الذي بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، وكان بينهم أنهم يأتون ويجلسون ثلاثة أيام ثم بعد ذلك يرجعون، فلم يدخل الكعبة في ذلك الوقت، ولكنه دخلها عام الفتح بعدما كسرت الأصنام التي فيها. قوله: [ (ومعه من يستره من الناس) ] يعني: كان في أناس من أصحابه يسترونه من غشيان الناس له حماية له. وهذا الحديث ليس فيه ذكر الصفا والمروة.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين ...)
قوله: [حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد الله ]. هو خالد بن عبد الله الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ]. إسماعيل بن أبي خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي أوفى ]. عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (ثم أتى الصفا والمروة فسعى بينهما سبعاً ثم حلق رأسه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا إسحاق بن يوسف أخبرنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه بهذا الحديث زاد: (ثم أتى الصفا والمروة فسعى بينهما سبعاً ثم حلق رأسه) ]. هذا حديث عبد الله بن أبي أوفى من طريق أخرى وفيه زيادة: [ (أنه أتى الصفا والمروة فسعى بينهما) ] وهذا هو محل الشاهد في الترجمة، يعني في أمر الصفا والمروة. قوله: [ (ثم حلق رأسه) ] هذا في عمرة القضاء، وقد سبق أن معاوية رضي الله عنه قصر للنبي صلى الله عليه وسلم عند المروة، وسبق أن الذي يناسب أن تكون تلك عمرة الجعرانة؛ لأنها هي التي كانت بعد الفتح، و معاوية رضي الله عنه أسلم عام الفتح، أما في عمرة القضاء فلم يكن معاوية قد أسلم، وهنا ذكر أنه حلق، فاحتمال الحلق ظاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على الحلق ويفضله على التقصير، وكان يقول: (رحم الله المحلقين، رحم الله المحلقين، رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين، قال والمقصرين) فالحلق أفضل من التقصير؛ لأن الإنسان الذي يقصر يبقي شيء من شعره، وقد يكون بعض الناس يرغب في الشعر فيقصر بعضه ويحتفظ بالباقي لتحقيق رغبته، لكن من يزيله لله عز وجل ويحلقه حلقاً يكون أفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاث مرات أما المقصرين فمرة واحدة. فيحتمل أن يكون ذلك في عمرة القضية وأنه حلق؛ لأنه مطابق لما كان معروفاً عنه عليه الصلاة والسلام أنه حلق في حجته وحلق في الحديبية، وعمرة الجعرانة قصر له معاوية، وعمرة القضية الذي يغلب على الظن أن الذي حصل فيها هو الحلق. قال الألباني رحمه الله: إن الحديث صحيح بدون ذكر الحلق، لأن في الإسناد شريكاً القاضي وهو صدوق يخطئ كثيراً، لكن الأقرب إلى فعله صلى الله عليه وسلم هو الحلق؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحث عليه ويرغب فيه، ودعا للمحلقين ثلاث مرات أما المقصرين فمرة واحدة؛ لأن الحلق أكمل وأبلغ في ترك الشيء من أجل الله وقربة إلى الله عز وجل.
تراجم رجال إسناد حديث: (ثم أتى الصفا والمروة فسعى بينهما سبعاً ثم حلق رأسه)
قوله: [ حدثنا تميم بن المنتصر ]. تميم بن المنتصر ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجه . [ أخبرنا إسحاق بن يوسف ]. هو إسحاق بن يوسف الأزرق وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي وهو صدوق يخطئ كثيراً وتغير حفظه لما ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى ]. إسماعيل بن أبي خالد وابن أبي أوفى قد مر ذكرهما.
شرح حديث: (إني أراك تمشي والناس يسعون ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان : (أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما بين الصفا والمروة: يا أبا عبد الرحمن ! إني أراك تمشي والناس يسعون، قال: إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي، وإن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسعى، وأنا شيخ كبير) ]. قوله: [ (إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وإن أسع فقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسعى وأنا شيخ كبير) ] يعني: أن عدم سعيه كان بسبب الكبر والشيخوخة، ومعلوم للإنسان أن يمشي بين الصفا والمروة إلا عند المكان الذي فيه خطان أخضران يدلان على ذلك الموقع فإنه يسعى فيه ويسرع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يسرع فيه، وما سوى ذلك فإنه كان يمشي عليه الصلاة والسلام. ولعل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لكونه شيخاً كبيراً لم يتمكن من أن يسعى في المنطقة التي فيها السعي، واعتذر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وجد منه السعي ووجد منه المشي، والمشي في غير مكان السعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى في بطن الوادي، وكذلك أصحابه سعوا معه، واعتذر ابن عمر بكونه شيخاً كبيراً، وهذا يدل على أن الأمر في ذلك واسع، وأن الإنسان إذا كان عليه مشقة فإن السعي ليس بلازم الذي هو الإسراع في جزء من المسعى، وهو بين العلمين الأخضرين، وقد كان في الأول في بطن الوادي.
تراجم رجال إسناد حديث: (إني أراك تمشي والناس يسعون ...)
قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن . [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عطاء بن السائب ]. عطاء بن السائب صدوق اختلط، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن، ولكن زهيراً ممن روى عنه قبل الاختلاط، وهو أحد الأشخاص الذين سماعهم منه صحيح. [ عن كثير بن جمهان ]. كثير بن جمهان مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر ] عبد الله بن عمر مر ذكره.
الأسئلة
حكم طواف التطوع عن الميت
السؤال: ما حكم طواف التطوع عن الميت؟
الجواب: لا أعلم شيئاً يدل عليه، الذي ورد هو أن الإنسان يحج عن غيره ويعتمر عن غيره، أما مسألة التطوع بالطواف وحده فلا أعلم شيئاً يدل عليه، وبعض أهل العلم يجيز ذلك بناء على أن أي قربة فعلها وجعل ثوابها لميت مسلم نفعه ذلك، لكن الأولى والأظهر في هذا أن يوقف عندما جاءت به الأدلة، وقد جاءت الأدلة بأنه يعتمر عنه ويحج، وجاءت أنه يتصدق عنه، وجاءت أنه إذا كان عليه صيام يصوم عنه وليه وهكذا.
حكم الطواف بالبيت أثناء خطبة الجمعة
السؤال: هل يطاف بالبيت أثناء خطبة الجمعة؟
الجواب: خطبة الجمعة كما هو معلوم هي تابعة لصلاة الجمعة، والاستماع إليها مطلوب، والإنسان لا يشتغل بشيء أثناء الخطبة وإنما عليه أن يسمع ويتهيأ للصلاة، فلا يطاف في حال الخطبة.
حكم الدعاء الجماعي في الطواف والسعي
السؤال: ما حكم الدعاء الجماعي في الطواف والسعي؟
الجواب: لا نعلم له دليلاً، ثم أيضاً هذه الأدعية التي يأتي بها الناس يكررونها ولا يفهمون معناها؛ لأنهم يأتون بالكلام مفككاً ومقطعاً، بحيث يقطعون الكلمة عن التي تليها فيختل المعنى، ولكن ينبغي للإنسان أن يدعو بما عنده من الأدعية؛ لأنه ليس هناك دعاء للشوط الأول، ودعاء للشوط الثاني إلى آخر الأشواط، بل للإنسان أن يقرأ ما يحفظ من القرآن ويذكر الله عز وجل ويكبر الله ويهلله، ويدعو بالأدعية التي كان يدعو بها في صلاته وفي جميع أحواله، ولا يحتاج إلى هذا الذي يفعله بعض الناس من كونه يطوف بهم ويدعو بدعاء في الشوط الأول والشوط الثاني والثالث والرابع والخامس فالسادس فالسابع وهكذا، فهو شيء لا أساس له.
حكم الرمل للنساء
السؤال: ما حكم الرمل بالنسبة للنساء؟ الجواب: ليس على النساء رمل؛ لأن هذا من شأن الرجال وليس من شأن النساء.
وجه جعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الجعرانة ميقاتاً لهم
السؤال: ما معنى قول ابن عباس : (اعتمروا من الجعرانة فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه جعلوها ميقاتاً لهم)؟
الجواب: لم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الجعرانة ميقاتاً لهم، ولكنهم عندما رجعوا من حنين طرأت لهم العمرة في ذلك المكان أي الجعرانة، وليست بميقات لهم وهي على حدود الحرم، بل من أبعد الأماكن عن الحرم، بخلاف التنعيم فهو أقرب الحل للحرم، لكن ليس معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم منها على أنها ميقات، بل كما هو معلوم أن الإنسان إذا جاء من خارج المواقيت وطرأت عليه العمرة فإنه يحرم من حيث أنشأ، وأما إذا مر بميقات فإنه يحرم من الميقات، فمثلاً: لو جاء من المدينة ولم يرد لعمرة، فلما وصل إلى وادي فاطمة طرأت عليه العمرة، فإنه يحرم من وادي فاطمة؛ لأنه المكان الذي طرأت عليه العمرة فيه.
مذهب الشيخ في الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس
السؤال: أُثر عنك يا شيخ أنك تقول: لا صلاة بعد العصر مطلقاً ولو كانت الشمس مرتفعة، فهل هذا صحيح؟
الجواب: لا، ما قلت هذا، هذا الذي يقوله الشيخ الألباني رحمه الله، وأنا أقول: إنه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) أن الإنسان لا يصلي بعد العصر حتى تغرب الشمس.
حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام
السؤال: ما حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام؟
الجواب: قال جماعة من أهل العلم: إن المسجد الحرام مكان يكثر فيه الزحام ويشق فيه عدم المرور بين يدي المصلي، لكن حتى لو قال ذلك بعض أهل العلم فالذي ينبغي أن يحرص الإنسان على أنه لا يمر بين يدي مصل إلا إذا كان مضطراً فليفعل، وإن كان في سعة فلا يمر بين يدي أحد وهو يصلي.
حكم طواف الإفاضة قبل صلاة الفجر من يوم النحر
السؤال: ما حكم طواف الإفاضة قبل صلاة الفجر من يوم النحر؟
الجواب: يصح؛ لأن أمهات المؤمنين حصل منهن ذلك."