عرض مشاركة واحدة
  #446  
قديم 19-02-2025, 10:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,593
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [253]
الحلقة (285)



شرح سنن أبي داود [253]

من أكثر المسائل التي يسألها المستفتون مسائل الطلاق، فينبغي لطالب العلم إتقانها، والاجتهاد في معرفة الراجح مما وقع الخلاف فيها، مثل مسألة الرجوع إلى نية المتلفظ بالطلاق، وطلاق البتة، وحكم قول الرجل لامرأته: أمرك بيدك، وغير ذلك.

فيما عني به الطلاق والنيات



شرح حديث: (إنما الأعمال بالنيات..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما عُني به الطلاق والنيات. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ]. قوله: [ باب فيما عُني به الطلاق والنيات ] يعني: أن المعتبر هو النية، وهذا عند كنايات الطلاق، وأما صريح الطلاق فإنه يعتبر لفظه، أي: إذا طلق بلفظ الطلاق فإنه يعتبر مطلقاً، وأما إذا كان بلفظ الكناية فإن هذا ينظر إلى نيته، إن كان يريد الطلاق فإنه يكون طلاقاً وإن كان لا يريد الطلاق فإنه لا يكون طلاقاً ما دام أنه محتمِل لهذا ولهذا، فالمعتبر النية. والطلاق الصريح: مثل أن يقول الرجل لزوجته: (أنت طالق)، وأما الكناية فمثل قوله: (الحقي بأهلك) وما شابهها، وسيأتي في حديث كعب بن مالك أنه قال لامرأته: (الحقي بأهلك) وهو ليس طلاقاً؛ لأنه لم ينوِ ذلك. وهذا حديث عمر رضي الله عنه المشهور الذي هو أول حديث افتتح به البخاري صحيحه، وهو: [ (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ] وبعض أهل العلم تابع البخاري في ذلك فافتتحوا كتبهم الحديثية بهذا الحديث؛ لأنه يدل على أن كل شيء تابع للنية، وأنه مبني على النية، وأن المعتبر النيات. قوله في الحديث: [ (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى) ] هذا هو محل الشاهد للترجمة، فإنه إذا قال لفظاً وكان محتمِلاً لأن يكون طلاقاً وأن يكون غير طلاق فالمعتبر نيته: إن كان أراد طلاقاً فيكون طلاقاً، وإن كان لم يرد ذلك فإنه لا يكون طلاقاً، والمعتبر نيته. قوله: [ (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله -يعني: نية وقصداً- فهجرته إلى الله ورسوله) ] أجراً وثواباً؛ لأنه اتحد الشرط والجزاء، والفرق بينهما: أن الأول على اعتبار والثاني على اعتبار؛ لأن الشرط متفق مع الجزاء؛ ولكن هذا له حال وهذا له حال، ولا يقال: إنه شيء متكرر لا تترتب عليه ثمرة. قوله:[ (ومن كانت هجرته لدنيا) ] أي: من أجل دنيا، والهجرة كانت من بلد الشرك من أجل الدنيا لا من أجل الله، فمن فعل ذلك لأجل الدنيا [ (فهجرته إلى ما هاجر إليه) ].

تراجم رجال إسناد حديث: (إنما الأعمال بالنيات ..)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني يحيى بن سعيد ]. يحيى بن سعيد الأنصاري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم ]. محمد بن إبراهيم التيمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة بن وقاص الليثي ]. ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت عمر بن الخطاب ] . أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه.

حديث: (إنما الأعمال بالنيات) من غرائب الصحيح

هذا الحديث فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، واحد من كبارهم، والثاني من أوساطهم، والثالث من صغارهم، فعلقمة بن وقاص الليثي من كبار التابعين، و محمد بن إبراهيم التيمي من أوساط التابعين، و يحيى بن سعيد الأنصاري من صغار التابعين، فهؤلاء ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وقد جاء عن عمر من هذه الطريق إلى يحيى بن سعيد ، وهو فرد، ثم إنه كثر الآخذون عن يحيى بن سعيد حتى قيل: إنهم بلغوا سبعين شخصاً، وأما من يحيى بن سعيد فما فوق فهو فرد وهو غريب، ولهذا فهو من غرائب الصحيح، أي: عندما يأتي الحديث من طريق واحد فقط يقال له: غريب؛ لأن الغريب هو ما جاء من طريق واحد، ومعلوم أن الغريب إذا كان من طريق واحد والذين جاءوا فيه يحتمَل تفردهم وكانوا ثقات فإنه معتبر وحجة، وأما إذا جاء الحديث من طريق واحد وفيهم من لا يحتمَل تفرده فإنه لا يُحتج به، وإما إذا كانوا ثقات فإن روايتهم معتبرة، وهذا الحديث الذي هو أول حديث في صحيح البخاري هو من هذا القبيل، وكذلك آخر حديث في صحيح البخاري الذي هو: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن) هو أيضاً غريب من غرائب الصحيح، ففاتحة كتاب البخاري حديث غريب، وخاتمته حديث غريب؛ ولهذا لما روى الترمذي رحمه الله حديث: كلمتان حبيبتان .. قال: حديث حسن صحيح غريب، أي: لأنه جاء من طريق واحد.

شرح حديث: (..فقلت لامرأتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله سبحانه في هذا الأمر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح و سليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب -وكان قائد كعب من بنيه حين عمي- قال: سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه، فساق قصته في تبوك قال: (حتى إذا مضت أربعون من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، قال: فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا. بل اعتزلها فلا تقربنها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله سبحانه في هذا الأمر) ]. أورد أبو داود حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة تخلفه في غزوة تبوك وتوبة الله عليه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هجره خمسين ليلة، وأنه بعدما مضى أربعون يوماً أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه يأمره بأن يعتزل زوجته، ولما أبلغه الخبر قال: أطلقها أم ماذا؟ -يعني: هذا الاعتزال هل هو تطليق أو غير تطليق؟- فقال: لا. بل اعتزلها ولا تقربنها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك حتى يقضي الله سبحانه في هذا الأمر. ومحل الشاهد هو قوله: (الحقي بأهلك) لأن هذا من كنايات الطلاق، والمعتبر فيه النية، فإذا قال لزوجه: (الحقي بأهلك) إن كان يريد طلاقاً وقع طلاقاً، وإن كان لا يريد فإنه لا يقع، كما حصل لكعب بن مالك رضي الله عنه فإنه قال: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، فالمعتبر هو النية في كنايات الطلاق.
تراجم رجال إسناد حديث: (..فقلت لامرأتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله سبحانه في هذا الأمر)

قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و سليمان بن داود ]. سليمان بن داود المصري ، ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أخبرنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس ]. يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب ]. ابن شهاب مر ذكره، و عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . وأبوه عبد الله ثقة، ويقال: له رؤية، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . و كعب بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



حكم قول الرجل لامرأته: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق)


السؤال: إذا قال الرجل لامرأته: (أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق) فهل هذا يعتبر واحدة أم ثلاث؟ الجواب: والله ما أدري ما هو الراجح في هذا، لكن بعض أهل العلم يقول: إنها تكون واحدة إذا كان ما بعد الأولى تأكيداً، ومنهم من يقول: إن كل واحدة تعتبر تأسيساً فيكون الطلاق ثلاثاً، والراجح في هذه المسألة لم يتضح لي فيه شيء.

حكم الإشهاد في الطلاق

السؤال: قول عمران بن حصين : (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة) فالإشهاد في الطلاق والرجعة هل هو واجب أم مستحب؟ الجواب: كون الإنسان يحرص على ألا يحصل منه هذا ولا هذا إلا بالإشهاد لا شك أن هذا هو الواضح الذي لا إشكال فيه، لكن الطلاق ينعقد بدون الإشهاد؛ لأنه لو طلق وليس عنده أحد فإنه معتبر؛ ولكنه يُشهد فيما بعد، ولو راجع وليس عنده أحد يُشهد، بل إنه قد تكون المراجعة بأن يطأها، فإنه يكون بذلك مراجعاً لها؛ ولكن عليه أن يُشهد بعد ذلك؛ لكن ما يتضح لي كونه واجباً أو مستحباً، لا أدري؛ وأما كونه يقع الطلاق بدون إشهاد فإنه يقع، والرجعة تقع بدون إشهاد أيضاً.


الفرق بين قول الرجل لزوجته: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق) وقوله: (أنت طالق طالق طالق)


السؤال: هل قول الرجل: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق) مثل: (أنت طالق طالق طالق)؟ الجواب: الثانية التي هي: (أنت طالق طالق طالق) أقرب من: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق)؛ لأن الأولى لاحتمال التأكيد أقرب؛ لأن المبتدأ واحد (أنت) والخبر مكرر: (طالق طالق طالق)، فتكون الكلمة الأولى هي الخبر والثانية والثالثة مؤكدة، بخلاف الثلاث عندما تكون بلفظ آخر التي هي: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق)، فإن احتمال التكرار فيها قائم. وفي قول الرجل: (أنت طالق طالق طالق) كونه يُسأل عن نيته فهذا له وجه، والاحتمال قوي، على اعتبار أن المبتدأ واحد والكلمة الأولى هي (أنت) و(طالق) هي الخبر والباقي تأكيد؛ لأنها جملة واحدة، والثنتان الأخيرتان مؤكدتان للأولى، وأما: (أنت طالق أنت طالق أنت طالق) فكل واحدة منها مبتدأ وخبر، فهي محتمِلة للتأكيد ومحتمِلة لغير التأكيد، وليست كالجملة الأولى، ولا يتضح لي شيء في كونها تنعقد ثلاث طلقات أو واحدة، أي فيما يتعلق بـ(أنت طالق أنت طالق أنت طالق).

سبب تقريظ كتاب مدارك النظر

السؤال: يُذكر أنه لم يُقرأ عليكم كتاب مدارك النظر فكيف قرَّظتموه؟ الجواب: مدارك النظر أنا قرأته بنفسي، ولم يُقرأ علي، بل قرأته مرتين، وعرفت ما فيه، وكتبتُ ما كتبت بعد قراءته مرتين.
الخيار


شرح حديث عائشة: (خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدّ ذلك شيئاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الخيار. حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خيَّرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاخترناه فلم يعد ذلك شيئاً) ]. قوله رحمه الله تعالى: [ باب في الخيار ]، المقصود بالخيار: التخيير، أي: أن الرجل يخير امرأته بين أن تبقى في عصمته أو لا تبقى وأن يفارقها، وإذا لم تختر الفراق وإنما بقيت مع زوجها واختارت البقاء فإنه لا يترتب على ذلك شيء، ولا يعتبر طلاقاً، وإنما حصل التخيير لها فاختارت البقاء، وأما إذا اختارت الفراق فهذا اختلف فيه العلماء: منهم من قال: يكون له حق المراجعة، ومنهم من يقول: يعتبر فراقاً نهائياً ولا مراجعة فيه. وفي حال اختيار البقاء مع الزوج فإنه لا يترتب على ذلك شيء، والنبي صلى الله عليه وسلم لما خير نساءه بعد أن نزلت عليه الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحَاً جَمِيلَاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرَاً عَظِيمَاً [الأحزاب:28-29] واخترن البقاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم يعدّ ذلك شيئاً، أي: لم يكن طلاقاً. وقد أورد أبو داود حديث عائشة : [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه ولم يعد ذلك شيئاً) ] أي: أن الأمر بقي على ما هو عليه، ولم يترتب على ذلك شيء، وهذا واضح؛ لأنهن اخترن البقاء، والمرأة إذا اختارت البقاء فلا يترتب على ذلك شيء، وإنما الكلام فيما إذا اختارت الفراق هل يكون للرجل حق الرجعة في ذلك أو أنها تبين منه وليس له حق الرجعة؟ هذا هو محل الخلاف بين أهل العلم.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدّ ذلك شيئاً)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو عوانة ]. أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الضحى ]. مسلم بن صبيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسروق ]. مسروق بن الأجدع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أمرك بيدكِ


شرح حديث أبي هريرة: (أمرك بيدك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أمركِ بيدكِ. حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال: قلت لأيوب : هل تعلم أحداً قال بقول الحسن في (أمركِ بيدكِ)؟ قال: لا، إلا شيء حدثناه قتادة عن كثير مولى ابن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحوه، قال أيوب : فقدم علينا كثير فسألته فقال: ما حدثت بهذا قط، فذكرته لقتادة فقال: بلى؛ ولكنه نسي. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن الحسن في (أمركِ بيدكِ) قال: ثلاث ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب قول الرجل لزوجته: (أمركِ بيدكِ)، أي: ما حكمه؟ فجمهور أهل العلم قالوا: يكون الطلاق ثلاثاً إذا اختارته كما جاء عن عدد من الصحابة، وجاء عن عدد من التابعين منهم الحسن . ومنهم من قال: إنه يكون واحدة. وقد أورد أبو داود رحمه الله الأثر عن الحسن ، وكذلك الحديث الذي ساقه أبو داود مرفوعاً وفيه: أنه يكون ثلاثاً، وإيراد أبي داود للأثر إنما كان متأخراً عن ذكر الحديث والسؤال الذي حول قول الحسن ، فيبدو أن الحديث فيه اختصار في الأول، أو أن الأثر متقدم عن تأخير، والاختصار قوله: هل تعلم أحداً قال بقول الحسن في (أمركِ بيدكِ)؟ قال: لا ]. يعني: أنه ثلاث، فإما أن يكون فيه اختصار أو أن الأثر المقطوع الذي جاء في الآخر متقدم؛ لأنه عقَّبه بقوله: بمعناه، ولم يُذكر الأصل حتى يُعرف المعنى، وهو إما أن يكون فيه اختصار وأنه سقط منه ذكر (أمركِ بيدكِ) ثلاث، أو أن الأثر الذي فيه أنه قال: ثلاث متقدم، فيأتي بعد ذلك الاستفهام والسؤال والجواب. قوله: [ بنحوه ] الأصل المحال عليه غير موجود، فهو إما أن يكون الأصل فيه: [ هل تعلم أحداً قال بقول الحسن في (أمركِ بيدكِ) أنه ثلاث؟ ] فيكون ساقطاً منه (أنه ثلاث)، أو أن الأثر الذي ساقه بإسناده مقطوعاً إلى الحسن [أنه ثلاث] يكون متقدماً، وعلى هذا يكون المعنى واضحاً، أي: من جهة أن اللفظ الذي أحيل إليه بقوله: [ بنحوه ] قد عُرف. والأثر عن الحسن متصل إليه وهو مقطوع، والمقطوع هو: المتن الذي انتهى إسناده إلى التابعي أو من دونه، فيقال له: مقطوع، وهو غير المنقطع؛ لأن المقطوع من صفات المتون, وأما المنقطع فهو من صفات الأسانيد، فيقال: الإسناد المنقطع، وأما هذا المتن فهو مقطوع، أي: إسناده انتهى إلى التابعي؛ لأنه إذا انتهى إلى التابعي يقال له: مقطوع، وإذا انتهى إلى الصحابي يقال له: موقوف، وإذا انتهى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع. فهذا الأثر المقطوع الذي جاء عن الحسن إما أن يكون متقدماً ويكون الكلام ليس فيه حذف ولا اختصار، وإما أن يكون على ما هو عليه متأخر؛ ولكن فيه حذف وفيه اختصار؛ لأن الإحالة بقوله: [ بنحوه ] لا تستقيم إلا إذا عُرف لفظ المتن المحال إليه بقوله: [ بنحوه ]. والحديث الذي أورده فيه علتان: إحداهما: فيه رجل مقبول وهو: كثير مولى ابن سمرة . العلة الثانية: أن كثيراً قال: [ ما حدثت بهذا ]، فهو أنكر، والمعروف عند المحدثين أن الراوي إذا أضيف إليه شيء ثم أنكره فإنه يكون قدحاً فيه، أما إذا قال: لا أدري فإنه لا يؤثر في الرواية. وعلى هذا فليس ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الإسناد؛ ولكنه جاء عن عدد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم مثلما قال الحسن : إن (أمركِ بيدكِ) ثلاث.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (أمرك بيدك)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حماد بن زيد ]. حماد بن زيد ،ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قلت لأيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثناه قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن كثير مولى ابن سمرة ]. كثير مولى ابن سمرة ،مقبول، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة في التفسير. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه. قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هشام الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة مر ذكره. [ عن الحسن ]. الحسن مر ذكره.
حكم قول: (أمركِ بيدكِ)

إذا قال الرجل لزوجته: (أمركِ بيدكِ) فإن لها أن تطلق نفسها ثلاث طلقات، بمعنى أنها تبين؛ لأنه جعل الأمر إليها، وهذا يعني أنه طلقها ثلاث طلقات لا رجعة فيها، وعلى قول من يقول: إنها طلقة واحدة فيكون له رجعة فيها إذا اختارت نفسها وكانت طلقة واحدة، ومذهب الحسن وكثير من الصحابة أنه لا رجعة فيها إذا اختارت نفسها. وهذا الحديث مروي في سنن النسائي و الترمذي ، ولم يجزم فيهما كثير بالنفي كما جزم عند أبي داود هنا. على كل حال: العلة موجودة وهي الراوي كثير، فإنه مقبول، وهذا كافٍ ولو لم يأت بالجزم، وهذه قاعدة فيمن حدث ونسي، أنه إذا جزم وأنكر فإنه لا يعتبر الأثر مروياً عنه، وأما إن قال: لا أدري فإن الرواية صحيحة؛ لأن هذا نسي، وهذا لا يعد نوعاً من أنوع الحديث أي: من حدث ونسي. وتخرج المرأة نفسها من عصمة الرجل بجعل الأمر إليها، فإذا جعل الأمر إليها واختارت نفسها، فهذا معناه: أنها قد بانت منه. ولها أن تطلق نفسها عندما يجعل الأمر إليها بقولها: (اخترت نفسي) أو (لا سبيل له إلي) فإذا قالت مثل هذا الكلام ثلاثاً، فلا رجعة له عليها، وأكثر العلماء على هذا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.58%)]