عرض مشاركة واحدة
  #543  
قديم 25-02-2025, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,448
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الدخان
المجلد الرابع عشر
صـ 5301 الى صـ 5310
الحلقة (543)








القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 15]
إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون (15)
إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون يحتمل معنيين: أحدهما- أنه يقول تعالى ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا، لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب. كقوله تعالى: ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون [المؤمنون: 75] ، وكقوله جلت عظمته ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون [الأنعام: 28] ، والثاني- أن يكون المراد إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلا بعد انعقاد أسبابه ووصوله إليكم، وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم. كقوله تعالى:
إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين [يونس: 98] . ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم. بل كان قد انعقد سببه عليهم. ولا يلزم أيضا أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه، قال الله تعالى، إخبارا عن شعيب عليه السلام، أنه قال لقومه حين قالوا: لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا، قال أولو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها [الأعراف: 88- 89] . وشعيب عليه السلام لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم. وقال قتادة: إنكم عائدون إلى عذاب الله. وقوله عز وجل:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 16]
يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون (16)
يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون فسر ذلك ابن مسعود رضي الله عنه
بيوم بدر. وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود رضي الله عنه على تفسيره الدخان بما تقدم. وروي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما من رواية العوفي عنه وعن أبي ابن كعب رضي الله عنه وجماعة عنه، وهو محتمل. والظاهر أن ذلك يوم القيامة، وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا. قال ابن جرير: حدثني يعقوب. حدثنا ابن علية.
حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال ابن مسعود رضي الله عنه: البطشة الكبرى يوم بدر. وأنا أقول هي يوم القيامة. وهذا إسناد صحيح عنه. وبه يقول الحسن البصري وعكرمة في أصح الروايتين عنه. والله أعلم.
انتهى كلام ابن كثير.
فصل:
وممن رجح الوجه الأول، وهو أن المراد بالدخان يوم المجاعة والشدة مجازا، بذكر المسبب وإرادة السبب. أو بالاستعارة، العلامة أبو السعود حيث قال: والأول هو الذي يستدعيه مساق النظم الكريم قطعا. فإن قوله تعالى: أنى لهم الذكرى إلخ، رد لكلامهم واستدعائهم الكشف، وتكذيب لهم في الوعد بالإيمان، المنبئ عن التذكر والاتعاظ بما اعتراهم من الداهية، أي كيف يتذكرون؟ أو من أين يتذكرون بذلك ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب عنهم؟ وقد جاءهم رسول مبين أي والحال أنهم شاهدوا من دواعي التذكر. وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم منه في إيجابها. حيث جاءهم رسول عظيم الشأن، وبين لهم مناهج الحق، بإظهار آيات ظاهرة ومعجزات قاهرة، تخر لها صم الجبال ثم تولوا عنه عن ذلك الرسول وهو هو، ريثما يشاهدون منه ما شاهدوه من العظائم الموجبة للإقبال عليه ولم يقتنعوا بالتولي وقالوا في حقه معلم مجنون أي قالوا تارة: يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف. وأخرى مجنون، أو يقول بعضهم كذا وآخرون كذا. فهل يتوقع من قوم هذه صفاتهم أن يتأثروا بالعظة والتذكير؟ وما مثلهم إلا كمثل الكلب إذا جاع ضعف، وإذا شبع طغى. وقوله تعالى: إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون جواب من جهته تعالى عن قولهم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون بطريق الالتفات، لمزيد التوبيخ والتهديد. وما بينهما اعتراض. ألى إنا نكشف العذاب المعهود عنكم كشفا قليلا، أو زمانا قليلا. إنكم تعودون إثر ذلك إلى ما كنتم عليه من العتو والإصرار على الكفر. وتنسون هذه الحالة. وفائدة التقييد بقوله:
قليلا الدلالة على زيادة خبثهم. لأنهم إذا عادوا قبل تمام الانكشاف، كانوا بعده
أسرع إلى العود. وصيغة الفاعل في الفعلين، للدلالة على تحققهما لا محالة. ولقد وقع كلاهما حيث كشفه الله تعالى، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فما لبثوا أن عادوا إلى ما كانوا عليه من العتو والعناد. انتهى ما قاله أبو السعود بزيادة.
فصل:
وأما الوجه الثالث في الآية، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي. حدثنا جعفر بن مسافر. حدثنا يحيي بن حسان. حدثنا ابن مهيعة. حدثنا عبد الرحمن الأعرج في قوله عز وجل: يوم تأتي السماء بدخان مبين قال: كان يوم فتح مكة. قال ابن كثير: وهذا القول غريب جدا. بل منكر. انتهى.
أى لأنه لم يرو مرفوعا ولا موقوفا على ابن عباس، ترجمان القرآن. أو غيره من الصحب. إلا أن عدم كونه مأثورا لا ينافي احتمال لفظ الآية له. وصدقها عليه. لا سيما، ويؤيده قوله تعالى في آخر السورة: فارتقب إنهم مرتقبون مما هو وعد بظهوره عليهم. وكان ذلك يوم الفتح. وحينئذ، فمعنى قوله تعالى: إنا كاشفوا العذاب أي ما ينزل بهم يومئذ، برفع القتل والأسر عنهم. ومعنى عائدون أي إلى لقاء الله ومجازاته.
فصل:
يظهر مما نقلناه عن السلف في هذه الآية من الأقوال الثلاثة، أن هذه الآية من الآي اللاتي أخذت من الصحب، عليهم الرضوان، اهتماما في معناها، وعناية في البحث عن المراد منها. حتى كان ابن مسعود مصرا على وجه، وعلي وابن عباس وحذيفة على وجه آخر. على ما أسند عنهم من طرق، ولعمر الحق! إن هذه الآية لجديرة بزيادة العناية. وهكذا كل ما كان من معارك الأنظار للأئمة الكبار. وسبب الاختلاف هو إيجار الأسلوب الكريم، وإيثاره من الألفاظ أرقها، وأوجزها. مما يصدق لبلاغته حقيقة تارة ومجازا أخرى. هذا أولا. وثانيا، لما كان كثير من الأحاديث المروية تتشابه مع الآيات، كان ذلك مما يقرب بينهما ويدعوا إلى اتحاد المراد منهما. لما تقرر من شرح السنة للكتاب، وهذا ما درج عليه المحدثون قاطبة.
فترى أحدهم إذا رأى في خبر ما يشير إلى آية، قطع بأنه تفسيرها ووقف عنده ولم يتعده. وأما من فتح للتدبر بابا ومهد للنظر مجالا، ورأى أن الأثر قد يكون من محمولات الآية وما صدقاتها، وأنها أعم وأشمل، أو إن حمل الخبر عليها اشتباه أفضى إليه التشابه. فذاك وسع للسالك المسالك، وفتح للمريد المدارك، ورقاه من
حظيرة النقل إلى فضاء العقل. ولكل وجهة.
إذا علمت ذلك، رأيت أن من فسر هذه الآية بالمجاعة التي حصلت لقريش، أمكنه تطبيق الآية عليها مجازا في بعض مفرداتها، وحقيقة في بقيتها وفي وقوع مصداقها، في رأيه. ومن فسرها بالدخان المنتظر، المروي من أشراط الساعة، وقف مع المروي ورأى أنه تفسيرها. لأن الأصل التوافق والحمل على المعهود. لأنه الأقرب خطورا والأسبق حضورا، ومن فسرها بالظهور عليهم يوم الفتح، رأى أنها من بليغ المجاز وبديع الكناية في ذلك. وأن الوعد بالارتقاب. كثر أشباهه ونظائره في غير ما آية، مرادا به الفتح. كآية ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون [السجدة: 28- 30] ، فهذا وأمثاله يبين مآخذ الأئمة ومداركهم في التأويل. وبه يعلم أن أطراف المدارك قد تتجاذب اللفظ فتستوقف الرأي عن التشيع لمدرك دون آخر. ما لم يكن ثمة ما يرشح أحدها وقد يظن الواقف على كلام الرازي المتقدم، واحتجاجه للوجه الثاني بما أطال به، أن لا منتدح، بعد، عنه. مع أن للذاهب إلى غيره أن يجيب عن احتجاجه بما أسلفنا من صحة المجاز. بل وقوته هنا، لأن المقام مقام إنذار وإيعاد، والذوق أكبر حاكم وإليه مرد البلاغة. ولا يلزم المتأول نكرانه للدخان المنتظر كما قد يتوهم. بل يعترف بأنه آية آتية يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وينقلب هذا النظام إلى نشأة ثانية. وأنه لا يلزم من الاشتراك اللفظي اتحاد المتلو والمروي. وبالجملة، فاللفظ الكريم يتناول المعاني الثلاثة. وسببه تحقق مصداق الجميع. وأما تعيين واحد منها للمراد، فصعب جدا فيما أراه، لا سيما ولم يتفق الصحب على رأي فيها. هذا ما نقوله الآن. والله العليم. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 17]
ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم (17)
ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون أي ابتلينا، قبل هؤلاء المشركين، قوم فرعون، بإرسال موسى عليه السلام إليهم ليؤمنوا. فاختاروا الكفر على الإيمان وجاءهم رسول كريم أي على الله والمؤمنين، أو في نفسه. فعلى الأول كريم بمعنى مكرم أي. معظم. وعلى الثاني، من الكرم بمعنى الاتصاف بالخصال الحميدة، حسبا ونسبا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 18]
أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين (18)
أن أدوا إلي عباد الله أي أرسلوا معي بني إسرائيل، لأسير بهم إلى بلادنا الأولى. وأطلقوهم من أسركم وحبسكم. فإنهم قوم أحرار، أبوا، للضيم. هذه الديار إني لكم رسول أمين أي على وحيه ورسالته، التي حملنيها إليكم. لأنذركم بأسه إن عصيتم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 19]
وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين (19)
وأن لا تعلوا على الله أي بإنكار ربوبيته، ودعوى الربوبية لأنفسكم، وتكذيب رسوله وغضب عباده إني آتيكم بسلطان مبين أي حجة واضحة على ربوبية الله، ونفي ربوبيتكم. وعلى رسالتي. وعلى أن بني إسرائيل عباده الخاصة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 20]
وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون (20)
وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون أي اعتصمت به من رجمكم. يعني القتل، فعصمني، فلا ينالني منكم مكروه، مع أنه لا يعصم من افترى عليه، وقصد بهذه الجملة. إظهار مزيد شجاعته وثباته في موقف تضطرب فيه الأفئدة، وتزل الأقدام، خوفا ورعبا. وما ذاك إلا لإيوائه إلى عصمة الله وتأييده.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 21]
وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون (21)
وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون أي فكونوا بمعزل عني. فلست بموال منكم أحدا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 22]
فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون (22)
فدعا ربه أي لما تابوا عن إجابته أن هؤلاء قوم مجرمون أي مشركون مفسدون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 23]
فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون (23)
فأسر بعبادي ليلا أي فأجاب دعاءه، وأوحى إليه بأن سر بقومك ليلا إنكم متبعون أي إن فرعون وقومه من القبط متبعوكم. إذا شخصتم عن بلدهم وأرضهم ليرجعوكم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : الآيات 24 الى 25]
واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون (24) كم تركوا من جنات وعيون (25)
واترك البحر رهوا أي فإذا قطعت البحر أنت وأصحابك، فاتركه ساكنا على حاله التي كان عليها حين دخلته، ولا تضربه بعصاك ليدخله القبط فيغرقوا إنهم جند مغرقون كم تركوا أي بعد هلاكهم بالغرق من جنات وعيون أي بساتين وعيون يسقى منها ويتنعم بالنظر فيها، هذا في التفكه والتنزه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 26]
وزروع ومقام كريم (26)
وزروع أي قائمة مزارعهم للقوت ومقام كريم أي محافل مزينة ومنازل مزخرفة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 27]
ونعمة كانوا فيها فاكهين (27)
ونعمة كانوا فيها فاكهين أي متنعمين من نساء وأموال وحشم، وما لا يحصى من المشتهيات.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 28]
كذلك وأورثناها قوما آخرين (28)
كذلك أي أخرجناهم مثل هذا الإخراج. فالكاف، أو الجار والمجرور صفة مصدر مفهوم من الترك. أو هو خبر محذوف. أي الأمر كذلك. والمراد به التأكيد والتقرير وأورثناها قوما آخرين يعني من خلفهم بعد مهلكهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 29]
فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين (29)
فما بكت عليهم السماء والأرض قال الزمخشري: إذا مات رجل خطير، قالت العرب في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح وأظلمت له الشمس. قال جرير:
تبكي عليك نجوم الليل والقمرا وقالت الخارجية:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا ... كأنك لم تجزع على ابن طريف
وذلك على سبيل التمثيل والتخييل. مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه، وكذلك ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنه من بكاء مصلى المؤمن وآثاره في الأرض، ومصاعد عمله ومهابط رزقه في السماء: تمثيل. ونفي ذلك عنهم في قوله تعالى: فما بكت عليهم السماء والأرض فيه تهكم بهم وبحالهم. المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض، وعن الحسن: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين. يعني: فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض وما كانوا منظرين أي مؤخرين بالعقوبة. بل عوجلوا بها، زيادة سخط عليهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 30]
ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين (30)
ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين يعني استعباد فرعون وقتله أبناءهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 31]
من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين (31)
من فرعون بدل من العذاب، على حذف مضاف. أو جعله عذابا مبالغة لإفراطه في التعذيب. أو حال من (المهين) بمعنى واقعا من جهته إنه كان عاليا أي متكبرا على الناس من المسرفين أي المتجاوزين الحد، في العتو والشر.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 32]
ولقد اخترناهم على علم على العالمين (32)
ولقد اخترناهم على علم على العالمين أي فضلناهم لأجل علم معهم، على عالمي زمانهم. أو عالمين بأنهم أحقاء بأن يختاروا ويؤثروا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 33]
وآتيناهم من الآيات ما فيه بلؤا مبين (33)
وآتيناهم أي زيادة على اختبارهم وتفضيلهم من الآيات أي المعجزات ولكرامات ما فيه بلؤا مبين أي نعمة ظاهرة، لأنهم حجة واضحة على أعدائهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : الآيات 34 الى 35]
إن هؤلاء ليقولون (34) إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين (35)
إن هؤلاء أي مشركي قريش ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى أي المتعقبة للحياة. كأنهم أرادوا إلا موتتنا هذه. وليس القصد إلى إثبات ثانية. قال الإسنوي في (التمهيد) : الأول في اللغة ابتداء الشيء ثم قد يكون له ثان وقد لا يكون. كما تقول: هذا أول ما اكتسبته. فقد تكتسب بعده شيئا وقد لا تكتسب. كذا ذكره جماعة، منهم الواحدي في تفسيره، والزجاج. ومن فروع المسألة، ما لو قال: إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنت طالق، تطلق إذا ولدته، وإن لم تلد غيره، بالاتفاق. قال أبو علي: اتفقوا على أن ليس من شرط كونه أولا، أن يكون بعده آخر. وإنما الشرط أن لا تقدم عليه غيره. انتهى.
وما ذكر أظهر مما للزمخشري هنا وما نحن بمنشرين أي مبعوثين.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الدخان (44) : آية 36]
فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (36)
فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين أي في بعثنا بعد بلائنا في قبورنا. قال ابن كثير: وهذه حجة باطلة وشبهة فاسدة. فإن المعاد إنما هو يوم القيامة، لا في دار الدنيا. بل بعد انقضائها وذهابها وفراغها، يعيد الله العالمين خلقا جديدا. ويجعل الظالمين لنار جهنم وقودا. ثم أنذرهم تعالى بأسه الذي لا يرد، كما حل بأشباههم من المشركين، بقوله سبحانه:




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 52.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.21%)]