عرض مشاركة واحدة
  #443  
قديم 19-02-2025, 09:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [251]
الحلقة (283)





شرح سنن أبي داود [251]

للطلاق أحكام كثيرة فصلتها الشريعة، وهذه الأحكام مبنية على العدل والرحمة والإحسان والحكمة، ومن هذه الأحكام ما يتعلق بطلاق العبد، والطلاق قبل النكاح، والطلاق على غلط، وطلاق الهازل.

الرجل يراجع ولا يشهد


شرح حديث: (أشهد على طلاقها وعلى رجعتها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يراجع ولا يشهد. حدثنا بشر بن هلال أن جعفر بن سليمان حدثهم عن يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله أن عمران بن حصين رضي الله عنهما سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى [ باب الرجل يراجع ولا يشهد ] أي: ما حكم ذلك؟ حكم ذلك أنه صحيح، ولكن يشهد الإنسان فيما بعد، وليس بلازم أن يكون الإشهاد عند المراجعة؛ لأن المراجعة قد تكون بالجماع، فإذا طلق زوجته ثم جامعها في عدتها فقد حصلت الرجعة، والإشهاد يكون فيما بعد؛ إذ لا تتوقف المراجعة على الإشهاد، بل المراجعة تحصل بدون إشهاد، ولكن عليه أن يشهد. وقد سبق أن مر في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها وما جاء فيه أنه يشهد، وقد أورد أبو داود رحمه الله في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنه سئل عن ذلك فقال: [ (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد) ] أي: لا تعد إلى مثل هذا العمل، فهذا يدل على أن الإشهاد يمكن أن يتدارك، وأنه لا يلزم أن يكون عند الطلاق ولا عند الرجعة، بل قد يطلق ثم يشهد، ويراجع ثم يشهد، وقد تكون المراجعة بالجماع؛ لأن جماع الرجل امرأته المطلقة وهي في حال عدتها مراجعة لها، وقد تكون باللفظ، لكن الإشهاد مطلوب؛ وذلك حتى يعلم أن الطلاق انتهى بالرجعة، وكذلك الطلاق. وقد جاء الأمر بالإشهاد في القرآن الكريم، وقد قال بوجوبه بعض أهل العلم، ولكن ليس لازماً أن يكون عند الطلاق، بل إذا طلق فطلاقه معتبر، وعليه أن يشهد بعد ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: ( أشهد على طلاقها وعلى رجعتها )


قوله: [ حدثنا بشر بن هلال ]. بشر بن هلال ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ أن جعفر بن سليمان حدثهم ]. جعفر بن سليمان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد الرشك ]. هو يزيد بن أبي يزيد لقبه الرشك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مطرف بن عبد الله ]. هو مطرف بن عبد الله بن الشخير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن عمران بن حصين ]. هو عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
سنة طلاق العبد


شرح حديث ابن عباس في طلاق المملوك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في سنة طلاق العبد. حدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا علي بن المبارك حدثني يحيى بن أبي كثير أن عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى ابن عباس رضي الله عنهما في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين، ثم عتق بعد ذلك هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: (نعم. قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب في سنة طلاق العبد ]. أي: كيف يطلق العبد؟ وما هي السنة في حقه؟ وكم هي التطليقات التي تكون له؟ فالتطليقات التي تكون للعبد اثنتان؛ لأنه ليس كالحر، وقد جاء في القرآن فيما يتعلق بالحد أن على العبيد نصف ما على الأحرار من العقوبة، فكذلك فيما يتعلق بعدد تطليقات العبد يكون على النصف من الحر، وجبروا النصف فصارت له من التطليقات اثنتين، وكذلك الأقراء بالنسبة للأمة حيضتان مع جبر الكسر. والحديث الذي أورده أبو داود فيما يتعلق بطلاق العبد ضعيف، ولكن جاء عن بعض الصحابة -مثل عمر وابنه رضي الله تعالى عنهما- أن العبد له تطليقتان، وذلك مبني على ما جاء في العقوبة أنها على النصف. وأورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه استفتاه رجل في أن عبداً طلق زوجته المملوكة تطليقتين، ثم إنهما عتقا بعد ذلك، فهل يصلح له أن يخطبها؟ فقال: [ (نعم. قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] ومعناه أنه يصير له ثلاث تطليقات فيكون قد أمضى ثنتين ثم يضيف إليها الثالثة. والحديث غير ثابت؛ لأن فيه من هو ضعيف، ولكن الشيء الذي هو معتبر وعليه العلماء أن له تطليقتين وأن الأمة عدتها حيضتان.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في طلاق المملوك


قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا علي بن المبارك ]. علي بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني يحيى بن أبي كثير ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنَّ عمر بن معتب ]. عمر بن معتب ضعيف، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أن أبا حسن مولى بني نوفل ]. أبو الحسن مولى بني نوفل مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أنه استفتى ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث فتوى ابن عباس في طلاق المملوك من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي بإسناده ومعناه بلا إخبار، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (بقيت لك واحدة، قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ]. هذه طريق أخرى فيها توضيح ما في الرواية السابقة التي فيها أن له أن يخطبها، وهذا فيه تصريح بأنه بقي له واحدة. فالإسناد هو نفس الإسناد من عند علي بن المبارك ومن بعده، إلا أنه يختلف عن الذي قبله أنه ليس فيه إخبار؛ لأن الإسناد الذي قبله يقول فيه علي بن المبارك : [ أخبرنا يحيى بن كثير ] فهنا روى بالعنعنة، وفيه هذه الزيادة التي هي [ بقيت لك واحدة ] والمقبول والضعيف موجودان في هذا الإسناد كما أنهما موجودان في الإسناد الأول؛ لأنه قال: [ بإسناده ومعناه ].

تراجم رجال إسناد حديث فتوى ابن عباس في طلاق المملوك من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بالزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عثمان بن عمر ]. عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا علي بإسناده ومعناه ]. علي هو ابن المبارك ، ومعنى قوله: [ بإسناده ] أي: بالإسناد بعد علي [ ومعناه ] أي: معنى المتن. إلا أن الإسناد في هذه الطريق الثانية جاء بالعنعنة في رواية علي عن يحيى بن أبي كثير ، والرواية السابقة هي بالإخبار.

إنكار علي بن المبارك على أبي الحسن روايته عن ابن عباس في طلاق المملوك

[ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل قال: قال عبد الرزاق : قال ابن المبارك لمعمر : من أبو الحسن هذا؟! لقد تحمل صخرة عظيمة ]. قوله: [ لقد تحمل صخرة عظيمة ] يعني أنه أتى بشيء عظيم انفرد به، وهو كون العبد إذا طلق طلقتين ثم عتق فقد بقيت له واحدة، وهذا المقصود منه الإنكار، وبيان أن هذا شيء منكر، ومعلوم أن أبا الحسن مقبول، والذي قبله ضعيف، فكل منهما يعل به الحديث. [ قال أبو داود : أبو الحسن هذا روى عنه الزهري ، قال الزهري : وكان من الفقهاء، روى الزهري عن أبي الحسن أحاديث ]. هذا فيه إشارة إلى أن أبا الحسن له رواية، وقال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، والمقبول هو الذي يعتبر حديثه عند المتابعة والاعتضاد، والحديث فيه علة أخرى، وهي الشخص الذي يروي عن أبي الحسن ، فهو ضعيف وليس بحجة.

حكم العمل بفتوى ابن عباس في طلاق المملوك


[ قال أبو داود : أبو الحسن معروف، وليس العمل على هذا الحديث ]. أي: ليس العمل على هذا الحديث الذي قال علي بن المبارك عن راويه: [ لقد تحمل صخرة عظيمة ] يعني أنه أتى بشيء عظيم، وأتى بشيء انفرد به، والعمل ليس عليه، وإنما على أن العبد له تطليقتان، وأنه بعد تطليقتين لا بد من أن تنكح زوجاً بعده ولا تحل له إلا بعد ذلك، وأما الحر فهو الذي له ثلاث تطليقات وتحل له بعد الثلاث إذا تزوجها زوج زواج رغبة ثم طلقها، فالعبد تعود إليه بعد تطليقتين بعد أن تنكح زوجاً غيره، والحر بعد ثلاث بعد أن تنكح زوجاً غيره.

شرح حديث: ( طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مسعود حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن مظاهر عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان) ]. يعني أنها تطلق تطليقتين، والعدة حيضتان، ويجبر الكسر، وذلك أنها على النصف من طلاق الحرة وعدتها، فكان الأصل هو طلقة ونصف، وفي العدة قرء ونصف، ثم جبر الكسر في الطلاق وفي العدة فصار طلاقها طلقتين، وعدتها حيضتين. قال العلماء: إن الحكم في الطلاق مناط بالرجال، فالعبد له تطليقتان والحر له ثلاث، ولا ينظر بعد ذلك إلى النساء، والحكم في العدة مناط بالنساء، ولا ينظر إلى حق الأزواج، فالنظر بالنسبة للطلاق هو للرجال، وذلك أن الرجل إذا كان حراً فإنه يطلق ثلاث طلقات، سواءً كان عنده حرة أم أمة، والعبد يطلق تطليقتين، وفي العدة ينظر إلى المرأة ولا ينظر إلى الزوج، سواء أكان الزوج حراً أم عبداً، فالأمة تعتد بحيضتين، سواء طلقها حرٌ أم عبد، والحرة تعتد بثلاث حيض.

تراجم رجال إسناد حديث: ( طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان )


قوله: [ حدثنا محمد بن مسعود ]. محمد بن مسعود ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا أبو عاصم ]. هو أبو عاصم النبيل ، وهو الضحاك بن مخلد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مظاهر ]. مظاهر ضعيف، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن القاسم بن محمد ]. هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: ( طلاق الأمة تطليقتان ) من طريق ثانية وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو عاصم : حدثني مظاهر حدثني القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله، إلا أنه قال: (وعدتها حيضتان). قال أبو داود : وهو حديث مجهول ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو بمعنى الأول، إلا أنه قال: [ (وعدتها حيضتان) ]. قوله: [ قال أبو داود : وهو حديث مجهول ]. أي أنه حديث لا يصح؛ لأن فيه ذلك الرجل الضعيف. وهذا الحديث معلق؛ لقوله: [ قال أبو عاصم ]. والحديث وإن كان ضعيفاً إلا أن العمل على ما جاء عن الصحابة كعمر وابن عمر ، وهو مبني على التنصيف في الحدود.
الطلاق قبل النكاح


شرح حديث: ( لا طلاق إلا فيما تملك )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الطلاق قبل النكاح. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام . ح وحدثنا ابن الصباح حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قالا: حدثنا مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك) زاد ابن الصباح (ولا وفاء نذر إلا فيما تملك) ]. أورد أبو داود [ باب في الطلاق قبل النكاح ] يعني: ما حكمه؟ أي أنه لا يعتبر الطلاق قبل النكاح، وإنما يعتبر الطلاق بعد النكاح، بعد أن يكون قد عقد على المرأة، فعند ذلك يتمكن من تطليقها؛ لأنه زوج، أما قبل ذلك فإن كونه يطلق أجنبية لا علاقة له بها، أو يعلق الطلاق على الزواج، بحيث يقول: إن تزوجتها فهي طالق. أو: إذا تزوجتها فهي طالق فذلك لا يعتبر؛ لأنه تطليق قبل الزواج، والله عز وجل يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الأحزاب:49] فالطلاق يكون بعد الزواج ولا يكون قبله، فإذا وجد بأن طلق أجنبية ثم عقد عليها، أو علق النكاح على زواج امرأة فطلقها قبل أن يعقد عليها فإن ذلك لا يعتبر، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق إلا فيما تملك). يعني: لمن هي زوجة له، وقبل أن تكون زوجة لا يقع الطلاق؛ لأنه طلاق في غير محله، فوجوده مثل عدمه، فالطلاق يكون بعد النكاح ولا يكون قبله، سواء أكان منجزاً أم معلقاً، منجزاً بأن يقول: طلقت فلانة. وهي أجنبية، أو يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق، وإيقاع الطلاق في أجنبية إيقاع في غير محله، وإنما إيقاع الطلاق يكون بعد أن يملك عصمتها بعقد النكاح، فعند ذلك يطلق. قوله: [ (ولا عتق إلا فيما تملك) ] الإنسان لا يصح أن يعتق عبداً أو أمة إلا إذا كان في ملكه، أما إذا قال: عبد فلان حُر -وهو لا يملكه- فهذا عتق باطل، وكذلك أن يقول مثلاً: إذا اشتريتُ كذا فهو حر. لا يقع هذا العتق. قوله: [ (ولا بيع إلا فيما تملك) ] يعني: لا يبيع الإنسان إلا شيئاً يملكه، فلا يصح له أن يبيع هذه السلعة وهو لا يملكها، كأن تكون السلعة لشخص من الناس لا علاقة له به، أو له به علاقة ولكن ليس له حق في التصرف والتملك في ماله، مثل الأب يأخذ شيئاً ثم يبيعه لولده، فلا يصح هذا البيع؛ لأن البيع يصح إذا كان الإنسان مالكاً لما يبيعه، أي: بعد أن يكون الإنسان مالكاً يكون بائعاً، أما أن يكون بائعاً قبل أن يكون مالكاً فهذا لا يصح. قوله: [ زاد ابن الصباح : (ولا وفاء نذر إلا فيما تملك)]. لأن من نذر أن كذا لوجه الله، وهو ملك لشخص آخر وهو لا يملكه، فلا يُوفَّى به، ولا ينعقد أصلاً، فلا تلزمه الكفارة؛ لأنه نذر في غير محله، كأن يقول: نذرتُ أن بيت فلان وقف، أو أنه لوجه الله. لكن الفقهاء يقولون: نذر المعصية عليه كفارة يمين، لكن مثل هذا شيء لا يملكه الإنسان؛ أما كونه ينذر نذراً قد يملكه ولكن فيه معصية فيمكن أن يصير عليه كفارة يمين.

تراجم رجال إسناد حديث: ( لا طلاق إلا فيما تملك )


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا ابن الصباح ]. عبد الله بن الصباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ]. عبد العزيز بن عبد الصمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالا: حدثنا مطر الوراق ]. مطر الوراق صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة رضي الله عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (من حلف على معصية فلا يمين له ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب بإسناده ومعناه: زاد: (من حلف على معصية فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له) ]. أورد المصنف حديث عمرو بن شعيب من طريق أخرى مع زيادة وهي: [ (من حلف على معصية فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له) ] يعني: لا يعول عليها؛ لكن بعض أهل العلم قال: فيها كفارة يمين، على أنها يمين، وكون الإنسان يحلف على شيء ويرى أن غيره خيراً منه يكفِّر عن يمينه ويأتي الذي هو خير، ومن حلف على معصية، أو على قطيعة رحم، كمن يحلف أنه لا يكلم فلاناً وما إلى ذلك، فإنه يكفِّر عن يمينه ويكلمه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من حلف على معصية فلا يمين له ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو: محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أسامة ]. هو: أبو أسامة حماد بن أسامة البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن كثير ]. الوليد بن كثير ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الرحمن بن الحارث ]. عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب بإسناده ومعناه ]. أي: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد مر ذكرهم.

بيان أنواع الحلف على فعل المعصية


قال الخطابي رحمه الله: هذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أراد به اليمين المطلقة من الأيمان، فيكون معنى قوله: (لا يمين له) أي: لا يبر في يمينه؛ ولكنه يحنث ويكفِّر، كما روي أنه قال: [ (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفِّر عن يمينه) ]. والوجه الآخر: أن يكون أراد به النذر الذي مخرجه مخرج اليمين، كقوله: إن فعلتُ كذا فلله علي أن أذبح ولدي، فإن هذه يمين باطلة، لا يلزم الوفاء بها، ولا يلزمه فيها كفارة ولا فدية. وأيضاً: مثل الذي نذر أن يبيع بيت فلان أو أن بيت فلان لوجه الله؛ لأنها لغو، وشيء في غير محله، ولا يملكه الإنسان. وقول الخطابي : كقوله: إن فعلتُ كذا فلله علي أن أذبح ولدي. هذه معناها: على اعتبار أنه يمين؛ ولكنه ليس بلفظ اليمين، مثل تعليق الطلاق، وعليَّ الطلاق، قالوا: إنه يكون بمعنى اليمين، وهو ليس لفظ اليمين وإنما هو بمعنى اليمين. وأيضاً لو قال: والله لأذبحن ولدي، كذلك أيضاً هذا غير منعقد، ولا كفارة فيه. وأما إذا حلف على معصية فلا يفعل؛ لكن يكفِّر، وأما كونه يحلف على أن يقتل ولده، فليس له ذلك؛ لأن منطوق الحديث: [ (من حلف على معصية فلا يمين له) ] أي: ليست يميناً معتبرة، ولا قيمة لها، وأما النذر فكفارته كفارة يمين كما في الحديث.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]