عرض مشاركة واحدة
  #544  
قديم 17-02-2025, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء العاشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (544)
صــ 161 إلى صــ 175







ذكر من قال ذلك :

11624 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا " ، [ ص: 161 ] قال : كنا نحدث أنهم أول من سخر لهم الخدم من بني آدم وملكوا .

وقال آخرون : كل من ملك بيتا وخادما وامرأة ، فهو "ملك" كائنا من كان من الناس .

ذكر من قال ذلك :

11625 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرنا أبو هانئ : أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص ، وسأله رجل فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها؟ قال : نعم! قال : ألك مسكن تسكنه؟ قال : نعم! قال : فأنت من الأغنياء! فقال : إن لي خادما . قال : فأنت من الملوك .

11626 - حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض قال : سمعت زيد بن أسلم يقول : "وجعلكم ملوكا" فلا أعلم إلا أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان له بيت وخادم فهو ملك .

11627 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا العلاء بن عبد الجبار ، عن [ ص: 162 ] حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن : أنه تلا هذه الآية : "وجعلكم ملوكا" ، فقال : وهل الملك إلا مركب وخادم ودار؟

فقال قائلو هذه المقالة : إنما قال لهم موسى ذلك ، لأنهم كانوا يملكون الدور والخدم ، ولهم نساء وأزواج .

ذكر من قال ذلك :

11628 - حدثنا سفيان بن وكيع وابن حميد قالا : حدثنا جرير ، عن منصور قال : أراه عن الحكم : " وجعلكم ملوكا " ، قال : كانت بنو إسرائيل إذا كان للرجل منهم بيت وامرأة وخادم ، عد ملكا .

11629 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ح ، وحدثنا سفيان قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن الحكم : "وجعلكم ملوكا" قال : الدار والمرأة ، والخادم قال سفيان : أو اثنتين من الثلاثة .

11630 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن رجل ، عن ابن عباس في قوله : " وجعلكم ملوكا " قال : البيت والخادم .

11631 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن الحكم أو غيره ، عن ابن عباس في قوله : " وجعلكم ملوكا " قال : الزوجة والخادم والبيت .

11632 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : "وجعلكم ملوكا" قال : جعل لكم أزواجا وخدما وبيوتا .

11633 - حدثنا المثنى قال : حدثنا علي بن محمد الطنافسي قال : حدثنا [ ص: 163 ] أبو معاوية ، عن حجاج بن تميم ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس في قول الله : " وجعلكم ملوكا " قال : كان الرجل من بني إسرائيل إذا كانت له الزوجة والخادم والدار يسمى ملكا .

11634 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "وجعلكم ملوكا" قال : ملكهم الخدم قال قتادة : كانوا أول من ملك الخدم .

11635 - حدثني الحارث بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز بن أبان قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد : " وجعلكم ملوكا " قال : جعل لكم أزواجا وخدما وبيوتا .

وقال آخرون : إنما عنى بقوله : "وجعلكم ملوكا" أنهم يملكون أنفسهم وأهليهم وأموالهم .

ذكر من قال ذلك :

11636 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "وجعلكم ملوكا" يملك الرجل منكم نفسه وأهله وماله .

[ ص: 164 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ( 20 ) )

قال أبو جعفر : اختلف فيمن عنوا بهذا الخطاب .

فقال بعضهم : عني به أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

11637 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن السدي ، عن أبي مالك وسعيد بن جبير : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " ، قالا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : عني به قوم موسى صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

11638 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : هم قوم موسى .

11639 - حدثني الحارث بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز بن أبان قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " ، قال : هم بين ظهرانيه يومئذ .

ثم اختلفوا في الذي آتاهم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين . [ ص: 165 ]

فقال بعضهم : هو المن والسلوى والحجر والغمام .

ذكر من قال ذلك :

11640 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " قال : المن والسلوى والحجر والغمام .

11641 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " ، يعني : أهل ذلك الزمان ، المن والسلوى والحجر والغمام .

وقال آخرون : هو الدار والخادم والزوجة .

ذكر من قال ذلك :

11642 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا بشر بن السري ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " قال : الرجل يكون له الدار والخادم والزوجة .

11643 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " ، المن والسلوى والحجر والغمام . [ ص: 166 ]

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب قول من قال : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " ، في سياق قوله : "اذكروا نعمة الله عليكم" ، ومعطوف عليه .

ولا دلالة في الكلام تدل على أن قوله : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " مصروف عن خطاب الذين ابتدئ بخطابهم في أول الآية . فإذ كان ذلك كذلك ، فأن يكون خطابا لهم أولى من أن يقال : هو مصروف عنهم إلى غيرهم .

فإن ظن ظان أن قوله : " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ، لا يجوز أن يكون لهم خطابا ، إذ كانت أمة محمد قد أوتيت من كرامة الله جل وعز بنبيها عليه السلام محمد ، ما لم يؤت أحد غيرهم ، وهم من العالمين فقد ظن غير الصواب . وذلك أن قوله : "وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين" ، خطاب من موسى صلى الله عليه وسلم لقومه يومئذ ، وعنى بذلك عالمي زمانه ، لا عالمي كل زمان . ولم يكن أوتي في ذلك الزمان من نعم الله وكرامته ما أوتي قومه صلى الله عليه وسلم أحد من العالمين . فخرج الكلام منه صلى الله عليه على ذلك ، لا على جميع [ عالم ] كل زمان . [ ص: 167 ]

القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول موسى صلى الله عليه وسلم لقومه من بني إسرائيل ، وأمره إياهم - عن أمر الله إياه بأمرهم - بدخول الأرض المقدسة .

ثم اختلف أهل التأويل في الأرض التي عناها ب"الأرض المقدسة " .

فقال بعضهم : عنى بذلك الطور وما حوله .

ذكر من قال ذلك :

11644 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " الأرض المقدسة " الطور وما حوله .

11645 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

11646 - حدثني الحارث بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : " ادخلوا الأرض المقدسة " ، قال : الطور وما حوله .

وقال آخرون : هو الشأم .

ذكر من قال ذلك :

11647 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " الأرض المقدسة " قال : هي الشأم . [ ص: 168 ]

وقال آخرون : هي أرض أريحا .

ذكر من قال ذلك :

11648 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" قال : أريحا .

11649 - حدثني يوسف بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : هي أريحا .

11650 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال : حدثنا إبراهيم بن بشار قال : حدثنا سفيان ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : هي أريحا .

وقيل : إن" الأرض المقدسة " دمشق ، وفلسطين ، وبعض الأردن .

وعنى بقوله : "المقدسة" المطهرة المباركة ، كما : -

11651 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "الأرض المقدسة" ، قال : المباركة .

11652 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بمثله .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : هي الأرض المقدسة ، كما قال نبي الله موسى صلى الله عليه ، لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض ، لا تدرك حقيقة صحته إلا بالخبر ، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به . غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي ما بين الفرات وعريش مصر ، لإجماع جميع أهل التأويل والسير والعلماء بالأخبار على ذلك . [ ص: 169 ]

ويعني بقوله : " التي كتب الله لكم " التي أثبت في اللوح المحفوظ أنها لكم مساكن ومنازل دون الجبابرة التي فيها .

فإن قال قائل : فكيف قال : " التي كتب الله لكم ، وقد علمت أنهم لم يدخلوها بقوله : " فإنها محرمة عليهم "؟ فكيف يكون مثبتا في اللوح المحفوظ أنها مساكن لهم ، ومحرما عليهم سكناها؟

قيل : إنها كتبت لبني إسرائيل دارا ومساكن ، وقد سكنوها ونزلوها وصارت لهم ، كما قال الله جل وعز . وإنما قال لهم موسى : "ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" ، يعني بها : كتبها الله لبني إسرائيل ، وكان الذين أمرهم موسى بدخولها من بني إسرائيل ولم يعن صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ذكره كتبها للذين أمرهم بدخولها بأعيانهم .

ولو قال قائل : قد كانت مكتوبة لبعضهم ولخاص منهم فأخرج الكلام على العموم ، والمراد منه الخاص ، إذ كان يوشع وكالب قد دخلا وكانا ممن خوطب بهذا القول كان أيضا وجها صحيحا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق .

11653 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، " التي كتب الله لكم " ، التي وهب الله لكم .

وكان السدي يقول : معنى"كتب" في هذا الموضع ، بمعنى : أمر .

11654 - حدثنا بذلك موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم " ، التي أمركم الله بها . [ ص: 170 ]

القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ( 21 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله عز ذكره عن قيل موسى عليه السلام لقومه من بني إسرائيل ، إذ أمرهم عن أمر الله عز ذكره إياه بدخول الأرض المقدسة ، أنه قال لهم : امضوا ، أيها القوم ، لأمر الله الذي أمركم به من دخول الأرض المقدسة "ولا ترتدوا" يقول : لا ترجعوا القهقرى مرتدين "على أدباركم" يعني : إلى ورائكم ، ولكن امضوا قدما لأمر الله الذي أمركم به ، من الدخول على القوم الذين أمركم الله بقتالهم والهجوم عليهم في أرضهم ، وأن الله عز ذكره قد كتبها لكم مسكنا وقرارا .

ويعني بقوله : "فتنقلبوا خاسرين" ، أي : تنصرفوا خائبين هلكا .

وقد بينا معنى"الخسارة" في غير هذا الموضع ، بشواهده المغنية عن إعادته في هذا الموضع .

فإن قال قائل : وما كان وجه قيل موسى لقومه ، إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة : "لا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين" ، أو يستوجب الخسارة من لم يدخل أرضا جعلت له؟ [ ص: 171 ]

قيل : إن الله عز ذكره كان أمرهم بقتال من فيها من أهل الكفر به وفرض عليهم دخولها ، فاستوجب القوم الخسارة بتركهم إذا فرض الله عليهم من وجهين : أحدهما : تضييع فرض الجهاد الذي كان الله عز ذكره فرضه عليهم والثاني : خلافهم أمر الله في تركهم دخول الأرض ، وقولهم لنبيهم موسى صلى الله عليه وسلم إذ قال لهم : "ادخلوا الأرض المقدسة" : "إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون" .

وكان قتادة يقول في ذلك بما :

11655 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" أمروا بها ، كما أمروا بالصلاة والزكاة والحج والعمرة .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن جواب قوم موسى عليه السلام ، إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة : أنهم أبوا عليه إجابته إلى ما أمرهم به من ذلك ، واعتلوا عليه في ذلك بأن قالوا ، إن في الأرض المقدسة التي تأمرنا بدخولها ، قوما جبارين لا طاقة لنا بحربهم ، ولا قوة لنا بهم . وسموهم "جبارين" ، لأنهم كانوا لشدة بطشهم وعظيم خلقهم ، فيما ذكر لنا ، قد قهروا سائر الأمم غيرهم . [ ص: 172 ]

وأصل"الجبار" ، المصلح أمر نفسه وأمر غيره ، ثم استعمل في كل من اجتر نفعا إلى نفسه بحق أو باطل طلب الإصلاح لها ، حتى قيل للمتعدي إلى ما ليس له بغيا على الناس ، وقهرا لهم ، وعتوا على ربه"جبار" ، وإنما هو"فعال" من قولهم : "جبر فلان هذا الكسر" ، إذا أصلحه ولأمه ، ومنه قول الراجز :


قد جبر الدين الإله فجبر وعور الرحمن من ولى العور


يريد : قد أصلح الدين الإله فصلح . ومن أسماء الله تعالى ذكره "الجبار" ، لأنه المصلح أمر عباده ، القاهر لهم بقدرته .

ومما ذكرته من عظم خلقهم ما : -

11656 - حدثني به موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي في قصة ذكرها من أمر موسى وبني إسرائيل ، قال : ثم أمرهم بالسير إلى أريحا وهي أرض بيت المقدس فساروا ، حتى إذا كانوا قريبا منهم ، بعث موسى اثني عشر نقيبا من جميع أسباط بني إسرائيل ، فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبارين ، فلقيهم رجل من الجبارين ، يقال له : " عاج " ، فأخذ الاثني عشر فجعلهم في حجزته ، وعلى رأسه حملة حطب ، وانطلق بهم [ ص: 173 ] إلى امرأته فقال : انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا!! فطرحهم بين يديها ، فقال : ألا أطحنهم برجلي؟ فقالت امرأته : لا بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا! ففعل ذلك .

11657 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال : حدثنا إبراهيم بن بشار قال : حدثنا سفيان قال : قال أبو سعيد ، قال عكرمة ، عن ابن عباس قال : أمر موسى أن يدخل مدينة الجبارين . قال : فسار موسى بمن معه حتى نزل قريبا من المدينة وهي أريحاء فبعث إليهم اثني عشر عينا ، من كل سبط منهم عينا ، ليأتوه بخبر القوم . قال : فدخلوا المدينة ، فرأوا أمرا عظيما من هيئتهم وجثثهم وعظمهم ، فدخلوا حائطا لبعضهم ، فجاء صاحب الحائط ليجتني الثمار من حائطه ، فجعل يجتني الثمار وينظر إلى آثارهم ، وتتبعهم . فكلما أصاب واحدا منهم أخذه فجعله في كمه مع الفاكهة ، وذهب إلى ملكهم فنثرهم بين يديه ، فقال الملك : قد رأيتم شأننا وأمرنا ، اذهبوا فأخبروا صاحبكم . قال : فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عاينوا من أمرهم .

11658 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : " إن فيها قوما جبارين " ، ذكر لنا أنهم كانت لهم أجسام وخلق ليست لغيرهم .

11659 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قال : إن موسى عليه السلام قال لقومه : "إني سأبعث رجالا يأتونني بخبرهم" وإنه أخذ من كل سبط رجلا فكانوا اثني عشر نقيبا ، فقال : "سيروا إليهم وحدثوني حديثهم وما أمرهم ، ولا تخافوا ، إن الله معكم ما أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسله ، وعزرتموهم ، وأقرضتم الله قرضا حسنا" وإن القوم ساروا حتى هجموا عليهم ، فرأوا أقواما لهم أجسام عجب عظما [ ص: 174 ] وقوة ، وإنه فيما ذكر أبصرهم أحد الجبارين ، وهم لا يألون أن يخفوا أنفسهم حين رأوا العجب . فأخذ ذلك الجبار منهم رجالا فأتى رئيسهم ، فألقاهم قدامه ، فعجبوا وضحكوا منهم . فقال قائل منهم : "فإن هؤلاء زعموا أنهم أرادوا غزوكم"!! وأنه لولا ما دفع الله عنهم لقتلوا ، وأنهم رجعوا إلى موسى عليه السلام فحدثوه العجب .

11660 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : "اثني عشر نقيبا" من كل سبط من بني إسرائيل رجل ، أرسلهم موسى إلى الجبارين ، فوجدوهم يدخل في كم أحدهم اثنان منهم ، يلقونهم إلقاء ، ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بينهم في خشبة ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس ، أو أربعة .

11661 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه .

11662 - حدثني محمد بن الوزير بن قيس ، عن أبيه ، عن جويبر ، عن الضحاك : "إن فيها قوما جبارين" قال : سفلة لا خلاق لهم .

[ ص: 175 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ( 22 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله عز ذكره عن قول قوم موسى لموسى ، جوابا لقوله لهم : " ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم " ، فقالوا : " إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها " ، يعنون : [ حتى يخرج ] من الأرض المقدسة الجبارون الذين فيها ، جبنا منهم ، وجزعا من قتالهم . وقالوا له : إن يخرج منها هؤلاء الجبارون دخلناها ، وإلا فإنا لا نطيق دخولها وهم فيها ، لأنه لا طاقة لنا بهم ولا يدان .

11663 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، أن كالب بن يافنا ، أسكت الشعب عن موسى صلى الله عليه وسلم فقال لهم : إنا سنعلو الأرض ونرثها ، وإن لنا بهم قوة! وأما الذين كانوا معه فقالوا : لا نستطيع أن نصل إلى ذلك الشعب ، من أجل أنهم أجرأ منا! ثم إن أولئك الجواسيس أخبروا بني إسرائيل الخبر ، وقالوا : إنا مررنا في أرض وحسسناها ، فإذا هي تأكل ساكنها ، ورأينا رجالها جساما ، ورأينا الجبابرة بني الجبابرة ، وكنا في أعينهم مثل الجراد! فأرجفت الجماعة من بني إسرائيل ، فرفعوا أصواتهم بالبكاء . فبكى الشعب تلك الليلة ، ووسوسوا على موسى وهارون ، فقالوا لهما : يا ليتنا متنا في أرض مصر ! وليتنا نموت في هذه البرية ، ولم يدخلنا الله هذه الأرض لنقع في الحرب ، فتكون نساؤنا وأبناؤنا وأثقالنا غنيمة! ولو كنا قعودا في أرض مصر ، كان خيرا لنا وجعل الرجل يقول لأصحابه : تعالوا نجعل علينا رأسا وننصرف إلى مصر .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.69%)]