تراجم رجال إسناد حديث (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. عبد الله بن وهب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق، احترقت كتبه فتغير حفظه، ورواية العبادلة الأربعة هي أعدل من غيرها، والعبادلة الأربعة هم: عبد الله بن لهيعة و عبد الله بن مسلمة و عبد الله بن يزيد المقري و عبد الله بن المبارك ، وأيضاً قتيبة بن سعيد ، فهؤلاء ممن رووا عنه قبل احتراق كتبه، فتكون روايتهم معتبرة، وهذه الرواية عبد الله بن وهب ، وهو أحد الأربعة عن عبد الله بن لهيعة . أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ و يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب هنا مقرون معه وليس منفرداً، وهو يحيى بن أيوب المصري ، وهو ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ]. عبد الله بن أبي بكر بن حزم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن عبد الله ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره. [ عن حفصة ]. أخته حفصة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) موقوفاً وتراجم رجاله
[ قال أبو داود : رواه الليث و إسحاق بن حازم أيضاً جميعاً عن عبد الله بن أبي بكر مثله، ووقفه على حفصة معمر و الزبيدي و ابن عيينة و يونس الأيلي كلهم عن الزهري ]. ذكر أبو داود أن جماعة وافقوا يحيى بن أيوب و ابن لهيعة في الرواية عن الزهري . قوله: [ رواه الليث ]. هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و إسحاق بن حازم ]. إسحاق بن حازم صدوق، أخرج له ابن ماجة . [ عن عبد الله بن أبي بكر مثله ]. يعني: مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ ووقفه على حفصة معمر ]. معمر بن راشد الأسدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و الزبيدي ]. هو: محمد بن الوليد الزبيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و ابن عيينة و يونس الأيلي ]. ابن عيينة هو سفيان بن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و يونس الأيلي هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ كلهم عن الزهري ]. والرفع مقدم على الوقف.
ما جاء في الرخصة في أن يصوم الرجل دون أن يجمع الصيام من الليل
شرح حديث عائشة في صيام النبي دون تبييت النية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرخصة في ذلك. حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع جميعاً عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل علي قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا قال: إني صائم. زاد وكيع : فدخل علينا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس فحبسناه لك، فقال: أدنيه. قال طلحة : فأصبح صائماً وأفطر) ]. أورد أبو داود باباً في الرخصة في ذلك. يعني: في كونه لا يبيت النية من الليل، وإنما يعقدها من النهار، وهذا إنما هو بالنفل وليس بالفرض، ولكن أيضاً في النفل يستحب أن الإنسان يبيت النية من الليل، لكنه يجوز أن ينوي أثناء النهار، وأما الفرض فلا يجوز له؛ لأنه يجب أن تكون جميع أجزاء النهار قد حصل فيها النية، وعلى هذا فالنية للفرض لابد منها في الليل، وأما النفل والتطوع فيستحب أن يؤتى بها من الليل حتى تكون النية جاءت من أول الصيام ومن أول وقت الصيام، ولكنه يجوز أن ينوي في أثناء النهار، وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها وهو حديث فيه أمران: كونه يصبح غير صائم ثم ينوي الصيام، أو يصبح صائماً تطوعاً ثم يفطر. قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل علي قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا. قال: إني صائم، فدخل علينا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله! أهدي لنا حيس فحبسناه لك، فقال: أدنيه ) ]. يعني: مرة ثانية جاء إليهم وكانوا يعرفون سؤاله عن الطعام فقالوا: إنه أهدي لنا حيس، والحيس هو الطعام الذي يجمع أموراً ثلاثة: التمر والأقط والسمن، وقد يكون بدل الأقط الدقيق فقال: أدنيه يعني: قربيه، فأكل منه. قوله: [ قال طلحة : فأصبح صائماً وأفطر ]. يعني: أن التطوع للإنسان أن يفطر في أثنائه، وله أن ينويه من أثناء النهار، فهذا سائغ وهذا سائغ.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة في صيام النبي دون تبييت النية
قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي، وقد مر ذكره. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره . [ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي و النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طلحة بن يحيى ]. هو طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عائشة بنت طلحة ]. هي عائشة بنت طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه، أبوها أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها وقد مر ذكرها.
شرح حديث (...فلا يضرك إن كان تطوعاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ قالت: (لما كان يوم الفتح: فتح مكة جاءت فاطمة رضي الله عنها فجلست عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، و أم هانئ عن يمينه، قالت: فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه، ثم ناوله أم هانئ فشربت منه، فقالت: يا رسول الله! لقد أفطرت وكنت صائمة، فقال لها: أكنت تقضين شيئاً؟ قالت: لا قال: فلا يضرك إن كان تطوعاً) ]. أورد أبو داود حديث أم هانئ رضي الله عنها: (أنه في عام الفتح كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً، و فاطمة على يمينه، و أم هانئ على يساره، فجاءت الوليدة -وهي الأمة- بإناء فيه شراب فناولته النبي صلى الله عليه وسلم فشرب منه، فناول أم هانئ فشربت، ثم قالت له: إني أفطرت وكنت صائمة فقال: أكنت تقضين شيئاً؟) معناه: إن كنت تقضين شيئاً فأنت تقضينه بدل هذا اليوم؛ لأن القضاء لابد منه، وأما التطوع فإنه لا يلزم قضاؤه، فلما قالت: إنها لا تقضي قال: (لا يضرك إذا كان صومك تطوعاً) معناه: أنه لا يؤثر ولا يحتاج إلى قضاء.
تراجم رجال إسناد حديث (.. فلا يضرك إن كان تطوعاً)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره، وجرير بن عبد الحميد الضبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن أبي زياد ]. يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن الحارث ]. عبد الله بن الحارث له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم هانئ ]. أم هانئ وهي أبي طالب أخت علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه يزيد بن أبي زياد ، ولكن الألباني صححه، ويمكن أن يكون ذلك لشواهده، ومن شواهده الحديث الذي سبق أن مر للرسول صلى الله عليه وسلم.
من رأى القضاء على من أفطر من صوم النفل
شرح حديث (.. لا عليكما، صوما مكانه يوماً آخر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من رأى عليه القضاء. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني حيوة بن شريح عن ابن الهاد عن زميل مولى عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت (أهدي لي ولحفصة طعام، وكنا صائمتين فأفطرنا، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا له: يا رسول الله! إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عليكما صوما مكانه يوماً آخر) ]. أورد أبو داود باب من رأى عليه القضاء. يعني: إذا كان تطوعاً، وأما إذا كان فرضاً أو واجباً وأفطر فإنه لابد من القضاء، ولا إشكال في ذلك، وإنما الكلام في التطوع. أورد أبو داود حديث حفصة و عائشة أنه أهدي لهما هدية وكانتا صائمتين، فاشتهتا أن تأكلا تلك الهدية فأكلتا منها، فأخبرتا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لا عليكما -يعني: لا يضركما- صوما مكانه يوماً آخر). وهذا يفيد أنه إذا كان تطوعاً أنه يقضى، لكن الحديث غير صحيح؛ لأن فيه زميلاً وهو مجهول، فلا يثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا يكون القضاء غير متعين، كما دل عليه الحديث الذي مر.
تراجم رجال إسناد حديث (لا عليكما، صوما مكانه يوماً آخر)
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني حيوة بن شريح ]. أحمد بن صالح و عبد الله بن وهب مر ذكرهما، وحيوة بن شريح المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن الهاد ]. ابن الهاد هو يزيد بن عبد الله بن الهاد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زميل مولى عروة ]. زميل مولى عروة مجهول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عروة بن الزبير ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.
المرأة تصوم بغير إذن زوجها
شرح حديث (لا تصوم امرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها. حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تصوم امرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه غير رمضان، ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه) ]. أورد أبو داود باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها، يعني: ليس لها أن تصوم التطوع بغير إذن زوجها، وأما بالنسبة للفرض والشيء الواجب فإن عليها أن تخبره وأن تستأذنه، وإذا طلب منها أن تؤخر فلها أن تؤخر، وقد مر أن عائشة رضي الله عنها كان يكون عليها الصوم من رمضان فلا تتمكن من قضائه إلا في شعبان، وذلك لمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والترجمة معقودة في صيام المرأة بغير إذن زوجها ويعان أنه ليس لها ذلك، وهذا باتفاق العلماء، فليس لها أن تتطوع إلا بإذن زوجها، وأما إذا كان فرضاً فلها أن تؤخر، ولكن القضاء متحتم عليها ولازم لها، كما مر في فعل عائشة رضي الله عنها، وأنها كانت تقضي قضاءها في شهر شعبان بعد أن يكون مضى عليها قرب انتهاء السنة. وأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه..). قوله: [ (غير رمضان) ]. يعني: رمضان هنا لا يحتاج إلى استئذان، وكذلك أيضاً الفرض لابد أن تصومه ولكن عليها أن تستأذنه، فذكر (غير رمضان) هذه فيها كلام؛ لأن رمضان كل الناس يصومونه، يعني: الزوج والناس كلهم لا يترك أحد منهم الصيام، قال تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185] فمن كان حاضراً وهو مستطيع فإن عليه الصيام، ولا يعذر في الفطر، إلا من كان معذوراً بعذر شرعي جاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كالمريض والمسافر وغيره. قوله: [ (ولا تأذن في بيت زوجها وزوجها شاهد إلا بإذنه) ] يعني: لا تأذن بالدخول في بيت زوجها إلا بإذنه، فتستأذنه في دخول من يدخل عليها، وإذا كان هناك إذن عام ومتواطأ ومتفق عليه فلها أن تنفذ ذلك، بحيث لا يلزم أنها تستأذن في كل شيء وفي كل حالة وفي كل مرة، وإنما يكفي أن يكون هناك اتفاق بينها وبينه على الإذن وتعيين من يؤذن له. وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا من صحيفة همام بن منبه والمشتملة على مقدار مائة وخمسين حديثاً كلها بإسناد واحد، ويفصل بين كل حديث وحديث جملة: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم). والإمام مسلم رحمة الله عليه له طريقة في سرد أحاديث هذه الصحيفة، ولغيره من الأئمة طرق أخرى ليست مثل طريقة مسلم رحمه الله، فأبو داود و البخاري وغيرهما يروون أي حديث من الصحيفة ويأتون بالإسناد الذي في أولها، ثم يأتون بالحديث الذي يريده بعد الإسناد، وكأن الحديث بعد الإسناد، أما مسلم رحمه الله فإنه إذا ساق الإسناد يقول: عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، وهذا فيه إشارة إلى الأحاديث المتقدمة التي هي تابعة للإسناد، والتي تلي الإسناد، وهذه دقة وعناية، أما أبو داود فكما رأينا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، و البخاري كذلك يأتي بمثل هذه الطريقة، وكذلك النسائي وغيره، أما مسلم فعنده دقة وعناية في المحافظة على الألفاظ، وتبيين من يكون له اللفظ، وكيفية لفظه، وما إلى ذلك، وهذه ميزة لمسلم رحمه الله لا توجد عند غيره، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب: حصل للإمام مسلم في صحيحه حظ عظيم مفرط ما حصل لأحد غيره في المحافظة على الألفاظ وسياقها، وكذلك الأسانيد وبيان من هو لفظه.
تراجم رجال إسناد حديث (لا تصوم امرأة وزوجها شاهد إلا بإذنه)
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معمر عن همام بن منبه ]. معمر مر ذكره، و همام بن منبه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنه أبا هريرة ]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، وقد مر ذكره.
شرح حديث: (لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: (جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله! إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، قال: و صفوان عنده قال: فسأله عما قالت فقال: يا رسول الله! أما قولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ بسورتين وقد نهيتها، قال: فقال: لو كانت سورة واحدة لكفت الناس، وأما قولها: يفطرني، فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ: لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها، وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذاك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: فإذا استيقظت فصل) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن امرأة صفوان المعطل جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي صفوان بن المعطل يضربني إذا صليت، ويفطرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس). وكان صفوان عنده، فسأله عن هذه الدعوى التي ادعت عليه ما جوابه عنها؟ فقال: (أما قولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ بسورتين طويلتين) يعني: هي تتشاغل عنه بالصلاة، وهو يريدها للاستمتاع بها فقال: (لو كانت سورة واحدة لكفت الناس) وهذا فيه إشارة إلى سورة الفاتحة، وأن أي إنسان مصلٍ يأتي بسورة الفاتحة فإنه يكون قد أدى ما عليه، وحصل منه ما هو لازم، ولكن يستحب قراءة سورة معها، وكونه يقرأ سورة طويلة أو سورتين طويلتين ويوجد من هو بحاجة إليه أو ينتظره، فإن هذا هو الذي كان يدفع صفوان بن معطل إلى ضرب امرأته. قوله: [ (وأما قولها: يفطرني، فإنها تنطلق فتصوم وأنا رجل شاب، فلا أصبر) ]. يعني: تصوم تطوعاً، وهو رجل شاب لا يصير ويريدها لنفسه. قوله: [ (فقال صلى الله عليه وسلم يومئذ: لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها) ]. هذا هو محل الشاهد في الترجمة: أنها لا تصوم إلا بإذن زوجها. قوله: [ (وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذلك، لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: فإذا استيقظت فصل) ]. قيل: إنهم كانوا يشتغلون بالليل فيصيرون كالمغمى عليه، وأنه ليس هناك من يوقظه، ومن يكون كذلك فإنه يصلي حينما يستيقظ، لكن على الإنسان أن يأخذ بالاحتياطات فيكون هناك من يوقظه.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. هو أبو صالح السمان واسمه ذكوان ، ولقبه: السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد ]. هو أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : رواه حماد -يعني ابن سلمة - عن حميد أو ثابت عن أبي المتوكل ]. ثم ذكر أبو داود هذه المتابعة فقال: رواه حماد بن سلمة عن حميد، وهو حميد بن أبي حميد الطويل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أو ثابت البناني ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المتوكل ]. هو أبو المتوكل الناجي ، وهو علي بن داود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في الصائم يدعى إلى الوليمة
شرح حديث (إذا دعي أحدكم فليجب)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصائم يدعى إلى الوليمة. حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا أبو خالد عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل) قال هشام : والصلاة الدعاء. قال أبو داود : رواه حفص بن غياث أيضاً عن هشام ]. أورد أبو داود باباً في الصائم يدعى إلى وليمة. يعني: الصائم إذا دعي إلى وليمة ماذا يصنع؟ أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم فليجب..). أي: إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجب. قوله: [ (فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل) ]. أي: إن كان مفطراً فليأكل، وإن كان صائماً فليدع للداعي ولصاحب الوليمة، وهذا فيه تطييب للنفس، وتأنيس له بكونه صائماً ويأتي لإجابة الدعوة، وبعض أهل العلم يقول: إنه إذا كان يترتب عليه غضب الشخص أو عدم ارتياحه وطمأنينته فإنه ينبغي له أن يفطر، وإن كان لا يحصل منه شيء من ذلك فيكفي أن يدعو لمن دعاه.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا دعي أحدكم فليجب)
قوله: [ حدثنا عبد الله بن سعيد ]. هو عبد الله بن سعيد الأشج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو خالد ]. هو أبو خالد الأحمر ، وهو سليمان بن حيان ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام ]. هو هشام بن حسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن سيرين ]. ابن سيرين هو محمد بن سيرين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره. [ قال أبو داود : رواه حفص بن غياث أيضاً عن هشام ]. حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و هشام هو: ابن حسان .
ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام
شرح حديث (إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام. حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل: إني صائم) ]. قال أبو داود : [باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام]. وأورد حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل: إني صائم) يعني: يعتذر عن ذلك بقوله: إني صائم، فيعتذر عن الحضور أو يعتذر عن الأكل، ولكنه إذا حضر أو لم يحضر فله أن يدعو له، فإن وجد من الداعي ارتياحاً إلى اعتذاره لكونه صائماً فله ألا يحضر، وإن كان الداعي يرغب في أن يحضر ولو لم يأكل فليحضر وليدع له، وإن كان يعلم أنه يحصل من الداعي وحشة وعدم ارتياح فيفطر إذا كان ذلك نفلاً. قوله: [(إني صائم)] هذا فيه دليل على أن إخبار الإنسان عن عمله إذا كان المقصود به الاعتذار لا بأس به، يعني: حين يبين السبب في كونه لا يحضر أو كونه لا يأكل، وكذلك إذا كان الإخبار بالعمل سيترتب عليه اقتداء به فإن ذلك أيضاً إظهاره طيب، ومن ذلك قصة الرجل الذي تصدق بصرة كبيرة وتبعه الناس، وعندها قال عليه الصلاة والسلام: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها). فإذا كان يترتب على إظهار الشيء مصلحة أو كان من أجل الاعتذار فإنه لا بأس به، وإلا فإن الأولى الإخفاء، ولا يكون الإظهار إلا عند الحاجة.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم)
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن أبي الزناد ]. مسدد و سفيان مر ذكرهما، وأبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني ، وهيو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.
الأسئلة
حكم من أفطر من صوم واجب
السؤال: إذا كان الإنسان يصوم صوماً واجباً غير الفرض كنذر أو كفارة أو قضاء فهل له أن يفطر؟
الجواب: لا. ما ينبغي له أن يفطر، لكنه إن أفطر فيجب عليه قضاؤه، وأما التطوع إذا أفطر فلا يجب عليه قضاؤه.
حكم من نوى الصيام في آخر النهار
السؤال: النية في النهار هل لها وقت محدد؟
الجواب: لا أعلم، لكن يبدو أنه ينوي حيث يكون أكثر النهار، أما أن يكون الشخص ينام حتى إذا كان عند المساء استيقظ وقال: أنا صائم لا يصح؛ لأنه ما بقي إلا ساعة أو قريب من ساعة، فيبدو أنه لا يصح إلا إذا بقي شيء كبير من اليوم."