عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 09-02-2025, 07:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,120
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة شرح الأربعين النووية



سلسلة شرح الأربعين النووية

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت




سلسلة شرح الأربعين النووية

الحديث 22: ((أرأيت إذا صليت... أأدخل الجنة؟ قال: نعم))


عناصر الخطبة:
رواية الحديث.
المعنى الإجمالي للحديث.
المستفادات من الحديث والربط بالواقع.

الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من النار.

عن أبي عبدالله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما: ((أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيتَ إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصُمتُ رمضان، وأحللت الحلال، وحرَّمت الحرام، ولم أزِدْ على ذلك شيئًا، أأدخل الجنة؟ قال: نعم))[1].

عباد الله: هذا الحديث له أهميةٌ عظيمةٌ؛ لأنه من جوامع كلِمه صلى الله عليه وسلم، لأنه إذا أحلَّ الشخص الحلالَ، وحرَّم الحرام، فقد أدَّى ما عليه، وسيُوفِّيه الله ما وعده؛ وهو الجنة.

فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:
1- إقامة الصلاة أولى الواجبات بعد التوحيد: لأنها شرطٌ في تحقق جواب الشرط؛ أي: دخول الجنة، والمقصود بالصلوات المكتوبات: الصلواتُ الخمس المفروضة في اليوم والليلة، والجمعة، ويجب فيها مراعاة ما يلي:
الإخلاص فيها لله تعالى بأن نؤديها لله؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

أداؤها بالطريقة التي صلَّى بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي))[2]، فمن أدَّاها بطريقة غير طريقته، فهي مردودةٌ عليه، كمن لا يطمئن في ركوعه وسجوده، أو لا يعتدل في قيامه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته، عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجلٌ، فصلى، ثم جاء، فسلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم، فردَّ النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلامَ، فقال: ارجِعْ فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ؛ ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أُحسن غيره، فعلِّمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة، فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها))[3].

الحرص على الصلاة في المسجد جماعةً، وهذا للرجال دون النساء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أثقلَ صلاةٍ على المنافقين صلاةُ العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوهما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمُرَ بالصلاة، فتُقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حُزُمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأُحرِّق عليهم بيوتهم بالنار))[4]، بهذا إخواني ستؤهلنا هذه الصلوات الخمس للدخول إلى جنة عرضها السماوات والأرض.

2- صوم رمضان واجبٌ: وهو أيضًا فرضٌ عيني لمن تحققت فيه الشروط وانتفت الموانع؛ ودليل وجوبه قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184]، فلا بد من الصوم الذي يحقق التقوى ويقرِّب من الله، ويجب ألَّا نفهم من الصوم الإمساكَ عن الطعام والشراب والشهوات فقط، يعني الصوم الفقهي، بل لا بد أن نترقى في صومنا إلى صيام الجوارح عما حرم الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحدٌ أو جهِل عليك، فلتقُل: إني صائمٌ، إني صائمٌ))[5].

فاللهم اجعلنا من المصلِّين والصائمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن لآثارهم اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فنستفيد كذلك:
3- وجوب إحلال الحلال وتحريم الحرام: فالحلال هنا أوسع مما عند علماء الأصول، فيدخل فيه الواجب كالزكاة والحج، وسائر الواجبات التي لم تُذكر في الحديث، ويدخل فيه المستحب والمندوب غير الواجب كنوافل الصلاة والصيام، ويدخل فيه الحلال الذي يستوي فيه الفعل والترك؛ كأنواع الطعام الطيب، واللباس المشروع، والسفر المباح.

عباد الله: الويل لمن يسعى لإفساد الدين، وإفساد مجتمعات المسلمين، بإحلال ما حرَّم الله، أو تحريم ما أحله الله، اعتقادًا منهم أن شريعة الله غير صالحة لهذا الزمان، وتراهم يستبدلونها بتشريعات بشرية يستوردونها من هنا أو هناك، تصادم شريعة الرحمن في الظاهر والمقاصد؛ عن عدي بن حاتم قال: ((أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليبٌ من ذهب فقال: يا عديُّ، اطرح هذا الوثن من عنقك، فطرحته فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]، حتى فرغ منها، فقلت: إنا لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرِّمون ما أحل الله فتحرمونه، ويُحِلُّون ما حرم الله فتستحلونه؟ قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم))[6].

أما من هو مسرفٌ على نفسه بالمعاصي معتقدًا حرمتها وغير مستحلٍّ لها، فهذا أحسن حالًا من الطائفة السابقة، وعليهم بالمسارعة إلى التوبة والرجوع إلى الله قبل فوات الأوان؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 53، 54].

والكمال في الإيمان – إخواني - في الوقوف على حدود الله وعدم انتهاك محرماته، وفعل الواجبات والمستحبات، وعدم حرمان النفس من المباحات والأخذ بالعزيمة في موضعها، وبالرخصة في موضعها، وخير الأمور أوسطها، وهذا الذي يُدخل الجنة، وينجي من النار.

فاللهم اجعلنا ممن يُحلون حلالك ويحرِّمون حرامك، آمين.


(تتمة الدعاء).

[1] رواه مسلم وغيره، رقم: 38، ولفظ مسلم: ((قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ)).

[2] رواه البخاري، رقم: 631.

[3] رواه البخاري، رقم: 793.

[4] رواه مسلم، رقم: 651.

[5] رواه ابن خزيمة في صحيحه، برقم: 1996.

[6] رواه الطبراني في الكبير، رقم: 218



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]