
22-02-2025, 07:26 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,734
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
ما جاء في صوم يوم عاشوراء
شرح حديث (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم عاشوراء. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصومه في الجاهلية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [باب في صوم يوم عاشوراء] ويوم عاشوراء هو يوم العاشر من شهر الله المحرم، وكان يوماً معظماً عند اليهود، وكذلك قريش كانوا يصومونه في الجاهلية، والنبي صلى الله عليه وسلم صامه معهم في الجاهلية قبل أن ينزل عليه الوحي، وكان صلى الله عليه وسلم يتعبد ويتحنث قبل أن يبعث، وهذا من تعبده وتحنثه، واختلف كيف كان يتعبد ويتحنث؟ وقد ذكر الحافظ ابن حجر أقوالاً عديدة في الشيء الذي كان يتعبد به، منها: أنه كان يتعبد على دين إبراهيم ، وذكر الأقوال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وأنا أشرت إليها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري، وكتب أخرى ذكرت الموضع الذي ذكر فيه الأقوال، ومن تعبده صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث أنه كان يصوم يوم عاشوراء، ولما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، وجاء في بعض الأحاديث أنه وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال: (ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصامه شكراً لله، فنحن نصومه. فقال عليه الصلاة والسلام: نحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه). ثم إنه بعد ذلك أرشد إلى مخالفة اليهود في الصيام، بأن يصام معه يوم قبله أو يوم بعده، والأحاديث جاءت واضحة جلية في صيام التاسع مع العاشر، واختلف العلماء: هل كان صيامه قبل أن يفرض رمضان واجباً أم أنه كان مستحباً؟ فمن العلماء من قال بأنه كان فرضاً، وأنه لما فرض رمضان ترك وجوبه وبقي على الاستحباب، ومنهم من قال: إنه على الاستحباب من أصله إلا أنه كان متأكداً أكثر، ثم بعد ذلك بقي على التأكد، ولكنه ليس كالأول. فصيامه من آكد الصيام وأفضله، بل هو أفضل يوم يصام بعد يوم عرفة؛ لأنه قد جاء في الحديث أن صيام عرفة يكفر السنة الماضية والآتية، وأما يوم عاشوراء فيكفر السنة الماضية، وهذا يدل على فضله وعلى عظم شأن صيامه.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية)
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة ]. عبد الله بن مسلمة و مالك مر ذكرهما، و هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه عروة بن الزبير ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة قد مر ذكرها.
شرح حديث (هذا يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: (كان عاشوراء يوماً نصومه في الجاهلية، فلما نزل رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هذا يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (كان عاشوراء يوماً نصومه في الجاهلية فلما نزل رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا يوم من أيام الله فمن شاء صامه، ومن شاء تركه) وهذا مثل الحديث الذي تقدم عن عائشة رضي الله عنها. قوله: [ (يوم من أيام الله) ]. يوم من أيام الله التي لها شأن ومنزلة.
تراجم رجال إسناد حديث (هذا يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه)
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. مسدد مر ذكره، و يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر المصغر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: أخبرني نافع عن ابن عمر ]. نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (نحن أولى بموسى منكم وأمر بصيامه)
قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون، ونحن نصومه تعظيماً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نحن أولى بموسى منكم، وأمر بصيامه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس ، وفيه بيان الوجه في كون النبي صلى الله عليه وسلم صام عاشورا وأمر بصيامه لما قدم المدينة، وأنه وجد اليهود يصومونه، وأنهم لما سئلوا عن ذلك، قالوا: إنه يوم أنجى الله فيه موسى وقومه، فكانوا يصومونه تعظيماً له، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (نحن أحق وأولى بموسى منكم) فصامه وأمر بصيامه، ولكن لكون العمل هذا لأهل الكتاب، وقد جاءت الشريعة بمخالفة أهل الكتاب في أمور كثيرة؛ لذلك أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى صيام يوم معه حتى تحصل المخالفة، إذ هم يقتصرون على صيام يوم عاشوراء، وهو أراد أن يضيف إليه غيره، وجاء في بعض الأحاديث: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع).
تراجم رجال إسناد حديث (نحن أولى بموسى منكم وأمر بصيامه)
قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ]. زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو بشر ]. أبو بشر هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ]. سعيد بن جبير وابن عباس مر ذكرهما.
ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع
شرح حديث (فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع. حدثنا سليمان بن داود المهري حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يحيى بن أيوب أن إسماعيل بن أمية القرشي حدثه أنه سمع أبا غطفان يقول: سمعت عبد الله بن عباس يقول: (حين صام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء وأمرنا بصيامه قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع] وهذه الترجمة على قول بعض أهل العلم أن المراد بعاشوراء التاسع، ولكن عاشوراء هو اليوم العاشر؛ لأن الاسم يدل على المسمى، وبعضهم قال: قوله: التاسع إنما هو مضاف إلى العاشر لا أنه عوض عنه أو بدل منه بحيث يترك العاشر ويصام التاسع، فكان يصوم عاشوراء وقال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) يعني: ليس المقصود من ذلك أنه هو المراد وحده دون أن يضاف إليه غيره، بل هو مضاف إلى غيره وهو العاشر، وبهذا تحصل المخالفة لليهود.
تراجم رجال إسناد حديث (فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع)
قوله: [ حدثنا سليمان بن داود المهري ]. هو سليمان بن داود المهري المصري ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن وهب ]. هو ابن وهب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن إسماعيل بن أمية القرشي ]. إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنه سمع أبا غطفان ]. أبو غطفان اسمه: السعد بن طريف أو مالك المري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ سمعت عبد الله بن عباس ]. عبد الله بن عباس قد مر ذكره.
شرح حديث ابن عباس: (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائماً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى -يعني ابن سعيد - عن معاوية بن غلاب ح وحدثنا مسدد حدثنا إسماعيل قال: أخبرني حاجب بن عمر جميعاً، المعنى عن الحكم بن الأعرج قال: (أتيت ابن عباس وهو متوسد رداءه في المسجد الحرام، فسألته عن صوم يوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائماً، فقلت: كذا كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم يصوم؟ فقال: كذلك كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم يصوم) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه كان متوسداً رداءه في المسجد الحرام فسئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا جاء اليوم التاسع فصم أو فأصبح صائماً). قوله: [ (فقلت: كذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يصوم؟) ]. يعني: هو مطابق للترجمة من جهة صوم التاسع، ولكن الرسول كان يصوم العاشر، وقال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)، يعني: مضموماً إلى العاشر، و ابن عباس لعله يريد بذلك أن الإنسان يصوم التاسع ثم يصوم العاشر، وأنه يصبح صائماً اليومين اللذين هما العاشر والتاسع، العاشر لأنه الأصل، والتاسع من أجل المخالفة لليهود، فلما سئل: هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، هكذا كان النبي يفعل، يعني: يحمل على أنه ما أرشد إليه وما أخبر به حيث قال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) إذاً: هديه صلى الله عليه وسلم أن يصوم التاسع ويصوم العاشر، وليس المقصود به أن العاشر يهمل ويخص الصيام بالتاسع، فهو مثل الذي قبله، حيث قال إذا كان العالم المقبل صمنا) أي: مضموماً إلى العاشر، وهنا قال: (أصبح صائماً)، يعني: صم التاسع والعاشر.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائماً)
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى -يعني ابن سعيد -عن معاوية بن غلاب ]. مسدد و يحيى بن سعيد مر ذكرهما، ومعاوية بن غلاب ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ ح وحدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ]. إسماعيل هو ابن إبراهيم المشهور بابن علية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني حاجب بن عمر ]. حاجب بن عمر ثقة، أ خرج له مسلم و أبو داود و الترمذي . [ عن الحكم بن الأعرج ]. الحكم بن الأعرج ثقة ربما وهم، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن ابن عباس ]. ابن عباس قد مر ذكره.
ما جاء في فضل صوم عرفة
شرح حديث (أن أسلم أتت النبي فقال صمتم يومكم هذا؟)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل صومه. حدثنا محمد بن المنهال حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه: (أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه) ]. قال أبو داود : يعني: يوم عاشوراء ]. أورد أبو داود باباً في فضل صوم عاشوراء، وأورد فيه حديث عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه أن أسلم -وهي قبيلة من العرب- جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم عاشوراء فقال: (أصمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا. قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه) يعني: أمسكوا عن الأكل واقضوا يوماً مكانه، قالوا: فهذا يدل على فضل صيامه، لكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإمساك وأمر بالقضاء، ومعناه: أنه قد فات عليهم، وأنهم يمسكون بقية اليوم عن الأكل، وأنهم يقضون مكان ذلك اليوم، فهذا يدل على فضله. [ قال أبو داود : يعني: يوم عاشوراء ] يعني: هذا اليوم الذي جاءوا فيه، فالترجمة في بيان فضله، والحديث دال على هذا الفضل، ولكن الحديث غير صحيح، والذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كونه يكفر السنة الماضية. وهذا الحديث في إسناده من هو متكلم فيه، وهو: عبد الرحمن بن مسلمة .
تراجم رجال إسناد حديث (أن أسلم أتت النبي فقال صمتم يومكم هذا؟..)
قوله: [ حدثنا محمد بن المنهال ]. محمد بن المنهال ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن مسلمة ]. عبد الرحمن بن مسلمة مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي ، يقال: عبد الرحمن بن مسلمة أو ابن سلمة ويقال: ابن المنهال بن سلمة . [ عن عمه ]. ويقال اسم عمه: مسلمة صحابي، وأبو الأشبال قال: يحتمل أن يكون صحابياً أخرج له أبو داود و النسائي ، وهذه علة ثانية كون الصحبة لم تتحقق.
الأسئلة
حكم من يقول السلفيون في هذا الزمان أهل سنة وليسوا أهل جماعة
السؤال: ما رأيكم في مقولة من يقول: السلفيون في هذا الزمان أهل سنة وليسوا أهل جماعة؛ لأنهم من أشد الناس تفرقاً؟
الجواب: هذا كلام متناقض؛ لأن أهل السنة هم الجماعة، والسنة والجماعة متلازمتان، وكتب العقائد فيها عقيدة أهل السنة والجماعة، مثل العقيدة الطحاوية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: من يا رسول الله؟ قال: الجماعة) وفي لفظ: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي). فقوله: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي) يدل على اتباع السنة، واتباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصفهم بأنهم جماعة ثم كونه يقول: إنهم أهل سنة وإنهم ليسوا جماعة هذا كلام غير صحيح؛ لأن أهل السنة هم الجماعة، والجماعة وأهل السنة والطائفة المنصورة والفرقة الناجية؛ كل هذه الصفات لفرقة واحدة، وهم من هم على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكونه يصير هناك شيء من الاختلاف والتنافر لأمور دنيوية أو لأمور أخرى هذا لا يؤثر على الاتفاق في العقيدة وعلى ما كان عليه سلف الأمة، فإذا وجد شيء من ذلك لا يقال: إن هذا يقتضي أن يفرق بين السنة والجماعة، وأن السنة شيء والجماعة شيء، بل أهل السنة هم الجماعة، والجماعة هم أهل السنة، وعقائد أهل السنة فيها ذكر السنة والجماعة معاً فلا يقال: إن هذا شيء وهذا شيء آخر.
معنى المنهج وضابطه الصحيح
السؤال: نسمع الآن كثيراً من طلبة العلم يقولون: فلان ليس على المنهج، والجماعة الفلانية ليست على المنهج، وفلان خرج عن المنهج، ونحن لا ندري ما المقصود بكلمة المنهج؟! بل هي كلمة محدثة، ثم قال: أنا عندي لا يصح استعمال هذه الكلمة؟
الجواب: لكل منهجه ولكلٍ طريقته، وطريقته: الشيء الذي يخصه، فمنهج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل: اتباع الكتاب والسنة، وتقديم النصوص، واتهام العقول، والتعويل على النقول، وأما غيرهم من الفرق المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة فهم يعولون على العقول، ويتهمون النقول، فإذاً المنهج: هو الطريقة، ومنهج أهل السنة والجماعة في العقيدة: هو اتباع النقول والتعويل عليها، والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، وأما أصحاب البدع فلهم مناهج أخرى تخصهم، وهم غالباً يتفقون على أن العقول تقدم ويعول عليها، والنقول تتهم، وإذا كان الحديث في العقيدة جاء من طريق فرد أو من طريق آحاد قالوا: ظني الثبوت فلا يعول عليه في العقيدة. وإذا كان النص قطعي الثبوت كأن يكون في القرآن أو يكون في السنة المتواترة قالوا: قطعي الثبوت ولكنه ظني الدلالة؛ لأنهم يعولون على العقول ويتهمون النقول، فكلمة (المنهج) معناها: أن لكل منهم منهجاً، فأهل السنة لهم منهج، وأهل البدع لهم مناهج، ولكل منهج، فإذا أضيف المنهج إلى جماعة معينة يعرف المنهج، فمنهج أهل السنة هو: اتباع النصوص والتعويل على ما كان جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا قيل: منهج الجماعة الفلانية، فمعناه: طريقتهم أنهم يعولون على كذا وكذا في العقيدة، وفي العمل، وفي التعامل مع الناس، وهو منهج وضعوه لأنفسهم، وطريقة وضعوها لأنفسهم، وغالباً -كما قلت- هم أصحاب البدع، والذين هم ليسوا على منهج أهل السنة والجماعة والعقول كما هو معلوم متفاوتة، فبأي عقل يوزن الكتاب والسنة؟! وعند أهل السنة العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح. ولشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب واسع اسمه: درء تعارض العقل والنقل، يعني: هما متفقان، ولكن العقول تابعة للنقول، أما أهل البدع فالنقول عندهم تابعة للعقول، ولهذا يقول بعض أصحاب البدع في عقائدهم: وكل لفظ أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها يعني: هذا هو منهج هؤلاء في عقيدتهم، وعندهم أن كثيراً من الصفات توهم التشبيه؛ لأنهم لو أثبتوها ظنوا أنها لا تثبت إلا على وجه يشابه المخلوقين. فإذاً: كلمة (المنهج) هي كلمة مطلقة، ولكنها تتحدد بالإضافة."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|