عرض مشاركة واحدة
  #492  
قديم 22-02-2025, 07:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصيام
شرح سنن أبي داود [287]
الحلقة (319)





شرح سنن أبي داود [287]

بين النبي صلى الله عليه وسلم أحكام وآداب الصيام سواء كان فرضاً أو تطوعاً، ومن هذه الأحكام تبييت النية من قبل الفجر في صيام الفرض، وإذا نوى من أول النهار في التطوع جاز له ذلك، ومن دعي إلى الوليمة وهو صائم فيفعل ما أرشده إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

ما جاء في صوم يوم وفطر يوم


شرح حديث (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم. حدثنا أحمد بن حنبل و محمد بن عيسى و مسدد ، والإخبار في حديث أحمد قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس ، سمعه من عبد الله بن عمرو قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يفطر يوماً ويصوم يوماً) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في صوم يوم وفطر يوم ]. أي: حكم صيام ذلك، وأن ذلك من الأمور المستحبة، وأنه من صيام التطوع السائغ، حيث يكون الإنسان قادراً على ذلك، أما إذا كان يشق عليه فإنه يأتي بما أمكنه الإتيان به دون ذلك، وإذا أتى بثلاثة أيام من كل شهر وحافظ عليها كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحسنة بعشرة أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، ويكون ذلك كصيام الدهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وإذا كان يطيق أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا مشقة عليه، ولا يلحق به ضرر، ولا يحصل بذلك تقصير في واجب وفي أمور أخرى مطلوبة منه فيما يتعلق بحق الله وحقوق الناس، فهذا الصيام هو أحب الصيام إلى الله، كما روى ذلك عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود -يعني: صلاة الليل- كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه) يعني: الثلث الذي يسبقه نصف ويعقبه سدس. معناه: الخمس الرابع، والخمس الخامس من السدس الرابع، والسدس الخامس من الأسداس الستة، سدس أخير وسدسان قبله، وثلاثة أسداس في الأول، وهذا فيما يتعلق بصلاة الليل (وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذا أحب الصيام إلى الله، وأن هذه أحب الصلاة إلى الله، وفي هذا إثبات محبة الله عز وجل، وأن الله تعالى متصف بالمحبة، وأن ما يحبه الله يتفاوت، فمنه ما يكون محبوباً، ومنه ما يكون أحب.

تراجم رجال إسناد حديث (أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام الفقيه، المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ و محمد بن عيسى ]. محمد بن عيسى هو الطباع ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ و مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ والإخبار في حديث أحمد ]. يعني: الذي قال: حدثني أو أخبرنا هو عن أحمد ، وأما غيرهم فليس فيه التحديث وإنما هو بـ(عن). [ حدثنا سفيان ]. هو: سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت عمراً ]. هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو بن أوس ]. عمرو بن أوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعه من عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس و عبد الله بن الزبير وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
كيفية معرفة ثلث الليل

وحساب الليل يكون من بعد صلاة العشاء؛ لأنه ينام نصف الليل يعني: بعد صلاة العشاء، فيحسب من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فنصفه يكون نوماً، ثم بعد ذلك يكون ثلثه، ويمكن أن يكون المراد منه الغروب، لكن المقصود أن النصف هو ما بعد صلاة العشاء؛ لأن النوم قبل صلاة العشاء جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهيته، فكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ لأن ذلك يؤدي إلى النوم عن صلاة العشاء. قوله: [ قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمر ]. إما أن المقصود أن الذي صرح بالتحديث هو أحمد والباقون ما قالوا: حدثنا، أو أن المقصود في رواية سفيان عن عمرو بن دينار حيث أنه صرح بالتحديث بقوله: حدثنا عمرو بن دينار ، فيمكن أن يكون المقصود به؛ لأن سفيان مدلس، ولكن معروف أنه لا يدلس إلا عن ثقات، ويمكن أن يكون المقصود به سفيان، أو أن المراد به روايتهم ولكن المقصود بالإخبار أنه عن أحمد الذي هو الأول: التحديث، والتحديث يقال له: إخبار. فوجود كلمة (الإخبار) هنا فيه تصريح بالسماع، وقضية التصريح بالعنعنة لا يؤثر إلا عن المدلس، وأما الذي لا يدلس فعنعنته تكون اتصالاً، ولكن هذا يأتون به من أجل المحافظة على الألفاظ، وبيان من صرح بالتحديث ومن لم يصرح بالتحديث.

ما جاء في صوم الثلاث من كل شهر



شرح حديث (كان رسول الله يأمرنا أن نصوم البيض)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم الثلاث من كل شهر. حدثنا محمد بن كثير حدثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن ملحان القيسي عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر) ]. أورد أبو داود باب صيام الثلاث من كل شهر، وقد ورد في صيامها وفي الوصية بها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها: حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام). وحديث أبي الدرداء في صحيح مسلم : (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد) وجاءت أحاديث تبين هذه الثلاث وتحددها، وتبين كيف يؤتى بها، فمما جاء في ذلك أنها تصام في أيام البيض، وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، التي هي في منتصف الشهر، والتي هي ليالي الإبدار، ويقال لها: البيض؛ لأن الليل يكون فيها منيراً مضيئاً. قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض) ]. قوله: [ (ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر) ]. هذا تحديد وتعيين للأيام البيض، قوله: [ (هن كهيئة الدهر)] يعني: صيام هذه الثلاثة الأيام سواء جعلت في نصف الشهر أو جعلت في أي يوم من الشهر في أوله أو في آخره أو في وسطه، أو بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، كل ذلك يعتبر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهو كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام فكأنه صام الدهر؛ لأن اليوم بعشرة أيام.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يأمرنا أن نصوم البيض)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. هو همام بن يحيى العودي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس أخي محمد ]. هو أنس بن سيرين أخو محمد بن سيرين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن ملحان القيسي ]. ابن ملحان القيسي هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. وهو قتادة بن ملحان رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة .

شرح حديث (كان رسول الله يصوم -يعني من غرة كل شهر- ثلاثة أيام)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا أبو داود حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم -يعني: من غرة كل شهر- ثلاثة أيام) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من غرة كل شهر، يعني: من أوله ثلاثة أيام، وهذا فيه بيان أن الثلاثة الأيام من كل شهر ليست ثابتة مستقرة في وقت معين، بل جاء ما يدل على صيامها في أول الشهر، أو في وسط الشهر الذي هو الأيام البيض، وجاء أنها تكون في الإثنين والخميس، يعني: إثنين وإثنين وخميس أو خميس وخميس وإثنين، فجاء صيامها على أوجه مختلفة، وجاء أنه ما كان يبالي من أي الشهر كان يصوم الثلاثة الأيام من كل شهر، فهذا يدلنا على أن الأمر فيها واسع، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وجوه متنوعة، ولكن كون الإنسان يحرص على أن تكون هي أيام البيض فهو أولى، حتى يحافظ عليها ولا ينساها، لأنه إذا لم يجعل لها وقتاً محدداً قد يتشاغل عنها، وقد يخرج الشهر وهو ما أتى بها، لكن إذا جعلها في الأيام البيض فإنه يتعاهدها ويتحراها، وإذا صامها من أول الشهر كما في هذا الحديث فيكون قد بادر.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصوم -يعني من غرة كل شهر- ثلاثة أيام)

قوله: [ حدثنا أبو كامل ]. هو أبو كامل الجحدري ، وهو فضيل بن حسين ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبو داود ]. أبو داود هو: سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا شيبان ]. شيبان هو ابن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم ]. هو عاصم بن أبي النجود، وهو ابن بهدلة ، وهو صدوق له أوهام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة، أي: أنه روي عنه وعن غيره. [ عن زر ]. هو زر بن حبيش ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

من قال الإثنين والخميس


شرح حديث (كان رسول الله يصوم ثلاثة أيام من الشهر الإثنين والخميس)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال: الإثنين والخميس. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن سواء الخزاعي عن حفصة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم ثلاثة أيام من الشهر: الإثنين والخميس، والإثنين من الجمعة الأخرى) ]. أورد أبو داود باب من قال: الإثنين والخميس، يعني: أن الثلاثة الأيام من كل شهر تكون إثنين وخميس وإثنين. فقوله: [ (الإثنين والخميس والإثنين من الجمعة الأخرى) ]. معناه: أنه يأتي بها في أسبوعين، أسبوع فيه إثنين وخميس، والأسبوع الثاني يصير فيه الإثنين، فيكون الإثنين جاء مرتين، وبينهما خميس، فيكون الإثنين والخميس من الأسبوع، ثم الإثنين في الأسبوع الثاني، فيكون بذلك قد جمع بين أمرين: صام ثلاثة أيام من كل شهر، واختار اليومين المفضلين اللذين تعرض فيهما الأعمال على الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يصوم ثلاثة أيام من الشهر الإثنين والخميس)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن . [ عن عاصم بن بهدلة ]. عاصم بن بهدلة مر ذكره. [ عن سواء الخزاعي ]. سواء الخزاعي مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن حفصة ]. حفصة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة: (كان رسول الله يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الحسن بن عبيد الله عن هنيدة الخزاعي عن أمه قالت: (دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فسألتها عن الصيام، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الإثنين والخميس) ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها (أنها سألتها أم هنيدة بن خالد عن الصيام فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أولها الإثنين والخميس) . أولها الإثنين والخميس، يعني: إما أن تكون أولها الإثنين ثم الخميس ثم الإثنين، أو أن أولها الخميس، بمعنى: أنه يبدأ بواحد من هذه الأيام التي ترفع فيها الأعمال إلى الله عز وجل وهي: الإثنين والخميس.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (كان رسول الله يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر)


قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. زهير بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الحسن بن عبيد الله ]. الحسن بن عبيد الله ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن هنيدة الخزاعي ]. هو هنيدة بن خالد الخزاعي ، وهو معدود في الصحابة، وحديثه أخرجه أبو داود و النسائي . [ عن أمه ]. وهي صحابية، أخرج لها أبو داود و النسائي . [ عن أم سلمة ]. وهي هند بنت أبي أمية رضي الله عنها، وهي أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

من قال لا يبالي من أي الشهر



شرح حديث (ما كان رسول الله يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال: لا يبالي من أي الشهر. حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن يزيد الرشك عن معاذة قالت: (قلت لعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت: من أي شهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم) ]. أورد أبو داود باب من قال: لا يبالي من أي الشهر. يعني: الثلاثة الأيام لا يبالي من أي أيام الشهر سواء صامها من أوله أو وسطه أو آخره، فليس لها مكان معين، ووقت معين، ويجوز أيضاً أن تكون مجتمعة، وأن تكون متفرقة، فأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن معاذة العدوية سألتها: (أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. قلت: من أي شهر كان يصوم؟ قالت: لا يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم). يعني: أحياناً يصوم من أوله، وأحياناً من وسطه، وأحياناً من آخره، وليس هناك تقييد وتحديد، ولكنه جاء عنه كما عرف أنه كان في أول الشهر، وجاء عنه في وسط الشهر، وهذا يدل على أن هذه من الأمور السائغة.

تراجم رجال إسناد حديث (ما كان رسول الله يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث ]. عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد الرشك ]. هو يزيد بن أبي يزيد الرشك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاذة ]. هي معاذة العدوية ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الاختلاف في صيام ثلاثة أيام من كل شهر اختلاف تنوع لا تضاد


والكلام هنا عن الثلاثة الأيام من كل شهر فلا يظهر أنها غير الأيام البيض بحيث يكون المجموع في الشهر ستة أيام، وإنما المقصود أن الثلاثة الأيام أحياناً تكون البيض، وأحياناً تكون في أول الشهر، وأحياناً تكون في الآخر، وأحياناً يكون بعضها في الأول وبعضها في الآخر، فلا يقال: إنها ستة أيام؛ لأنها كلها ثلاثة، لكن هذه الثلاثة أين مكانها؟ جاء أن لها مكاناً، وجاء أنها مطلقة.

النية في الصيام


شرح حديث (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النية في الصيام. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثني ابن لهيعة و يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) ]. أورد أبو داود رحمه الله النية في الصيام، والنية في الصيام تكون للفرض، ولما هو واجب، ولما هو تطوع، والفرض يدخل فيه رمضان، أو قضاء رمضان، أو النذر، أو الكفارة، فكل هذه لا بد أن تكون النية فيها موجودة قبل الفجر، وأن يدخل في الصيام من أوله وقد نواه، وأن تكون جميع أجزاء النهار قد وجدت فيها النية من أول الصيام إلى آخره، هذا بالنسبة للفرض، أما بالنسبة للنفل فإنه يجوز أن يؤتى بالنية من وسط النهار أو من أثناء النهار بحيث أنه يقوم من نومه ما كان يريد صياماً ثم بعد ذلك يريد أن يصوم، فله أن ينوي، وتنعطف النية على النهار كله؛ لأنه لم يأكل، وهذا خاص في النافلة، وقد جاء في ذلك بعض الأحاديث كما سيأتي، وكذلك للإنسان بالنسبة للنفل أن يقطعه إذا بداله ذلك، وإن كان الأولى له أن يكمل الصيام، لكن إذا احتاج أن يقطعه له أن يقطعه. قوله: [ (من لم يجمع الصيام قبل الفجر) ]. أي: يعزم على أن يصوم، وأن يكون ذلك قبل طلوع الفجر. قوله: [ (فلا صيام له) ] بمعنى: أنه لو لم يبلغه دخول الشهر إلا في النهار فعليه أن يمسك بقية النهار وعليه القضاء، وإذا كان الخبر جاءه قبل طلوع الفجر، فإنه ينوي من حين طلوع الفجر، ولهذا فالفرض لابد فيه من وجود النية في جميع أجزاء الصيام من أوله إلى آخره، فلا يصلح أن تأتي في أثنائه فتنوي الصيام، بل لابد أن تكون موجودة من أوله، فمن لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له، يعني: فلا يصح صومه، وهذا إنما هو محمول على الفرض؛ لأن النفل قد جاء ما يدل على أنه يمكن أن يكون بنية من النهار. وأما رمضان فالإنسان يأتي بالنية من أول ما يدخل الشهر، فينوي أنه صائم جميع أيام الشهر، وفي كل يوم ينوي لذلك اليوم عندما يتسحر لذلك اليوم، ولهذا قال بعض أهل العلم: إنه ينوي من أول الشهر، وأيضاً يجدد النية كل يوم، وبعضهم قال: إنه يكفي لذلك نية من أول الشهر وإن لم يجددها في كل يوم، ولكن كونه يأتي بها وينوي أنه سيصوم رمضان الذي أمامه، وفي كل ليلة أيضاً ينوي أنه يصوم تلك الليلة، لكن لو أن إنساناً نام بعد صلاة العصر ولم يستيقظ إلا بعد الفجر من اليوم الثاني فهل يقال: إنه لا صيام له؛ لأنه ما نوى من الليل؟ الذي يظهر أن صيامه صحيح؛ لأنه موجود عنده العزم على أنه يصوم، وكونه نام ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فإنه يواصل ويكون بذلك صام هذا اليوم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]