عرض مشاركة واحدة
  #550  
قديم 25-02-2025, 11:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,345
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ محمد
المجلد الخامس عشر
صـ 5376 الى صـ 5385
الحلقة (550)









ثم رأيت ابن جرير سبقني في ترجيح ذلك، وعبارته:
والصواب من القول عندنا في ذلك، أن هذه الآية محكمة غير منسوخة. وذلك أن صفة الناسخ والمنسوخ، أنه ما لم يجز اجتماع حكميهما في حال واحدة، أو ما قامت الحجة بأن أحدهما ناسخ الآخر. وغير مستنكر أن يكون جعل الخيار في المن والفداء والقتل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى القائمين بعده بأمر الأمة، وإن لم يكن القتل مذكورا في هذه الآية، لأنه قد أذن بقتلهم في آية أخرى، وذلك قوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة: 5] ، الآية. بل ذلك كذلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يفعل فيمن صار أسيرا في يده من أهل الحرب، فيقتل بعضا، ويفادي ببعض، ويمن على بعض، مثل يوم بدر: قتل عقبة بن أبي معيط، وقد أتي به أسيرا. وقتل بني قريظة وقد نزلوا على حكم سعد، وصاروا في يده سلما، وهو على فدائهم والمن عليهم قادر، وفادى بجماعة، أسارى المشركين الذين أسروا ببدر.
ومن على ثمامة بن أثال الحنفي، وهو أسير في يده. ولم يزل ذلك ثابتا من سيره في أهل الحرب، من لدن أذن الله له بحربهم، إلى أن قبضه إليه صلى الله عليه وسلم دائما ذلك فيهم.
وإنما ذكر جل ثناؤه في هذه الآية المن والفداء في الأسارى، فخص ذكرهما فيها، لأن الأمر بقتلهم والإذن منه بذلك، قد كان تقدم في سائر آي تنزيله مكررا، فأعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بما ذكر في هذه الآية من المن والفداء، ما له فيهم مع القتل. انتهى كلام ابن جرير.
الثالث- من فوائد الآية أيضا جواز تخلية سبيل المشركين، إذا ضعفت شوكتهم، وأمنت مفسدتهم، لأن ذلك من لوازم المن وقبول الفداء، والقول بإبادة خضرائهم من غير تفصيل، ينافيه نص هذه الآية، وقبول النبي صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر وهم مشركون، فتفهم.
وبالجملة، فالذي عول عليه الأئمة المحققون رضي الله عنهم، أن الأمير يخير، بعد الظفر تخيير مصلحة لا شهوة في الأسراء المقاتلين، بين قتال واسترقاق، ومن وفداء. ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين، لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر، فلم يجز له ترك ما فيه الحظ، كولي اليتيم، لأن كل خصلة من هذه الخصال قد تكون أصلح في بعض الأسرى. فإن منهم من له قوة ونكاية في المسلمين، فقتله أصلح.
ومنهم الضعيف ذو المال الكثير، ففداؤه أصلح ومنهم حسن الرأي في المسلمين، يرجى إسلامه، فالمن عليه أولى. ومن ينتفع بخدمته، ويؤمن شره، استرقاقه أصلح- كما في (شرح الإقناع) -.
الرابع- تسن دعوة الكفار إلى الإسلام قبل القتال لمن بلغته الدعوة، قطعا لحجته. ويحرم القتال قبلها لمن لم تبلغه الدعوة، لحديث «1» بريدة بن الحصيب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش، أمره بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين. وقال: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فادعهم إعطاء الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم- رواه مسلم-.
وقيد الإمام ابن القيم وجوب الدعوة واستحبابها، بما إذا قصدهم المسلمون.
أما إذا كان الكفار قاصدين المسلمين بالقتال، فللمسلمين قتالهم من غير دعوة، دفعا عن نفوسهم وحريمهم وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، لأنه أعرف بحال الناس، وبحال العدو، ونكايتهم وقربهم وبعدهم- كما في (شرح الإقناع) -.
وقوله تعالى: ذلك خبر لمحذوف. أي الأمر ذلك. أو مفعول لمقدر ولو يشاء الله لانتصر منهم أي: لانتقم منهم بعقوبة عاجلة، وكفاكم ذلك كله.
ولكن ليبلوا بعضكم ببعض أي ليختبركم بهم، فيعلم المجاهدين منكم والصابرين فيثيبهم، ويبلوهم بكم، فيعاقب بأيديكم من شاء منهم حتى ينيب إلى الحق. والذين قتلوا أي استشهدوا. وقرئ (قاتلوا) في سبيل الله فلن يضل أعمالهم.
(1)
أخرجه مسلم في: الجهاد، حديث رقم 3.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : الآيات 5 الى 6]
سيهديهم ويصلح بالهم (5) ويدخلهم الجنة عرفها لهم (6)
سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم أي بينها لهم في كثير من آياته، تعريفا يشوق كل مؤمن أن يسعى لها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 7]
يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (7)
يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم أي الظفر والتمكين في الأرض، وإرث ديار العدو.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : الآيات 8 الى 9]
والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم (8) ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم (9)
والذين كفروا فتعسا لهم أي خزيا وشقاء. وأصله من السقوط على الوجه، كالكب. وأضل أعمالهم أي جعلها على غير هدى واستقامة. ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله أي من الحق، وشايعوا ما ألفوه من الباطل. فأحبط أعمالهم كعبادتهم لأوثانهم، حيث لم تنفعهم، بل أوبقهم بها فأصلاهم سعيرا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 10]
أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها (10)
أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم أي من الأمم المكذبة رسلها، الرادة نصائحها. دمر الله عليهم أي ما اختص بهم، وكان لهم، يقال: دمره بمعنى أهلكه. ودمره عليه: أهلك ما يختص به من المال والنفس.
فالثاني أبلغ، لما فيه من العموم، لجعل مفعوله نسيا منسيا، فيتناول نفسه وكل ما يختص به. والإتيان ب (على) لتضمنه معنى (أطبق عليه) أي أوقعه عليهم محيطا بهم، أو هجم الهلاك عليهم. وللكافرين يعني المكذبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثالها أي أمثال عاقبة تكذيب الأمم السالفة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : الآيات 11 الى 12]
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (11) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم (12)
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم أي لا ناصر لهم يدفع عنهم العذاب، إذا حاق بهم. إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام أي غير مفكرين في المعاد، ولا معتبرين بسنة الله، كغفلة الأنعام عن النحر والذبح، فلا هم لهم إلا الاعتلاف دون غيره. والنار مثوى لهم أي مأواهم بعد مماتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : الآيات 13 الى 14]
وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم (13) أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم (14)
وكأين أي: وكم من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك يعني مكة، على حذف مضاف أهلكناهم فلا ناصر لهم، أفمن كان على بينة من ربه أي على برهان وحجة وبيان من أمر ربه، والعلم بوحدانيته، فهو يعبده على بصيرة منه.
كمن زين له سوء عمله أي فأراه إياه الشيطان حسنا، فهو مقيم عليه. واتبعوا أهواءهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 15]
مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم (15)
مثل الجنة التي وعد المتقون، فيها أنهار من ماء غير آسن أي متغير الريح وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى أي من القذى، وما يوجد في عسل الدنيا ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم أي من فرط حرارته.
لطيفة:
مثل الجنة مبتدأ خبره كمن هو خالد بتقدير حرف إنكار ومضاف. أي:
أمثل أهل الجنة كمثل من هو خالد. أو أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد. فلفظ الآية، وإن كان في صورة الإثبات، هو في معنى الإنكار والنفي، لانطوائه تحت حكم كلام مصدر بحرف الإنكار وانسحاب حكمه عليه، وهو قوله: أفمن كان..
إلخ، وليس في اللفظ قرينة على هذا، وإنما هو من السياق، وإن فيه جزالة المعنى.
وثم أعاريب أخر، هذا أمتنها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 16]
ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم (16)
ومنهم أي ومن هؤلاء الكفار من أي كافر منافق يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم أي من الصحابة، استهزاء بما سمعوه من المتلو، وتهاونا به ماذا قال آنفا أي الساعة. هل فيه هدى؟ فإن بينوه لم يستفيدوا منه شيئا. أولئك الذين طبع الله على قلوبهم أي فلا يدخلها الهدى لإبائهم عنه واتبعوا أهواءهم أي آراءهم، لا ما يدعو إليه البرهان.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 17]
والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم (17)
والذين اهتدوا أي باتباع الحق، والمشي مع الحجة زادهم هدى أي بيانا لحقيقة ما جاءهم وآتاهم تقواهم أي أعانهم عليها. أو آتاهم جزاء تقواهم. أو بين لهم ما يتقون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 18]
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم (18)
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها قال ابن كثير: أي أمارات اقترابها، كقوله تبارك وتعالى: هذا نذير من النذر الأولى، أزفت الآزفة
[النجم: 56- 57] ، وكقوله جلت عظمته اقتربت الساعة وانشق القمر [القمر:
1] ، وقوله سبحانه وتعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه [النحل: 1] ، وقوله جل وعلا اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون [الأنبياء: 1] . فبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، لأنه خاتم الرسل، الذي أكمل الله تعالى به الدين، وأقام به الحجة على العالمين. وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأمارات الساعة وأشراطها، وأبان عن ذلك وأوضحه، بما لم يؤته نبي قبله، كما هو مبسوط في موضعه.
وقال الحسن البصري: بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وهو كما قال.
ولهذا جاء في أسمائه صلى الله عليه وسلم أنه نبي التوبة، ونبي الملحمة، والحاشر الذي تحشر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبي.
روى البخاري «1» عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا- بالوسطى والتي تليها-: بعثت أنا والساعة كهاتين.
فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم أي ذكرى ما قد ضيعوا وفرطوا فيه من طاعة الله إذا جاءتهم الساعة. يعني: أن ليس ذلك بوقت ينفعهم فيه التذكر والندم، لأنه وقت مجازاة، لا وقت استعتاب واستعمال.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 19]
فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم (19)
فاعلم أنه لا إله إلا الله قال ابن جرير: أي فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة ويجوز لك وللخلق عبادته، إلا الله الذي هو خالق الخلق، ومالك كل شيء. يدين له بالربوبية كل ما دونه. والفاء فصيحة في جواب شرط معلوم، مما مر من أول السورة إلى هنا، من حال الفريقين.
قال السيوطي: وقد استدل بالآية من قال بوجوب النظر، وإبطال التقليد في العقائد، ومن قال بأن أول الواجبات، المعرفة قبل الإقرار.
واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات قال ابن جرير: أي وسل ربك غفران سالف ذنوبك وحادثها، وذنوب أهل الإيمان بك من الرجال والنساء.
(1)

أخرجه البخاري في: الرقاق، 39- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «بعثت أنا والساعة كهاتين» حديث رقم 2068
.
قال الشهاب: وإنما أعيد الجار، لأن ذنوبهم جنس آخر غير ذنب النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذنوبهم معاص كبائر وصغائر، وذنبه ترك الأولى.
وقال السيوطي: استدل بالآية من أجاز الصغائر على الأنبياء. انتهى.
والمسألة مبسوطة بأقوالها، وما لها وما عليها في (الفصل) لابن حزم، فارجع إليه.
وفي الصحيح «1» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطاياي وعمدي، وكل ذلك عندي» .
وفي الصحيح «2» أنه كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني. أنت إلهي لا إله إلا أنت» .
وفي الصحيح «3» أنه قال: «يا أيها الناس! توبوا إلى ربكم، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» .
والله يعلم متقلبكم ومثواكم أي متصرفكم فيما تتصرفون فيه، وإقامتكم على ما تقيمون عليه من الأقوال والأعمال، فيجازيكم عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (47) : آية 20]
ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم (20)
ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة أي تأمرنا بجهاد أعداء الله من الكفار.
فإذا أنزلت سورة محكمة أي مبينة لا تقبل نسخا ولا تأويلا، وذكر فيها القتال
(1)

أخرجه البخاري في: الدعوات، 60- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت» حديث رقم 2404، عن أبي موسى الأشعري.
(2)
أخرجه البخاري في: التهجد، 1- باب التهجد بالليل، حديث رقم 613، عن ابن عباس.

(3)
أخرجه البخاري في: الدعوات، 3- باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة، حديث 2390، عن أبي هريرة.

أي الأمر بقتال المشركين رأيت الذين في قلوبهم مرض أي: شك في الدين وضعف في اليقين ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت أي من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء. شبه نظرهم بنظر المحتضر الذي لا يطرف بصره فأولى لهم قال الشهاب: اختلف فيه، بعد الاتفاق على أن المراد به التهديد والوعيد، على أقوال:
فذهب الأصمعي إلى أنه فعل ماض بمعنى قارب. وقيل: قرب بالتشديد، ففاعله ضمير يرجع لما علم منه، أي: قارب هلاكهم. والأكثر أنه اسم تفضيل من الولي، بمعنى القرب. وقال أبو علي: إنه اسم تفضيل من الويل. والأصل (أويل) فقلب، فوزنه أفلع. ورد بأن الويل غير متصرف، وأن القلب خلاف الأصل، وفيه نظر.
وقد قيل: إنه فعلى، من آل يؤول. وقال الرضي: إنه علم للوعيد، وهو مبتدأ و (لهم) خبره. وقد سمع فيه (أولاة) بتاء تأنيث. وهو كما قيل، يدل على أنه ليس بأفعل تفضيل، ولا أفعل فعلى، وأنه علم وليس بفعل، بل مثل أرمل وأرملة، إذا سمي بهما، فلذا لم ينصرف. ولا اسم فعل، لأنه سمع فيه (أولاة) معربا مرفوعا، ولو كان اسم فعل بني. وفيه أنه لا مانع من كون (أولاة) لفظا آخر بمعناه، فلا يرد شيء منه عليهم أصلا، كما جاء (أول) أفعل تفضيل، واسم ظرف ك (قبل) وسمع فيه (أولة) - كما نقله أبو حيان- فلا يرد النقض به كما لا يخفى. انتهى.
قال السمين: إذا قلنا باسميته. ففيه أوجه:
أحدها- أنه مبتدأ، و (لهم) خبره، تقديره: فالهلاك لهم.
والثاني- أنه خبر مبتدأ مضمر، تقديره: العقاب أو الهلاك أولى لهم، أي أقرب وأدنى، ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء. أي أولى وأحق بهم.
الثالث- أنه مبتدأ، و (لهم) متعلق به، واللام بمعنى الباء، و (طاعة) خبره، والتقدير: فأولى بهم طاعة دون غيرها، وقوله تعالى:




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 52.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.20%)]