درر وفوائـد من كــلام السلف
التوبة من أعظم الحسنات
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: التوبة من أعظم الحسنات، والحسنات كلها مشروط فيها الإخلاص لله وموافقة أمره باتباع رسوله والاستغفار من أكبر الحسنات وبابه واسع.
فمن أحس بتقصير في قوله أو عمله أو حاله أو رزقه أو تقلب قلبه: فعليه بالتوحيد والاستغفار ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص، وكذلك إذا وجد العبد تقصيرا في حقوق القرابة والأهل والأولاد والجيران والإخوان فعليه بالدعاء لهم والاستغفار.
قال حذيفة بن اليمان للنبي صلى الله عليه وسلم: «إن لي لسانا ذربا على أهلي».
فقال له: «أين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة» (حديث ضعيف السند).
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (11 /697 -698)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فالنّظر داعية إلى فساد القلب، قال بعض السلف: النظر سهمُ سمٍّ إلى القلب»
(الفتاوى: 15/395).
الجهل بالطريق يوجب التعب وقلة الفائدة
قال ابن القيم رحمه الله: الجهل بالطريق وآفاتها والمقصود يوجب التعب لكثير مع الفائدة القليلة؛ فإن صاحبه إما أن يجتهد في نافلة مع إضاعة الفرض و في عمل بالجوارح لم يواطئه عمل القلب، أو عمل بالباطن والظاهر لم يتقيد بالاقتداء، أو همة إلى عمل لم ترق بصاحبها إلى ملاحظة المقصود، أو عمل لم يتحرز من آفاته المفسدة له حال العمل وبعده، أو عمل غفل فيه عن مشاهدة المنة فلم يتجرد عن مشاركة النفس فيه، أو عمل لم يشهد تقصيره فيه فيقوم بعده في مقام الاعتذار منه، أو عمل لم يوفه حقه من النصح والإحسان وهو يظن أنه وفاه فهذا كله مما ينقص الثمرة مع كثرة التعب.
(ص 168 من كتاب الفوائد)
حقيقة الصيام
قال ابن القيم رحمه الله: فإن الصائم لا يفعل شئياً، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته، وهو سر بين العبد وبين ربه، لا يطلع عليه سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده؛ فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصيام.
في زاد المعاد (2 / 28-30)
التوسل وأقسامه
- يلاحظ جهل كثير من المحسوبين على الأمة الإسلامية بمعنى لا إله إلا الله وقد ترتب على ذلك الوقوع فيما ينافيها ويضادها أو ينقصها من الأقوال والأعمال فما معنى لا إله إلا الله؟ وما مقتضاها؟ وما شروطها؟
ما التوسل، وأيهما الجائز، وأيهما الممنوع، وما حكم الشرع -في نظركم سماحة الشيخ- في التوسل ببركة رمضان؟
- التوسل أقسام: توسل كفري، وهو أن يتوسل بدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، يقول للميت يسأله: أن يغيثه, أو أن ينصره, أو أن يقضي حاجته، أو يفرج كربته، هذا شرك ويسميه بعض الناس توسلا، يسمون شركهم توسلا, هذا شرك أكبر، إذا دعا الأموات, أو استغاث بالجن, أو بالأموات, أو بالغائبين يطلبهم الغوث, أو العون, أو النصر على الأعداء، هذا شرك أكبر، والتوسل الثاني: التوسل بجاههم وحقهم يقول اللهم إني أسألك بجاه فلان, أو بحق فلان، أو بفلان، فهذه بدعة من وسائل الشرك لا تجوز، التوسل الثالث: التوسل بالإيمان, أو بالعمل الصالح، أو بالأسماء والصفات، هذه سنة مطلوبة، اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي، اللهم إني أسألك بإيماني بك ومحبتي لك أن تغفر لي، اللهم إني أسألك ببر والدي وصلة رحمي أن تغفر لي، لا بأس كل هذا وسيلة شرعية، هذا توسل بالإيمان والتوحيد أو بالأعمال الصالحات كله طيب، كلها مشروع، ومن هذا الحديث: اللهم إني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت توسل شرعي، ومن هذا توسل أصحاب الغار لما انطبقت عليهم الصخرة، توسلوا إلى الله بأعمالهم الطيبة، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة ففرج الله عنهم الصخرة.
فتاوى نور على الدرب - للإمام ابن باز-رحمه الله
الدعاء يجمع الخير
قال مطرف بن عبدالله: «تذكرت ما جماع الخير؟ فإذا الخير: كثير الصوم، والصلاة، وإذا هو في يد الله عز و جل، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله -عز وجل- إلا أن تسأله فيعطيك، فإذا جماع الخير الدعاء».
(الزهد للإمام أحمد، ص 293).
الحذر من النظر في كتب الفلاسفة
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إياك والنظر في كتب أهل الفلسفة الذين يزعمون فيها أنه كلما قوي نور الحق وبرهانه في القلوب خفي عن المعرفة كما يبهر ضوء الشمس (عيون) الخفافيش بالنهار.
فاحذر مثل هؤلاء، وعليك بصحبة أتباع الرسل المؤيدين بنور الهدى وبراهين الإيمان أصحاب البصائر في الشبهات والشهوات، الفارقين بين الواردات الرحمانية والشيطانية العالمين العاملين {أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(المجادلة: 22).
أنفاس في طاعة الله
قال بن القيم رحمه الله:
السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل وإنما يكون الجداد يوم المعاد فعند
الجداد يتبين حلو الثمار من مرها، والإخلاص والتوحيد شجرة في القلب فروعها الأعمال، وثمرها طيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك.
والشرك والكذب والرياء شجرة في القلب ثمرها في الدنيا: الخوف، والهم، والغم، وضيق الصدر، وظلمة القلب وثمرها في الآخرة الزقوم والعذاب المقيم، وقد ذكر الله هاتين الشجرتين في سورة إبراهيم (آية 24 – 27).
من كتاب الفوائد- ص161
اعداد: حمد عبدالرحمن يوسف الكوس