عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 14-02-2025, 09:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي


الأسئلة

حكم نسيان النذر
السؤال امرأة نذرت ونسيت نوع النذر الذي نذرته، ما هو السبيل لإبراء الذمة من هذا النذر؟
الجواب هذا النذر إذا كانت لا تعرف منه شيئا، ولا تتذكر منه شيئا، فالحكم أنها ليست بمكلفة، وليس هناك نذر أصلا حتى تعلمه وتعرفه ثم تلزم به، فلا إلزام بالمجهول، أما إذا كانت تعرف أصل النذر، وتقول: أنا نذرت نذر صدقة نذرت نذر صيام نذرت نذر صلاة، فإذا كانت تعرف أصل النذر، فتطالب بأقل ما يصدق عليه ذلك الأصل.
فإذا قالت: أنا نذرت نذر صدقة، لكني لا أعلم بكم أتصدق، نقول لها: تصدقي بأقل ما يسمى صدقة، إذا قالت: نذرت أن أذبح ولا أتذكر هل نذرت أن أذبح شاة، أو بقرة، أو ناقة، نقول: تذبحين أقل ما يقوم به الذبح، وهو الشاة، فتأخذ بالأقل إذا كانت عرفت نوع النذر، ولم تستطع أن تحدد قدره، والله تعالى أعلم.
حكم ترك الصلاة من الكبير العاجز
السؤال امرأة كبيرة في السن ومريضة، ولا تستطيع أن تقوم عن السرير، ولا تتذكر أذكار الصلاة، وإذا علمت تنسى، فما الحكم فيما لو تركت الصلاة؟
الجواب إذا غيبت بالكلية، وأصبحت لا تعي؛ فإنها غير مكلفة، إنما تكون المرأة ويكون الرجل مكلفا إذا كان يعقل، أما إذا نسي، وأصبح عنده فقدان للذاكرة، أو أصبح مضيعا لا يستطيع أن يتذكر شيئا، وإذا صلى لا يعرف كيف يصلي، أو يصلي بعض الصلاة، ويتلاعب ويضيع بعضها، ونحو ذلك مما يدل على أنه لم يعد مدركا؛ فإنه لا تكليف عليه، والله تعالى أعلم.
حكم الصلاة بدون وضوء نسيانا
السؤال صليت الفجر بدون وضوء، ولم أتذكر إلا بعد صلاة العصر، فما هو الواجب علي؟

الجواب أما صلاة الفجر فإنها لا تصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) ، فيلزمك أن تعيد صلاة الفجر، وأما صلاة الظهر والعصر فلا تصح واحدة منهما إلا بعد أن تبرئ ذمتك من الفجر، لأن الترتيب مشترط؛ لأن الله تعالى يقول: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء:103] .
فلا تصح الظهر وصلاة الفجر باطلة، بل عليك أن تصلي الظهر بعد الفجر، فيلزمك قضاء الفجر، ويلزمك قضاء الظهر والعصر مرتبة على الصفة الشرعية، وأنت مأجور على كل حال، والله تعالى أعلم.
حكم الإفطار بدون عذر في صيام النافلة
السؤال ما حكم من أفطر عمدا في صيام النافلة؟
الجواب إذا أفطر متعمدا في صيام النافلة فلا شيء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المتطوع أمير نفسه) ، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يزهد في الخير، بل عليه أن يكون حريصا على الطاعة والبر، وليعلم أنه إذا أفطر باختياره في النافلة فإنه قد حرم خيرا كثيرا؛ فإن هذا اليوم لا شك أنه لو وفق لصيامه كان أعظم لأجره وأرضى لربه سبحانه وتعالى.
فمع كونه أميرا لنفسه، فالأفضل والأكمل أن لا يبطل عمله؛ لأن الله تعالى يقول: {ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد:33] ، فالأفضل والأكمل أن يتم الطاعة، وأن يمضي فيها ما لم يجد طاعة أفضل منها، أو يجد خيرا أرضى لله عز وجل منه، قال صلى الله عليه وسلم: (إني والله لا أحلف على يمين فأجد غيرها خيرا منها، إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) ، فإذا كان هذا في اليمين، فكيف في الأمور التي هي دون ذلك، وليست بملزمة كإلزام اليمين، والله تعالى أعلم.
العلة في جرد عروض التجارة وخرص النخل عند إخراج الزكاة
السؤال النخل يقدر بالخرص، وعروض التجارة لا بد لها من جرد، وذلك في إخراج الزكاة، فهل هناك علة، أم أن الأمر تعبدي؟
الجواب باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهناك فرق كبير بين النخل وبين عروض التجارة، فثمر النخل لا تستطيع أن تعرف قدره إلا إذا أخرجته من العرق، وإذا أخرجته من العرق فقد تريده تمرا، والوقت الذي يراد تقدير الزكاة فيه هو عند بدو الصلاح، وعند بدو الصلاح لا يمكن قطفه.
فإذا متعذر أن تعرف الحقيقة لذلك الشيء الذي تريد زكاته، فلما تعذر أن تعرف قدر كيله انتقل إلى الخرص والتقدير، وهذا السنة به ثابتة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إلى نخل خيبر قبل وفاته؛ لأنه جعل خيبر بينه وبين اليهود نصفين، كما في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها.
فكان يخرصها حتى يعرف ما الذي لهم، وما الذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فاعتبر التقدير، والقاعدة أنه لا يصار إلى التخمين والتقدير عند القدرة على اليقين، فإذن القدرة على اليقين متعذرة فينتقل إلى غالب الظن، والشريعة تتعبد المكلفين بغالب الظن، فغلبة الظن في البصير الحاذق الخارص الذي له خبرة ومعرفة أنه يصيب.
وهذا شيء رأيناه بأعيينا، والله إن الرجل كان يأتي إلى مزرعة الوالد رحمه الله، ويقول: هذه النخلة خرصها كذا، فما تزيد ولا تنقص بقدرة الله عز وجل، وتأتي بالرجلين لهما خبرة في خرص النخل أحدهما من جهة، والثاني من جهة، ويقفان تحت النخلة، ويقول الأول: هذه بين كذا وكذا، ويأتي الثاني لا يعلم ما الذي قاله الأول فيقدر قريبا مما قاله الأول، ويأتي الثالث ويقدر قريبا مما قدر الثاني، وهذا كله احتياطا من الوالد رحمه الله من أجل أن يعرف القدر ويحتاط بالأكثر، لكن الشاهد أنك تجد الثلاثة كلهم يتفقون، ولم يعلم أحد منهم بما قاله الآخر.
هذه قدرة من الله سبحانه وتعالى جعلها في الإنسان، قد تجد الشخص منذ نعومة أظفاره وهو تحت الشجر، يعرف الثمر، ويعرف خرصه، ويعرف تقديره، فمن حيث الأصل فالخرص حجة ومعمول به، وقد أجازته الشريعة في الزكوات، وأجازته في تقدير الحقوق، وفي المساقاة، وفي المزابنة حينما أجاز بيع التمر على رءوس النخل يؤخذ بخرصه تمرا، كل هذا لأن الغالب فيه الصواب.
أما بالنسبة لعروض التجارة فهي موجودة بين يديك، يمكن أن تقدرها، ويمكن أن تجري فيها الصاع، وتعرف قدرها كيلا، وتعرف قدرها وزنا.
فالقدرة على اليقين تمنع من الشك، فلا يمكننا أن نصير إلى الحدس والتخمين في عروض التجارة مع إمكان الجرد، ولذلك من الخطأ ما يفعله بعض التجار أنه يستثقل جرد المحل بأكمله، ووالله لو أنه أراد شيئا من مصالح تجارته لجرده قطعة قطعة، ولم يتعذر عليه ذلك، بل تجده يعرف القليل والكثير ويحسب ذلك حسابا دقيقا.
ولكن إذا كان للطاعة وللبر وللخير فهذا شيء آخر، ولذلك لا ينبغي التساهل مع الناس في هذا، ولا ينبغي التلاعب بالفتوى، يجب على التاجر أن يجرد بضاعته.
وهناك أمور نفسية نريد زرعها في التجار، التاجر إذا احتاج إلى يوم أو يومين أو ثلاثة أيام لجرد محله فلا يضره أن يغلق محله الثلاثة الأيام، ويشعر أنه في عبادة.
وكما أنه يريد تجارة الدنيا فهناك تجارة للآخرة، فتصبح النفوس ليست معلقة طيلة أيام العام بالدنيا وأمور التجارة، يحس عنده العامل، ويحس عنده التجار، ويحس كل موظف عنده في هذه التجارة أن للشرع سلطانا على أموال الناس، وعندها يشعر الإنسان بتقوى الله عز وجل.
وهذه أمور مهمة جدا، فليست القضية قضية زكاة وقدرها، فهذه وإن كانت مهمة، ولكن هناك قضية أهم وهي تقوى الله عز وجل {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} [الحج:37] ، فإذا شعر الناس أنهم يعاملون الله سبحانه وتعالى، وأنهم مع الله عز وجل، وأن التاجر يحاسب على الصغيرة والكبيرة لمعرفة حق الله الذي وجب عليه، فعندها تكون تقوى الله عز وجل.
أما إذا أصبح يخمن، ويتلاعب بحق الله عز وجل، فهذا أمر لا شك أنه مخالف لشرع الله الذي أوجب عليه أن يعطي المسكين ومن سمى من أهل الزكاة، حقوقهم من ماله الذي استخلفه الله فيه، والله تعالى أعلم.
مدى تعارض الصيام مع طلب العلم
السؤال طالب علم عندما يصوم صيام نافلة فإنه يتعطل عن أمور منها طلب العلم، فهل يترك الصيام لكي يقوى على الطلب وقراءة القرآن، وما توجيهكم فضيلة الشيخ في هذا الأمر؟
الجواب في الحقيقة بالنسبة للصيام، صيام النافلة نوعان: الصيام المقيد، كصوم الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر والأيام البيض على القول بأنهما نوعان من الصوم، هذه لا ترهق طالب العلم إرهاقا يشغله عن طلب العلم.
فلا ينبغي للإنسان أن يبالغ في وصف هذه الأمور أنها تعيق عن طلب العلم، بل إنها تعين على طلب العلم، وليعلم طالب العلم أن سرور الدنيا وبهجتها، وأن أنسه كله في طلب العلم مقرون بالعبادة، وإذا أردت أن ترى طالب العلم في أكمل صوره وأجمل أحواله فانظر إليه في العلم والعمل.
الصيام عمل بالعلم، وقيام الليل عمل بالعلم، وكثرة تلاوة القرآن عمل بالعلم، فينبغي على طالب العلم دائما أن لا يفرق بين علمه وعمله، فهما مقترنان، لكن إذا جاءت أحوال خاصة وأمور خاصة، فلا بأس بالنظر في الأولى منهما، وهذه المسائل أصبحت كثيرا ما تطرح، ويقعد فيها ويفصل، وهي مسائل واضحة لا تحتاج إلى إشكال.
الصحابة رضوان الله عليهم وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأخذون من سنته وهديه وسمته ودله -بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه- وهم في أعلى الدرجات في طلب العلم، وفي أعلى درجات التلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كانوا في صيام وقيام وجهاد في سبيل الله، لا في صيام وقيام فقط، بل وجهاد في سبيل الله في ساعة عسرة، ولذلك زكاهم الله عز وجل -لتلك الأمور- من فوق سبع سماوات، وأثنى عليهم، ورضي عنهم وأرضاهم سبحانه وتعالى.
هذا كله ما ضرهم، بل جعلهم في أحسن الأحوال وأتمها وأكملها، ولن يسعنا إلا ما وسع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنفوس إذا جعلت بينها وبين العبادة والطاعة عوائق فإن الله سبحانه وتعالى يبتليها دائما، وخذها قاعدة، إذا نويت قيام الليل بعد سهر معقول في طلب العلم، ونمت على تلك النية وهيأت نفسك، فعند ذلك تأتيك المعونة من الله سبحانه وتعالى، ويأتيك التوفيق والسداد، وترشد وتصيب الخير من أمورك على أتم الوجوه وأكملها.
والعكس بالعكس، فإذا تخاذل طالب العلم وقال: أنا إذا صمت لا أستطيع أن أحفظ، وأنا إذا قمت لا أستطيع أن أقوم، فإنه يختلق لنفسه أمورا قد يكون في عافية منها.
فأحسن الظن بالله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد يقول: (يقول الله تعالى: أنا عند حسن ظن عبدي بي، فمن ظن بي خيرا كان له) .
والله إن أسعد أيام العمر في طلب العلم كانت الأيام التي يكون فيها الإنسان على أتم الوجوه وأكملها في قيام الليل وصيام النهار، ولن تجد والله في الصيام إعاقة، بل الصيام يعين على كل خير وبر، فلذلك قال عبد الله بن مسعود: (من سعادة العبد كثرة الصلاة، وكثرة الصيام، وصحبة العلماء) .
فلا بد من اقتران العبادة بالعلم؛ فاجتهد رحمك الله في أن تصيب الخير على أتم الوجوه وأكملها مستعينا بالله، واثقا محسنا الظن بالله عز وجل.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يهيئ لنا من أمورنا رشدا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تفسير قوله تعالى: (رب إني نذرت ... )
السؤال ما معنى قوله تعالى حكاية عن امرأة عمران: {رب إني نذرت لك ما في بطني محررا} [آل عمران:35] ، هل هو من قبيل حبس الذرية على الطاعة والعبادة؟

الجواب ليس هو النذر على حقيقته المعروفة بحبس الذرية من كل وجه، إنما المراد بذلك الاصطفاء للطاعة والخير والبر، كما ذكره بعض أئمة التفسير رحمهم الله، والأصل أن الإنسان إذا رزق الذرية أن يجتهد في إصلاحها وإقامتها على طاعة الله عز وجل.
فهي تعبر بما يكون من أمرها؛ أن هذه الذرية ستكون لله سبحانه وتعالى، ومن لازم ذلك العناية بتنشئتها على الخير، ومحبة الله ومرضاته، فكأنها التزمت بأنها تقوم بحق الله عز وجل في ولدها وذريتها، والله تعالى أعلم.
حكم دخول الواقف ضمن من أوقف عليهم
السؤال من أوقف وقفا للفقراء والمساكين، ثم أصبح الواقف فقيرا بعد سنوات، فهل يجوز له الارتفاق بهذا الوقف لدخوله ضمن هذا الوصف؟
الجواب باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فمن أوقف على غيره فإنه لا يدخل في ذلك الغير ولو تحققت فيه صفته، وقال بعض العلماء: إنه يمكن أن يدخل أحد من ذريته لكن هو لا يدخل، ومن حيث الأصل، الأورع أنه لا يدخل هو ولا ذريته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما فاطمة بضعة مني) .
ووجه هذا الحكم أنه حينما قال: أوقفت هذه الدار على الفقراء، ولم يجعل له نصيبا ولا لذريته؛ فهم من ذلك أنه لا حظ له مطلقا سواء تحقق فيه هذا الوصف أو لم يتحقق.
وبناء على ذلك فإن الأشبه والأولى أنه لا استحقاق له فيه، والله تعالى أعلم.
حكم اقتطاع جزء من أرض موقوفة لمسجد لبناء سكن للإمام
السؤال إذا أوقف شخص أرضا محددة لتكون مسجدا، فهل يجوز بناء مسكن للإمام والمؤذن داخل هذه الأرض أم أن جميع مساحتها تكون مسجدا؟
الجواب من حيث الأصل أن من أوقف الأرض كاملة للمسجد فإنها تبقى وقفا على المسجد؛ لأنه قصد أن تكون محلا للصلاة والعبادة، وإذا أراد أن يبني للإمام أو للمؤذن موضعا فلا بأس بذلك، فيخص قطعة من المسجد قبل أن يوقف كل المسجد، أو يقول في هذا المسجد: إن ثلثي أرضه مسجد، والثلث الثالث يكون نزلا للإمام، أو يكون مرافق تابعة للمسجد.
فهذا من حق الواقف، أما من حيث الأصل فإنه إذا أوقف الكل فالكل وقف، ويبقى وقفا تاما شاملا لجميع الأرض، إلا أن بعض مشايخنا في الأزمنة المتأخرة -في حالة وجود الحاجة إلى قرب الإمام من المسجد-، يفتي أو يخفف في انتزاع قطعة من المسجد سكنا للإمام؛ لأن هذا يحقق المقصود من جماعة المسجد، وحصل نقاش في هذه المسألة بين بعض المشايخ المتأخرين رحمهم الله، وكان البعض يستمسك بالأصل وهو أن الأرض كلها وقف، ولا ينبغي صرف شيء منها إلى غير ذلك.
وهذا لا شك أنه من حيث الأصل أقوى دليلا وألزم، والذين يفتون بجواز أن يقتطع منها جزء لإمام المسجد ونحو ذلك، فهذا مبني على شيء قرره بعض العلماء رحمهم الله، وهو أنه يجوز التعرض لبعض الوقف لاستصلاح كل الوقف.
وهذه المسألة هي المسألة المشهورة: يجوز إتلاف بعض الوقف لاستبقاء باقيه، واستدلوا بقصة موسى عليه السلام مع الخضر، فإنه كسر لوح السفينة حتى تنجو السفينة كاملة، فقالوا: إذا تعطلت مصالح الوقف وأصبح لا سبيل إلا أن يؤخذ شيء من الوقف فلا بأس بذلك.
وألحق بهذه المسألة مسألة الإمام، قالوا: لأن الإمام إذا لم يكن قريبا من المسجد ستتعطل مصالح الإمامة، وهذا ليس على كل حال، أما في بعض الأحيان فنعم، وفي بعض الأحيان لا؛ لأن الفرض في الإمام أن يتقي الله عز وجل، وأن لا يكون إماما إلا وهو يستشعر أنه محافظ على صلواته محافظ على حدوده.
ولذلك إذا ارتبط الشخص بمهمة أو عمل تجده يحضر لها من مئات الكيلومترات؛ لأنه يشعر بالمسئولية ويشعر بالأمانة، فلا شك من حيث الأصل أن القول الأول أشبه وأقوى وأورع، وأنه إذا أوقفت كاملة فليس من حق أحد أن ينتزع منها شيئا إلا لما خصصت له، والأولى شراء قطعة أرض يبنى عليها منزل للإمام بجانب الأرض الموقوفة.
ثم كان بعض مشايخنا الذين يمنعون من قطع جزء من الأرض ما دام أنها موقوفة كلها يقول: إنه لو قلنا بفتوى من يجيز إتلاف البعض لاستبقاء الكل فليست منطبقة على هذا من كل وجه؛ لأنه لا يكون ذلك إلا إذا كان المسجد في موضع لا يتأتى فيه سكن للإمام بجواره، وهذا ليس على كل حال.
فإذا تحتاج المسألة إلى تحرير، أما كقاعدة وكأصل، فالأصل يقتضي أنه إذا أوقفت الأرض كاملة على مسجد أو مدرسة أو أي سبيل من سبل البر؛ فإن جميع الأرض مستحقة لهذا السبيل ولا يجوز صرفها عنه إلا في الأحوال المستثناة التي سيأتي إن شاء الله بيانها، والله تعالى أعلم.
حكم التصرف في بعض الوقف لمصلحة الوقف
السؤال رجل لديه إبل، وأوقف لبنها على الفقراء والمساكين، وعجزت ذريته من بعده عن نفقة هذه الإبل وإطعامها، فهل يبيعون شيئا من لبنها لشراء علفها وما فيه إصلاح لشأنها؟
الجواب في الحقيقة مسائل الوقف ينبغي أن يعلم أنها ألصق بالقضاء منها بالفتوى، لا بد من الرجوع إلى القاضي في مسائل الوقف؛ لأن الوقف أمره أضيق من غيره، والسبب في هذا ملكية الوقف، فالواقف نفسه لا يملك وقفه؛ لأنه بمجرد ما أوقف خرجت عن ملكيته، فيحتاج الأمر إلى حكم القاضي، فالقاضي له ولاية شرعية؛ فإذا نظر ووجد المصلحة في بيع شيء من الأوقاف فإنه يباع أو يصرف؛ فهذا أمر مرده إلى القضاء.
أما من حيث الفتوى فهذا إذا لم يوجد القضاء، إذا أوقف غلتها أو ركوبها وظهرها، فالأصل أن يبقى الوقف على ما هو عليه، وعلى الوارث أن يبر مورثه وأن يحتسب الأجر ما أمكنه، إلا إذا وصل الأمر إلى شيء فوق طاقته، فيرفع الأمر إلى القاضي، والقاضي يحكم بما يراه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]