عرض مشاركة واحدة
  #516  
قديم 25-02-2025, 03:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,147
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الصافات
المجلد الرابع عشر
صـ 5031 الى صـ 5040
الحلقة (516)






القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 11]
فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب (11)
فاستفتهم أي فاستخبر مشركي مكة أهم أشد خلقا أي أقوى خلقة
وأمتن بنية أم من خلقنا أي من السموات والأرض والجبال. كقوله تعالى: أأنتم أشد خلقا أم السماء [النازعات: 27] الآية، وقوله لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [غافر: 57] ، وفي اضطرارهم إلى الجواب بصغر خلقهم وتضاؤله عما ذكر، اعتراف بأنه لا يتعالى عليه أمر بعد هذا. كشأن البعث وغيره.
وإليه الإشارة بقوله تعالى: إنا خلقناهم من طين لازب أي لزج ضعيف لا قوة فيه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 12]
بل عجبت ويسخرون (12)
بل عجبت أي من إنكارهم للبعث بعد اضطرارهم للاعتراف بما يحققه ويسخرون أي من تقرير أمر البعث والاحتجاج عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 13]
وإذا ذكروا لا يذكرون (13)
وإذا ذكروا أي بما يؤيده، أو وعظوا وخوفوا من المخالفة لا يذكرون أي ما يقتضيه؟ لتعنتهم وعنادهم. أو لا يخافون ولا يتعظون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 14]
وإذا رأوا آية يستسخرون (14)
وإذا رأوا آية أي برهانا واحتجاجا على مصداقه، من آيات الكائنات في أنفسهم أو في الآفاق يستسخرون أي يبالغون في السخرية، بدل الاعتبار والتدبر والتفكر.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 15]
وقالوا إن هذا إلا سحر مبين (15)
وقالوا إن هذا أي ادعاء ما ذكر، والاستدلال عليه والصدع بشأنه، والقراع فيه إلا سحر مبين.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 16 الى 18]
أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون (16) أوآباؤنا الأولون (17) قل نعم وأنتم داخرون (18)
أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أوآباؤنا الأولون قل أي تبكيتا لهم.
نعم أي تبعثون وأنتم داخرون أي ذليلون، لا جدل منكم يدفعه ولا قدرة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 19]
فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون (19)
فإنما هي أي البعثة زجرة واحدة أي صيحة واحدة فإذا هم ينظرون أي قيام من مراقدهم أحياء، أولو قوة مدركة، بها يبصرون. أو ينتظرون ما يفعل بهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 20]
وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين (20)
وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين أي الجزاء.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 21 الى 22]
هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون (21) احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون (22)
هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون احشروا الذين ظلموا أي أنفسهم بالكفر والمعاصي والسعي بالفساد وأزواجهم أي وأشباههم من الفجرة. أو نساءهم الكافرات وما كانوا يعبدون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 23]
من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم (23)
من دون الله أي من الأصنام وغيرها، زيادة في تحسيرهم وتخجيلهم فاهدوهم إلى صراط الجحيم أي فعرفوهم طريقها ليسلكوها. والتعبير ب (الهداية) و (الصراط) للتهكم بهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 24]
وقفوهم إنهم مسؤلون (24)
وقفوهم أي احبسوهم في الموقف إنهم مسؤلون أي عن عقائدهم وأعمالهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 25]
ما لكم لا تناصرون (25)
ما لكم لا تناصرون أي لا ينصر بعضكم بعضا، وقد كان شأنكم التعاضد في الحياة الأولى، وهو توبيخ لهم وتقريع.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 26]
بل هم اليوم مستسلمون (26)
بل هم اليوم مستسلمون أي منقادون مخذولون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 27 الى 28]
وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (27) قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين (28)
وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين أي عن القهر والغلبة. أي كنتم تضطرونا إلى ما تدعونا إليه. كما في آية وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا [سبأ: 33] ، وقيل عن الحلف والقسم. وقيل عن جهة الخير وناحية الحق.
من (اليمن) ضد الشؤم. أي توهمونا وتخدعونا أن ما أنتم عليه أمر ميمون فيه الخير والفوز فأين مصداقه وقد نزل ما نزل؟
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 29 الى 35]
قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (29) وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين (30) فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون (31) فأغويناكم إنا كنا غاوين (32) فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون (33)
إنا كذلك نفعل بالمجرمين (34) إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون (35)
قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون فأغويناكم إنا كنا غاوين فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون أي عن الاستجابة للداعي إليها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 36]
ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون (36)
ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون أي لقول من يقول بالمقدمات الخيالية عن الجنون. فرد عليهم بأنه لم يأت بكلام مخيل.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 37]
بل جاء بالحق وصدق المرسلين (37)
بل جاء بالحق وصدق المرسلين أي الذين هم أعقل الأمم وأحكم الحكماء.
فمتى يتفقون على قول مصدره الجنون؟
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 38 الى 44]
إنكم لذائقوا العذاب الأليم (38) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (39) إلا عباد الله المخلصين (40) أولئك لهم رزق معلوم (41) فواكه وهم مكرمون (42)
في جنات النعيم (43) على سرر متقابلين (44)
إنكم أي بافترائكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم على سرر متقابلين أي في الصف مترائين، لا يحجب بعضهم عن بعض، ولا يتفاضلون في المقاعد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 45]
يطاف عليهم بكأس من معين (45)
يطاف عليهم بكأس من معين أي شراب معين، جار كالنهر لا ينقطع.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 46 الى 47]
بيضاء لذة للشاربين (46) لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون (47)
بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول أي ما يغتال العقل، ولا فساد من فساد خمر الدنيا ولا هم عنها ينزفون أي تذهب عقولهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 48 الى 49]
وعندهم قاصرات الطرف عين (48) كأنهن بيض مكنون (49)
وعندهم قاصرات الطرف أي على أزواجهن أو مبيضاته تشبيها بالثوب المقصور، وهو المحور. عين أي كبار الأعين كأنهن بيض مكنون أي بيض نعام في الصفاء، مستور لم يركب عليه غبار.
قال الشهاب: وهذا على عادة العرب في تشبيه النساء بها. وخصت ببيض النعام، لصفائه وكونه أحسن منظرا من سائره. ولأنها تبيض في الفلاة وتبعد ببيضها عن أن يمس. ولذا قالت العرب للنساء (بيضات الخدور) ولأن بياضه يشوبه قليل صفرة مع لمعان، كما في الدر. وهو لون محمود جدا. إذ البياض الصرف غير محمود. وإنما يحمد إذا شابه قليل حمرة في الرجال، وصفرة في النساء. انتهى.
وحكى ابن جرير عن ابن عباس أنه عنى بالبيض المكنون (اللؤلؤ) .
ثم قال: والعرب تقول لكل مصون (مكنون) لؤلؤا كان أو غيره. كما قال أبو دهبل:
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 50]
فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (50)
فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون معطوف على (يطاف) والمعنى، يشربون فيتحادثون على الشراب، كعادة أهل الشرب، عما جرى لهم وعليهم.
وقال القاشاني: أي يتحادثون أحاديث أهل الجنة والنار، ومذاكرة أحوال السعداء والأشقياء، مطلعين على كلا الفريقين وما هم فيه من الثواب والعقاب، كما ذكر في وصف أهل الأعراف.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 51 الى 53]
قال قائل منهم إني كان لي قرين (51) يقول أإنك لمن المصدقين (52) أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون (53)
قال قائل منهم أي في المحادثة إني كان لي قرين أي جليس في الدنيا
يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون أي لمبعوثون فمجزيون. أي يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب. والمعنى: فهنا قد صدقنا ربنا وعده، وأحل بالقرين وعيده. كما أشار بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 54]
قال هل أنتم مطلعون (54)
قال أي ذلك القائل هل أنتم مطلعون أي إلى أهل النار من كوى الجنة ومطالها، لأريكم ذلك القرين.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 55 الى 57]
فاطلع فرآه في سواء الجحيم (55) قال تالله إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين (57)
فاطلع فرآه في سواء الجحيم أي وسطه قال تالله إن كدت لتردين أي لتهلكني بالإغواء ولولا نعمة ربي أي بالهداية واللطف بي لكنت من المحضرين أي معك في النار. وقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 58 الى 59]
أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين (59)
أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين من تتمة كلامه لقرينه، تقريعا له. أو معاودة إلى محادثة جلسائه، تحدثا بنعمة الله تعالى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 60 الى 61]
إن هذا لهو الفوز العظيم (60) لمثل هذا فليعمل العاملون (61)
إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون أي لنيل مثله، فليجد المجدون.
ولما وصف ملاذ أهل الجنة، تأثره بمطاعم أهل النار، بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 62]
أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم (62)
أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم وهي شجرة كريهة المنظر والطعم، كما ستذكر صفتها.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]