عرض مشاركة واحدة
  #545  
قديم 25-02-2025, 10:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الدخان
المجلد الرابع عشر
صـ 5321 الى صـ 5330
الحلقة (545)







القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 14]
قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون (14)
قل للذين آمنوا أي صدقوا بالله واتبعوك يغفروا للذين لا يرجون أيام الله أي لا يخافون بأس الله ونقمه ووقائعه بأعدائه ليجزي قوما بما كانوا يكسبون أي من علمهم. ومنه العفو والتجاوز عن بعض ما يؤذي ويوحش. وقد روي أنها نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد شتمه رجل من غفار، فهم أن يبطش به، فتكون الآية مدنية. قيل: يؤيده ما أورد على كونها مكية. من أن من أسلم بها كانوا مقهورين فلا يمكنهم الانتصار منهم. والعاجز لا يؤمر بالعفو والصفح. وأجيب بأن المراد أنه يفعل ذلك بينه وبين الله بقلبه، ليثاب عليه. مع أن دوام عجز كل أحد منهم غير معلوم. فالصواب أن الآية مكية كالسورة. ومعنى نزولها في عمر- إن صح- صدقها على قضيته، والاستشهاد بها لسماحه. كما حققنا المراد من النزول، غير ما مرة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 15]
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون (15)
من عمل صالحا فلنفسه أي لكونه افتكها من العذاب ومن أساء فعليها أي أساء عمله بمعصية ربه، فعلى نفسه جنى، لأنه أوبقها بذلك ثم إلى ربكم ترجعون أي تصيرون. فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 16]
ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين (16)
ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب أي التوراة والحكم أي الفهم بالكتاب
والعلم بالسنن التي لم تنزل بالكتاب والنبوة أي جعلنا منهم أنبياء ورسلا إلى الخلق ورزقناهم من الطيبات يعني المن والسلوى وفضلناهم على العالمين أي عالمي أهل زمانهم، بإيتائهم ما لم يؤت غيرهم. كما قال تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 17]
وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (17)
وآتيناهم بينات من الأمر أي حججا وبراهين وأدلة قاطعات، تأبى الاختلاف، ولكن أبوا إلا الاختلاف فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم أي ظلما وتعديا منهم، لطلب الحظوظ العاجلة إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أي بالمؤاخذة والمجازاة. قال ابن كثير: وهذا فيه تحذير لهذه الأمة، أن تسلك مسلكهم. وأن تقصد منهجهم. ولهذا قال جل وعلا:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 18]
ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (18)
ثم جعلناك على شريعة من الأمر أي على طريقة وسنة ومنهاج من أمر الدين، الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا فاتبعها أي تلك الشريعة الثابتة بدلائل والحجج ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون
يعني المشركين وما هم عليه من الأهواء التي لا حجة عليها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 19]
إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين (19)
إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا أي لن يدفعوا عنك من غضبه وعقابه شيئا ما، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض أي أعوان وأنصار على المؤمنين وأهل الطاعة. أو في التحزب والتقوى. ولكن ماذا تغنيهم ولايتهم لبعضهم وقد تخلت عناية الله ونصرته عنهم؟ والله ولي المتقين أي من اتقاه بعبادته وحده، وخشيته بكفايته من بغى عليه، وكاده بسوء. والأظهر تفسير الآية بآية الله ولي الذين آمنوا
يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات
[البقرة: 257] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : الآيات 20 الى 21]
هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون (20) أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21)
هذا أي القرآن بصائر للناس أي يبصرون به الحق من الباطل، ويعرفون به سبيل الرشاد. قال الزمخشري: جعل ما فيه من معالم الدين والشرائع، بمنزلة البصائر في القلوب كما جعل روحا وحياة، أي فهو تشبيه بليغ وهدى أي من الضلالة ورحمة أي من العذاب لمن آمن وأيقن لقوم يوقنون أي يطلبون اليقين أم حسب الذين اجترحوا السيئات
أي اكتسبوا سيئات الأعمال أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون
أي من عدم التفاوت. قال الزمخشري: والمعنى إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيا.
وأن يستووا مماتا. لافتراق أحوالهم أحياء حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات، وأولئك على ركوب المعاصي. ومماتا حيث مات هؤلاء على البشرى بالرحمة والوصول إلى ثواب الله ورضوانه، وأولئك على اليأس من رحمة الله والوصول إلى هول ما أعد لهم. انتهى.
وزد عليه: حيث عاش هؤلاء على الهدى والعلم بالله وسنن الرشاد وطمأنينة القلب، وأولئك على الضلال والجهل والعبث بالفساد واضطراب القلب وضيق الصدر، بعدم معرفة المخرج المشار إليه بآية ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا [طه: 124] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 22]
وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون (22)
وخلق الله السماوات والأرض بالحق أي بالحكمة والصواب. قال ابن جرير:
أي للعدل والحق، لا لما حسب هؤلاء الجاهلون بالله، من التسوية بين الأبرار
والفجار. لأنه خلاف العدل والإنصاف ولتجزى كل نفس بما كسبت قال الزمخشري:
معطوف على (بالحق) لأن فيه معنى التعليل. أو على معلل محذوف، تقديره، خلق الله السموات والأرض ليدل بها على قدرته، ولتجزى كل نفس وهم لا يظلمون أي في جزاء أعمالهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : الآيات 23 الى 24]
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون (23) وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون (24)
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أي من ترك متابعة الهدى إلى متابعة الهوى، فكأنه يعبده. فجعله إلها تشبيه بليغ أو استعارة. قال القاشاني: الإله المعبود، ولما أطاعوا الهوى فقد عبدوه وجعلوه إلها. إذ كل ما يعبده الإنسان بمحبته وطاعته، فهو إلهه لو كان حجرا! وأضله الله على علم. أي عالما بحاله، من زوال استعداده، وانقلاب وجهه، إلى الجهة السفلية. أو مع كون ذلك العابد للهوى عالما بعلم ما يجب عليه فعله في الدين، على تقدير أن يكون على علم حالا من الضمير المفعول في أضله الله لا من الفاعل. وحينئذ يكون الإخلال لمخالفته علمه بالعمل، وتخلف القدم عن النظر. لتشرب قلبه بمحبة النفس وغلبة الهوى. أو على علم منه غير نافع. لكونه من باب الفضول. ليس فيه إلى الحق سلوك ووصول وختم على سمعه وقلبه أي بالطرد عن باب الهدى، والإبعاد عن محل سماع كلام الحق وفهمه، لمكان الرين وغلظ الحجاب، فلا يعقل منه شيئا وجعل على بصره غشاوة أي عن رؤية حجج الله وآياته فمن يهديه من بعد الله أي فمن يوفقه لإصابة الحق بعد إضلال الله إياه أفلا تذكرون وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا أي ما الحياة أو الحال غير حياتنا هذه التي نحن فيها نموت أي بالموت البدني الطبيعي، ونحيا أي الحياة الجسمانية الحسية، لا موت ولا حياة غيرهما وما يهلكنا إلا الدهر أي مر الليالي والأيام وطول العمر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون أي: وما يقولون ذلك عن علم ولكن عن ظن وتخمين. وبذلك إشارة إلى نسبة الحوادث إلى الدهر، أو إلى إنكار البعث، أو إلى كليهما قال الزمخشري: كانوا يزعمون أن مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس. وينكرون ملك الموت وقبضه الأرواح
بأمر الله، وكانوا يضيفون كل حادثة وحدث إلى الدهر والزمان. وترى أشعارهم ناطقة بشكوى الزمان، ومنه
قوله صلى الله عليه وسلم «1»
(لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر)
أي فإن الله هو الآتي بالحوادث لا الدهر. انتهى.
وقال الخطابي، معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر.
فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها.
وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الأمور. وكان عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر فقالوا (بؤسا للدهر) و (تبا للدهر) . انتهى.
قال ابن كثير: وقد غلط ابن حزم. ومن نحا نحوه من الظاهرية، في عدهم الدهر من الأسماء الحسنى. أخذا من هذا الحديث. انتهى.
تنبيه:
في هذه الآية رد على الدهرية. وهم المعطلة بأن متمسكهم ظن وتخمين. لم يشم رائحة اليقين. وما هذا سبيله، فباب القبول في وجهه مسدود إن الظن لا يغني من الحق شيئا [يونس: 36] .
قال الشهرستاني في معطلة العرب: فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة، وقالوا بالطبع المحيي والدهر المفني. وهم الذين أخبر عنهم القرآن المجيد وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا. إشارة إلى الطبائع المحسوسة في العالم السفلي. وقصر الحياة والموت على تركبها وتحللها.
فالجامع هو الطبع، والمهلك هو الدهر وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون. فاستدل عليهم بضرورات فكرية، وآيات فطرية، في كم آية وسورة فقال تعالى: أولم يتفكروا، ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين [الأعراف: 184] . أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض [الأعراف:
185] . وقال: أولم يروا إلى ما خلق الله [النحل: 48] ، وقال قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين [فصلت: 9] . وقال يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم [البقرة: 21] . فثبتت الدلالة الضرورية من الخلق على الخالق. فإنه قادر على الكمال. إبداء وإعادة. انتهى.
(1)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/ 229. عن أبي قتادة.

ولي في الرد على الدهريين، وهم الماديون والطبيعيون، كتاب وسمته (دلائل التوحيد) فليرجع إليه المريد، فليس وراءه، بحمده تعالى، من مزيد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 25]
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (25)
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات أي بأن الله باعث خلقه يوم القيامة ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين أي انشروهم أحياء، حتى نصدق ببعثنا أحياء بعد مماتنا، وإطلاق الحجة على ذلك، إما حقيقة بناء على زعمهم، فإنهم ساقوه مساق الحجة، أو هو مجاز تهكما بهم. كأنه قيل: ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة. بمعنى أن لا حجة لهم البتة، وفيه مبالغة لتنزيل التضاد منزلة التجانس.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 26]
قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون (26)
قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون أي قل لهم في جواب قولهم وما يهلكنا إلا الدهر: قل الله يحييكم ثم يميتكم، لا الدهر. لما عرف من وجوب رجوع العالم إلى واجب الوجود، هو سبب الأسباب، ومصدر الكائنات، أو قل لهم (في جواب إنكارهم البعث) : بأن من قدر على الإبداء، قدر على الإعادة، والحكمة اقتضت الجمع للمجازاة، على ما مر مرارا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 27]
ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون (27)
ولله ملك السماوات والأرض أي فلا مالك غيره، ولا معبود سواه ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون أي الذين أتوا بالباطل في أقوالهم وأفعالهم، وهم عبدة غيره تعالى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : الآيات 28 الى 31]
وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون (28) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (29) فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين (30) وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين (31)
وترى كل أمة جاثية أي باركة، مستوفزة على الركب لا حراك بها. شأن الخائف المنتظر لما يكره وذلك عن الحساب أو في الموقف الأول، وقت البعث قبل الجزاء كل أمة تدعى إلى كتابها أي اللوح الذي أثبت فيه أعمالها. ويعطى بيمين من كان سعيدا. وشمال من كان شقيا اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق أي يشهد عليكم بما عملتم بلا زيادة ولا نقصان، وإنما أضاف صحائف أعمالهم إلى نفسه تعالى، لأنه أمر الكتبة أن يكتبوا فيها أعمالهم إنا كنا نستنسخ أي نستكتب الملائكة ما كنتم تعملون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي ما صلح به حالهم في المعاد الجسماني فيدخلهم ربهم في رحمته أي في جنته ذلك هو الفوز المبين وأما الذين كفروا أي فيقال لهم أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين أي بكسب الآثام، والكفر بالله، وعدم التصديق بمعاد، ولا الإيمان بثواب وعقاب.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : آية 32]
وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين (32)
وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة أي: أي شيء هي؟ أي: لا نستيقن بها إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين أي إنها كائنة وآتية.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : الآيات 33 الى 35]
وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن (33) وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين (34) ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون (35)
وبدا لهم سيئات ما عملوا أي قبائح أعمالهم، أو عقوبات أعمالهم السيئات وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن يعني الجزاء وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا أي نترككم في العذاب ترك ما ينسى، كما تركتم التأهب له.
ف ننساكم استعارة أو مجاز مرسل ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا أي خدعتكم حتى آثرتموها على الآخرة
وزعمتم أن لا حياة سواها فاليوم لا يخرجون منها أي من النار ولا هم يستعتبون أي ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي يرضوه. من (الإعتاب) وهو إزالة العتب.
كناية عن الإرضاء. أو: لا هم يردون إلى الدنيا ليتوبوا ويراجعوا الإنابة، فما بعد الموت مستعتب.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجاثية (45) : الآيات 36 الى 37]
فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين (36) وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (37)
فلله الحمد أي الثناء الكامل. قال ابن جرير: أي فلله الحمد على نعمه وأياديه عند خلقه. فإياه فاحمدوا أيها الناس، فإن كل ما بكم من نعمة فمنه، دون ما تعبدون من دونه، من آلهة ووثن رب السماوات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السماوات والأرض أي الاستعلاء،. ونهاية الرفع والكبر على كل شيء، وغاية العلو والعظمة باستغنائه عنه وافتقاره إليه وهو العزيز أي القوي القاهر لكل شيء الحكيم قال القاشاني: أي المرتب لاستعداد كل شيء، بلطف تدبيره، المهيئ لقبوله، لما أراد منه من صفاته، بدقيق صنعته، وخفي حكمته (لا إله إلا هو رب العالمين) .
وافق الفراغ من تفسير هذه السورة قبيل ظهر الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة عام 1326 بمنزلنا بدمشق الشام. بقلم جامعه جمال الدين القاسمي.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.39 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]