عرض مشاركة واحدة
  #534  
قديم 25-02-2025, 07:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,525
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الشورى
المجلد الرابع عشر
صـ 5211 الى صـ 5220
الحلقة (534)








القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : الآيات 39 الى 41]
ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير (39) إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير (40) إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز (41)
ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة أي ساكنة لا حركة لعشب فيها ولا نبات ولا زرع فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت أي اهتزت بالنبات وتحركت بزينته، وربت بارتفاعه على سطحها، أي صارت ربوة مرتفعة إن الذي أحياها أي هذه الأرض الدارسة، فأخرج منها النبات، وجعلها تهتز بالزرع من بعد يبسها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير إن الذين يلحدون في آياتنا أي يميلون عن حججنا وأدلتنا، ويزيغون عنها تكذيبا لها وجحودا لها لا يخفون علينا أي لإحاطة علمه بهم، وكونه بالمرصاد لهم، فسيجزيهم.
تنبيه:
شملت الآية من يضع الكلام في الآيات على غير مواضعه، كما فسرها ابن عباس. قال في (الإكليل) : ففيها الرد على من تعاطى تفسير القرآن بما لا يدل عليه
جوهر اللفظ، كما يفعله الباطنية والاتحادية والملاحدة وغلاة المتصوفة أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير إن الذين كفروا بالذكر أي بهذا القرآن لما جاءهم أي فهم هالكون. فالخبر محذوف. أو الجملة بدل من جملة إن الذين يلحدون في آياتنا وإنه لكتاب عزيز أي منيع محمي عن التغيير والتبديل، وعن محاكاته بنظير.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 42]
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42)
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أي لا يتطرق إليه البطلان من جهة من الجهات.
قال القاشاني: لا من جهة الحق فيبطله بما هو أبلغ منه وأشد إحكاما في كونه حقا وصدقا. ولا من جهة الخلق فيبطلونه بالإلحاد في تأويله، ويغيرونه بالتحريف لكونه ثابتا في اللوح محفوظا من جهة الحق، كما قال إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر: 9] ، وفيه تمثيل لتشبيهه بشخص حمي من جميع جهاته. فلا يمكن أعداءه الوصول إليه لأنه في حصن حصين من حماية الحق المبين. هذا على أن ما بين يديه وما خلفه، كناية عن جميع الجهات. كالصباح والمساء كناية عن الزمان كله. أو المعنى: لا يتطرق إليه باطل في كل ما أخبر عنه من الأخبار الماضية والآتية. والماضية ما بين يديه، والآتية ما خلفه. أو العكس كما مر تنزيل من حكيم حميد قال ابن جرير: أي هو تنزيل من عند ذي حكمة، بتدبير عباده وصرفهم فيما فيه مصالحهم، محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 43]
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43)
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك أي ما يقول لك كفار قومك، إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم، من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب المنزلة.
أي فاصبر كما صبروا إن ربك لذو مغفرة أي لذنوب التائبين إليه من ذنوبهم، بالصفح عنهم وذو عقاب أليم أي لمن أصر على كفره وذنوبه، ومات قبل التوبة منها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 44]
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياتهء أعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44)
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أي بينت أدلته وما فيه، بلسان نعرفه لنفهم ما فيه. قال الزمخشري: كانوا لتعنتهم يقولون: هلا نزل القرآن بلغة العجم؟ فقيل: لو كان كما يقترحون، لم يتركوا الاعتراض والتعنت وقالوا: لولا فصلت آياته؟ أي بينت ولخصت بلسان نفقههء أعجمي وعربي الهمزة همزة الإنكار، يعني: لأنكروا وقالوا: أقرآن أعجمي ورسول عربي؟ أو مرسل إليه عربي؟
والمعنى: إن آيات الله على أي طريقة جاءتهم، وجحدوا فيها متعنتا. لأن القوم غير طالبين للحق. وإنما يتعبون أهواءهم. انتهى.
قال الشهاب: والأعجمي أصله (أعجم) . ومعناه من لا يفهم كلامه للكنة أو لغرابة لغته وزيدت الياء للمبالغة. كما في أحمري. ويطلق على كلامه مجازا. لكنه اشتهر حتى ألحق بالحقيقة. وأما العجمي فالمنسوب إلى العجم. وهم من عدا العرب وقد يخص بأهل فارس ولغتهم العجمية أيضا. فبين الأعجمي والعجمي عموم وخصوص وجهي. انتهى. قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء أي: هو للمؤمنين بالغيب هداية تهديهم إلى الحق، وتبصرهم بالمعرفة. وشفاء يزيل أمراض قلوبهم من الرذائل. كالنفاق والشك، أي تبصرهم بطريق النظر والعمل، فتعلمهم وتزكيهم والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أي لا يسمعونه ولا يفهمونه. بل يشتبه عليهم لاستيلاء الغفلة عليهم، وسد الغشاوات الطبيعية طرق أسماع قلوبهم وأبصارها. فلا ينفذ فيها ولا يتنبهوا بها ولا يتيقظوا أولئك ينادون من مكان بعيد أي مثلهم في عدم قبولهم الحق، واستماعهم له، مثل من يصيح به من مسافة شاطة، لا يسمع من مثلها الصوت، فلا يسمع النداء. وذلك لبعدهم عن منبع النور الى يدرك به الحق ويرى. وانهماكهم في ظلمات الهيولى. قال الشهاب: وجعل النداء من مكان بعيد، تمثيلا لعدم فهمهم وانتفاعهم بما دعوا له. يقال: أنت تنادى من مكان بعيد، أي لا تفهم ما أقول. وقيل: إنه على حقيقته، وإنهم يوم القيامة ينادون كذلك، تفضيحا لهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 45]
ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب (45)
ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه قال ابن جرير: أي فاختلف في العمل بما فيه الذين أوتوه من اليهود. وقال ابن كثير: أي كذب وأوذي، فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولولا كلمة سبقت من ربك وهي العدة بالقيامة وفصل الخصومة حينئذ. أي لولا أنه تعالى قدر الجزاء في الآخرة لقضي بينهم أي بتعجيل العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا [الكهف: 58] ، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر [القمر: 46] ، وإنهم لفي شك منه مريب أي موقع للريب والاضطراب لأنفسهم وأتباعهم، لعمى بصائرهم وتبلد عقولهم. وإلا فالحق أجلى من أن يخفى. وقال ابن كثير: أي وما كان تكذيبهم له عن بصيرة منهم، لما قالوا. بل كانوا شاكين فيما قالوه، غير محققين لشيء كانوا فيه. هكذا وجهه ابن جرير. وهو محتمل. والله أعلم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 46]
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد (46)
من عمل صالحا فلنفسه أي من عمل بطاعة الله، فائتمر لأمره وانتهى عما نهاه، فلنفسه نفعه. لأنه يجازى عليه جزاءه الحسن ومن أساء أي عمل السيئ وعصى فعليها ضره. لأنه جنى على نفسه بذلك، ما أكسبها سخط الله تعالى والعقاب الأليم وو ما ربك بظلام للعبيد أي لا يعاقب أحدا إلا بذنبه، ولا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه، وإرسال الرسول إليه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 47]
إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد (47)
إليه يرد علم الساعة أي لا يعلمها إلا هو. أو المعنى: إذا سئل عنها يقال:
الله عالم بها وما تخرج من ثمرات من أكمامها أي أوعيتها وما تحمل من أنثى ولا
تضع إلا بعلمه
أي مقرونا بعلمه. قال الزمخشري: يعلم عدد أيام الحمل وساعاته وأحواله من الخداج والتمام والذكورة والأنوثة والحسن والقبح وغير ذلك ويوم يناديهم أين شركائي أي الذين كنتم تشركونهم في عبادتي قالوا آذناك ما منا من شهيد أي أعلمناك ما منا من يشهد لهم بالشركة ويقربها الآن. ف شهيد فعيل من الشهادة ونفي الشهادة كناية عن التبرؤ منهم. أو هو منهم إنكار لعبادتها. فيكون كذبا، كقولهم: والله ربنا ما كنا مشركين [الأنعام: 23] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 48]
وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص (48)
وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل أي يعبدون من الأوثان، فلم تنفعهم ولم تدفع عنهم شيئا وظنوا ما لهم من محيص أي وأيقنوا يومئذ مالهم من ملجأ يلجئون إليه من عذاب الله.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 49]
لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤس قنوط (49)
لا يسأم الإنسان من دعاء الخير أي لا يمل من مسألته ربه بالخير، كالمال وصحة الجسم وإن مسه الشر أي الضر في نفسه من سقم أو جهد في معيشته فيؤس قنوط أي من روح الله ورحمته، ومن أن يكشف ما نزل به. قال الزمخشري: بولغ فيه من طريقين: من طريق بناء (فعول) ومن طريق التكرير.
والقنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 50]
ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ (50)
ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته أي بتفريجها عنه ليقولن هذا لي أي حقي نلته بعملي، لا بفضل من الله. جحدا للمنعم وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى أي للحالة الحسنى من الكرامة. حرصا ورجما
بالغيب، وتلاعبا بما شاء الهوى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا أي فلنخبرن هؤلاء المتمنين على الله الأباطيل، بحقيقة أعمالهم. ولنبصرنهم عكس ما اعتقدوا فيها ولنذيقنهم من عذاب غليظ وهو تخليدهم في النار.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 51]
وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض (51)
وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه أي إذا كشفنا ما به من ضر، ورزقناه غنى وصحة وسعة، أعرض عما دعي إليه من الطاعة. وتكبر وشمخ بأنفه عن الإجابة. وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض أي كثير. يديم تضرعه، ويستغرق في الابتهال أنفاسه. وقد استعير (العرض) لكثرة الدعاء. كما يستعار له (الطول) أيضا.
فيقال: أطال فلان الدعاء، إذا أكثر. وكذلك أعرض دعاءه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 52]
قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد (52)
قل أرأيتم إن كان أي القرآن من عند الله ثم كفرتم به أي من غير نظر واتباع دليل من أضل ممن هو في شقاق بعيد أي من أضل منكم. فوضع الموصول موضع الصلة، شرحا لحالهم وتعليلا لمزيد ضلالهم. والشقاق الخلاف. لكون المخالف في شق وجانب ممن خالفه. قال الشهاب: الآية رجوع لإلزام الطاعنين والملحدين. وختم السورة بما يلتفت لفت بدئها، وهو من الكلام المنصف. وفيه حث على التأمل، واستدراج للإقرار. مع ما فيه من سحر البيان. وحديث الساعة وقع في البين تتميما للوعيد. وتنبيها على ما هم عليه من الضلال البعيد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 53]
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)
سنريهم آياتنا في الآفاق يعني وقائع النبي صلى الله عليه وسلم بنواحي بلد المشركين من أهل مكة وأطرافها. وظهوره على الناس تصديقا للوعد وفي أنفسهم أي من
غلبتهم وقهرهم وكسر شوكتهم. وكما وقع في بدر وفتح مكة حتى يتبين لهم أنه الحق أي أن هذا القرآن، بوعده ووعيده، هو الحق الثابت، إذا لا برهان بعد عيان.
فقد نصر الله رسوله وصحبه، وخذل الباطل وحزبه أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد أي لا يخفى عليه شيء ما، مما يفعله خلقه، وهو مجازيهم عليه. ففيه وعد ووعيد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة فصلت (41) : آية 54]
ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط (54)
ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم أي في شك عظيم من البعث بعد الممات، ومعادهم إلى ربهم ألا إنه بكل شيء محيط أي فلا يخرج عن إحاطته شيء ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير [الملك: 14] .

بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الشورى
سميت بالشورى، لإشعار آياتها بذلة الدنيا وعزة الآخرة، وصفات طالبيها، مع اجتماع قلوبهم بكل حال. وهذا من أعظم مقاصد القرآن. قاله المهايمي: وهي مكية. وقيل إن فيها مدنيا. ومر مرارا تحقيق ذلك، وآيها ثلاث وخمسون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشورى (42) : الآيات 1 الى 2]
بسم الله الرحمن الرحيم
حم (1) عسق (2)
حم عسق قد روى بعض المفسرين ها هنا، في تفسير حم عسق آثارا واهية جدا لا يعول عليها. بل هي، كما قال ابن كثير منكرة، وقد قدمنا أن الصواب أن هذه الحروف، أوائل السور الكريمة، أسماء لها. وحم عسق اسمان للسورة ولذلك فصل بينهما، وعدا آيتين. وقيل اسم واحد، والفصل ليناسب سائر الحواميم، فيكون آية واحدة. وهو الوجه عندي لاشتهارها بهما معا. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الشورى (42) : آية 3]
كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم (3)
كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم كلام مستأنف، وارد لتحقيق أن مضمون السورة موافق لما في تضاعيف سائر الكتب المنزلة على الرسل المتقدمة في الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق. أو أن إيحاءها مثل إيحائها، بعد تنويهها بذكر اسمها والتنبيه على فخامة شأنها. والكاف في حيز النصب على أنه مفعول ل (يوحي) على الأول- وعلى أنه نعت لمصدر مؤكد له، على الثاني و (ذلك) على الأول إشارة إلى ما فيها. وعلى الثاني إلى إيحائها. وما فيه من معنى البعد، للإيذان بعلو رتبة المشار إليه وبعد منزلته في الفضل. أي مثل ما في هذه السورة من المعاني، أوحى إليك في سائر السور، وإلى من قبلك من الرسل في كتبهم. على أن مناط المماثلة ما أشير إليه من الدعوة إلى التوحيد والإرشاد إلى الحق وما فيه صلاح العباد في المعاش والمعاد. أو مثل إيحائها، أوحى إليك عند إيحاء سائر السور. وإلى سائر الرسل عند إيحاء كتبهم إليهم. لا إيحاء مغايرا له. كما في قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح [النساء: 163] الآية. على أن مدار المثلية كونه بواسطة الملك. وصيغة المضارع على حكاية الحال الماضية،
للإيذان باستمرار الوحي، وأن إيحاء مثله عادته. وفي جعل مضمون السورة أو إيحاءها مشبها به، من تفخيمها ما لا يخفى. وكذا في وصفه تعالى بوصفي العزة والحكمة. وتأخير الفاعل لمراعاة الفواصل. مع ما فيه من التشويق. وقرئ (يوحى) على البناء للمفعول، على أن (كذلك) مبتدأ (ويوحى) خبره المسند إلى ضميره، أو مصدره و (يوحي) مسند إلى (إليك) . و (الله) مرتفع بما دل عليه (يوحي) كأنه قيل: من يوحي؟ فقيل: الله. العزيز الحكيم صفتان له، أو مبتدأ، كما في قراءة (نوحي) ، والعزيز وما بعده خبران له. أو العزيز الحكيم صفتان له. وقوله تعالى:



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]