من مائدةُ العقيدةِ
منزلةُ علمِ العقيدةِ
عبدالرحمن عبدالله الشريف
علمُ العقيدةِ هو أشرفُ العلومِ وأعظمُها، وكانتْ له هذه المنزلةُ لعددٍ مِنَ الأمورِ:
١) أنَّ شرفَ العلمِ يرتبطُ بشرفِ المعلومِ، والمعلومُ في علمِ العقيدةِ هو اللهُ تعالى بأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه، وما يجبُ له وما يُنَزَّهُ عنه؛ وهذا أعظمُ ما يُعلَمُ، وأهمُّ ما يُطلَبُ.
٢) أنَّ منزلةَ العلمِ تكونُ بحسَبِ حاجةِ النَّاسِ إليه، ولا علمَ فوقَ علمِ العقيدةِ في شِدَّةِ حاجةِ النَّاسِ وضرورتِهم إليه؛ فإنَّه كُلَّما كانتْ معرفةُ العبدِ بربِّه صحيحةً تامَّةً كانَ أكثرَ تعظيمًا له، واتِّباعًا لشرعِه وأحكامِه، وأكثرَ تقديرًا وإعدادًا للدَّارِ الآخرةِ.
٣) أنَّ علمَ العقيدةِ أعظمُ سببٍ للحياةِ الطَّيِّبةِ، فهذه العقيدةُ تصلُ المؤمنَ بخالقِه، وتُعرِّفُه به، فيحيى مُطمئِنًّا، لا قلقَ عندَه في النفسِ، ولا اضطرابَ في الفِكْرِ، ولا خُلُوَّ في القلبِ، ولا تَخبُّطَ في الآراءِ؛ لأنَّه رَضِيَ بربِّه خالقًا مُدبِّرًا، وحاكمًا مُشرِّعًا، ومعبودًا مُطاعًا؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].
4) أنَّ منزلةَ العلمِ تُقدَّرُ بإدراكِ عظيمِ نفعِه وخطيرِ فَقْدِه، والعقيدةُ الصَّحيحةُ الخالصةُ هي أساسُ النَّجاةِ في الآخرةِ، وشرطُ القبولِ لكلِّ عملٍ صالحٍ، والشِّركُ سببٌ لحبوطِ العملِ، والخلودِ في النَّارِ؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 116].
5) أنَّ الاعتقادَ الصَّحيحَ يُحرِّرُ العبدَ مِنَ التَّعلُّقِ بالمخلوقينَ والعملِ لأجلِهم، وهذا هو العِزُّ الحقيقيُّ، والشَّرفُ العالي، فلا يكونُ عبدًا إلَّا للهِ، ولا يرجو سِواه، ولا يخشى إلَّا إيَّاه، وهذا تمامُ الفلاحِ.